المنى والشِّعر

تملأُ الذِّكرى فُؤادي
حرقاتٍ تتوقَّدْ
فأرَى الماضيَ ليلًا
تحتَه الأَقوام رُقَّد
ما بهِ إلَّا فُؤادي
هائمٌ فيه مُسهَّد
تابعٌ ظلَّ خَيالا
تٍ على الآفاقِ شرد
كشعاع النُّور نفَّا
ذًا إلى الغَيم الملبَّد
أنا قد أَعطيتُ ماضيَّ
مُنًى لا تتعدَّد
غُررًا مثل الدَّراريِّ
أَو الدُّرِّ المنضَّد
تلك أحلامُ شَبابي
غالها الماضي وأَقصَد
كلُّها مَيتٌ صَريع الـ
ـيَأس في قَفرٍ ممدَّد
كنَّ ينطفنَ١ حياةً
فغدونَ اليومَ جَلمَد
أنا إن أبكِ كَثيرًا
ينضَب الدَّمع وينفَد
فلذا أَذخَر منه
بعضَه يُسعف في الغَد
إن أقسْ آتيَّ بالما
ضِي فكل العُمر أسوَد
فعلى ذا أنا أبكِي
وعلى ذا أتنهَّد
أنظِم الشعرَ سلوًّا
لهُمومٍ تَتجدَّد
كلُّ لفظٍ دَمعةٌ تجـْ
ـري على عُمري المُبدَّد
كلُّ حَرفٍ قطرةٌ من
دَمِ قلبي تتفَصَّد
كلُّ معنًى حُرقة الأنـْ
ـفاسِ من صَدري تَصعَّد
هكذا اليومَ إلى الدَّهـ
ـر بشِعري أتودَّد
٣٠ ديسمبر سنة ١٩٢٠

هوامش

(١) نطف الماء: سال.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤