شرح موجز

أتغضَبين لقَولٍ قلتُه عرضًا
ما كنتُ فيه مُسيءَ الظنِّ والفِكَر
وما أردتُ سوى المَزْح البسيطِ وقد
فهمتِه خطأً من شرح مختصَر
لأَنَّ ذِكر الذي قد فات يؤلمني
ولن ترَينيَ يومًا غير مُدَّكر
والقلبُ تقتُله الذِّكرى إذا نزلَت
منه على موضعٍ بالوَجْد مُنفطِر
إني أُحبُّك حتى لا قلوبَ ولا
أرواحَ خافقةٌ بالحبِّ في البشَر
فلِمْ تكذِّبُني عيناكِ ضاحِكةً
وفيهما ليَ نور الشَّمس والقمَر
وأنتِ نورٌ ونارٌ إن صفوتِ وإن
كدرتِ حاشَاكِ من صفوٍ ومن كدَر
وإنما فيك معنًى يا سُعادُ غدا
مُبَرَّأً من معاني النَّفع والضرَر
محضُ السعادة غذَّاها الرجاءُ وقد
باتتْ بأَمنٍ من الأحداثِ والغِيَر
فَلِمْ أروحُ شقيًّا في هواكِ ولِمْ
أوقفتِني بين وِرد الموت والصدَر
سلي اللياليَ عن حُزني وعن وَلَهي
وعن هُمومي وعن دَمعي وعن سهري
أطوي الضلوعَ على قلبٍ وَهَى وحشًى
كأنها عبرةٌ من أفجَع العبَر
أخنَى الزمانُ على جِسمي فَفَتَّتَه
سُقمًا وأَشرَقني بالسَّائغ الخَصِر١
وكل شيءٍ له رسمٌ يصوِّرُه
فالبؤسُ صرتُ له من أصدق الصُّوَر
إني لعينيكِ ألقى الدهرَ مدَّرِعًا
بما تملَّيتُ من عزمٍ ومُصطَبر
يزيدني البؤسُ فهمًا بالحياة إذا
ما ازددتُ علمًا قرَنتُ الخُبْر بالخَبَر
نظام من خلَقَ الدُّنيا وسنَّ لها
هذا النظامَ وأَجراه على قدَر

•••

للناس شمسٌ ولي شَمسان واحدةٌ
من الكواكبِ والأخرى من البشَر
حُسناهما شَرَعٌ لكن أحبُّهما
إليَّ فاتِنتي باللَّفظِ والنظَر
والناسُ قلبان قلبٌ طار طائرهُ
مع النسيمِ وقلبٌ قُدَّ من حجَر
هذا يعيشُ بلا همٍّ ولا كدَرٍ
وذاك يبقى حليفَ الهمِّ والكدَر
وإنَّ أَولاهما بالسَّعدِ لو علموا
من لا تفارقُه أنفاسُ مُحتَضر
كذاك قلبي وفيه يا سُعادُ ثوَى
هواكِ فاحتَكِمي ما شئتِ وأْتَمري
١٠ سبتمبر سنة ١٩١٤

هوامش

(١) ساغ الشراب: سَهُل مدخلُه، والخَصِر بفتح فكسر: البارد.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤