المقدمة

ذكريات الماضي أشهى الذكريات، يستعرض فيها المرء مراحل حياته، وهو كأنه يعيش في كل مرحلة منها بين مَنْ تَخَيَّلَهُم مِنْ أترابه، ومَنْ عاشَرَهُم من لِدَاته وأصحابه، فتتمثل له رياضٌ طالما تمشَّى بين أشجارها، وقَطَفَ من ثمارها، وتنشَّقَ أريج أزهارها، وقد فاح عبيرها، وزهت ألوانها، فأفسحت للشباب جوًّا يسرح فيه خياله، فيستلهم من عالم الوحي ما تجود به القريحة، فيَسْطُره خشية أن تَمْحُوَه يد الكهولة، فيفقد أعز ما ارتسم في خاطره من ذكريات الصبا. حتى إذا طوى صفحات الشباب، وذَكَرَ ما احتوته سطورها، خفق قلبه، واختلجت جوارحه كما يختلج جناح الطائر، حَرَّكَتْه نسائم الفجر، وهذا ما دعاني لنشر هذه الذكريات.

وقد أَضَفْتُ إليها بعض قصائد نَظَمْتُها أخيرًا في شتى المناسبات.

إبراهيم زيدان

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤