تذييل في اسم الديوان

جاءني — بعد أن نشرت مقدمة هذا الديوان في الصفحة الأدبية بالجهاد — استفهامٌ من بعض الأدباء، يسألني فيه بلهجة لا تخلو من الاعتراض: هل يحرم إذن على الشاعر المصري أن يذكر البلبل وما إليه؟ وهو سؤال لا محل له؛ لأنني لم أحرم ذكر البلبل على الشعراء المصريين، وإنما قلت: «من العجيب أنك لا تقرأ صدًى للكروان فيما ينظم الشعراء المصريون على كثرة ما يُسمع الكروان في أجوائنا المصرية من شمال وجنوب! وأعجب منه أنك لا تقرأ فيما ينظمون إلا مناجاة البلابل وأشباهها على قلة ما تسمع في هذه الأجواء.»

فالذي يلام عليه الشاعر أن يدع طائرًا مغردًا جميل التغريد، لا شك في وجوده وكثرته في الأجواء المصرية، ثم يجعل شعره من هذا النحو وقفًا على فصائل من الطير توجد عندنا في بقاع محدودة أو لا توجد إلَّا أيام الهجرة العارضة.

فالطائر المعروف باسم البلبل يقيم عندنا بين الفيوم وبني سويف ويتفرق على قلة في أنحاء الصعيد، وقلَّما يصل إلى القاهرة والأقاليم الشمالية.

أما الطائر الذي يقرءون عنه في الآداب الأوروبية أو الفارسية ويحسبونه «البلبل» فليس هو البلبل المصري «أولا»، ولكنه إمَّا أن يكون العندليبَ أو الهزازَ أو فصيلةً أخرى، وهذه الفصائل — بعدُ — مهاجرات يندر أن تنطلق بالغناء على سجيتها أثناء الهجرة المصرية.

فمن التقليد المعيب أن نخص العنادل والبلابل بالوصف والإعجاب ونهمل الكروان وهو مقيم في جميع أجوائنا، ومنه فصائل ترود بلادنا كما يرودها غيرها، ولا يُفهم من ذلك إلَّا أنَّ الناظم يطرب على المحاكاة ولا يفقه لماذا يكون الطرب لغناء الأطيار؟

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤