الفصل الأول

مولد أفريقيا المعاصرة

(١) كشف القارة

أفريقيا جزء لا يتجزأ من قارات العالم القديم، إلا أن كشفها كشفًا علميًّا تأخَّرَ كثيرًا حتى أوائل هذا القرن، ولكن هل ظلت شعوبها قابعة في أوطانها لا تحاوِل استجلاء البقاع المجاورة لها من أرض أفريقيا؟ هل ظلت الدول التي نشأت في القارة قانِعة داخل حدودها دون محاولة استجلاء تخومها وما وراء هذه التخوم؟

إننا نعرف أن الدول حينما تنشأ وتثبت قواعدها تبدأ داخلها حوافز توسُّعية وتجارية، تؤدي بهذه الدول إلى إرسال البعثات التجارية والعسكرية إلى أصقاع مجهولة تبدأ من حدودها البرية والبحرية. هكذا كانت أحوال دول المدينة اليونانية وأحوال دولة روما في العصور القديمة، وأحوال فرنسا وإنجلترا وروسيا وغير ذلك في العصور الحديثة.

والقاعدة نفسها تنطبق تمامًا على دول أفريقيا في حقبها التاريخية المختلفة، وأطول تاريخ معروف لدولة أفريقية هو تاريخ الدولة المصرية، الذي يمتد بضعة آلاف من السنين قبل المسيح. هنا عدة وثائق تاريخية تثبت أعمال الكشوف الجغرافية والبعثات التجارية والحملات العسكرية المصرية في مناطق عديدة من أفريقيا، وبعض أماكن التوسُّع العسكري والتجاري الفرعوني معروفة، أهمها: ليبيا والنوبة وساحل البحر المتوسط الشرقي وجزر هذا البحر، ولكن بعضها ما زال يكون مشكلة؛ هناك أسماء غير محدودة الموقع حسب معلوماتنا الجغرافية الراهنة، ومن أهم هذه الأسماء «يام» و«بُنت». «يام» هي تلك البلاد التي نشط أمراء أسوان في أعمال كشفها وتجارتها، فهل يستفاد من ذلك على أنها تقع في منطقة ما في السودان الأوسط والجنوبي؟ ويدعم هذا الاستنتاج أن سكان «يام» أو بعضهم على الأقل كانوا من الأقزام.١

أما بلاد «بنت» فقد كان المصريون يصلونها بطريق البحر الأحمر، ولذلك تراوحت الآراء حول تحديد «بنت» بين القرن الأفريقي وجنوب الجزيرة العربية وشرق أفريقيا.

ويضاف إلى معرفة المصريين بمعظم حوض النيل وشمال شرق أفريقيا، أنهم قد نظموا رحلة حول أفريقيا في عهد «نخاو» في حوالي ٦٠٠ق.م نجحت في الدوران حول القارة، ابتداء من البحر الأحمر، وعادت عبر مضيق جبل طارق.

وفي خلال الحكم البطلمي والروماني لمصر كانت هناك بعثات كشفية مستمرة في اتجاه الجنوب لمحاولة الوصول إلى منابع النيل وجبال القمر وبلاد الذهب. وفي خلال العهود العربية في مصر كانت العلاقات المصرية مع الجنوب تشتد إلى أن تمَّ تعريب السودان، وفي بداية حكم محمد علي وفي عهد إسماعيل كانت الكشوف المصرية في اتجاه الجنوب مستمرة، وأدت إلى نشوء دولة كبيرة في حوض النيل تقلَّصَتْ بسرعة لسببين: الأول عدم استطاعة مصر بمواردها المحدودة أن تُنافِسَ التوسُّع الاستعماري الأوروبي عامةً والإنجليزي خاصةً في أفريقيا، والثاني وقوع مصر نفسها داخل نفوذ الإمبراطورية الإنجليزية في أواخر القرن الماضي.

أما الدول الأخرى التي نشأت في أفريقيا، فمعلوماتنا عنها ناقصة إلى أكبر الحدود، ولكننا نعرف أن معظمها يشترك في صفة تكاد أن تميز تلك الدول، تلك الصفة هي التجارة؛ فهذه الدول سواء تلك التي قامت على الشواطئ الشمالية (قرطاجة) أو التي قامت في نطاق السفانا السودانية (غانا – مالي – سنغاي – الفنج)، قد قامت فعلًا على أساس أنها مراكز تجارية تتحكم في تجارة السلع الأفريقية الاستوائية والمدارية إلى أفريقيا الشمالية (دول السفانا).

والنشاط التجاري لا بد وأن يؤدي إلى معرفة الكثير من الأقاليم المحيطة بهذه الدول، وعلى هذا الأساس عُرِفت مسالك ودروب الصحراء التي تصل عالم البحر المتوسط بعالم أفريقيا المدارية، وعلى هذا الأساس أيضًا تسرب نفوذ دول نطاق السفانا إلى نطاق الغابات الاستوائية، وعلى الأخص في غرب أفريقيا وشرقها. ولا جدال في أن الكثير من معلومات هذه الدول قد سُجِّل في كتب لم يصلنا منها سوى بعضها، والبعض نُقِلت عنه كتب أحدث. ولا تزال هناك مخطوطات عديدة متناثرة هنا وهناك لم تُنشَر أو لم تُعرَف بعدُ أو ضاعت تمامًا، ومن الأمثلة على ذلك المقتطفات التي وردت في بعض الكتب العربية عن كتاب ابن سليم الأسواني، ومن المؤكد أن مكتبة جامع زانكورة٢ في تمبكتو — التي نهبت في عصور الضعف — كانت تحتوي إلى جانب كتب الدين والعقيدة على مؤلَّفات عديدة تضمُّ أخبارًا تصف البلاد المجاورة.

وفضلًا عن ذلك، فلقد أسهم الجغرافيون العرب بقسط وافر في الكتابة عن أجزاء عديدة من أفريقيا حتى موزمبيق، ونذكر من بين الكتَّاب العرب المشهورين: الإدريسي، والمسعودي، وابن بطوطة، وليون الأفريقي.

وانتقلت معلومات العرب ومدوناتهم عن أفريقيا إلى البرتغاليين والإسبان في خلال القرن الخامس عشر، ومنذ ذلك التاريخ بدأت الكشوف الحديثة لأفريقيا بواسطة البرتغالي هنري الملاح الذي أرسل سفنه عام ١٤١٦ إلى سواحل ريودورو. وفي عام ١٤٨٨ وصل بارتلوميو دياز إلى رأس الرجاء الصالح، وبذلك عرف طريق الهند، وفي خلال القرنين السادس والسابع عشر لم يَعُدْ أحد ينتبه إلى كشف داخلية أفريقيا؛ لأن سواحلها لم تمثِّل إلا محطات بحرية للسفن المتجهة إلى الهند، وفي القرنين السابع والثامن عشر أنشأت أوروبا وعلى رأسها البرتغال وبريطانيا وفرنسا محطات على ساحل غرب أفريقيا، من غانا إلى أنجولا، بقصد تجميع الأفريقيين وشحنهم رقيقًا إلى أمريكا.

ومنذ الربع الأول من القرن التاسع عشر بدأت حركات إلغاء الرق، وبدأت أنظار الدول الإمبريالية تتجه إلى تقسيم أفريقيا بعد أن تقاسمت معظم العالم، وبدأ الكشَّافون الأوروبيون يَفِدون إلى أفريقيا بأعداد قليلة زادت في منتصف القرن التاسع عشر، ثم أصبحت عملية منظَّمَة بعد أن دخلت الدول الأوروبية بكل ثقلها في الميدان الأفريقي، وخاصة بعد مؤتمر برلين ١٨٨٤-١٨٨٥.

وهناك حقيقة يجب أن نعرفها، تلك هي أن تأسيس «الجمعية الأفريقية African Association» في لندن عام ١٧٨٨، كان له فضل كبير في تنظيم عمليات الكشف الجغرافي لأفريقيا، من حيث تخطيط وتمويل كثير من الكشَّافين من الألمان والإنجليز وغيرهم.

وحسب معلوماتنا الراهنة يمكن أن نذكر أسماء وتواريخ قليلة للمجهودات التي حدثت فيما قبل القرن الثامن عشر من أجل كشف أفريقيا:

١٤٨٠ قبل الميلاد بعثة الملكة حتشبسوت إلى بلاد بنت.
٦٠٠ق.م بعثة الملك نخاو للدوران حول أفريقيا.
٤٧٠ق.م رحلة الملاح القرطاجي هانو Hanno في ساحل غرب أفريقيا، ووصوله إلى رأس بالماس (جنوب ليبريا) أو ساحل الكمرون.
٤٥٠ق.م رحلة المؤرخ الإغريقي هيرودوت إلى مصر وقرطاجة.
٢٢ق.م بترونيوس الروماني يصل إلى نباتا عاصمة كوش (النوبة).
٥٤م و٦٨م الإمبراطور نيرون يرسل بعثتين لكشف منابع النيل، ولكنهما يرجعان إلى الشمال بعد وصولهما غالبًا إلى منطقة السدود.
٩٤٧م الرحَّالة العربي المسعودي يزور مصر وشمال أفريقيا وشرق أفريقيا حتى مدغشقر (؟)
١١٥٠م الجغرافي العربي الإدريسي يرتحل في مراكش والسودان.
١٣٢٥م ابن بطوطة في مصر والساحل الشرقي لأفريقيا.
١٣٤٢م ابن بطوطة يرتحل في الصحراء الكبرى إلى السنغال وتمبكتو.
١٤١٦م بعثات هنري الملاح على طول ساحل أفريقيا الغربي إلى ريودورو.
١٤٤١م البرتغاليون يكتشفون الرأس الأبيض (جنوب ريودورو).
١٤٦٩م فرناو دو بو Fernâo do Pôo يكتشف جزيرة فرناندو بو.
١٤٨٢م دييجو كاو Diego Cao يكتشف في رحلته الأولى مصب الكنغو.
١٤٨٨م بارتلميو دياز Bartholomeu Diaz يكتشف خلال عاصفة بحرية أنه يدور حول أفريقيا بعد اجتيازه رأس العواصف (حاليًّا رأس الرجاء الصالح) ويضطر للعودة إلى البرتغال بعد تمرد البحَّارة.
١٤٩٧م فاسكو دا جاما Vasco da Gama يدور حوله أفريقيا في يوم ٢٢ / ١١ / ١٤٩٧، ويرسو على ساحل ناتال في ٢٥ / ١٢ / ١٤٩٧.
١٤٩٨م فاسكو دا جاما يصل خليج دلاجوا في ١٠ يناير، وميناء مالندي في ٢٤ أبريل، ومنها يبحر (بواسطة المعرفة البحرية العربية) إلى كاليكوت في الهند فيصلها في ٢٠ مايو من السنة نفسها، ويعود إلى مالندي في ٧ يناير ١٤٩٩، ورأس الرجاء الصالح في ٢٠ فبراير.
١٥٠٦م فرناو سواريز Soarez وزميله دابرو Gomez d’Abreu يكتشفان مدغشقر.
١٥٠٦م شبرنجر B. Springer يصل إلى خليج موسل (في إقليم الكاب) ويكتب أول وصف بالألمانية عن قبيلة الهوتنتوت.
١٥١٥م ليون الأفريقي Leo Africanus يرتحل فيما بين مراكش وثنية النيجر وتمبكتو.
١٥٢٠–١٥٢٦م المبشر الفاريز F. Alvarez يرتحل من مصوع إلى دبرا ليبانوس (الحبشة).
١٦٢٧م الفرنسيون يحتلون مصب السنغال.
١٦٥٢م يان فان ريبك Jan Van Riebeeck يحتل منطقة خليج تيبول (مدينة الكاب الحالية).
١٦٥٥م فنتر فوجل J. Wintervogel يتوغل شمال كيبتاون ويتصل لأول مرة بقبيلة البشمن.
١٦٩٨م برنسيه Ch. Poncet يتجه من مصر جنوبًا إلى جندار ومصوع.
أما في القرن الثامن عشر والتاسع عشر، فقد زاد عدد الكشافين في أفريقيا، بحيث يستدعي الأمر تقسيم الكشَّافين حسب المناطق التي ارتادوها في أفريقيا، وقبل أن نبدأ في سرد أهم هؤلاء الكشافين علينا أن نلاحظ من الكشوف السابقة على القرن الثامن عشر ما يلي:
  • (١)

    إن الرحَّالة الذين ارتادوا أجزاء من داخلية أفريقيا هم من العرب (المسعودي – الإدريسي – ابن بطوطة – ليون الأفريقي) وإن الأوروبيين من الرومان إلى القرن السابع عشر لم يتوغلوا بعيدًا عن السواحل إلا في منطقة واحدة هي حوض النيل (رحلات الرومان إلى النوبة ومنطقة السدود – الفاريز وبونسيه وغيرهما في هضبة الحبشة) والسبب في ذلك راجع إلى أن منطقة حوض النيل كانت معروفة فعلًا للمصريين في كل عهود التاريخ، واتجاه الرومان من مصر جنوبًا كان بدافع الرغبة للوصول إلى مناجم الذهب في بلاد النوبة، كما أن اتجاه البرتغاليين إلى الحبشة كان بدافع الوصول إلى مملكة القديس جون المسيحية، ومحاولة من جانب البرتغال تطويق العالم الإسلامي من الجنوب، ولكن هذه الدعوة لم تنطلِ على حكَّام الحبشة، بدليل أنهم قيدوا تحركات المبشرين والكشافين البرتغاليين داخل الحبشة، ولم يسمحوا لبعضهم بالخروج ثانيةً، ربما لثبوت تهمة التجسس عليهم.

  • (٢)

    اقتصر نشاط الأوروبيين على استجلاء معالم السواحل الأفريقية فقط، من أجل الوصول إلى طريق الهند الملاحي، وبذلك لم تكن داخلية القارة تعنيهم على الإطلاق، ولكن أطماع أوروبا في أفريقيا قد بدأت تتحرك في القرن الثامن عشر واستشرت في التاسع عشر، وبذلك أخذت الرحلات الكشفية الأوروبية تتزايد في داخل القارة. وفيما يلي أهم الكشَّافين حسب مناطق القارة المختلفة:

    جدول ١-١: منطقة النيل وشرق أفريقيا.
    ١٧٦٩–١٧٧٢ رحلة جيمس بروس J. Bruce من مصوع إلى جندار، وكشف بحيرة تانا، ثم يعود عن طريق مصر.
    ١٧٩٣–١٧٩٦ رحلة W. G. Browne إلى دارفور.
    ١٨١٢–١٨١٤ رحلة يوهان لودفيج بركهارت J. L. Burckhardt للنوبة.
    ١٨٢١-١٨٢٢ كايو F. Cailliaud  ولتورزك Letorzec يصلان إلى التقاء النيلين الأبيض والأزرق (موقع الخرطوم الحالية).
    ١٨٢٤ إدوارد روبل E. Ruppell يصل من دارفور إلى كردفان.
    ١٨٢٧ لينان دي بلفون L. deBellefonds يبحر في النيل الأبيض حتى درجة العرض ١٣٫٣٠°.
    ١٨٣١–١٨٣٣ إدوارد روبل يرتاد داخلية الحبشة من جندار إلى بحيرة تانا عبر البطانة إلى النيل الأزرق.
    ١٨٤١ فيرن Werne ودارنو d’Arnaud يبحران في النيل الأبيض وبحر الجبل حتى درجة العرض ٤٫٤٢°.
    ١٨٤٨ كرابف Krapf وربمان Rebmann يكتشفان جبل كليمانجارو، وفي ١٨٤٩ يرى كرايف جبل كينيا من بعيد.
    ١٨٥٤ برتون R. F. Burton يصل هرر من زيلع.
    ١٨٥٧–١٨٥٩ برتون وسبيك Speke يرحلان من زنجبار، ويصلان أوجيجي على بحيرة تنجانيقا في فبراير ١٨٥٨. سبيك يرحل بمفرده شمالًا، ويكتشف السواحل الجنوبية لبحيرة فكتوريا في ٣ / ٨ / ١٨٥٨، ثم يعودان إلى الساحل الشرقي في فبراير ١٨٥٩.
    ١٨٦٠–١٨٦٣ سبيك وجرانت Grant يرحلان من باجاموجو (على الساحل الشرقي مقابل زنجبار) إلى بحيرة فكتوريا وبحذاء ساحلها الغربي والشمالي. سبيك يكتشف مخرج النيل ويتتبعه شمالًا ويلتقي بجرانيت في غندو كرو.
    ١٨٦٤ صمويل بيكر S. W. Baker يكتشف بحيرة ألبرت ومساقط مرشيزون.
    ١٨٦٩–١٨٧١ جيورج شفاينفورت G. Schweinfurth يبدأ من الخرطوم إلى بحر الغزال، ويكتشف المانجبتو والأقزام لأول مرة في التاريخ.
    ١٨٧٥ ستانلي H. Stanley يدور في قارب حول سواحل بحيرة فكتوريا لمدة ٥٧ يومًا، ويكتشف جبال رونزوري وبحيرة السنة نفسها.
    جدول ١-٢: الصحراء وإقليم السودان.
    ١٨٢٢–١٨٢٥ كلابرتون Clapperton، ودنهام Denham، ودأيني Oudney يبدءون من طرابلس إلى مرزوق، ثم برنو وكوكا وبحيرة تشاد واكتشاف نهر شاري (دنهام ودأيني) وكلابرتون يزور سوكوتو ويصل إلى النيجر ويعود الثلاثة إلى طرابلس.
    ١٨٢٥-١٨٢٦ لاينج Laing يبدأ من طرابلس إلى غدامس، وعين صلاح إلى تمبكتو.
    ١٨٢٥–١٨٢٧ كلابرتون ورتشارد لاندر R. Lander يبدأان من لاجوس عبر بلاد اليوربا إلى النيجر، ثم سوكوتو.
    ١٨٥٠–١٨٥٥ هاينرخ بارت H. Barth وأوفرفيج A. Overweg وريتشاردسن J. Richardson يبدءون من طرابلس إلى مرزوق – غات – أغادس – كاتسنا – كنو – كوكا. من هناك بدأ أوفرفيج يكتشف منطقة تشاد وارتحل بارت إلى منطقة أدماوا (١٨٥١)، واكتشف نهر البنوي، ثم اكتشف مع أوفرفيج بلاد كانم. وفي ١٨٥٢ رحل بارت من كوكا إلى باجرمي، وفي ١٨٥٣ رحل إلى كنو وكاتسنا وسوكوتو إلى ثنية النيجر وتمبكتو، وعاد إلى كوكا عام ١٨٥٤ حيث التقى بالرحَّالة فوجل. وفي ١٨٥٥ ترك كوكا عائدًا إلى طرابلس.
    ١٨٥١–١٨٥٦ إدوارد فوجل E. Vogel يبدأ من طرابلس إلى كوكا، ويقيم مع سلطان برنو حتى ١٨٥٦، فيرحل إلى واداي ويُقتَل هناك.
    ١٨٦٣–١٨٦٧ جرهارد رولفس G. Rohlfs يبدأ من مراكش إلى واحة تافيللت، ثم واحة توات وغدامس إلى طرابلس، وفي ١٨٦٥ يبدأ من طرابلس إلى غدامس وواحة كاوار إلى كوكا وبحيرة تشاد، ثم هضبة جوس ونهر البنوي حتى التقائه مع النيجر عبر إيللورين وبلاد اليوربا إلى إيبدان ولاجوس، وبذلك فهو أول أوروبي يصل واحة توات، وأول أوروبي يعبر الصحراء وإقليم السودان ويصل من البحر المتوسط إلى ساحل غانا.
    ١٨٦٢–١٨٦٩ رولفس يدخل واحة أوجلة، ومنها إلى واحتي جالو وسيوة.
    ١٨٦٩–١٨٧٤ ناختيجال G. Nachtigal يبدأ من طرابلس إلى مرزوق، ثم جبال تبستي ويعود إلى مرزوق ١٨٧٠، ثم يتجه إلى كوكا ويصلها ١٨٧١، ويرتحل في بلاد البرنو وكانم، وفي ١٨٧٢ يزور الباجرمي، وفي ١٨٧٣ يتجه إلى واداي ودارفور وكردفان، وينتهي إلى الخرطوم ١٨٧٤.
    ١٨٧٩ رولفس يكتشف واحة الكفرة.
    ١٨٧٩-١٨٨٠ لنز Lenz يبدأ من طنجة عبر الأطلس الغربية إلى واحة تندوف وواحة تاوديني إلى تمبكتو، ثم غربًا إلى السنغال.
    ١٨٩٨–١٩٠٠ فورو Foureau ولامي Lamy يبدأان من واحة بسكرة إلى ورجلة وهضبة آير إلى بحيرة تشاد (توفي لامي هناك) فورو يستمر مع نهر شاري صاعدًا، ويصل إلى الأوبنجي ثم ينحدر مع الكنغو حتى المصب.
    ١٩٠٨ جين تيلهو Tilho يكتشف المنطقة من تشاد حتى منخفض بودليه.
    ١٩١٢–١٩١٧ تيلهو يزور بركو، ويرحل إلى تبستي وإردي وإندي وواداي ودارفور.
    ١٩٢٣ أحمد حسنين يكتشف واحة أركنو والعوينات.
    ١٩٢٤–١٩٢٦ كمال الدين حسين بالسيارات يجوب الصحراء الليبية الوسطي والجنوبية، ويكتشف واحة مرجا (فزان).
    جدول ١-٣: غرب ووسط أفريقيا.
    ١٧٩٥–١٧٩٧ مونجو بارك Mungo Park يقوم بأول رحلة له من نهر الجامبيا إلى نهر النيجر عند مدينة سيجو، ويعود بالطريق نفسه ومؤكدًا بذلك انفصال النهرين عن بعضهما.
    ١٨٠٥-١٨٠٦ رحلة مونجو بارك الثانية من جزيرة جوري (دكار) عبر سنجامبيا إلى النيجر (عند باماكو) وسار مع النهر في اتجاه المصب، والراجح أنه غرق في النهر قرب بوسا عام ١٨٠٦.
    ١٨٢٧-١٨٢٨ رينه كاييه R. Caillié يبدأ من ساحل سيراليون إلى هضبة فوتا جالون، ثم تمبكتو، ثم عبر الصحراء إلى طنجة.
    ١٨٤٩–١٨٥٦ أولى رحلات ديفيد لفنجستون D. Livingstone في داخل أفريقيا، اكتشف بحيرة نجامي في ١ / ٨ / ١٨٤٩، وفي ١٨٥١ وصل إلى الزمبيزي الأعلى ومنه إلى أعالى نهر كساي، ثم عاد إلى لواندا في ١٨٥٤، ومن هناك اتجه إلى الساحل الشرقي واكتشف في نوفمبر ١٨٥٥ مساقط فكتوريا على الزمبيزي، ثم إلى كيليمان في موزمبيق.
    ١٨٥٦–١٨٦٥ دي شايو du Chaillu يكتشف نهر أوجوي في جابون ويدرس الغوريلا والأقزام.
    ١٨٥٩–١٨٦٤ لفنجستون يصعد الزمبيزي في سفينة ويكتشف نهر شيري وبحيرة نياسا، ويقوم بارتياد منطقة جنوب وغرب البحيرة ومنطقة نهر روفوما.
    ١٨٦٦–١٨٧٣ لفنجستون يبدأ من زنجبار إلى نهر روفوما ثم بحيرة نياسا، ثم الساحل الجنوبي لبحيرة تنجانيقا (١٨٦٧)، ثم بحيرة مويرو ونهر لوابولا (أعالي الكنغو) وفي ١٨٦٨ اكتشف بحيرة بنجويلو، في ١٨٦٩ عاد إلى أوجيجي على بحيرة تنجانيقا، ثم عبر البحيرة، واكتشف عام ١٨٧١ نهر لوالابا (الكنغو الأعلى) وعاد في نفس السنة إلى أوجيجي حيث قابل ستانلي في أكتوبر، وفي مارس ١٨٧٢ عاد ستانلي إلى الساحل الشرقي ورحل لفنجستون إلى بحيرة بنجويلو حيث مات في ١ / ٥ / ١٨٧٣.
    ١٨٧٣–١٨٧٥ كاميرون Verney L. Cameron يبدأ رحلة البحث عن لفنجستون من باجاموجو في شرق أفريقيا، التقى بمعاوني لفنجستون في شهر أغسطس حيث حملوا نبأ وفاته إلى الساحل. يواصل كاميرون رحلته إلى بحيرة تنجانيقا ويكتشف نهر لوكوجا، ويخترق الكنغو ويصل إلى بنجويلا في ١٨٧٥، وبذلك يكون أول من اخترق أفريقيا من الشرق إلى الغرب.
    ١٨٧٤–١٨٧٧ ستانلي يبدأ من باجاموجو رحلته إلى داخل أفريقيا، يصل فكتوريا ١٨٧٥ ويدور حول سواحلها في سفينة، ثم يكتشف جبل رونزوري وبحيرة إدوارد، ومن ١٨٥١ يدور حول سواحل بحيرة تنجانيقا كلها (٥١ يومًا) ثم يستمر غربًا إلى نهر الكنغو ويسير إلى المصب في بعثة مكونة من ١٨ قاربًا ويصل المصب.
    ١٨٧٥-١٨٧٦ بول بوجي Pogge يكتشف مملكة اللوندا (كاتنجا).
    ١٨٧٥–١٨٧٨ برازا de Brazza يكتشف منطقة نهر أوجوي ويؤكد انفصاله عن نظام حوض الكنغو.
    ١٨٧٩-١٨٨٠ برازا يبدأ من فرانسفيل في ساحل جابون إلى ستانلي بول وينشئ مدينة برازافيل على الكنغو.
    ١٨٧٩ موستيه Moustier وتزفايفل Zweifel يكتشفان منابع نهر النيجر.
    ١٨٨٠–١٨٨٥ برازا يكتشف داخلية جابون.
    ١٨٨٠–١٨٨٥ كايزر Kaiser، بوم Bohm، رايخارد Reichard يبدءون من الساحل الشرقي إلى كاتنجا ويكتشفون مناجم النحاس، ويكتشفون أيضًا بحيرة أوبمبا في كاتنجا.
    ١٨٨٠–١٨٨٢ بوجي وفون فيسمان Von Wissman يبدأان من لواندا إلى كساي ثم نيانجوي على الكنغو. فيسمان يبدأ من نيانجوي عبر بحيرة تنجانيقا ويصل إلى الساحل الشرقي لأفريقيا، وبذلك يكون أول مَن يخترق القارة من الغرب إلى الشرق.
    ١٨٨٤–١٨٨٦ فون فيسمان، فون فرنسوا Von Francois، فولف Wolf يقومون من أنجولا إلى كساي ولولوا، وينشئون مدينة لولوا بورج، ويسيرون مع كساي والكنغو إلى ستانلي بول.
    ١٨٨٦-١٨٨٧ فون فيسمان وفولف من بنانا إلى كساي ولولوا بورج، ثم مع مارينل Le Marinel إلى نهر زانكورو ونهر لومامي حتى نيانجوي، ثم عبر بحيرة تنجانيقا إلى بحيرة نياسا ونهر شيري، ثم الزمبيزي حتى المصب.
    ١٨٨٧–١٨٨٩ ستانلي على رأس ٦٢٠ رجلًا يبدأ من مصب الكنغو رحلة إنقاذ أمين باشا (إدوارد شنيتزر) حيث قابله على بحيرة ألبرت وعاد إلى شرق أفريقيا.
    ١٨٨٧–١٨٨٩ بنجر L. G. Binger يبدأ من باماكو إلى واجادوجو، ثم جنوبًا إلى جراند باسام (ساحل العاج).
    ١٨٩٠-١٨٩١ أمين باشا والعالم الإنتروبولوجي ستولمان Stuhlmann يقومان من باجاموجو إلى بحيرة فكتوريا وألبرت.
    ١٨٩١-١٨٩٢ برازا يكتشف منطقة سانجا وأوبانجي.
    ١٨٩٢-١٨٩٣ أوسكار باومان O. Baumann يبدأ من تانجا عبر بلاد الماساي ويكتشف بحيرة إياسي ونهر كاجيرا حتى المنبع، ثم رواندا وبحيرة تنجانيقا ثم الساحل الشرقي.
    ١٨٩٦–١٨٩٨ الكولونيل مارشان J. B. Marchand يبدأ من لوانجو (كنغو برازافيل) مع نهر الكنغو والأوبنجي والأويلي، إلى بحر الغزال، ثم النيل عند فاشودة.
    جدول ١-٤: أفريقيا جنوب الزمبيزي.
    ١٧٩١-١٧٩٢ إدوارد فون رينن E. Von Reenen يبدأ من كيبتاون شمالًا عبر الأورنج إلى منطقة وندهوك الحالية ويسجل أول معلومات عن قبائل الهريرو Herero والبرجداما.
    ١٨١٢ جون كامبل J. Campbell يكتشف منابع نهر اللمبوبو.
    ١٨٥٠–١٨٥٢ جالتون F. Galton وأندرسون K. J. Anderson يبدأان من فالفش باي إلى منخفض إتوشا وأوفامبولاند.
    ١٨٦٥–١٨٧٠ كشوف ألفرد جرانديدير A. Grandidier في مدغشقر.
    ١٨٦٥–١٨٧٢ كارل مناوخ K. Mauch في الترنسفال وروديسيا ويكتشف حقول ذهب ماشونا ومتابيلي في روديسيا، ويكتشف آثار زمبابوي (١٨٧١).
    ١٨٧٧–١٨٧٩ سربا بنتو Serpa Pinto يبدأ من بنجويلا عبر هضبة بيهي إلى الزمبيزي الأعلى وعبر شلالات فكتوريا إلى شرق بتشوانا، ثم بريتوريا والساحل الشرقي.
    ١٨٨٣–١٨٨٧ هولوب Holup يقوم بكشوف في منطقة الزمبيزي الأوسط ويزور إقليم باروتسي.
    ١٨٨٦-١٨٨٧ هانز ماير H. Meyer يقوم من كيبتاون إلى كمبرلي والترنسفال وموزمبيق وزنجبار ويتسلق جبل كليمانجاور (١٨٨٩).
    ١٨٩٢–١٨٩٤ جوتية E. Gautier يقوم باكتشافات في شمال وغرب مدغشقر.
    ١٩٠٥-١٩٠٦ هاردنج C. Harding يكتشف منابع الزمبيزي.

(٢) تاريخ أفريقيا السياسي

الاستعمار والمستعمرات البرتغالية

نتيجة لظروف تجارية خاصة على الأرجح أصبحت البرتغال أولى الدول الأوروبية التي اهتمت بالوصول إلى الهند عن طريق الدوران حول أفريقيا، وقد أدَّى هذا إلى أن أصبحَتِ البرتغال أقدم دول أوروبا احتكاكًا بأفريقيا في مجموعها، وأقدم الدول التي ما زالت لها مستعمرات في هذه القارة.

ونظرًا لاحتكار البرتغال في البداية طريق الهند الملاحي، فلقد قامت بإنشاء محطات وقواعد عسكرية لها في مناطق كثيرة من الساحل الأفريقي الغربي والشرقي، ومن أوائل قواعدها: غينيا، وجزر بيافرا، ومنطقة مصب نهر الكنغو، وساحل أنجولا في الغرب، وساحل موزمبيق في الشرق. ولم يأتِ القرن السادس عشر إلا وكانت البرتغال في موقف المحتكر الوحيد لتجارة الهند وأفريقيا، وسيطرت سيطرةً شبه كاملة على السواحل الأفريقية الشرقية، ولكن القرنين السابع عشر والثامن عشر شاهدَا تقلُّص النفوذ البرتغالي في شرق أفريقيا؛ نتيجة لنمو النفوذ العربي من ناحية والنزاع التجاري الاستعماري بين الدول الأوروبية والبرتغال، وخاصة مع بريطانيا وهولندا من ناحية ثانية، وأدى هذا التقلص إلى بقاء مناطق محدودة من الساحل الأفريقي في قبضة البرتغال، هي التي تكوِّن المستعمرات البرتغالية الحالية في شرق أفريقيا (موزمبيق) وغرب أفريقيا (أنجولا – بعض جزر خليج بيافرا – غينيا البرتغالية – بعض الجزر التي تقع غرب أفريقيا).

وفي يونيو ١٩٥١ أصدرت البرتغال قانونًا يصف مستعمراتها الأفريقية على أنها أقاليم البرتغال وراء البحار، وأنها مستقلة ذاتيًّا في مجالات الإدارة والشئون المالية، وقد قسمت هذه الأقاليم إلى:
  • (١)
    جزر كيب فرد (الرأس الأخضر) العاصمة: برايا Praia.
  • (٢)

    جزيرتَيْ ساوتومي وبرنسيب (خليج بيافرا) العاصمة: ساوتومي.

  • (٣)

    غينيا البرتغالية (شمال غرب جمهورية غينيا) العاصمة: بيساو.

  • (٤)

    أنجولا وإقليم كابندا، العاصمة: لواندا. العاصمة المستقبلة: هوامبو.

  • (٥)

    موزمبيق، العاصمة: لورنزو ماركيز.

ولا شك أن أهم هذه المستعمرات هي أنجولا وموزمبيق، وقد كانت نية البرتغال متَّجِهَة إلى ربط هاتين المستعمرتين بريًّا، بحيث تحتل الأقاليم الواقعة بينهما، ولكن تغلغل النفوذ الإنجليزي ونجاح سيسل رودوس في ضمِّ روديسيا قد أدَّى إلى بقاء المستعمرتين منفصلتين.

ومنذ عام ١٩٦١ تجتاح المستعمرات البرتغالية الرئيسية الثلاث «موزمبيق وأنجولا وغينيا» ثورات وطنية قوية تواجِهها البرتغالُ باستخدام غير إنساني لجيوشها البرية وقوتها الجوية، ولا شك في أن هذه الأوضاع المتأزمة سوف تنتهي بنجاح الحركة الاستقلالية التي يؤيِّدها المجتمع الأفريقي والدولي، وتعرقلها مساندة أمريكا للبرتغال.

المستعمرة المساحة كم٢ عدد السكان (١٩٧٠) العاصمة
المجموع ٢٠٧٠٩٦٤ ١٣٦٨٠٠٠٠
موزمبيق ٧٨٣٠٠٠ ٧٣٦٠٠٠٠ لورنزو ماركيز
أنجولا ١٢٤٧٠٠٠ ٥٤٣٠٠٠٠ لواندا
غينيا بيساو ٣٦٠٠٠ ٥٦٠٠٠٠ بيساو
جزيرتَيْ ساوتومي ٨٣٦ ٧٠٠٠٠ ساو تومي
وبرنسيب ١٢٨
جزر كيب فرد ٤٠٠٠ ٢٦٠٠٠٠ برايا

المستعمرات الإسبانية

لم يكن اهتمام إسبانيا كبيرًا بأفريقيا مثل اهتمام البرتغال، وذلك راجع إلى أنه في الوقت الذي حاولت فيه البرتغال الوصول إلى الهند بطريق أفريقيا، كانت محاولات إسبانية تتجه إلى الهند عن طريق عبور المحيط الأطلنطي، ومع ذلك فإن نشوء المستعمرات الإسبانية في أمريكا اللاتينية قد أدَّى إلى ضرورة اقتراب إسبانيا من شواطئ شمال غرب أفريقيا المواجِهة لجزر كناريا، كما أن اكتشاف جزر خليج بيافرا كان بواسطة كشاف إسباني، مما أدَّى إلى توغُّل النفوذ الإسباني في هذه الجزر في وقت مبكر — منتصف القرن الخامس عشر. وفي ١٧٧٨ بادلت إسبانيا جزءًا من ممتلكاتها في أمريكا الجنوبية مع البرتغال بجزء من ممتلكات البرتغال في خليج غانا، هذا الجزء هو الذي أصبح يُعرَف باسم ريوموني منذ عام ١٨٤٣، وقد أصبحت جزيرتَيْ فرناندوبو وأنوبون تكوِّن مع ريوموني ما يُعرَف باسم غانا الإسبانية (العاصمة سانتا إيزابلا).

أما على ساحل شمال غرب أفريقيا المطل على الأطلنطي، فإن لإسبانيا مستعمرة صحراوية كبيرة المساحة تمتد من الرأس الأبيض حتى رأس جوبي، تُعرَف باسم ريودورو أو الصحراء الإسبانية (العاصمة: فيلاسيزنيروس).

وإلى جانب هذه المستعمرات الهامشية ضمَّتْ إسبانيا لها جزءًا من مراكش يُعرَف باسم «الريف» المواجِه لجبل طارق، وقد استقلَّ وأصبح جزءًا من دولة المغرب في عام ١٩٥٦، بعد أن سبَّبَ الكثير من المتاعب لإسبانيا — خاصةً ثورة الأمير عبد الكريم ١٩٢٣–١٩٢٦ — ورغم استقلال الريف إلا أن إسبانيا احتفظت بمدينتَيْ سبتة ومليلة وبعض الجزر والمدن الساحلية الأخرى.

ولا تزال هناك منطقة للنزاع بين المغرب وإسبانيا تتمثَّل أولًا في منطقة إفني، وثانيًا في ادعاءات المغرب على كل الصحراء الإسبانية.

وقد نالت غينيا الإسبانية استقلالها في أكتوبر ١٩٦٨، وأصبحت تُعرَف باسم «جمهورية غينيا الاستوائية»، وتتكون من ريو موني وجزر إيلوبي وكوريسكو القريبة من ساحل ريو موني، وجزيرتَيْ فرناندوپو وأنو بون اللتين تقعان في خليج بيافرا. وقد اختيرت مدينة «باتا» (في ريوموني) عاصمةً للدولة الجديدة التي تنتهج النظام الرئاسي في الحكم، مع بعض أشكال الحكم الذاتي في فرناندوپو وأنو بون، وعلى ذلك تقلَّصَتْ مستعمرات إسبانيا، فأصبحت على النحو التالي:

المستعمرة المساحة كم٢ عدد السكان ١٩٧٠ العاصمة
المجموع ٢٦٨٨٢٠ ٢٧٧٠٠٠
الصحراء الأسبانية (ريودو أورو) ٢٦٦٩٠٠ ٦١٠٠٠ فيلا سيزنيروس
إفني ١٩٢٠ ٥٤٠٠٠ سيدي إفني
مدينة سبتة ٨٥٠٠٠
مدينة مليلة ٧٧٠٠٠

الاستعمار الفرنسي

بعد أن سقط الاستعمار الفرنسي في أمريكا، بدأت فرنسا في القرن التاسع عشر في بناء إمبراطورية جديدة تركز معظمها في أفريقيا، فساحل البحر المتوسط الجنوبي من مراكش إلى مصر كان يخضع اسميًّا للدولة العثمانية، ولم يكن حتى أوائل القرن التاسع عشر مطمعًا لدول أوروبا، ولم تعده إحدى الدول الأوروبية مكانًا لنفوذها، وذلك على الرغم من حملة نابليون على مصر وصراع فرنسا وإنجلترا على هذه المنطقة في أواخر القرن الثامن عشر، فهذه الحملة وهذا الصراع لم ينجم عنهما ادعاءات لأي من الدولتين على الركن الشمالي الشرقي من القارة، بل ترَكَا مصر كجزء من الدول العثمانية — على الأقل اسميًّا.

وفي ١٨٣٠ قام الأسطول الفرنسي بعدة معارك مع قراصنة البربر الذين يحتمون بساحل الجزائر، وكان من نتائج هذه المعارك احتلال فرنسا للجزائر التي ظلت خاضعة للحكم التركي منذ ١٥١٩. وفي ١٨٣١ أنشأت الفرقة الأجنبية الفرنسية التي كان لها تاريخ طويل خلال تاريخ فرنسا المعاصر، وعلى إثر الاحتلال الفرنسي قامت الحرب المقدسة من أجل إجلائهم بزعامة الأمير عبد القادر الذي ظل يحارب حتى عام ١٨٤٧، وبعد سقوط عبد الكريم استتب الأمر لفرنسا في الجزائر، وجاء في دستور ١٨٤٨ أن الجزائر جزء لا يتجزأ من فرنسا، وعلى مرِّ الزمن أصبحت الجزائر من أهم مستعمرات فرنسا عبر البحار، كما أنها كانت أهم مركز فرنسي في الإمبراطورية الفرنسية في أفريقيا.

وفي خلال الثلاثينيات وأوائل الأربعينات من القرن التاسع عشر بدأت فرنسا تتجه إلى بسط نفوذها على مصر بواسطة مساندة محمد علي، ولكنها عجزت عن مساعدته حينما تغلَّبت القوى الدولية — وعلى رأسها بريطانيا — على محمد علي، ومنذ ذلك الوقت كفَّتْ فرنسا عن الالتفات إلى هذه المنطقة التي أصبحت فيما بعدُ مركزًا لأطماع بريطانيا المتزايدة، والتي انتهت بالاحتلال البريطاني لمصر ١٨٨٢، وقد لعبت قناة السويس وأسهمها دورًا كبيرًا في هذا الصراع الإنجليزي الفرنسي.

ويتضح من هذا أن الدول الأوروبية حتى منتصف القرن التاسع عشر لم تكن بعدُ قد التفتت إلى أفريقيا ككل، بل كانت أعينها وأطماعها تتركز فقط على شواطئها الشمالية، وبخاصة بعد إنشاء طريق الهند الجديد عبر السويس، مما أعاد إلى البحر المتوسط أهميته القديمة التي فقدها منذ اكتشاف رأس الرجاء الصالح، وكانت أقدم الدول الأوروبية اتصالًا ببقية أفريقيا حتى تلك الفترة — البرتغال وهولندا — تكاد اهتماماتها بأفريقيا لا تتعدى الشواطئ إلا لمسافات قليلة نسبيًّا داخل القارة؛ كان البرتغاليون في شواطئ أنجولا وموزمبيق، وبريطانيا في إقليم الكاب وسيراليون والبوير في منطقة الأورنج.

وكانت فرنسا قد أنشأت قاعدة لها عام ١٦٢٧ على مصب السنغال، وأسست مدينة سان لوي التي ظلت تنمو ببطء حتى تولَّى حكم غرب أفريقيا الفرنسية الحاكم Faidherbe، فوسع المدينة في الفترة ما بين ١٨٥٤ و١٨٦٤.

ومن منطقة المصب أخذ الفرنسيون يتوسَّعون مع نهر السنغال إلى الداخل شرقًا وجنوبًا، ولكن التوسُّع الجنوبي توقَّفَ باحتلال بريطانيا لمصب نهر الجامبيا، وبوجود البرتغال في غينيا؛ ولذلك فإن غينيا الفرنسية (جمهورية غينيا الحالية) لم تنشأ نتيجة التغلغل الفرنسي من الشمال، بل من البحر. وتأخر تحديد هذه المستعمرة الفرنسية إلى عام ١٨٩٠، حينما أعلنت غينيا مستعمرة منفصلة عن سنجامبيا.

أما التقدم الفرنسي صوب الشرق فكان سهلًا مرتبطًا بنهر السنغال في اتجاه نهر النيجر الأعلى، الذي وصلت إليه القوات الفرنسية عام ١٨٨٦، وفي ١٨٩٤ احتلت فرنسا تمبكتو.

وفي ١٨٤٢ أنزلت فرنسا قواتها في ساحل العاج، وفي ١٨٤٥ أصبح لها موقع قدم على ساحل جابون، ورغم أن فرنسا أنشأت في ١٦٧١ قاعدة فورت ويدا Wida على ساحل داهومي، إلا أن احتلال المنطقة لم يتم إلا عام ١٨٩٢، بعد أن هزمت فرنسا مملكة الداهومي. وفي الفترة بين ١٨٧٨ و١٧٨٠ تمكَّنَ الكونت دي برازا Savorgnan de Brazza من توسيع قاعدة الحكم الفرنسي في جابون إلى الداخل، حتى وصل إلى نهر الكنغو، واحتلَّ ما يُعرَف الآن باسم جمهورية كنغو برازافيل. كذلك توسَّعت فرنسا على طول الكنغو ورافده الأوبانجي إلى ما يُعرَف باسم جمهورية وسط أفريقيا في عام ١٨٨٩، ولم تستطع أن تصل هذه المستعمرة بالبحر نظرًا لوصول الألمان واحتلالهم منطقة الكمرون، ولكن حلم فرنسا في ربط أفريقيا الاستوائية الفرنسية بالبحر تحقَّقَ بعد ١٩١٨، حينما انتدبت فرنسا لحكم غالبية الكمرون بعد هزيمة ألمانيا، ومن الأوبانجي تقدَّمَتْ فرنسا شمالًا فاحتلت تشاد عام ١٨٩٧، أما مستعمرة النيجر فقد تأخَّرَ احتلالها إلى عام ١٩١١.

وفي شمال أفريقيا أخذت فرنسا توجِّه نظرها صوب تونس التي كانت مستقلة استقلالًا ذاتيًّا منذ ١٧٨٢ من الدولة العثمانية، وفي ١٨٨١ تمكَّنَتْ فرنسا من إعلان حمايتها على تونس، وأدَّى ذلك إلى ثورة امتدت مرة أخرى إلى الجزائر، ولم تستطع فرنسا إخمادها إلا باستخدام قوات كبيرة. وقد أدى احتلال فرنسا لتونس إلى تدهور علاقات فرنسا وإيطاليا التي كانت تطمع في تونس، ولكن هذه العلاقات تحسَّنَتْ بعد عقد معاهدة سرية بين الدولتين عام ١٩٠٥، حددت أطماع إيطاليا في ليبيا وأطماع فرنسا في مراكش.

وعلى هذا الأساس نجد أن الإمبراطورية الفرنسية في أفريقيا كانت لها ثلاث قواعد أساسية، انطلقت منها بالتدريج لتحتلَّ كلَّ الجزء الغربي من أفريقيا على وجه التقريب، هذه النقط أو القواعد الثلاث هي:
  • (١)

    الجزائر: التي اتسعت منها رقعة الإمبراطورية الفرنسية شرقًا إلى تونس، وغربًا إلى المغرب، وجنوبًا إلى الصحراء الكبرى ونهر النيجر.

  • (٢)

    سنجامبيا: التي امتدَّ منها النفوذ الفرنسي إلى النيجر، وارتبط بقواعد ثانوية أخرى من الجنوب في ساحل العاج وداهومي.

  • (٣)

    جابون: ومنها انطلق النفوذ الفرنسي إلى نهر الكنغو في اتجاه الشرق والجنوب الشرقي، ونهر الأوبنجي في اتجاه الشمال الشرقي، وقد أدَّى احتلال تشاد والنيجر إلى ربط المنطقة الاستوائية الفرنسية بغرب أفريقيا الفرنسية.

وإلى جانب النشاط الفرنسي في القسم الغربي والاستوائي من أفريقيا، فإنها قد اتجهت أيضًا إلى شرق القارة فاحتلت جيبوتي ١٨٨٨، وكوَّنَتْ ما يُعرَف حتى الآن باسم الصومال الفرنسي، وقد خدمت جيبوتي فرنسا في توسُّعها في الهند الصينية. وفي الجنوب الشرقي من أفريقيا نجد فرنسا تحتلُّ جزيرة مدغشقر في الفترة ما بين ١٨٨٦ و١٨٩٦، ويستتب لها الأمر بعد ذلك.

وقد كان اهتمامُ فرنسا بشرق القارة واحتلال جيبوتي ومدغشقر ردَّ فعلٍ للاحتلال البريطاني لمصر في ١٨٨٢، وقد بلغ النزاع الفرنسي البريطاني أوجه في حادثة فاشودة، التي التقى فيها الجيش الإنجليزي المصري ببعثة الكولونيل مارشان، وفي هذا المكان كان المحور الاستعماري الإنجليزي من الجنوب إلى الشمال — من كيبتاون إلى القاهرة — قد التقى وجهًا لوجه مع المحور الاستعماري الفرنسي من الغرب إلى الشرق: من السنغال إلى الصومال. وباسم مصر والسيادة المصرية العثمانية على السودان، استطاعت بريطانيا أن تقنع فرنسا بسحب قوات مارشان والعلم الفرنسي من فاشودة، وعلى إثر هذه الهزيمة الدبلوماسية لسياسة فرنسا الاستعمارية في أفريقيا حدَّدَتْ أطماعَ الدولتين، فرنسا وإنجلترا، في أفريقيا معاهدةُ ١٩٠٤، تنصُّ بنودُ هذه المعاهدة على أن تمتد حدود فرنسا من جنوب ليبيا إلى حدود الكنغو الشمالية، وبذلك ضمت واداي إلى فرنسا. واتُّفِقَ أيضًا على أن تدخل المغرب في دائرة النفوذ الفرنسي مقابل وقوع مصر والسودان في قبضة بريطانيا، وهذه المعاهدة مشهورة في التاريخ باسم معاهدة «الوفاق الودية Entente Cordiale»، وكان من نتائج المعاهدة النزاع الألماني الفرنسي حول مراكش.

ومنذ ١٩٠٤ حاولت فرنسا بالاشتراك مع إسبانيا أن تحوِّلَ سلطنة مراكش إلى محمية فرنسيية، ولكن الألمان ردُّوا على هذه المحاولات بزيارة وحدات من الأسطول الألماني لمياه مراكش، وزيارة الإمبراطور فيلهلم لطنجة، وكان ذلك بمثابة طعنة لمؤتمر الجزيرة الذي كان معقودًا عام ١٩٠٦ بين فرنسا وإسبانيا، ولكن فرنسا سارت في سياستها واحتلت عاصمة مراكش بالرغم من زيارة السفينة الحربية الألمانية «بانتر شبرونج» لمياه مراكش (أغادير) عام ١٩١١، وبالتالي زادت هذه الأزمة من انعزال ألمانيا عن بقية الدول الأوروبية، وبالرغم من هزيمة ألمانيا الدبلوماسية في موضوع مراكش، إلا أنها نالت تعويضات قليلة الأهمية — ضم جزء من الكنغو الفرنسي إلى الكمرون الألماني.

وبعد انتهاء موضوع مراكش كانت الإمبراطورية الفرنسية في أفريقيا قد استكملت شكلها النهائي؛ ففي ١٩٠٤ تكوَّنَتْ أفريقيا الغربية الفرنسية (السنغال – السودان – موريتانيا – النيجر – غينيا – ساحل العاج – الفولتا العليا – داهومي)، وأفريقيا الاستوائية الفرنسية (تشاد – أوبنجي وشاري – الكنغو الأوسط – جابون).

وعلى عكس المستعمرات البريطانية — إدارات وحكم محلي — فإن السياسة الاستعمارية الفرنسية ظلت تسير على قاعدة الحكم المركزي للمستعمرات.

وبعد الحرب العالمية الأولى انتدبت فرنسا لإدارة أجزاء من المستعمرات الألمانية في غرب أفريقيا، فنالت الجزء الأكبر من الكمرون، ونصف توجو، وبعد نهاية الحرب العالمية الثانية صدر الدستور الفرنسي الجديد لعام ١٩٤٦، وفيه حدث تغيُّر دستوري في موقف المستعمرات؛ فبدلًا من وضعها السابق أصبحت هذه المستعمرات أجزاء من فرنسا وراء البحار، وعلى غرار الكومنولث البريطاني أصبحت هذه الأجزاء تكوِّن ما عُرِف باسم «الاتحاد الفرنسي Union Française»، وبذلك بدأت أولى عمليات تفكيك الإمبراطورية الاستعمارية الفرنسية. وكان لتغاير الأوضاع الاقتصادية والنمو الاقتصادي لأجزاء هذا الاتحاد دورٌ في تفكيك الاتحاد تدريجيًّا، وانتهى الأمر بالعدول عن التسمية السابقة إلى اسم «مجموعة الشعوب الفرنسية Communauté Française» التي أصبحت في حقيقتها رابطةً ضعيفةً بين فرنسا ومستعمراتها السابقة التي تحوَّلت إلى دول ذات استقلال ذاتي. وكانت المجموعة الفرنسية تشتمل على:
  • (١)

    فرنسا والقسم الشمالي من الجزائر – أقاليم الجزائر الجنوبية والصومال الفرنسي.

  • (٢)

    الجمهوريات الذاتية التالية:

    السنغال – السودان – موريتانيا – الفولتا العليا – ساحل العاج – داهومي – النيجر – جابون – تشاد – الكنغو – وسط أفريقيا – ملاجاشي.

وقد تكوَّنَتْ هذه الجمهوريات بناءً على الاستفتاء الشعبي الذي أُجرِي فيها عام ١٩٥٨، والذي نظَّمَ العلاقةَ مع فرنسا في داخل إطار المجموعة الفرنسية.

ويُلاحَظ أن واحدة فقط من مستعمرات فرنسا الأفريقية هي التي اختارت أن تخرج من النظام الجديد، وتستقلَّ استقلالًا كاملًا، تلك هي جمهورية غينيا، ولم تمضِ بضع سنوات حتى خرجت عدة جمهوريات عن المجموعة الفرنسية وحذت حذو غينيا. وقد عقدت فرنسا مع الدول الجديدة كلها باستثناء غينيا معاهدات عديدة.

وقد حدثت تطورات عديدة داخل دول غرب أفريقيا الجديدة أهمها: إنشاء ما عُرِف باسم دولة مالي الاتحادية التي اتُّفِقَ على أن تضمَّ: السودان – السنغال – الفولتا – داهومي. ولكن الانتخابات التي أُجرِيت في ديسمبر ١٩٥٨ في الفولتا، والتغيُّر الحكومي في داهومي في ١٩٦٠، قد أدَّى إلى عدم اشتراك هاتين الدولتين في الاتحاد الذي تكوَّنَ فعلًا في نوفمبر ١٩٥٨ بين السودان والسنغال. وفي أغسطس ١٩٦٠ حدث خلاف بين السنغال والسودان مما أدى إلى انفصالهما، وبقيت السودان تحمل وحدها اسم مالي للآن، وقد سعت مالي إلى إيجاد ارتباطات أخرى مع دول غرب أفريقيا بقصد إنشاء ولايات أفريقية متحدة؛ فعقدت أولًا معاهدة أُقِيم بمقتضاها اتحادٌ مع غانا عُرِف باسم اتحاد مالي-غانا، ثم معاهدة أخرى مع غينيا عُرِفت باسم اتحاد مالي غانا غينيا، ولكن هذه المحاولات اتسمت منذ البداية بقيمة عملية محدودة نتيجةً للانفصال المكاني لهذه الدول، باستثناء مالي وغينيا المرتبطتين بحدود مشتركة.

ولمواجهة حركة مالي أنشأت دولُ أفريقيا الغربية الفرنسية الأخرى اتحادًا ذا روابط ضعيفة ومرنة سُمِّيَ «اتحاد ساحل بنين Union sahel Benin»، ضمَّ ساحل العاج وداهومي والفولتا والنيجر، وأهمُّ بنود هذا الاتحادِ محاولةُ اتخاذ سياسات موحدة خارجية واقتصادية بواسطة مجلس استشاري للتنسيق Conseil de l’Entente، وكان رئيسه في البداية هو رئيس وزراء النيجر.

وفي ١٣ أغسطس ١٩٦٠ استقلَّتْ أوبانجي وشاري باسم جمهورية أفريقيا الوسطى، وفي ١٥ أغسطس١٩٦٠ استقلَّتِ الكنغو الأوسط باسم جمهورية الكنغو، وكذلك جمهورية تشاد وجمهورية جابون في التاريخ ذاته، أما مدغشقر فكانت جمهورية ذاتية منذ أكتوبر ١٩٥٨، ثم تحوَّلَتْ إلى دولة مستقلة تمامًا في يونيو ١٩٦٠.

وفي شمال أفريقيا سارت الأمور بطريقة مختلفة، وإن أدَّتْ إلى استقلال كامل عن فرنسا، فالقلاقل والثورات في مراكش قد أدَّتْ إلى عقد معاهدة ١٩٥٦ التي أنهت حكم فرنسا وإسبانيا معًا، وتكوين مملكة المغرب التي ضمَّتْ إليها منطقة طنجة الدولية، واستُثنِيَ من ذلك مدن على شاطئ الريف الشمالي أهمها سبتة ومليلة، بقيت في حوزة إسبانيا على نحو ما أسلفنا.

وكانت تونس منذ ١٩٤٦ دولةً ذات استقلال ذاتي وعضوًا في الاتحاد الفرنسي، ولكنها نالت الاستقلال عام ١٩٥٦ وخرجت عن المجموعة الفرنسية. وفي ١٩٦١ حاولت تونس تصفيةَ قاعدة بنزرت الفرنسية بالقوة، ولكن المفاوضات في النهاية أدَّتْ إلى هذه التصفية.

أما الجزائر فقد نالت استقلالها عن طريق حرب التحرير الطويلة التي استمرت سبع سنوات، والتي أصبح لها أهمية قصوى في تاريخ أفريقيا المعاصر، وقد انتهت هذه الحرب باتفاقية إيفيان ١٩٦٢، وانتهت معها فترة مظلمة من إرهاب اليمينيين الفرنسيين في الجزائر وفرنسا معًا، وهو الإرهاب الذي أودى بحياة مئات الآلاف من الجزائريين.

وبذلك لم يبقَ لفرنسا سوى الصومال الذي أسمي «إقليم الأفار وعيسى» نسبةً لقبائل الأفار أو الدناكل، بينما عيسى إحدى القبائل الصومالية (٢٢ ألف كم٢ ومائة ألف من السكان)، وجزر كومورو (٢١٧١ كم٢ و٢٧٠ ألفًا من السكان).

الاستعمار البريطاني

رأينا أنه حينما حلَّتْ نهاية القرن الماضي كانت فرنسا قد سيطرت بلا منازع تقريبًا على القسم الشمالي الغربي والغربي من أفريقيا، وفي مثل هذا الوقت كانت سيطرة بريطانيا قد تمَّتْ على القسم الجنوبي والشرقي من هذه القارة، وامتدت هذه السيطرة حتى الركن الشمالي الشرقي أيضًا، وهكذا اقتسمت هاتان الدولتان معظمَ أفريقيا بحيث لم تَعُدْ هناك سوى مناطق الاستعمار البرتغالي والإسباني، ومناطق محدودة جدًّا تمت فيها تجارب الاستعمار الألماني والإيطالي والبلجيكي.

ورغم اقتسام معظم القارة بين الدولتين الكبيرتين، إلا أنه كان لكلٍّ منهما طريقة خاصة في إدارة وحكم المستعمرات تختلف عن الأخرى اختلافًا بيِّنًا، فالمستعمرات الإنجليزية أصبحت كلٌّ منها وحدةً سياسيةً منفصلةً عن بعضها ولم تحكم حكمًا مركزيًّا، كما فعلت فرنسا.

وكما فقدت فرنسا ممتلكاتها في العالم الجديد (كندا) لصالح بريطانيا، كذلك فقدت بريطانيا أهم ممتلكاتها في القارة الأمريكية؛ الولايات المتحدة. وقد أدَّى ذلك — من بين أسباب أخرى — إلى أن تبدأ بريطانيا في القرن التاسع عشر في تكوين إمبراطوريتها الجديدة في أفريقيا، وقد ساعدها على ذلك عدة عوامل نذكر منها: أولًا الأسطول البريطاني التجاري والحربي الذي كان سيد البحار بلا منازع، وثانيًا نظم الليبرالية ومبدأ حرية التجارة، وثالثًا اتباع سياسة العزلة عن المشكلات المباشِرة للقارة الأوروبية.

في ١٦٥٢ أسَّس الهولنديون أول مستعمرة أوروبية في أفريقيا يستوطن فيها الأوروبيون؛ إقليم الكاب. وظل البوير — سلالة الهولنديين — يتوسعون في الداخل ويحاربون قبائل البانتو حتى وصلوا إلى مشارف الأورنج وإقليم ناتال، وفي ١٧٩٥ نزل الإنجليز إلى إقليم الكاب واحتلوه دون مقاومة تُذكَر من جانب البوير. وفي ١٨٠٦ تمَّ لبريطانيا السيطرة الكاملة على الكاب، وسهلت هذه العملية نتيجة النزاع بين البوير وشركة الهند الشرقية الهولندية من ناحية، وثورة البانتو على البوير من ناحية ثانية. وفي ١٨١٤ تنازلت هولندا عن الكاب لبريطانيا.

ونتيجة للحكم الإنجليزي بقوانينه الجديدة، ونتيجة لبدء مزاحمة المستوطنين الإنجليز للبوير، فقد أخذ البوير في التوغُّل إلى داخلية جنوب أفريقيا، مفضلين عدم الاحتكاك الكثير بالإنجليز وأنظمتهم، وخاصة مسألة مبدأ إلغاء الرق (١٨٣٤)، وعلى أثر ذلك تحرَّكَ البوير شمالًا فيما عُرِف باسم «الهجرة الكبرى The Great Treck» (١٨٣٦–١٨٤٠)، فعبروا نهر الأورنج وأنشئوا دولًا مستقلة عن مستعمرة الكاب هي جمهورية البوير في ناتال التي أصبحت في ١٨٥٩ مستعمرة إنجليزية، وجمهورية الأورنج الحرة، وجمهورية الترنسفال. وقد اتحدت الأورنج والترنسفال عام ١٨٥٣ مكونتان جمهورية جنوب أفريقيا، وكان أول رئيس لهذه الجمهورية هو بريتوريوس Pretorius (١٨٥٨–١٨٧١).

وفي ذلك الوقت استغلَّ الإنجليز فرصةَ استئثارهم بمستعمرة الكاب فأنشئوا فيها عام ١٨٥٣ حكومة محلية ومجلسًا نيابيًّا، وزادت حركة الاستيطان الإنجليزي وتوغَّلوا شرقًا بعد هزيمة قبائل البانتو وضم زولولاند ومنطقة خليج فالفش في «جنوب غرب أفريقيا حاليًّا».

وفي السبعينيات من القرن الماضي اكتشفت مناجم الماس والذهب، ومعظمها في كمبرلي والأورنج والترنسفال، وقد أدى ذلك إلى بداية فترة من النزاع بين الإنجليز والبوير؛ ففي ١٨٧١ احتلَّ الإنجليز منطقة كمبرلي والقسم الغربي من جريكالاند، وكانت تابعةً لجمهورية البوير. وفي ١٨٧٧ ضمت بريطانيا كل الترنسفال، ولكن البوير يجمعون الشمل ويهزمون الإنجليز هزيمة كبيرة في منطقة ماجوباهيل Majuba hill ١٨٨١، وترتب على ذلك أن تتراجع حكومة جلادستون (الأحرار) في بريطانيا وتوقع اتفاقية بريتوريا مع البوير، بمقتضاها تعترف بحكومة الترنسفال مع سيادة بريطانية اسمية. وفي ١٨٨٤ وقعت اتفاقية لندن التي أعادت الاعتراف بالترنسفال على أنها جزء من جمهورية البوير في جنوب أفريقيا، مع احتفاظ بريطانيا بالرأس والمشورة في السياسة الخارجية، مع عدم التدخُّل في علاقة الترنسفال بجمهورية البوير في الأورنج، وفي تلك الفترة تولَّى باول كروجر P. kruger رئاسة جمهورية جنوب أفريقيا حتى سقوطها (١٨٨٣–١٩٠٢)، وبذلك فإن معاهدة لندن هذه تُعَدُّ أولَ فشل مؤقَّت لحلم بريطانيا العتيد، وهو احتلال أفريقيا من الكاب إلى القاهرة.

ولكن مسارعة بريطانيا إلى احتلال باسوتولاند ١٨٨٤، وبتشوانالاند ١٨٨٦، قد أكَّدَ من جديد عزم بريطانيا على عزل وتطويق جمهورية البوير. وكان لاحتلال بتشوانالاند بالذات أهمية كبرى؛ فعلى الرغم من فقرها — تحتل صحراء كلهاري معظم بتشوانالاند — إلا أنها عزلت جمهورية البوير عن النفوذ الألماني في المستعمرة الألمانية جنوب غرب أفريقيا، وأعطت لبريطانيا ممرًّا بريًّا عريضًا متجهًا شمالًا صوب الزمبيزي.

وعبر هذا الممر البري استطاع سيسل رودس — رئيس حكومة مستعمرة الكاب منذ ١٨٩٠ — بواسطة ما أسماه «جمعية جنوب أفريقيا الإنجليزية» أن يضم لبريطانيا سنة ١٨٩٨ الأراضي الواقعة شمال اللمبوبو وعبر الزمبيزي، وأن يصل إلى الساحل الجنوبي لبحيرة تنجانيقا وبحيرة نياسا، تلك الأرض الشاسعة هي التي عُرِفت فيما بعدُ باسم روديسيا الشمالية والجنوبية نسبةً إلى رودس، وباحتلال هذه المستعمرة الجديدة تمَّ تطويقُ جمهورية البوير من الغرب والشمال والجنوب الشرقي، ولم يَعُدْ لهذه الجمهورية من منفذ إلى البحر إلا عبر موزمبيق البرتغالية.

وفي الترنسفال أدَّى كشف مناجم الذهب في إقليم الراند إلى هجرة بريطانية كبيرة، ولكن البوير لم يُعامِلوا الإنجليز على قدم المساواة مما أدَّى إلى زيادة تأزُّم الموقف بين الإنجليز والبوير، وزادت أعمال التحرُّش التي يقوم بها سيسل رودس على حدود البوير، وكانت أكبر حوادث التحرُّش ما عُرِف باسم «غزوة جيمسون»، وجيمسون هذا هو أحد المغامرين الذين يستأجرهم رودس، وقد قام على رأس قوة بوليسية بالتوغُّل داخل أرض البوير سنة ١٨٩٦، لكنه مني بشر الهزيمة، وكان نتيجة ذلك أن فلهلم إمبراطور ألمانيا أرسل برقية تهنئة إلى كروجر، مما زاد التباعُد بين البوير والإنجليز من ناحية، وبين الإنجليز والألمان من ناحية ثانية. وأخذ الإنجليز يتحيَّنون الفرصة للدخول في معركة حاسمة مع البوير لتصفية جمهوريتهم. وفي ١٨٩٩ أرسل الإنجليز إنذارًا نهائيًّا للبوير بضرورة منح المستوطنين الإنجليز داخل جمهورية البوير — وكان البوير يسمونهم Uitlanders — حق التصويت والانتخاب، وعلى إثر هذا الإنذار قامت حرب البوير ١٨٩٩–١٩٠٢، وقد تمكَّنَتْ قوات البوير المسلَّحَة جيدًا تحت قيادة بوتا Botha  وديفت Dewet من كسب المعارك الأولى، ولكن الإمبراطورية الإنجليزية الكبيرة جمعت قواتها وتدريجيًّا قضَتْ على البوير، وقد أدَّى اعتقال لورد كتشنر للنساء والأطفال البوير في معسكرات الاعتقال إلى حرب أخرى صغيرة، ولكن سياسة بريطانيا في الاعتراف (عام ١٩٠٦ و١٩٠٧) بالحكم المحلي للبوير في الترنسفال والأورنج على التوالي قد هدَّأ الموقف، ومن ثَمَّ نشأ ما عُرِف لمدة طويلة باسم اتحاد جنوب أفريقيا عام ١٩١٠، متكوِّنًا من الكاب وناتال والأورنج وترنسفال.

وفي الشمال الشرقي تمكَّنَتْ بريطانيا من وضع يدها على حوض النيل، ففي ١٨٤١ تمكَّنَتْ بريطانيا على رأس دول أوروبا من مساندة تركيا ووقف إمبراطورية محمد علي من الاتساع في كل العالم العثماني. وفي ١٨٦٩ افتُتِحَتْ قناة السويس وأصبح هناك خطر يتهدد احتكار بريطانيا لطريق الهند، وفي ١٨٧٥ اشترت بريطانيا نصيب مصر من أسهم قناة السويس، وبذلك أصبحت لها مصلحة مادية في مصر، ونفوذ على الحكومة المصرية بجانب نفوذ فرنسا، وحينما تولَّى عرابي باشا حكومة مصر وجدت بريطانيا الفرصة سانحة لكي تضع قدمها في مصر، فادَّعَتْ حماية الخديو توفيق، وفي الوقت ذاته كفت فرنسا يدها تمامًا عن مصر. وفي ١٨٨١ أعلنت بريطانيا الحماية على مصر، وحينما نشبت ثورة المهدي في السودان وسقطت الخرطوم ١٨٨٥، دخلت بريطانيا مع مصر السودانَ مرةً أخرى ١٨٩٩، وأُعلِنَ قيام الحكم الثنائي، وبذلك سيطرت بريطانيا على حوض النيل بعد أن كانت قد أعلنت الحماية على أوغندا ١٨٩٤.

وفي شرق أفريقيا احتلت بريطانيا الصومال ١٨٨٤، وبينما استولت شركة شرق أفريقيا البريطانية على كينيا من سلطان زنجبار ١٨٨٧، ثم أعلنت كينيا مستعمرةً للتاج عام ١٨٩٥، وبذلك تمَّ لبريطانيا ربط جنوب السودان وأوغندا بكينيا والمحيط الهندي. ولكن وجود الألمان في تنجانيقا كان العقبة الوحيدة التي تقف أمام حلم بريطانيا؛ طريق الكاب-القاهرة. وفي نهاية الحرب العالمية الأولى انتدبت بريطانيا لإدارة تنجانيقا، وبذلك تحقَّقَ حلمها الكبير وامتدت الأملاك البريطانية في محور شمالي جنوبي على طول القسم الشرقي من القارة.

أما في غرب أفريقيا، فإن الممتلكات البريطانية لم تتصل بعضها بالبعض الآخَر، بل ظلت وحدات منفصلة لكل جبهة بحرية ضيقة على خليج غانا وامتداد كبير للداخل، ويرجع ذلك إلى أن غرب أفريقيا قد ظل لفترة طويلة، خاصة خلال القرنين السابع والثامن عشر، من أهم مناطق استيراد الرقيق إلى القارة الأمريكية، ولعبت فيه الدول الأوروبية أدوارًا كبيرة من أجل هذه التجارة المربحة والمشينة، وكان لكل دولة قلعة أو أكثر على طول هذا الشاطئ تمارس منه عملياتها هذه، كانت هناك البرتغال وهولندا وبريطانيا وفرنسا، وكثيرًا ما كانت هذه القلاع تقع في أيدي إحدى الدول، ثم تسقط في يد الأخرى وهكذا.

وحينما انتهت تجارة الرقيق أخذت الدول الأوروبية في التوسُّع داخل غرب القارة مبتدئة من هذه القلاع الشاطئية.

وفي ١٨٨٦ أعلنت بريطانيا منطقة لاجوس مستعمرة بريطانية، وبالتدريج ظلت بريطانيا تتوسع على شواطئ دلتا النيجر (١٨٩٣) وإلى الداخل، حتى تمكَّنَتْ من هزيمة سلطنة الفولاني ووصلت إلى بحيرة تشاد (١٩٠٠)، وظهر إلى الوجود عام ١٩١٤ مستعمرة نيجيريا التي ضُمَّ إليها في سنة ١٩٢٢ القسمُ الغربي من الكمرون.

وفي ساحل الذهب (غانا الحالية) طرد الإنجليز البرتغاليين في القرن السابع عشر، ولكن المنطقة تركت مرة أخرى، وفي ١٦٨٣ أنشأ البروسيون قلعة «فردريكسبورج» ثم باعوها للهولنديين ١٧١٧، وفي منتصف القرن الثامن عشر كانت هناك مستعمرات إنجليزية وهولندية ودنمركية على طول الساحل. وفي ١٨٧٤ أعلنت بريطانيا الحماية على ساحل الذهب، ثم أخذت تتوسع في الداخل فضمَّتْ إقليم الاشانتي ١٨٩٦ بعد حروب طويلة والإقليم الشمالي ١٩٠١، وفي ١٩١٩ بعد سقوط ألمانيا ضمت بريطانيا القسم الغربي من مستعمرة توجو إلى غانا.

وفي ١٨٤٣ أعلنت بريطانيا تحويل جامبيا إلى مستعمرة، وفي ١٨٨٨ إلى مستعمرة تاج، وفي سيراليون نجد أقدم مستعمرات بريطانيا؛ ففي ١٧٨٧ أصبحت المنطقة منطقة نفوذ بريطانية لتوطين الرقيق المحررين، وأنشأت لذلك مدينة فريتاون، وفي ١٨٠٨ أعلنت سيراليون مستعمرة للتاج، وفي ١٨٩٦ أعلنت الحماية على الأقاليم الداخلية، وفي ١٨٩٨ قامت ثورة كبيرة قُتِل فيها حوالي ألف إنجليزي، وفي ١٩١١ خططت الحدود مع ليبيريا بالصورة الحالية.

وبعد الحرب العالمية الثانية كان لحركات التحرُّر الأفريقية نصيب كبير في تحديد ورسم مستقبل المستعمرات البريطانية في القارة، وسارعت بريطانيا من ناحيتها بالسماح للدول الأفريقية الجديدة بالدخول في الكمنولث البريطاني، وبالتدريج دخلت معظم المستعمرات البريطانية في أفريقيا إلى حظيرة التجمُّع البريطاني الكبير، وقد كانت ساحل الذهب هي أول مستعمرة بريطانية تستقل عام ١٩٥٦، وتدخل حظيرة الكمنولث في ١٩٥٧ في صورة جمهورية ذات سيادة. ولكن تزايد نفوذ الدول الأفريقية داخل الكمنولث قد أدى إلى قلب ميزان القوى في هذه المجموعة ضد حكومة جنوب أفريقيا العنصرية، مما أدَّى بها إلى الانسحاب نهائيًّا من الكمنولث عام ١٩٦١، وإعلان جمهورية جنوب أفريقيا، وبقيت داخل جنوب أفريقيا ثلاث محميات بريطانية هي: باستو لاند وسوازي لاند وبتشوانا لاند، وقد أخذت جنوب أفريقيا في محاولة دبلوماسية عام ١٩٦٥ في تهديد بريطانيا بقطع مواصلاتها إلى هذه المحميات الثلاث، وذلك لكي تضم إليها، ولكن بريطانيا أعطت المحميات استقلالها في أواخر ١٩٦٦، ولا نعرف بعدُ مصيرَ هذه الدول التي تقبع داخل حدود الحكومة العنصرية. ومن مشكلات جنوب أفريقيا السياسية المزمنة انتدابها بواسطة الأمم المتحدة لإدارة المستعمرة الألمانية السابقة في جنوب غرب أفريقيا، وتدَّعِي حكومة جنوب أفريقيا الآن أن هذه المستعمرة جزء لا يتجزأ منها، ولا تزال الدول الأفريقية تثير الموضوع في المجالس الدولية، وإن كانت جنوب أفريقيا قد كسبت جولة مؤخرًا في هذا النزاع، حينما حكمت محكمة العدل الدولية لصالح جنوب أفريقيا.

وفي الشمال الشرقي أنْهَتْ بريطانيا حمايتها لمصر عام ١٩٢٢ التي أصبحت منذ ذلك التاريخ دولة مستقلة، وفي ١٩٥٦ خرجت آخِر قوات بريطانيا من مصر، وفي السنة ذاتها أعلن استقلال السودان عن بريطانيا، وفي سنة ١٩٦٠ اختار سكان الصومال البريطاني الاستقلالَ والانضمام إلى الصومال الإيطالي في صورة دولة صوماليا المستقلة، وفي ١٩٦٠ أيضًا أعلن استقلال نيجيريا، وكان عام ١٩٦١ العام الذي شهد مولد أكثر من دولة أفريقية مستقلة عن نطاق الاستعمار البريطاني، في تلك السنة استقلَّ كل شرق أفريقيا وتكوَّنَتْ دول أوغندا وكينيا وتنجانيقا، وفي غرب أفريقيا استقلت سيراليون، وفي ١٩٦٤ أعلن استقلال نياسا لاند باسم مالاوي، وتلتها روديسيا الشمالية باسم زامبيا، وكذلك جامبيا في غرب أفريقيا، ولم يَعُدْ من مستعمرات بريطانيا الآن في أفريقيا على وضعه الدستوري القديم في صورة مستعمرة، سوى روديسيا الجنوبية التي تولَّتْ فيها الأقلية البيضاء الحكم رغم إدارة بريطانيا الظاهرية، وما زالت مسألة روديسيا مجالًا للبحث بين مجموعة الدول الأفريقية عامة.

وهكذا زالت إمبراطورية بريطانيا الأفريقية بعد عدد من الثورات الدامية، وخاصة في مصر وكينيا (حركة الماو ماو).

الاستعمار الألماني

يبدأ اهتمام ألمانيا بأفريقيا مبكرًا وإن لم تدخل معركة التقسيم الأفريقي إلا مؤخرًا جدًّا بالقياس إلى بريطانيا وفرنسا، ففي ١٦٨٣ أسَّسَ أحد ضباط مملكة براندنبورج حصنًّا على ساحل غانا الحالي، ولكن فردريك فيلهلم الأول باع الحصن للهولنديين عام ١٧١٧، وتلى ذلك فترة طويلة انشغلت فيها ممالك ودوقيات ألمانيا بوحدتها، حتى جاء الأمير بسمارك في النصف الثاني من القرن الماضي فوحَّدَ ألمانيا، ولم يكن بسمارك يولي رغبات التوسع الألماني خارج أوروبا أذنًا صاغية، ولكن ما إن تحسنت أحوال ألمانيا وثبتت أقدام الوحدة وتوترت الظروف الدولية الأوروبية عام ١٨٨٣، حتى أدرك أن هذه هي فرصة ألمانيا لتكوين مستعمرات وراء البحار.

figure
خريطة رقم (١).
figure
خريطة رقم (٢).
ولقد اشترك كثير من الألمان في كشف مجاهل أفريقيا أمثال بارت، رولفس، شفاينفورت، شنتزر (أمين باشا) كما أن شركات ألمانية عديدة قد أنشأت لنفسها مقارَّ تجاريةً على شواطئ أفريقيا، ومن بين كبار التجار الألمان أدولف لودريتز الذي اشترك مع مجموعة أخرى واستولى على ميناء Angra Pequena شمال مصب الأورنج عام ١٨٨٣، وبعد وفاة لودريتز سُمِّي الميناء والخليج الذي يقع عليه باسمه، ولا يزال يحمل هذا الاسم حتى الآن. وقد كان ميناء لودريتز هو البذرة التي نمت حولها مستعمرة ألمانيا في جنوب غرب أفريقيا، وقد سعى الألمان كثيرًا لتثبيت أقدامهم في جنوب أفريقيا، وخاصة محاولتهم التقرُّبَ من جمهوريات البوير ضد بريطانيا، وكذلك حاوَلَ البوير أخذ العون من ألمانيا، وكانت مساعي الألمان والبوير أن يتلاقَيَا في كلهاري، ولكن سيسل رودس قطع عليهم الاتصال بإعلان بتشوانالاند محمية إنجليزية عام ١٨٨٦، وكذلك كان لاحتلال الإنجليز لميناء فالفش باي وعَقْد معاهدة مع البرتغال عام ١٨٨٦، أثَرٌ حدَّدَ النفوذَ الألماني فيما بين مصب الكونيني في الشمال والأورنج في الجنوب. وفي ١٨٩٠ عُقِدت معاهدة مع بريطانيا تحدِّد خط ٢٠ طولًا حدًّا للمستعمرة الألمانية في صحراء كلهاري، ولكن أُضِيف إلى المستعمرة لسان يمتد في الشمال حتى الزمبيزي سُمِّيَ نطاق كابريفي.

وفي ١٨٨٤ وضع حجر الأساس في إقامة المستعمرتين الألمانيتين في غرب أفريقيا: توجولاند والكمرون، وقد قام بهذا العمل الرحَّالة الألماني المشهور جوستاف ناختيجال، وقد حاولت بريطانيا عرقلة النفوذ الألماني هنا منذ البداية؛ فقد توجَّهَتْ سفينة حربية بريطانية إلى الكمرون وعليها قنصل إنجليزي مكلَّف بمثل مهمة القنصل الألماني ناختيجال، ولكنها وصلت متأخرة بضعة أيام عن السفينة الألمانية.

ولولا معرفة ناختيجال بداخلية أفريقيا لما حصلت ألمانيا على مستعمرة الكمرون الواسعة في المعاهدة التي أُبرِمت مع فرنسا وإنجلترا بهذا الصدد. وفي ١٩١١ وسعت مستعمرة الكمرون باتفاق فرنسا مقابل أن تترك ألمانيا فرنسا لمهمتها «السلمية» في مراكش.

وفي شرق أفريقيا بدأت مجهودات الألمان بأطماع وأطماح كبار التجار والكشافين، وقد كان للدكتور كارل بيترز — الكشاف الألماني — دور هام في شرق أفريقيا، وكانت زنجبار، المحمية الألمانية، قد أصبحت في ١٨٨٤ محمية إنجليزية. في ١٨٨٤ أسَّس بيترز «جمعية الاستعمار الألمانية» بذلك حصل على واسطة تبرر غايته في إنشاء إمبراطورية ألمانية في شرق أفريقيا، بدون مساعدة الحكومة الألمانية في بادئ الأمر، وقام بيترز بعقد عدة معاهدات مع زعماء داخلية شرق أفريقيا. وفي ١٨٨٥ وضع بسمارك شرق أفريقيا الألمانية تحت حماية الدولة، وعلى غرار ما حدث دائمًا في أفريقيا، عقد اتفاق عام ١٨٨٦ مع بريطانيا بالأصالة عن سلطان زنجبار، أكدت فيه بريطانيا وألمانيا أن ساحل تنجانيقا ملكًا للسلطان، ولكن حدود تنجانيقا لم تُخطَّط إلا في معاهدة هلجولاند-زنجبار عام ١٨٩٠ بين بريطانيا وألمانيا.

وبعد أن استقرت إمبراطورية ألمانيا الأفريقية بعض الوقت عصفت بها أحداث الحرب العالمية الأولى؛ ففي معاهدة فرساي ١٩١٩ تنازلت ألمانيا عن كل مستعمراتها، فقسمت توجولاند بين بريطانيا وفرنسا، واستولت بريطانيا على الكمرون الغربي، وتركت لفرنسا نصيب الأسد من الكمرون، وفي شرق أفريقيا انتدبت بريطانيا لحكم تنجانيقا بينما اقتطعت منها منطقة صغيرة في الشمال الغربي — رواندا، أو روندي — لتُعطَى لبلجيكا ترضيةً لها، أما جنوب غرب أفريقيا فقد أُعطِيَ انتدابًا لبريطانيا ثم جنوب أفريقيا.

الاستعمار البلجيكي

إن تاريخ الكنغو — المستعمرة البلجيكية الوحيدة — لَهو تاريخ عجيب في بدايته ونهايته معًا، لقد اكتشفه شخصان ليس لهما شأن ببلجيكا، الأول: المبشِّر والطبيب الإنجليزي دافيد لفنجستون، والثاني: المغامر الأمريكي هنري مورتون ستانلي. وفي عام ١٨٧٦ أنشأ ليوبولد الثاني، ملك بلجيكا، جمعية أسماها «الجمعية الأفريقية الدولية»، وقام ستانلي بوضع أول بذرة في تكوين مستعمرة الكنغو بأن عقد — بالأصالة عن ليوبولد — عدة معاهدات مع عدد من الزعماء القبليين داخل حوض الكنغو، وما إن تمَّ ذلك حتى قامت البرتغال، صاحبة الحق في الأراضي المحيطة بمصب الكنغو، بتقديم احتجاج شديد لدى ليوبولد، وأيَّدَتْها إنجلترا في ذلك الموقف ضد «التسلل الليوبولدي»، وكان هذا التأييد بناء على المعاهدة التي عقدتها البرتغال وإنجلترا في ١٨٨٤ بضمان أملاك كلٍّ منهما في أفريقيا، ولو ظلت البرتغال على موقفها فإن ذلك يعني حبس ادعاءات ليوبولد في الكنغو في المنطقة الداخلية فقط دون أن يكون للمستعمرة أي منفذ على المحيط، وكان ذلك هو ما تسعى إليه بريطانيا.

ولكن الظروف ساعدت ليوبولد أكثر مما يُتوقَّع؛ فإن بسمارك «ألمانيا» الذي استغلَّ التوتر الإنجليزي الفرنسي مرةً، والتوتر الإنجليزي الروسي مرة لإقامة إمبراطورية ألمانيا في أفريقيا، قد سارع إلى عقد مؤتمر برلين ١٨٨٤-١٨٨٥ كمناسبة لتجميع القوى الأوروبية، واستبعاد وعزل بريطانيا، وساعدت فرنسا بسمارك في مساعيه لعقد هذا المؤتمر لبحث مشكلات الاستعمار وعزل بريطانيا. وكانت إحدى ثمرات مؤتمر برلين انعقادُ جلسات خاصة سُمِّيَتْ «مؤتمر الكنغو» بين ديسمبر ١٨٨٤ وفبراير ١٨٨٥، وكانت نتائج هذا المؤتمر رفض مطالب البرتغال وإنجلترا في موضوع مصب الكنغو، وإعلان إنشاء «دولة الكنغو الحرة» تحت حكم ليوبولد. كذلك كان من بين القرارات حرية التجارة والملاحة داخل الكنغو لكلِّ الدول الموقِّعَة على قرارات المؤتمر، وفي حالة الحرب تُعتبَر منطقة وسط أفريقيا — بما فيها الكنغو وشرق أفريقيا البريطانية والألمانية — منطقةً محايدة.

وكانت قرارات مؤتمر برلين بمثابة شهادة استثمار منحت ليوبولد حكم بلاد تبلغ مساحتها ٧٠ مرة قدر مساحة بلجيكا حكمًا فرديًّا مباشرًا، وأساء ليوبولد حكم الكنغو ومنح للشركات من مختلف الجنسيات امتيازات هائلة مقابل أرباح كبيرة لجيبه الخاص، وفرضت الشركات حكم إرهاب لم يكن له نظير في العالم حتى ضجَّ الأوروبيون من فضائح هذا الحُكْم، مما أدى إلى أن يتنازل ليوبولد — مُجبَرًا — عن دولته عام ١٩٠٨، لتصبح معروفة باسم مستعمرة الكنغو البلجيكي. وفي عام ١٩٢٠ اتسعت المستعمرات بانتداب بجليكا على رواندا — أورندي. وحكمت بلجيكا الكنغو على ضوء سياسةٍ وصفتها بأنها سياسة الاب للابن القاصر، بمعنى أن تأخذ بيده تدريجيًّا لكي يصبح الكنغو — بعد مائة عام على الأقل — قادرًا على أن يحكم نفسه، وتطبيقًا لهذه السياسة لم تنتشر المدارس إلا بقدرٍ أقل من المحدود، ولم تكن هناك غير جامعة واحدة عبارة عن فرع من الدراسات شبه العالية تابع لجامعة لوفانيوم في بلجيكا، وكان حصول كنغولي على شهادة الدراسة الابتدائية، يُعَدُّ حدًّا كبيرًا من العلم، وكان وصول كنغولي إلى وظيفة كاتب حكومي يُعَدُّ منتهى ما يجب أن يصل إليه.

ولكن المد القومي في أفريقيا بعد عام ١٩٥٨ انتشر عبر حدود الكنغو البلجيكي، وفُوجِئَ به البلجيكيون الذين كانوا يحتفلون بالعيد الخمسين لاستعمارهم الكنغو، وهم متأكِّدون أن أمامهم خمسين سنة أخرى على الأقل ينعمون فيها باستغلال ثروة الكنغو على أكتاف الكنغوليين، وأمام قوة المد القومي انهارت أحلام بلجيكا واستقلَّ الكنغو في ٣٠ يونيو ١٩٦٠، ولم ترضَ القوى الغربية أن تتهدَّدَ مصالحها الضخمة في الكنغو نتيجة وجود حكومة وطنية كنغولية، وسرعان ما سقط الكنغو — غير المؤهل بكفاءات قيادية أو إدارية — صريعَ التقسيم والفوضى، خاصةً بعد مقتل لومومبا، وأصبحت هناك سلسلة من الانقلابات العسكرية أطاحت بعدة وزارات وبرئيس الجمهورية. وقد استقرت الأمور نسبيًّا منذ تولِّي الجنرال موبوتو الحكم في نوفمبر ١٩٦٥، وفي عام ١٩٧٢ تغيَّرَ اسم الدولة من «الكنغو كنشاسا» إلى «زائيري» نسبةً إلى اسم مصب الكنغو كما نقله البرتغاليون قديمًا.

الاستعمار الإيطالي

هذا هو آخِر أنواع الاستعمار الذي قَدِمَ إلى أفريقيا، ولكنه لم يطل البقاء كثيرًا، ولعل سبب تأخُّر وصول إيطاليا إلى أفريقيا رغم قربها الشديد هو حداثة وحدة دولة إيطاليا نسبيًّا، ومحاولتها احتلال تونس، ولكنها لم تَقْوَ على منافسة فرنسا في تونس؛ لهذا اتجهت أعينها إلى الحبشة فاحتلت مصوع عام ١٨٨٥، وبعد ذلك سارَعَتْ بوضع أقدامها في الصومال، وبعد موت يوحنا الثاني ملك الحبشة سنة ١٨٨٩ في معركته مع المهديين حينما حاوَلَ غزو السودان، ثارَ نزاع كبير في الحبشة على الملك، وحينما تولَّى منليك الثاني مُلك الحبشة بتأييد الإيطاليين، عقد معاهدة أوتشالي ١٨٨٩ التي بمقتضاها اعترف بسيادة إيطاليا على كل إريتريا. وفي ١٨٩٤ زحف الإيطاليون إلى السودان فاحتلوا كسلا، وبذلك بدا أن إيطاليا على وشك تكوين إمبراطورية عظيمة في هضبة الحبشة وحوض النيل، ولكن ادعاءات مصر في السودان وتأييد إنجلترا لهذه الادعاءات قد أدَّتْ إلى انسحاب إيطاليا من كسلا، وفي الوقت نفسه تقلَّصَتْ أحلام إيطاليا في الحبشة بعد أن هزمهم الأحباش في موقعة «عدوه» ١٨٩٦ هزيمةً نكراء، وهكذا قبعت إيطاليا في إريتريا والصومال مؤقتًا.

ولتعويض هذا الانكماش في التوسُّع الاستعماري، حوَّلَتْ إيطاليا أنظارها إلى شمال أفريقيا، وباتفاقها مع فرنسا هاجَمَتْ ليبيا عام ١٩١١، واستمرَّ القتال مع الليبيين القليلي العدد إلى عام ١٩١٢، وبذلك انسلخت آخِر ممتلكات العثمانيين في أفريقيا.

وأدَّى انضمام إيطاليا إلى دول الغرب عام ١٩١٥ ضد ألمانيا وتركيا إلى تحسين أوضاعها الاستعمارية، فوسَّعت حدودها في ليبيا والصومال، وأخذت إيطاليا تؤكِّد دورها القيادي في البحر المتوسط، وزادت حدة الأطماع الإيطالية بتولِّي موسوليني الحكم، وكان يريد إعادة أمجاد روما القديمة في حوض البحر المتوسط. وفي أوائل عام ١٩٣٥ قامت إيطاليا بعقد معاهدة سرية مع فرنسا حول المستعمرات، وفي أواخر ١٩٣٥ بدأت إيطاليا تصطنع «حوادث حدود» بين مستعمراتها في القرن الأفريقي وبين الحبشة، وسرعان ما قدَّمَتِ الحبشة شكوى إلى عصبة الأمم التي قرَّرَتْ بدورها فرض حظر على تصدير الأسلحة والذخيرة إلى إيطاليا، ولكن هذا القرار ظلَّ غير نافذٍ، واستطاعت إيطاليا أن تنتصر على الحبشة بقوة تسليحها، ورغم المقاومة الحبشية الباسلة سقطت أديس أبابا في منتصف ١٩٣٦، ونودي على ملك إيطاليا إمبراطورًا على الحبشة.

ولكن إمبراطورية إيطاليا في شرق أفريقيا لم يَطُلْ بها العمر؛ ففي عام ١٩٤٠ دخلت إيطاليا الحرب إلى جانب ألمانيا، وفي ١٩٤١ فقدت كلَّ مستعمراتها في شرق أفريقيا، وفي عام ١٩٤٢ بعد معركة العلمين، فقدت أيضًا آخِر مستعمراتها: ليبيا. وبعد الحرب أُعِيد تنظيم المستعمرات الإيطالية على النحو التالي:
  • (١)

    في ١٩٥٢: دخلت إريتريا اتحادًا مع الحبشة بقرار الأمم المتحدة.

  • (٢)

    في ١٩٥٠: وضع الصومال الإيطالي تحت الوصاية الدولية لمدة عشر سنوات استقلَّ على إثر انتهائها.

  • (٣)

    بعد سقوط شمال أفريقيا في أيدي الحلفاء أصبحت بريطانيا وصيةً على إقليمَيْ برقة وطرابلس، وفرنسا وصية على إقليم فزان. وفي ١٩٥٢ قررت الأمم المتحدة إعلان استقلال الأقاليم الثلاثة باسم مملكة ليبيا المتحدة.

وعلى هذا النحو كان مصير أفريقيا بين التقسيم والاستقلال تاريخًا حافلًا لهذه القارة الكبيرة، ولم يَعُدِ الحصول على الاستقلال منتهى أمل الأفريقيين، بل هم يطمعون في وحدة أو وحدات سياسية أكبر، ولكن قواعد هذه الوحدة أو الاتحاد ما زالت غامضةً غير منظورة، ولا شك أن التجربة والخطأ هو المنهج الوحيد الذي سوف يؤدِّي بالقارة إلى تلمُّس قواعد راسخة لشكلٍ من أشكال الائتلاف والتواحد.

إن مجلس وزراء أفريقيا ومنظمة الوحدة الأفريقية وأنواع الاتحادات المختلفة في القارة، لَهي خطوات على طول الطريق المؤدِّي إلى تحقيق آمال القارة في قطع شوط طويل للَّحاق بركب التقدُّم الاقتصادي والاجتماعي والسياسي العالمي. إن بقاء الاستعمار البرتغالي وعنصرية الحكم جنوب الزمبيزي لَهي من الحوافز التي تساعد على التضامن الأفريقي المعاصر.

مراجع وكتب لمزيد من الاطلاع

  • Bovil, E. W., 1958. “The Golden Trade of the Moors”. London.
  • Fage, J. D., 1958 “An Atlas of African History” London.
  • Fage, J. D., & R. Oliver, 1962 “A short History of Africa” London.
  • Hailey, 1956 “An African Survey” Oxford.
  • Hassert, K, 1943 “Die Erforschung Afrikas” Leipzig.
  • Kimble, G. H. T., 1960 “Tropical Africa” New York.
١  راجع محمد عوض «نهر النيل»، الطبعة الرابعة، ص٦–٨.
٢  راجع الفصل الممتع عن جامعة زانكورة في كتاب: F. Dubois, “Tombouctou la mysterérieuse” Paris 1897. PP. 331–336.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤