الدليل الأول

اضطرَّ الأصدقاء الأربعة إلى أن يذهبوا مع الشاويش إلى منزل الرجل العجوز. وبعد أن دقَّ الشاويش على الباب بضع مرات دون أن يجيب أحد، دفع الباب بيده ودخل وخلفه الأصدقاء. كان الكوخ حقيرًا وقذرًا، والعجوز نائم على كومة من القش، وحوله ملابسه المهلهلة في كل مكان.

قفز العجوز خائفًا عندما وجد الشاويش يصرخ في وجهه: لا تتظاهر بالعبط، أين الرجل الذي كان معك الآن؟

نظر العجوز في خوف إلى الشاويش وقال: واه!

وازداد غضب الشاويش وصاح: هل تريد خداعي، لقد كنت تجلس الآن على الكورنيش وقابلت شخصًا … لقد رأيتك، ورآك هؤلاء الأولاد.

ونظر الرجل إلى الوجوه التي تحيط به ثم قال إنني لم أخرج اليوم من هنا، إنني دائمًا أنام حتى الظهر.

وأخذ الشاويش يصيح، وهو يمسك الرجل من ذراعه ويهزه ليعترف، والرجل يؤكد أنه لم يخرج في هذا اليوم على الإطلاق، وانتهز الأصدقاء الأربعة فرصة انشغال الشاويش، وأسرعوا بالخروج، وانطلقوا على دراجاتهم — التي كانوا قد أخذوها معهم — إلى حديقة منزل «عاطف» حيث كان «تختخ» في انتظارهم وقد خلع ثياب التنكر.

قال «تختخ»: أعتقد أننا بدأنا نضع أيدينا على أدلة معقولة، فالشاويش يراقب الرجل العجوز، وهذا يعني أنه يشك فيه. ومن الواضح أن العجوز هو الطريق الذي تتبادل به العصابة الرسائل بين أفرادها.

وسكت «تختخ» قليلًا ثم عاود الحديث: ولكن هناك مشكلة؛ فالعجوز لا يذهب إلى مكانه إلا بعد الظهر، وظهوري مكانه في الصباح سيثير شكوك العصابة، فكيف يمكن إبعاده عن مكانه فترة.

أخذ الأصدقاء الخمسة يفكرون دون أن يصلوا إلى حلٍّ، ثم سألهم «تختخ»: هل لاحظتم أي شيء غير عادي في الرجل الذي تحدَّث معي اليوم!

مُحب: لا شيء مطلقًا؛ إنه رجل عادي في كل شيء، ولكن هناك شيء واحد غير عادي؛ فإن دراجته لها نفير بدلًا من الجرس.

تختخ: هذا دليل جيد، ويمكن تتبع الرجل عن طريق درَّاجته، وعليكم معرفة كل من يملك دراجة لها نفير.

عاطف: هناك شيء هام آخر، إن «تختخ» سوف يتنكَّر في شكل العجوز مرة أخرى لمتابعة العصابة، والشاويش سوف يراقب الرجل العجوز، وقد يقبض على «تختخ» وتصبح كارثة.

نوسة: إذن كيف نبعد الشاويش؟

لوزة: عندي فكرة، نخبر الشاويش أن رجل العصابة الذي قابل العجوز عنده دراجة لها نفير بدلًا من الجرس، ثم نشتري نفيرًا ونطلقه، وسوف يتبع الشاويش النفير ويترك المراقبة.

وأعجب الأصدقاء بفكرة «لوزة»، وقرروا أن يدعوها إلى كأس من «الجيلاتي».

وفعلًا، ذهب «تختخ» وأخبر الشاويش عن الرجل والدراجة ذات النفير. وارتاب الشاويش في الأمر، فسأل «تختخ»: وكيف عرفت وأنت لم تكن موجودًا في ذلك اليوم؟

وارتبك «تختخ» لحظة، ولكنه قال: لقد أخبرني الأصدقاء بذلك.

وفي طريق العودة إلى البيت مرَّ بمحل بيع الدراجات واشترى نفيرًا. وبينما كان الشاويش يحاول النوم ظهرًا سمع صوت نفير، فأسرع إلى الخروج من المنزل، وأخذ يجري في الطريق باحثًا عن دراجة ذات نفير، ولكنه لم يجد أحدًا مطلقًا في الشارع، عدا ولد يسير بهدوء، لم يكن يركب دراجة، ولم يكن معه نفير في يده؛ فقد كان الولد هو «تختخ»، وكان النفير تحت ملابسه، وأحسَّ الشاويش برأسه يكاد ينفجر من الغضب، وعاد إلى منزله ثائرًا.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤