الفرعون «شيشنق الرابع»

عا خبر رع شيشنق

هذا الملك هو ابن الفرعون «بامي»، وخَلَفَهُ على عرش الملك.

وتدل الآثار التي عُثر عليها حتى الآن على أن هذا الفرعون وأسلافه الثلاثة الذين سبقوه كانوا يحكمون في الوجه البحري فقط، وأن سلطانهم في الوجه القبلي قد انتقل إلى غيرهم كما سنرى بعد، وآخر سنة عُرِفَت له على الآثار هي السنة السابعة والثلاثون، والظاهر أن حكمه كان معاصرًا لحكمي الفرعونين: «أوسركون الثالث»، و«تاكيلوت الثالث» من الأسرة الثالثة والعشرين في مصر العليا كما تدل على ذلك الآثار التي كُشِفَت لهما في «الكرنك».

آثاره

  • لوحة «حورواز»: وقد عُثر على لوحة في مدفن العجل الخامس من عجول الأسرة الثانية والعشرين، وهي محفوظة بمتحف اللوفر (راجع Rec. Trav. XXII. p. 13)، وقد مثِّل في أعلاها العجل أبيس مضطجعًا ومحنطًا على سرير.
    وقد نُقِشَ تحت هذا المنظر صيغة القربان المعتادة: «قربان يقدمه الملك: ألف من الخبز والنبيذ والبقر والإوز، وألف من البخور والعطور، وألف من كل شيء طيب جميل طاهر، لروح «أوزير حابي» أول أهل الغرب، و«حورواز» بن أوزير المسمى «نخت» السنة الرابعة.» ويلاحَظ أن اسم الملك هنا لم يُذكَر، ولكن ليس لدينا ما يثبت أن هذا العجل قد توفي في السنة الرابعة من حكم «شيشنق الرابع».١ (راجع Mariette, La Serapeum p. 21 et Edition Maspero p. 168)، حيث نجد أن «مسبرو» يقول: إن هذا العجل مات في السنة الرابعة من عهد هذا الملك، ولكن بدون سند.
  • لوحة «حور»: وكذلك وُجِدَ اسم هذا الفرعون على لوحة مؤرخة بالسنة الحادية عشرة، أقامها شخص يدعى «حور»، وهي العجل السادس من عهد الأسرة الثانية والعشرين ومحفوظة بمتحف اللوفر (راجع Mariette, La Serapeum III Partie Pl. 300, p. 21 et Edit. Maspero p. 168).

    ويلاحَظ أن هذا الفرعون قد اتخذ لنفسه لقب الفرعون «أمنحتب الثاني»، كما اتخذ «أوسركون الثالث» لقب «رعمسيس الثاني».

  • لوحة «حور باسن»: عُثِرَ على هذه اللوحة في مقبرة العجل «أبيس» السابع من عهد الأسرة الثانية والعشرين، وقد أقامها «حور باسن» أحد أعضاء الأسرة المالكة، وقد تحدثنا عن أهمية هذه اللوحة بإسهاب فيما سبق [راجع الأسرة الثانية والعشرين فراعنة الأسرة الثانية والعشرين]، ويمكن تلخيصها هنا في أن «حور باسن» أقامها في السنة السابعة والثلاثين من حكم الملك «شيشنق الرابع»، وهذه اللوحة تمدنا أولًا بسلسلة نسب للأسرة الثانية والعشرين تشمل الملوك اللوبيين من أول «شيشنق الأول» حتى «أوسركون الثاني»، وترجع إلى ستة أجيال قبل «شيشنق الأول» حتى الرئيس اللوبي «بويا واوا»، هذا إلى أننا نعرف من هذه اللوحة أنه في هذه السنة؛ (أي ٣٧ من عهد «شيشنق الرابع») مات العجل «أبيس» السابع وكان قد بلغ من العمر عند وفاته السادسة والعشرين؛ لأنه ولد في السنة الحادية عشرة من عهد «شيشنق الرابع».
  • لوحة «واشاتيهاتا»٢: من أهم اللوحات الخاص التي تُنْسَبُ إلى هذا العهد لوحة لرئيس القوافل الفرعونية الذي يدعى «واشاتيهاتا»، واللوحة تحدثنا عن هبة قطعة أرض لمعبد الإلهة «حتحور» في مكان يدعى «باسبك» يحتمل أنه في غربي الدلتا، وأهمية اللوحة تنحصر في وظيفة صاحبها؛ إذ كان على ما يظهر المراقب على طرق المواصلات بين واحات الصحراء اللوبية، وكذلك في أهمية رئيسه المباشر الذي كان يلقب الرئيس الأعظم لقوم مي (أي لوبيا) المسمى «حاتيحنكر» وكان الحاكم من قبل الفرعون على جزء من الدلتا الغربية، ويحتمل كذلك الحاكم على جزء غير معين من بلاد لوبيا يشمل الواحات، ولا نزاع في أن هذا النظام كان استمرارًا للنظام الذي وضعه «شيشنق الأول» الذي تحدثنا عنه فيما سبق. ولا نزاع في أن الأسماء الغريبة التي يحملها هؤلاء الموظفون هي بطبيعة الحال أسماء لوبيَّة؛ غير أن اسم أم رئيس القوافل مصري التركيب، وقد وَهَبَ ابنها هبة من الأرض للإلهة «حتحور» التي كانت تُعبَد في بلدته، ولا بد أنها كانت عند نهاية طريق القوافل المؤدية للواحات.
    والجزء الأعلى من اللوحة يحتوي على منظرين؛ فعلى اليسار نشاهد رجلًا يتعبد أمام «حتحور» ويصحبه المتن التالي: ليتها تمنح الحياة والسعادة والصحة للرئيس العظيم لبلاد «ربو.» (لوبيا). وعلى اليمين نشاهد منظرًا مماثلًا ومعه المتن التالي: «ليتها تمنح الحياة والسعادة والصحة لرئيس القافلة الفرعونية.» هذان الرجلان هما صاحب هبة الأرض ورئيسه، كما يدل على ذلك النقش التالي:

    السنة التاسعة عشرة في عهد جلالة ملك الوجه القبلي والوجه البحري «عاخبررع» «شيشنق الرابع» معطي الحياة.

  • الهبة: «لقد قدم رئيس قوافل الفرعون «واشاتيهاتا» بن «نوا-سا-تيروكا-نا-يو» خمسة أرورات من الأرض لمعبد «حتحور» ربة الفيروز الذي تحت إدارة رئيس البوابين «باساكا» بن «بكنو»، وأمه هي المتعبدة الإلهية للإله «سبد» (وتدعى) «هرنفر» راجية له بذلك الحياة والسعادة والصحة والحياة الطويلة والعمر المديد السعيد في حظوة سيده الرئيس العظيم لبلاد «لوبيا» والرئيس العظيم لقوم «مي» «حاتيحنكر» في معبد «حتحور» ربة الفيروز باقيًا ودائمًا سرمديًّا.»

    وإن كل رجل أو كاتب يرسل في بعث لإقليم بلدة «باسبك» ويلحق ضررًا بهذه اللوحة سيقع تحت سلاح «حتحور»، ولكن اسم من يمكنها سيبقى.

    ومن هذه اللوحة نفهم الصلة الدائمة التي كانت بين ملوك مصر وبين الواحات، وكذلك يتضح لنا استمرار سيطرة أعضاء أسرة «شيشنق» على هذه الجهات وتنصيبهم في الوظائف العالية بها.

  • لوحة «باشري بتاح»: وتوجد في متحف اللوفر لوحة أقامها كاهن «بتاح» للعجل «أبيس» مؤرخة بالسنة السابعة والثلاثين من عهد الملك «شيشنق الرابع»، وهذه اللوحة عُثر عليها في السرابيوم بمنف (راجع Rec Trav. XXXV p. 136) وهاك النص:

    السنة السابعة والثلاثون من عهد ملك الوجه القبلي والوجه البحري رب الأرضين «شيشنق» معطي الحياة مثل رع أبديًّا، يا «أوزير حابي» الذي يسمع جيدًا، امنح شيخوخة جميلة كبيرة لكاهن «بتاح»، والكاهن مثبت العدالة «باشري بتاح» ابن مثيله «عنخ سماتوي» الذي وضعته أمه «تس-باستت-برت»، يا «أوزير حابي»، إن الرئيس العظيم لبلاد لوبيا حظيك ومحبوبك وابنه هو «حرسبا».

    ويلاحَظ هنا أن الرئيس العظيم لبلاد «لوبيا» يقابل الرئيس العظيم لقوم المشوش أو «مي».

  • لوحة «نمروت»: لوحة خاصة بالعجل «أبيس» السابع من عهد الأسرة الثانية والعشرين، أقامها الكاهن والد الإله «نمروت» في السنة السابعة والثلاثين من عهد الملك «شيشنق الرابع» (راجع Rec. Trav. XXII p. 16).
    هذا، وتوجد عدة لوحات مؤرخة بالسنة السابعة والثلاثين من «السرابيوم» ومحفوظة بمتحف اللوفر، ويلاحظ على هذه اللوحات أن بعضها قد جاء عليه طغراء اسم الملك، وبعضها طغراء لقبه (راجع L. R. III, p. 374 Note 4).

آثاره في تانيس

وقد عُثِرَ حديثًا في الجهة الشمالية من المعبد الكبير في الجزء الشرقي على بقايا مبنى للملك «شيشنق الرابع»، وقد بلغ عدد الأحجار التي نقشها هذا الفرعون واستعملت في جدران البحيرة المقدسة فيما بعد لهذا المعبد حوالي مائة وعشرين حجرًا، بعضها نقوش إهداء، وبعضها قطع أفاريز وطغراءات الفرعون وتيجان عمد وأجزاء ونقوش وأجزاء عليها من مناظر، حيث نشاهد الفرعون يتعبد للآلهة: «آمون»، و«موت»، و«خنسو»، و«مين»، و«بتاح»، و«سخمت»، والسفينة المقدسة، وغير ذلك.

وكذلك عُثر على الجزء الأعلى من لوحة هبة وجزء من لوحة أخرى. وبعض هذه النقوش يعد من النقوش الممتازة، ويمكن قرنها بأحسن النقوش في أزهى عصور التاريخ المصري القديم من حيث دقة الصنع وجمال النقش. وبجانب هذا توجد بعض نقوش أخرى لا تستحق الالتفات من حيث الدقة؛ غير أن الكل في مجموعه يعتبر مُرضيًا. وعلى أية حال، فإن جميع القطع التي عُثر عليها حتى الآن لا يمكن أن تؤلِّف منها مبنًى كاملًا، ولكن على الرغم من ذلك تدلنا هذه البقايا على أنه كان له أعمال في هذه الجهة لم تصلنا سليمة، وبخاصة أننا لا نعرف عن أعماله الشخصية شيئًا إلا ما جاءنا عن طريق اللوحات التي سبق ذكرها هنا، وكلها من السرابيوم. (راجع Bulletin De la Societe Francaise D’Egyptologie No. 2 October 1949 p. 31-32).٣
١  وقد أرخ «جوتيه» هذه اللوحة بعهد «شيشنق الرابع» (راجع L. R. III p. 273).
٢  هذه اللوحة مصنوعة من الحجر الجيري، وقِمَّتُها المستديرة قد كُسِرَتْ، وطولها ٥٣ سنتيمترًا، وارتفاعها ٣١ سنتيمترًا، وهي في حوزة «دانينوس باشا»، وقد نشرها «مسبرو» من صورة أخذها بوساطة الضغط. (راجع Rec. Trav. XV. p. 845; Br. A. R. Vol. IV 782–785).
٣  دلت الحفائر الحديثة على أن شمالي المعبد الكبير في جزئه الشرقي كان مشغولًا بالبحيرة المقدسة، وهي عبارة عن مستطيل من الحجر يحيط به لبنات مكسوة بالحجر من الداخل، ويبلغ طولها من الداخل ٥٠٫٦ مترًا، وعرض الجدار المصنوع من الحجر يبلغ ٢٫٥ متر، وقد كان ارتفاعه فيما مضى يبلغ متوسط ارتفاع المعبد، ولكن قد انتُزعت منه أحجار كثيرة؛ ولذلك نجد أنه قد نقص في بعض جهاته من ثلاثة إلى أربعة أمتار وأحيانًا خمسة. وقد وُجد أن هذه البحيرة قد بُنِيَت كلها بأحجار من مبانٍ قديمة، وأن أحجارها مأخوذة من مبانٍ يرجع عهدها إلى عصر «بسمتيك الأول»؛ مما يدل على أن هذه البحيرة قد أقيمت على ما يظهر في العهد الفارسي. (راجع Bulletin De la Societe Francaise D’Egyptologie No. 2, Octobre 1949 p. 31).

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤