حيرة الغيور

إلى: ن …

وحقُّ عينيكِ وما فِيهما
من غزْل نورِ الأُفُق الأَزرق
وحاجِبَيك اختطَّ قوسَيْهما
نورُ يَراع مُظلمٍ مُبرق
ومارنٍ١ مبتدَع شَكلُه
منسِّم عطر الهوَى المُنشَق
ووجنتَيك اشتفَّتا حمرةَ التُّـ
ـفاحِ في الوَجه الصَّبوح النَّقِي
وشَعركِ المرفوع تاجًا كما
يَنعَقِد التَّاج على المَفرِق
ووجهُكِ الطافح نورًا كما
يطفَح نورُ الشَّمس في المَشرق
وجِيدك المُفرغ في قَالبٍ
للحُسن لم يُعرَفْ ولم يُسبَق
وصَدرك العَاجيِّ قد زانَه
نهدانِ كنزُ الناظر المُملِق
وخصرك المَعطُوف لِينًا كما
يعطَف لينًا غُصُنُ الزنبق
وردفك الرَّابي جلالًا به
يتمُّ حُسن الغُصُنُ الأرشَق
ولفتةِ الرِّيم وما لطَّفت
لها معاني حُسنك المُطلق
أهواكِ حتى ليسَ لي مُهجةٌ
بها أوالي العَيش أو أتَّقي
ولا بجِسمي قطرةٌ من دَمي
لم تختمرْ حبًّا ولم تعشَق
ولا أرى غيرَك في مَن أرَى
كأنما غيرُك لم يُخلَق
يا فتنةَ العينِ التي سحرُها
لا رقيةٌ في الحبِّ منه تَقِي
وبهجة العَيش التي حسنُها
صفاءُ نورٍ باسمٍ مُشرق
وشرعة الحُب التي ماؤُها
منه حَياتي في الهَوى أستقِي
وكوكَب العُمر الذي نورُه
يروِي فؤادي الظَّامئ المُحرَق
وروضة الأُنس التي نشرُها
لغير نَشر الحُبِّ لم يعبَق
وراحة القَلب التي بردُها
يسكُب لي السَّعدَ الذي أنتقِي
ومنيةً للرُّوح تحقيقُها
غايةُ عمري الضَّائع المُنفَق
لم يبقَ مني غيرُ رسمٍ به
دلَّ على ما راح ما قد بَقي
أيَّ غمار الحُب لم يقتحمْ
لوائيَ العالي ولم يخفق
بل أيُّ ليلٍ فيكِ لم أُحيِه
بل أيُّ قولٍ ليَ لم يصدق
بل أيُّ بؤسٍ منك لم أحتَملْ
بل أيُّ سعيٍ فيك لم يخفِقِ
كذاك قَلبي في الهوَى إنه
فيه الرَّزايا كلُّها تلتَقي
لغيرِ ما ذنبٍ سِوى أنه
أسيرُ حبٍّ ظافر مُوثِقِ
فلا تُغالي في مُجافاتِه
وقد تحكَّمتِ به فارفُقي
وعامِليه بالرِّضى إنه
يَكفيه من حُبِّكِ ما قد لَقِي
وإنني ما زلتُ عبدًا وقَد
خبرتِ إخلاصي فلا تُعتِقي

•••

… … …
… … …
بي غيرةٌ تُشعرني أنَّها
موتُ فؤادي الكَاظِم المحنَقِ
كأنما قلبيَ في بَحرِها الـ
ـغريقُ لم ينجُ ولم يغرَق
مرارةٌ جاريةٌ في دَمي
وغُصَّةٌ في صَدريَ المُطبَق
ونزعةٌ في النَّفس وثَّابة
إلى حبيبٍ ليَ لم يشتَق
فقدتُ عَزمي إنه خانَني
ومن سِوى الغَيرة لم أفرق
يلجُّ بي اليأسُ ولكنَّني
أثوي ثواءَ الصَّابر المشفِق
أروحُ بالبُؤس وأغدُو به
وبالمحيَّا العابِس المُطرق
ولستُ أشكو فالشِّكايات لا
تُفيد غيرَ المزعِج المُقلق
٢١ سبتمبر سنة ١٩١٩

هوامش

(١) ما لان من الأنف وفضل عن القصبة.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤