دمعة

على رفيق الصبا المرحوم شاكر إبراهيم
راح ابنُ إبراهيم فَرع العُلا
فعَطِلَت منه عُيون الحُلَى
ماتَ وأيام الصبا غضَّةٌ
والعمرُ رخصٌ ناعِمٌ أقبلا
ماتَ وفي الدَّوح حَمامَاتُه
سواجِعٌ قد فقدَت بُلبُلا
تَبكي وتستَبكِي عليه النَّدَى
دمعًا رَخيصًا لسِواه غَلا
الغُصن في روضتِه ذابلٌ
لموتِ غُصنٍ عزَّ أن يذبُلا
والأُفق مربدُّ الضِّيا شاحبٌ
والنَّجمُ موَّارُ السَّنا أجفَلا
والبدرُ رحَّالٌ بأبراجِه
يَسألُ عن بدرٍ غَدا في البِلَى
أُنزلَ في بطنِ الثَّرى بعد أن
كانتْ له أرواحُنا مَنزِلا
كان مُزيلَ الهمِّ إيناسُه
واليومَ مَغنى الأنس منه خَلا
قولوا لسالي وُدِّنا كارهًا
والله ما منَّا فؤادٌ سَلا
يا مطربَ الرُّفقةِ في محفلٍ
قد كان يشجُو صوتُك المحفِلا
صوتُك للداءِ دواءٌ به
يُشفَى ويَشقَى العاشقُ المبتلَى
لَهفِي على «يا لِيل» منه وقَد
كانتْ بها الليلاتُ بِيضَ الطلَى
لهفي على عُمرِك وهو الذي
بدا غزيرَ الخَير لو أُمهلا
لهفي على روحكَ بنتِ الرَّجا
أوصافُها ساطعةٌ مَندلا١
لهفِي على عقلِك لهفِي على
علمِك يا شاكرُ لهفِي على
علم بروضِ الصدر دوحاتُه
تسقِي النُّهى أغراسَها سلسلا
كيفَ حواها القبرُ في ضِيقه
والبَحرُ لا تحويه رُحْبُ الفَلا
الفَضلُ والمعروفُ قد يُتِّما
واللُّطفُ والرِّقَّة قد عطلا
يا أهلَه لا تُسبِلوا مَدمعًا
فالفَجرُ عنكم دمعَه أسبَلا
لا تندُبوا فالطيرُ ندَّابةٌ
لا تُعْوِلوا فالغيثُ قد أعوَلا
٣ يناير سنة ١٩١٣

هوامش

(١) أي: فائحةٌ طِيبًا.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤