العهد

لقد سرَّني أني خطرتُ ببالك.

ابن الدمينة
حفظتُ لكِ العهدَ القديمَ لأنني
أرَى أنَّ شر الناسِ من ينقُض العَهدا
وآثرتُ أن أبقَى شقيًّا مخيَّبًا
على أن أطيعَ الكَيدَ والغيظَ والحِقدا
ولو أنني عدَّدتُ كلَّ مَساءَةٍ
بها نلتِني ضَاق الزمان بها عَدَّا
أَأَذكرُ إغفالي احتِقارًا ونَبذَتي
بعيدًا كأني لم أكُن أطلب البُعدا
وإيغارَ صدري بالسِّعاياتِ بيننا
كما يُلقِم النيرانَ موقدُها وَقْدا
وإبداءَ ما أبديتِه مشمئزَّةً
لدى صاحبٍ لي لا أُعاد ولا أُبدا
وصحبةَ غيري تستَثيرين غَيرتي
وقصدَك إذلالي وسُؤتِ به قَصدا
ومظهرَ إدلالٍ عليَّ وريبةٍ
بطَاهر ما أخفَى فُؤادي وما أبدَى
ألا إنني بالرَّغم منكِ مُنزَّهٌ
عن اللُّؤم واستوفيتِه لي فما أجدَى
وبالرَّغم مني صَابر لا يَنالُني
أذاكِ وصَبري عنك أفقدَكِ الرُّشدا
ليَ الله من قلبٍ به البؤسُ ساكِنٌ
كما سكَن الليلُ الخرائبَ مسودَّا
وإني لراضٍ بالذي أنا واجِدٌ
أصدُّ بصَمتي كلَّ نازلة صدَّا
سأنسَى عذابًا كان حبُّك أصلَه
وسيانِ عَفوًا كان ذلك أم عَمْدَا
وأقسم أني قد وجَدتُ وإنما
أرَى أنني ما عُدتُ مُستشعرًا وَجدا
لقد فعلتْ بي الحادِثاتُ فعالَها
فصرتُ على تَكرارها صابرًا جَلْدا
صحِبتُ زماني فيكِ يا هندُ مرةً
فكان نصيبي منكُما اليأسَ والزُّهدا
لكَنتُ على عَزمي وحَزمي لو أنها
خيانةُ من أهواه لم تفرِط العِقدا
فكيف أرجِّي العيش يا هندُ بعدَها
ودَهري يُريني كلَّ غانيةٍ هندَا
مايو سنة ١٩١٩

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤