وقفة على قبر

إلى مينرفا

إني وقفتُ عليه أنظُر خاشِعًا
متذكِّرًا حُسنًا به مدفُونا
ومباسمًا ضمِنَ الترابُ جمودَها
فيه فصَارت لؤلؤًا مكنُونا
عَدَتِ البلى فزهَتْ عليه أزاهرًا
بيضاءَ أرسلَها الحمامُ عُيونا
ترنو إلى زوَّاره فتَزيدُهم
فيها تذكِّرُهم أسًى وشجونا
لهفي عليكِ لو انهم نبشَوا الثَّرى
ورأوكِ ما عرفوكِ فيه يَقينا
أَمَشى الفناءُ على صباكِ به وهَل
تلكَ المحاسنُ في التراب بَلينا
والله لم أملكْ فؤادي عِندما
أمسَى جمالُك بالفناءِ رَهينا
فرأيت عُشبًا فوق قبرك نابتًا
يَقتاتُ جسمُك ليِّنًا ليَلِينا
يزهُو وقد غذَّتهُ أكرَم تربةٍ
أَجرتْ به ماءَ الحياة مَعينا
وَقَفَ الصَّليبُ مباركًا أرضًا حوَتْ
وجهًا بداجِية الرُّموس مَصونا
ووقفتُ أَذهلني المقامُ تهيُّبًا
وكأنَّ عقلي فيه صارَ جُنونا
وأَلحَّ بي اليأسُ الملحُّ فأسبَلتْ
عيناي دمعًا في التُّراب سَخِينا
يا بنتُ يرحمك الإلهُ فإنه
مولاكِ أَعلمُ بالعِباد شئُونا
٢٦ ديسمبر سنة ١٩١٨

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤