خُطبة الكتاب

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي أزهر روض المنى بما تألَّف من منثور الأفراح، وبما أسفر من حسن أبكار الابتكار على مشهد الإيضاح والإفصاح، وانجابت برافع الغياهب عن مخدرات العبارات، وتألف نبراس عقائل الفضائل فاستنارت أرجاء البراعات، وأشكرك يا من زينت بشكرك صدور سطور المباني، كما زينت بقلائد الفصاحة نحور خرائد المعاني، وأنرت مشكاة البصيرة بزواهر جواهر معارفك المستنيرة، ونظمت أخبار الأولين في سمط كتابك المستنير المستبين، فسبحانك من إله اتسعت دائرة علمه فأحاطت جميع الكائنات، وعلم ما تحت الأرض كما علم ما فوق أديمها من المخلوقات، وشرف نوع الإنسان بما خصه به من كمال القوى والعرفان، ونشر نور المعرفة بين أولي الألباب، فمن أصاب من ذلك النور فعقله على قدر ما أصاب، والصلاة والسلام على من أرشدنا بكتابٍ قويم إلى صراط مستقيم، محمد الذي جمع من المحاسن ما تشتت في غيره أحسن من حسنت سيرته، وأحسن في سيره، وعلى آله مصابيح الدجنة، وأصحابه الذين حازوا المجد بالأقلام والأسنة.

وبعدُ، فأقول — وأنا المفتقرة إلى الله، وبه أستعين، زينب بنت علي فواز بن حسين بن عبيد الله بن حسن بن إبراهيم بن محمد بن يوسف فواز، السورية مولدًا وموطنًا، المصرية منشأً ومسكنًا: إنه لما كان علم التاريخ أحسن العلوم، وأفضل المنطوق والمفهوم كثرت رجاله، واتسع نطاقه، وانتشرت في الخافقين صحفه وأوراقه؛ لأن أهل كل طبقة، وجهابذة كل أمة قد تكلموا في الأدب، وتفلسفوا في العلوم على كل لسان، وخاضوا في بحر تاريخ كل زمان، وكل متكلم منهم أفرغ غايته وبذل مجهوده في اختصار تاريخ المتقدمين، واختيار أهم المشهورين من السالفين، وبعضهم ألف المطولات في ذلك حتى احتاجت إلى اختصار، ولم أرَ في كل ذلك من تطرَّف وأفرد لنصف العالم الإنساني بابًا باللغة العربية جمع فيه من اشتهرن بالفضائل، وتنزهن عن الرذائل، مع أنهن نبغ منهن جملة سيدات لهن المؤلفات التي حاكين بها أعاظم العلماء، وعارضن فحول الشعراء، فلحقتني الحمية والغيرة النوعية على تأليف سفْرٍ يسفر عن مُحَيَّا فضائل ذوات الفضائل من الآنسات والعقائل، وجمع شتات تراجمهن بقدر ما يصل إليه الإمكان، وإيراد أخبارهن من كل زمان ومكان.

ولما كانت هذه الطريقة صعبة المسالك، تعسر على كل سالك — خصوصًا على من كانت مثلي ذات حجاب ومتنقبة من المنعة بنقاب — فقد استعنت على هذا التأليف بما جاء في التواريخ العمومية، والمجلات العلمية، ووضعته على الحروف الهجائية حتى ظهر غريبًا في بابه، فسيحًا في رحابه، وقد سميته: «الدر المنثور في طبقات ربات الخدور»، وجعلته خدمة لبنات نوعي بعدما أفرغت في تنقيحه وسعي، مُتجنِّبةً كل ما يؤدي إلى الملل، مختصرة عن الأسانيد والعنعنة، والأمكنة والأزمنة.

وقد ابتدأت في تأليفه في ٤ ربيع الأول سنة (١٣٠٩ هجرية، الموافق ٧ أكتوبر سنة ١٨٩١ إفرنجية)، وقد جمعته من كتب جمَّة تاريخية وأدبية، منها الكتب الآتية؛ وهي:
  • تاريخ الكامل، لابن الأثير.

  • تاريخ الكامل، للمبرد.

  • تاريخ الوفيات والأعيان، لابن خلكان.

  • تاريخ نفح الطيب، لأحمد المقري.

  • تاريخ أخبار الأول فيمن تصرف في مصر من الدول، للإسحاقي.

  • كتاب العبر، لابن خلدون.

  • كتاب الأغاني، لأبي الفرج الأصبهاني.

  • كتاب دائرة المعارف، لبطرس البستاني.

  • كتاب السيرة الحلبية، لبرهان الدين الحلبي.

  • كتاب السيرة النبوية، للسيد أحمد زيني دحلان.

  • كتاب العقد الفريد، لابن عبد ربه.

  • كتاب تزيين الأسواق، للشيخ داود الأنطاكي.

  • كتاب المستطرف في كل فن مستظرف، لشهاب الدين أحمد الأبشيهي.

  • كتاب ثمرات الأوراق، لابن حجة الحموي.

  • كتاب قطف الزهور في تاريخ الدهور، ليوحنا أبكاريوس.

  • كتاب أسد الغابة بمعرفة الصحابة، لابن الأثير الجزري.

  • كتاب نور الأبصار في مناقب أهل بيت المختار، للشيخ سيد مؤمن الشبلنجي.

  • كتاب ألف با، ليوسف بن محمد البلوي.

  • خطط مصر التوفيقية، للأمير علي باشا مبارك.

  • ديوان الحماسة، لأبي تمام.

  • ديوان الخنساء بنت عمرو بن الشريد السليمي.

  • رسالة الشيخ الصبان.

  • تحفة الناظرين، للشيخ عبد الله الشرقاوي.

  • الفتح الوهبي على تاريخ أبي النصر العتبي.

  • روض الرياحين، للشيخ عفيف الدين.

  • تحفة النظار في غرائب الأمصار، لابن بطوطة.

  • مشاهير النساء — تركي — لمحمد ذهني.

  • الطبقات الكبرى، للشيخ عبد الوهاب الشعراني.

  • قصص الأنبياء المسمى بالعرائس، للشيخ أحمد الثعلبي.

  • حديقة الأفراح.

  • فتوح الشام، للواقدي.

  • اللطائف، لشاهين مكاريوس.

  • المقتطف، ليعقوب صروف وفارس نمر.

  • خزانة الأدب، لابن حجة الحموي.

  • الروضتين في أخبار الدولتين.

  • الفتح القدسي، للعماد الكاتب.

  • بدائع هارون، لسليم عنجوري.

  • العيون شرح رسالة ابن زيدون.

  • مروج الأخبار في مناقب الأبرار.

وهذه خلاف ما جمعته من المجلات العلمية والجرائد الدورية، وما التقطتُه من مقالات لبنات هذا العصر اللاتي تربَّين أحسن التربية، وتعلمن العلم في المدارس العالية، وصار لهن شهرة في هذا العالم الإنساني.

وإني ذاكرة بعض مقالاتهن في مقدمة هذا الكتاب؛ ليعلم قراؤه أن عصرنا هذا نبغ فيه نساء لم يتقدمهن أحد من نوعهن في الأعصر الخالية، وما ذلك إلا بإعطائهن حقوقهن من ذويهن الذين عرفوا الحق واتبعوه.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤