الفصل العاشر

أنماط الحياة والاقتصاد في أفريقيا

على الرغم من ضخامة القارة وإمكانياتها الاقتصادية، إلا أن أفريقيا ما زالت بعيدة كثيرًا عن المشاركة في الاقتصاد العالمي التجاري، بالمقارنة بقارات العالم الأخرى، وما زالت مشاركتها معتمدة أساسًا على هدم الثروة الأفريقية (التعدين) دون الإنتاج والتصنيع إلا في حدود ضيقة، ولا شك أن ذلك راجع إلى حداثة المعرفة العلمية بأفريقيا من ناحية، وإلى تأخُّر الدول في القيام بالمشروعات الإنشائية الإنتاجية، الزراعية منها والصناعية، لقلة رأس مال الدول المستعمرة، واكتفائها بالحصول على الثروة من أقرب مصادرها: المعادن أو الحاصلات الغابية وبعض الحاصلات الحيوانية.

إذن قصور رأس المال الإنجليزي والفرنسي والبلجيكي الذي تقاسم القارة في ٩٥٪ من تاريخها الحديث — بعد مؤتمر برلين سنة ١٨٩٥ وسباق الاستعمار — قد أدى إلى بقاء أنماط الحياة الأفريقية على حالها دون مساس كبير بها، فأصبحت أفريقيا في القرن العشرين عبارة عن متحف إنتروبولوجي حي، وبالتالي فرصة عظيمة للدراسة الإنتروبولوجية والاجتماعية، ولكن نتيجة ذلك كانت سيئة بالنسبة لأفريقيا المستقلة التي ظهرت فيها الدول الحديثة في ظل أوضاع اجتماعية متخلفة عن فكرة الدولة عدة قرون، وربما كان هذا هو أحد الأسباب الجوهرية لتضعضع أُسُس الدول الأفريقية وتعرُّضها للتيارات السياسية الجارفة، فالقائمون بفكرة الدولة وإدارتها في هذه الدول ليس كل الشعب وإنما أقسام صغيرة منه، هي غالبًا فئات المثقفين المعتمدين على تأييد أو ولاء شعبي، هو في حقيقته قبلي أكثر منه ولاء شعبي فوق مستوى القبائل والحواجز اللغوية والحضارية داخل الشعوب.

ويمكن أن نستثني من ذلك مجموعتين من الدول، أولًا: مجموعة الدول العربية التي ترتبط بتاريخ طويل مشارك لتطورات الفكر السياسي الدولي، وبالتالي فإن قوام الدولة في غالبية هذه المجموعة من دول أفريقيا موجود ومبني على أُسُس متينة من الفهم الصحيح لمعنى الأمة. وثانيًا: بعض الدول في أفريقيا جنوب الصحراء حيث وُضِع تخطيط سياسي موجَّه، كما هو الحال في صوماليا أو غينيا أو تنزانيا بغرض عبور الهوة بين القبيلة والأمة.

ويمكننا أن نقسِّم موضوع أنماط الحياة على الأساس الاقتصادي كعامل حاسم في تفريق تلك الأنماط وتمييزها، وفي هذا المجال سوف نقسِّم الكلام على أساس مبدأ تقسيم النُّظُم الاقتصادية إلى الاقتصاد الهدمي والاقتصاد الإنتاجي، ويشمل الأول حياة جمع النبات والصيد البري والنهري والبحري والتعدين، ويشمل الثاني الزراعة والرعي والصناعة.

(١) الاقتصاد الهدمي

(١-١) الصيد والجمع

هذه هي أقدم حرفة عرفها الإنسان من العصر الحجري حتى الثورة الزراعية، وكانت هذه الحرفة سائدة إلى فترة حديثة نسبيًّا، في شرق وجنوب القارة حينما لم يكن يسكن هذه المنطقة سوى البشمن والأقزام، ومع تقهقر أوطان هاتين المجموعتين — الأولى إلى صحراء كلهاري، والثانية إلى الغابة الاستوائية الكثيفة — انكمشت المساحة التي تُمارَس فيها هذه الحرفة إلى حد كبير، وأصبحت تنحصر في مواطن البشمن والأقزام من ناحية، وفي مناطق متفرقة محدودة من شرق القارة تحتلها جماعات صغيرة تعيش في ظل حماية القبائل الرعوية أو الزراعية المجاورة. ومن أمثلة هذه القبائل القديمة: الدروبو وزاني Sanye في كينيا، والكنديجا والزانداوي في تنجانيقا، والديم Dime والماجو في جنوب الحبشة، والويتو Woito في منطقة بحيرة تانا، وطبقة من الصيادين تُعرَف بأسماء عديدة داخل القبائل الصومالية، وأشهر أسمائها الميدجان Midgan.

وينقسم العمل عند البشمن والأقزام وغيرهم إلى قسمين كبيرين على أساس الجنس؛ فعلى النساء، إلى جانب رعاية الأطفال وإعداد الطعام، البحث عن الثمار والجذور النباتية التي تدخل في الطعام، إلى جانب اللحم الذي يأتي به الرجال من حيوان الصيد، ولكن الرجل ليس محظوظًا في الصيد كل يوم، ومن ثَمَّ فإن الغذاء النباتي الذي تجمعه النساء هو في الواقع الغذاء اليومي، أما الرجال فإنهم يجهدون أنفسهم إلى حد التعرُّض للموت، خاصةً إذا كان حيوان الصيد كبيرًا؛ فالبشمن قد تخصَّصوا في صيد الزراف والوعول والنعام، وهم يصيدونها بطرق أبسط ما يقال وصفًّا لها: إنها قديمة قِدَم تاريخ الإنسان! فالطريقة المتبعة هي أن يلبس أحد مَهَرَة الصيادين قناعًا من جلد الوعل أو ريشًا من النعام، ويتسلَّل بهدوء داخل قطيع الحيوانات، ثم يطعن أحدها برمح، ويهرب الحيوان، وعلى الأثر تبدأ مطاردة عنيفة يتفوق فيها الحيوان، ولكن عصبة الصيد تتبع أثره يومًا أو أكثر على أمل اللحاق به بعد أن أنهكه نزيف الدماء الذي أحدثه الرمح، ولكن قد يحدث أن يسبق حيوان مفترس الصيادين إلى فريستهم!

أما الأقزام فرغم أنهم يصطادون بالشباك الوعولَ، وبالحراب الفيلةَ، إلا أن هناك آراءً جديدة تؤكِّد أن الصيد بهذه الوسائل ليس اختراع الأقزام، إنما نَقْلٌ حضاري من الزنوج المجاورين. ورغم براعتهم في الصيد إلا أنهم قد أصبحوا يعتمدون كثيرًا على الزنوج من جيرانهم، عن طريق ما يُعرَف باسم التجارة الصامتة.

ولقد كانت حياة الصيادين تقوم على أساس اصطياد الحيوان الذي يُؤكَل بالقدر الذي يكفي، وبعبارة أخرى عدم الإسراف في الصيد، ولكن استخدام الوسائل الحديثة في الصيد في الوقت الحاضر، ودخول جماعات الصيادين المحترفين الأفريقيين والأوروبيين لصيد أنواع مرغوبة من الحيوان، قد أدَّى إلى اختلال التوازن في الظروف الطبيعية، وأحدث تغيُّرًا كبيرًا في إيكولوجية الحياة الحيوانية والنباتية، ومن الأمثلة الواضحة على ذلك: أن كثرة اصطياد التماسيح من أعالي النيل من أجل الجلد قد أدى إلى ازدياد أنواع السمك السفَّاح، وهو غذاء التمساح المستطاب، وترتَّبَ على ذلك ازدياد استهلاك السمك السفاح للأسماك الأخرى، وبالتالي اختلَّ ميزان التعادل وقلَّ السمك الذي كان الناس يعيشون على صيده. ومثل آخَر: صيد الفهد بكثرة قد أدَّى إلى ازدياد أنواع الحيوان الذي كان يعيش عليه الفهد كالبابون والخنزير البري، وقد أصبح تزايُدُ أعداد الخنازير البرية والبابون من منغصات الحياة للزرَّاع الذين يجدون حقولهم وقد تعرَّضت للتخريب بواسطة هذه الحيوانات.

وكما تأثَّرَتْ إيكولوجية الحياة الحيوانية بعد تدخُّل عناصر غريبة في الصيد، نجد أيضًا أن الحياة النباتية قد تأثَّرت بواسطة الإنسان المزارع؛ ففي الوقت الذي يحافظ فيه جامع الغذاء على ظروف الحياة النباتية كما هي دون تغيير، نجد أن المزارعين من البانتو الذين غَزَوا إقليم الغابات الاستوائية في وسط أفريقيا قد قطعوا مساحات لا بأس بها من الغابة ليخلقوا متسعًا للحقول، وعلى هذا فإن معظم مساحة الغابات الاستوائية الأفريقية التي تُقدَّر بحوالي خمسة ملايين كيلومتر مربع لا تستغل الآن فيما تُستغَل فيه الثروة الغابية (أخشاب وثمار) إلا في أضيق الحدود، بينما تهدم الثروة كل يوم لتحل الزراعة محلها.

ولقد تنبَّه الباحثون المسئولون حديثًا إلى أن اجتثاث الغابات يحتوي على أخطار بالغة؛ فالقضاء على الغابة يعني القضاء على: (١) ثروة خشبية هائلة. (٢) صمغ ومواد أخرى من عصارة الشجر. (٣) الثمار. (٤) أنسجة. (٥) زيوت بذرة. (٦) أصباغ ومواد دباغة. (٧) زيت النخيل. (٨) النحل وشمع النحل والعسل. (٩) خامات عقاقير طبية. (١٠) تعرية التربة. (١١) تغير ظروف المناخ بقلة الرطوبة المحتجزة في الشجر. وعلى ضوء هذه الخسائر بدأت السلطات سياساتٍ من أجل المحافظة على الغابات وزيادة المساحات المزروعة أشجارًا، ولكن نقص الخبرة الفنية ما زال عائقًا أمام حُسْن تنفيذ هذه السياسات.

ونظرًا لقلة وسائل المواصلات الحديثة، فإن استغلال الغابات في الوقت الحاضر كمصدر للأخشاب ما زال متأخرًا، إلا في بعض مناطق الغابات في غرب أفريقيا لمجاورتها للساحل، كما أن الطلب المحلي على الأخشاب محدود إلا فيما يختص بخشب المناجم وفلنكات السكك الحديدية.

وأكثر أنواع الأشجار استغلالًا: الماهوجني، والخشب الأحمر Makoré، والخشب الأبيض Avodiré، وكلها موجودة في غابات غرب أفريقيا من ساحل العاج (٤٪ من صادرات الأخشاب والقشرة) إلى نيجيريا (٤٪ من الإنتاج العالمي للأخشاب الصلبة)، وجابون (٦٪ من مجموع الصادرات العالمية للأخشاب والألواح والقشرة)، وإثيوبيا (٤٪ من إنتاج الأخشاب الصلبة)، كما توجد أيضًا مساحات كبيرة من الماهوجني في حوض الكنغو.

وخلاصة القول أن هناك ما يقرب من ١٥ نوعًا من الأشجار الأفريقية التي تقطع وتدخل التجارة المنتظمة، ومعظم صادرات هذه الأخشاب تتجه إلى أوروبا وجنوب أفريقيا وأمريكا، إلى جانب أنواع خشب المناجم، والسكك الحديدية التي زاد عليها الطلب في مناطق التعدين داخل السفانا، كما هو الحال في نطاق النحاس في زامبيا وكاتنجا ومناجم هضبة جوس في نيجيريا.

وإلى جانب الأخشاب، فإن الزيوت النباتية تشكِّل أكبر مظهر من مظاهر استخدام الغابات الاستوائية الأفريقية؛ فمن مجموع الإنتاج العالمي لزيت النخيل (١٩٧٠) كان إنتاج أفريقيا يساوي ٥٩٪ منه، ونصيب نيجيريا ٢٧٫٢٪، وزائيري ١١٪ من إنتاج العالم، يلي ذلك إنتاج محدود في دول غرب القارة، على رأسها الكمرون وساحل العاج وداهومي.

(١-٢) صيد الأسماك

بالرغم من أطوال الساحل الأفريقي الكبيرة وكثرة المياه الداخلية النهرية والبحيرية، إلا أن أفريقيا لا تساهم كثيرًا في إنتاج السمك العالمي، ومن أهم أسباب قلة المصايد البحرية ضيقُ الرصيف القاري الأفريقي، باستثناء أقصى شمال غرب القارة وأقصى جنوبها. وفيما يختص بقلة إنتاج المياه العذبة الداخلية، فالسبب راجع إلى تنوُّع كبير في نوع الأسماك، مما يتعذَّر معه الصيد التجاري الذي يستلزم أعدادًا كبيرة وأنواعًا محدودة. وأخيرًا فإن عدم وجود أساطيل صيد أفريقية تتوغل داخل المحيط هو سبب حاسم في قلة إنتاج الأسماك في أفريقيا.

والملاحظ أن الكثير من الأفريقيين يقومون بالصيد البحري والنهري، ولكن ذلك يتم دون أن يكون الصيد هو الحرفة الأساسية، بل حرفة ثانوية تهيِّئ مصدرًا ثانويًّا للغذاء، ويمكن أن نستثني من ذلك بعض المناطق التي يعتمد فيها السكان على الأسماك كغذاء أولي، ومن هذه المناطق سكان بعض ضفاف النيجر والكنغو، ولاجونات داهومي وتوجو ونيجيريا، وسكان سواحل موريتانيا وأنجولا.

ولكن الأفريقيين يقومون بالصيد بوسائل قديمة، بينما يقوم الأوروبيون بالصيد تبعًا للوسائل الحديثة في البحار المجاورة لأفريقيا.

وأهم ما نلحظه بالنسبة لتنمية موارد الصيد، مشروعٌ بدأه البلجيكيون في الكنغو، هو مشروع مزارع السمك، الذي أصبح الآن يتكون من ١٢٢ ألف حوض تُربَّى فيها الأسماك، مساحاتها جميعًا أكثر قليلًا من عشرة آلاف فدان، ومعظم هذه المزارع تُربَّى فيها أسماك البلطي، ويعطي الفدان الواحد من هذه المزارع قرابة طن من السمك سنويًّا. وأهمية نمو الثروة السمكية أنها تعطي مصدرًا جديدًا للغذاء يعوِّض نقص اللحوم الملحوظ في الغذاء الأفريقي.

مساهمة أفريقيا في الصيد البحري العالمي لا تزال محدودة؛ إذ بلغت ٦٪ عام ١٩٧٠، وتنتج مصايد سواحل الأطلنطي ٦٢٪ من إنتاج القارة؛ حيث تحتكر جنوب أفريقيا وناميبيا وأنجولا ٤٧٪ منه، تليها منطقة سواحل المغرب والسنغال وغانا، وأهم الأنواع المصادة: السردين والماكرل والتونة، إلى جانب القشريات في السواحل الشرقية، والحيتان في سواحل ناميبيا وجنوب أفريقيا.

(١-٣) التعدين

رغم أن المصريين القدماء قد عرفوا المعادن منذ عصر ما قبل الأسرات (حوالي ٥٠٠٠ق.م)، وعدنوا النحاس والذهب من صحراء سيناء والصحراء الشرقية، ورغم أن معرفة الحديد قد دخلت أفريقيا أيضًا مبكرًا عن طريق مصر من آسيا، ثم انتشرت في العصر السابق للمسيحية في نطاق السفانا (حوالي ٧٠٠ق.م) في شمال السودان، فإن استغلال الثروة المعدنية الأفريقية في صورته الراهنة الواسعة قد بدأ بعد الاستعمار الأوروبي لأفريقيا، ويُستغَل الجزء الأكبر من مصادر هذه الثروة بواسطة الوسائل الآلية الحديثة، وتحت إشراف أو ملكية الاحتكارات الأوروبية والأمريكية.

وباستثناء مصر التي يتم فيها استغلال معظم الثروة المعدنية باستمرار منذ أقدم العهود، فإن أول استثمار تعديني حديث بدأ بعد الغزو الفرنسي للجزائر وشمال أفريقيا، وكان أول معدن يُنتَج من شمال أفريقيا هو الحديد والفوسفات عامَيْ ١٨٦٥ و١٨٦٦ على التوالي.

وقد تم الكشف الجيولوجي عن ثروة أفريقيا المعدنية ببطء شديد في أوائل القرن العشرين؛ نتيجة لقلة وسائل المواصلات ولبطء الدراسة الجيولوجية. والحقيقة أن معظم مناطق التعدين الأولى في أوائل هذا القرن قد تمت في المناطق التي عُرِف عنها أن الأفريقيين يستغلونها منذ القِدَم، كما أن رءوس الأموال اللازمة للاستغلال كانت قليلة، ولكن الدفعة الحقيقية الكبرى في استخراج المعادن الأفريقية قد تمت بعد الحرب العالمية الثانية، وذلك نتيجة لعدد من العوامل نذكر منها حاجة رءوس أموال جديدة وخاصة الأمريكية، إلى التوظيف والاستثمار، وساعَد على ذلك تحسُّن وسائل المواصلات، وإتمام دراسات كثيرة عن جيولوجية أفريقيا، وتقدُّم وسائل الإنتاج.

وأخيرًا فإن رغبة الدول الأفريقية المستقلة في زيادة دخولها من مصادر ثروتها قد جعلها تهتم في الآونة الأخيرة بالتعدين، بل وبمحاولة تصنيع بعض الخامات المعدنية.

وعلى الرغم من ذلك فإن غالبية رءوس الأموال المستغلة والخبراء والمديرين وكبار الموظفين في شركات التعدين الأفريقية، معظمهم من غير الأفريقيين، ويكون التعدين مصدرًا للرزق لأكثر من مليون أفريقي، نصفهم يعملون في اتحاد جنوب أفريقيا.

وأفريقيا غنية بالثروة المعدنية على وجه العموم، وبعدد من المعادن الثمينة والاستراتيجية على وجه الخصوص، ولكنها تتميز بنقص واضح في مصادر الحرارة: الفحم، وإلى حد كبير البترول، ولكنها عوضًا عن ذلك تتميز بوجود نسبة كبيرة جدًّا من الطاقة المائية (٢٣٫١٪ من إمكانيات العالم أجمع)، ولا يفوقها في ذلك سوى آسيا (٢٣٫٤٪).

وفيما يلي عرض سريع لأهم معادن أفريقيا وتوزيعها:١

الحديد

أكبر مصادر الحديد في جنوب أفريقيا توجد في مناجم منطقة سيشن Sichen وبوستماسبورج وتابازيمبي، التي تظهر في تكوينات الترنسفال الأعلى في غرب إقليم جريكالاند، ونسبة الحديد فيه ٦٥٪. وفي غرب أفريقيا يظهر الحديد في تلال بومي في ليبيريا (٦٩٪)، ومارمبا في سيراليون (٥٠٪)، وكميات صغيرة في كوناكري. وفي شمال أفريقيا نجد كميات كبيرة من الحديد في فورجورو في موريتانيا (٦٢٪)، وفي خنيفرا وأوكسان (٦١٪)، في المغرب وجبل ونزا وبوخضرا في شرق الجزائر (٥٠٪) وجريسا في تونس، وفي أسوان (٥٠٪) في الجمهورية العربية المتحدة.
وإلى جانب هذه المناطق فإن هناك مصادر أخرى للحديد لم تُستغَل في شرقي بحيرة نياسا، ومناجم قليلة الأهمية في روديسيا (كيو كيو)، وفي أنجولا (كيليسو Chilesso).

وعلى الرغم من كثرة إنتاج الحديد الأفريقي، فإن الكمية المنتجة منذ عام ١٩٣٧ إلى عام ١٩٦٠ تساوي ٤٪ سنويًّا من إنتاج العالم للحديد، وفي عام ١٩٧٠ ارتفع الإنتاج الأفريقي إلى ٣٥ مليون طن (٨٫٤٪ من العالم، نصيب ليبيريا منه ٤٣٫٧٪، وجنوب أفريقيا ١٦٫٧٪، وموريتانيا ٨٫٣٪، والجزائر ٤٫٤٪).

البوكسايت

البوكسايت هو الخام الذي يُعمَل منه الألمينيوم، وهو يلي الحديد في كثرة انتشاره في أفريقيا، وأكبر مصدر له في أفريقيا والعالم هو مناجم جمهورية غينيا في فريا وكينديا وبوكي وكوناكري، ويعتبر بوكسايت سيراليون امتدادًا لمناجمه في غينيا، كما يظهر أيضًا في غانا وتوجو والكمرون وشمال زائيري ومالاوي وموزمبيق، ويتضح من هذا التوزيع أن البوكسايت مرتبط في وجوده بالمناطق المدارية، وبرغم كثرة ما تملكه القارة من مصادر لهذا المعدن، إلا أن المنتج منه قليل بالقياس إلى الإنتاج العالمي، وهو ما يؤكِّد الأهمية المستقبلية للبوكسايت في اقتصاديات الدول التي تملكه.

وقد ارتفع إنتاج أفريقيا من ١٫٦٪ مليون طن عام ١٩٦٠، إلى ٣٫٤٪ مليون طن عام ١٩٧٠، وبرغم ذلك فإن مساهمة أفريقيا من المنتج العالمي هبطت من ٧٪ إلى ٥٫٨٪ على التوالي نتيجة ارتفاع الإنتاج في مناطق أخرى، وتحتكر غينيا ٧٧٪ من الإنتاج الأفريقي، مقابل ١٣٪ لسيراليون، و٩٪ لغانا (١٩٧٠). ويرتبط استخراج البوكسايت وتصنيعه بتطوير مصادر الطاقة الكهرومائية؛ نظرًا لأنه يستهلك قدرًا كبيرًا من الطاقة، ومن ثَمَّ كان مشروع سد الفولتا في غانا موجَّهًا أساسًا لخدمة البوكسايت، وكذلك مشروعات الطاقة في غينيا والكمرون، وإلى أواسط الستينيات كانت غينيا تمتلك في «فريا» المصنع الوحيد في أفريقيا لتحويل البوكسايت إلى ألومينا، ثم يُصدَّر الناتج إلى الكمرون حيث يوجد مصنع تحويل الألومينا إلى ألومينيوم في «إيديا».

الكروم

توجد أكبر مصادر الكروم في العالم في مناجم جريت دايك Great Dyke شمال غربي سالسبوري في روديسيا، وتحتوي على نسبة من المعدن قدرها ٤٨٪، وتظهر مناجم أخرى للكروم في الترنسفال (جنوب أفريقيا)، وتنزانيا وتوجو وسيراليون ومصر والسودان ومدغشقر. وفي ١٩٧٠ بلغ المنتج الأفريقي من الكروم ٩٦٩ ألف طن = (٣٤٪ من الإنتاج العالمي)، كان نصيب جنوب أفريقيا منه ٦٦٪، وروديسيا ٢٩٪.

النحاس

تطوَّرَ إنتاج أفريقيا من النحاس من كمية قليلة قبل الحرب العالمية إلى ٢٧٪ من الإنتاج العالمي عام ١٩٥٤، لكنه هبط في ١٩٦٤ إلى ٢٤٪، ثم إلى ٢٠٫٦٪ عام ١٩٧٠، ويرجع ذلك إلى زيادة إنتاج النحاس في الأمريكتين وغيرهما، بالإضافة إلى الاضطرابات السياسية التي أثَّرت كثيرًا في إنتاج زائيري.

في عام ١٩٧٠ كان الإنتاج الأفريقي حوالي ١٫٣ مليون طن، تكاد أن تتركز كلها في نصف القارة الجنوبي؛ إذ تنتج زامبيا ٥٢٪ من الإنتاج الأفريقي وحدها، تليها زائيري بحوالي ٣٠٪، ثم جنوب أفريقيا ١١٫٤٪، ويوجد إلى جانب ذلك إنتاج محدود في ناميبيا وروديسيا وأوغندا بترتيب أهميتها، ويظهر النحاس في الإنتاج المعدني في بعض دول شمال أفريقيا (المغرب والجزائر ومصر)، ولكن كلها كميات ضئيلة.

الرصاص والزنك

يتركَّز إنتاج الرصاص في منطقتين رئيسيتين هما شمال غرب أفريقيا وناميبيا، بينما يتركز إنتاج الزنك في النصف الجنوبي من القارة، مع إنتاج قليل في شمال غرب أفريقيا. وقد بلغ إنتاج الرصاص في أفريقيا عام ١٩٧٠ قرابة ٢١٣ ألف طن، أي ما يساوي ٦٫٣٪ من الإنتاج العالمي، وبذلك سجَّل ارتفاعًا ملحوظًا على إنتاج أواسط الستينيات، الذي كان يبلغ ٥٪ من إنتاج العالم، وقد احتلت المغرب المرتبة الأولى في الإنتاج (نحو ٤٠٪ من مجمل أفريقيا)، تليها ناميبيا (٢٤٪)، ثم زامبيا وتونس والجزائر، بينما توقَّفَ إنتاج نيجيريا عن الظهور في تلك السنة، ويعدن الرصاص من مناجم أبو ضهر وشيكر في المغرب، وتسوميب في ناميبيا، وبروكن هيل في زامبيا.

وفي عام ١٩٧٠ أيضًا ارتفع إنتاج أفريقيا من الزنك إلى ٢٨٩ ألف طن، وهو ما يساوي ٥٫٢٪ من الإنتاج العالمي، وبرغم زيادة الإنتاج عن أواسط الستينيات، إلا أن الإنتاج العالمي تزايد بنسبة أكبر من الإنتاج الأفريقي، مما أدى إلى هبوط نصيب أفريقيا من ٨٪ من إنتاج العالم إلى نحو ٥٪ فقط، ويرجع ذلك في الدرجة الأولى إلى تأثُّر إنتاج زائيري بأحداثها السياسية، وهي المُنتِج الأفريقي الأول من الزنك، وقد بلغ إنتاج زائيري عام ١٩٧٠ نحو ١٠٥ آلاف طن ويساوي ٣٦٫٣٪ من إنتاج أفريقيا، تليها ناميبيا (٢٤٪)، وزامبيا (٢٢٪)، ثم الجزائر فالمغرب فتونس بكميات ضئيلة.

القصدير

تزايد إنتاج أفريقيا ببطء من ١١٪ من الإنتاج العالمي قبل الحرب الثانية إلى ١٥٪ عام ١٩٥٨، ثم هبط إلى ١٢٫٥٪ خلال معظم الستينيات، وإلى ١٠٫٤٪ عام ١٩٧٠، حيث بلغ الإنتاج ١٩٫٤٪ ألف طن.

وينتج القصدير من مناطق متفرقة في أفريقيا، لكن أكثر إنتاجه يظهر في عدد من الدول تمتد بين نيجيريا وجنوب أفريقيا وأوغندا، وقد كانت زائيري أكبر مُنتِج للقصدير الأفريقي حتى عام ١٩٦٠، لكن نيجيريا تفوَّقَتْ عليها وأصبحت المُنتِجَ الأول بكمية قدرها ٧٩٥٩ طنًّا عام ١٩٧٠، وهو ما يعادل ٤١٪ من إنتاج القارة، وفي السنة ذاتها بلغ إنتاج زائيري ما يعادل ٣٣٪ من إنتاج أفريقيا، تليها جنوب أفريقيا بنسبة ١٠٪، وبذلك تحتكر الدول الثلاث ٨٤٪ من إنتاج القارة، وإذا أضفنا إلى ذلك إنتاج رواندا (٧٪)، فإننا نجد بقية المنتجين الأفريقيين يساهمون بنسب ضئيلة مثل ناميبيا (٣٫٧٪)، وأوغندا (٠٫٦٪)، ويُصدَّر غالبية القصدير خامًا إلى دول السوق الأوروبية، وأهم مناطق التعدين هي: جوس في نيجيريا، ومانيما ومانونو في زائيري، وروبرج في جنوب أفريقيا.

الذهب

ارتفعت مساهمة أفريقيا في إنتاج الذهب من ٤٧٪ عام ١٩٥٧، إلى ٧٥٪ عام ١٩٦٣، إلى ٨١٫٦٪ عام ١٩٧٠ — وذلك كله باستثناء إنتاج الاتحاد السوفييتي — وسبب هذه الزيادة راجع أساسًا إلى تناقص الإنتاج العالمي، وذلك برغم تذبذب الإنتاج الأفريقي قليلًا، وخروج عدد من الدول الأفريقية المنتجة فيما عدا جنوب أفريقيا، وقد أدَّى هذا إلى تركيز الإنتاج في عدد محدود من دول القارة.

وقد ارتفع الإنتاج من ٩١٣ ألف كيلوجرام عام ١٩٦٣، إلى ١٠٤٦٥٠٨ كيلوجرامات عام ١٩٧٠، كان نصيب جنوب أفريقيا ٩٥٫٦٪ من الإنتاج الأفريقي — وهو يساوي أيضًا ٧٨٫١٪ من مجموع إنتاج العالم عدا الاتحاد السوفييتي — تليها غانا (٢٪)، وروديسيا (١٫٣٪)، ثم زائيري وإثيوبيا ودول أخرى بكميات ضئيلة.

الماس

انخفضت مساهمة أفريقيا في الإنتاج العالمي للماس من ٩٧٪ عام ١٩٣٧ إلى ٨٤٪ عام ١٩٦٧، وإلى ٨٢٪ عام ١٩٧٠. والحقيقة أن الإنتاج أكبر من الأرقام المنشورة؛ لكثرة تهريب الماس بطرق غير مشروعة في عدد من الدول المُنتِجة مثل سيراليون.

وقد بلغ الإنتاج الأفريقي ٣٨٫٩ مليون قيراط متري عام ١٩٧٠، كان منه ٢١٫٥ مليون قيراط من الماس الصناعي — المستخدم في الأغراض الصناعية — و١٧٫٤ مليونًا من أحجار الزينة الكريمة. وتتصدر زائيري الدول المنتجة لنوعي الماس بنسبة قدرها ٣٦٪ من الإنتاج الأفريقي (١٫٧ مليون قيراط من الأحجار، و١٢٫٣ مليون قيراط من الماس الصناعي)، تليها جنوب أفريقيا بنسبة ٢٠٫٨٪ (٣٫٧ ملايين قيراط من الأحجار، ٤٫٤ ملايين قيراط من الماس الصناعي)، ثم الكنغو بنسبة ١٣٫٦٪ من الإنتاج الأفريقي (مليون قيراط أحجار، و٤٫٣ ملايين قيراط من الماس الصناعي)، ثم غانا بنسبة ٦٫٥٪ (٢٫٥ مليون قيراط من الأحجار)، وأنجولا (٦٪)، وناميبيا ٥٫٦٪ (٢٫١ مليون قيراط من الأحجار، ٠٫١ مليون قيراط ماس صناعي)، يلي ذلك سيراليون وليبيريا وتنزانيا بنسبة أصغر على التوالي.

وإلى جانب ذلك فهناك معادن كثيرة تساهم فيها أفريقيا بنسب كبيرة من الإنتاج العالمي، فهناك الكوبالت (٧٥٪): وأكبر منتجيه في زائيري وزامبيا، والأنتيموني (٢٩٪): معظمه من جنوب أفريقيا، والفاناديوم (٢٨٪): ومعظم إنتاجه أيضًا من جنوب أفريقيا، والمنجنيز (٢٠٪): ٨١٪ من إنتاجه من جنوب أفريقيا، والفوسفات (٢٣٫٦٪): وغالبية إنتاجه من المغرب وتونس والجزائر، والاسبستوس (١٠٫٦٪)، والفضة (٣٪): ومعظم إنتاجهما من جنوب أفريقيا، وأخيرًا هناك المواد المشعة التي توجد بكميات صغيرة في تنزانيا وموزمبيق وملاجاشي، وبكميات متوسطة إلى كبيرة في زائيري وجنوب أفريقيا وناميبيا.

(٢) الاقتصاد الإنتاجي

المقصود به المشاركة الإنسانية في الإنتاج بدلًا من استغلال الموارد على صورتها الطبيعية، والحقيقة أن التفريق بين الاقتصاد الهدمي والإنتاجي أصبح في الوقت الحاضر أقل وضوحًا مما كان عليه في الماضي؛ وذلك لتدخُّل الإنسان في كثير من عمليات الإنتاج الطبيعي بقصد تجديد الثروة الطبيعية، ويتضح ذلك في عالم النبات بإعادة تشجير الغابات، وعالم الحيوان بتحديد معازل الحيوان ومنع الصيد، وفي الأسماك بتحديد كمية المصاد أو بالمشاركة في الإنتاج بواسطة أسلوب مزارع الأسماك.

وفي المعادن ما زال الأمر بعيدًا عن اشتراك الإنسان في إنتاج المعادن، وكل ما يفعله إعادة صهر بعض المعادن كالحديد أو النحاس. أما الاقتصاد الإنتاجي فيشمل أساسًا الرعي والزراعة والصناعة.

(٢-١) الرعي

رغم أن الرعي قد ظهر بصورته الواسعة في أفريقيا منذ قرابة ألف سنة، إلا أنه يبدو أن مصيره إلى الانكماش والزوال، كما هو الحال بالنسبة للجمع والصيد، ويرتبط ذلك بلا شك باتجاه الدول والتشريعات الاقتصادية الحديثة من أجل استقرار الرعاة المتنقلين، وتحسين سلالات حيوان الرعي وغير ذلك مما يؤدِّي إلى تدخُّلٍ متزايدٍ من جانب الهيئات الحكومية في حرية الرعي التقليدي، ويفرض عليه القيود التي سوف تؤدِّي في النهاية إلى زواله، وحلول أنواع أخرى من النشاط الاقتصادي مرتبطة بالزراعة وتربية الحيوان على النظم والأساليب الحديثة.

ومن الأدلة على هذا الاتجاه أن كثيرًا من الرعاة التقليديين الذين استقروا قد بدءوا يقيمون دعائم حياتهم الاقتصادية على الزراعة، أو غيرها من أنواع العمالة، ويقلِّلون اعتمادهم على الحيوان، أو نجدهم يقومون بما يُسمَّى الزراعة المختلطة التي تخدم فيها الزراعة تربية الحيوان أو العكس، أو هما معًا.

والرعي المتنقل في الوقت الحاضر يسود مساحات ضخمة من القارة، وأكبر مركز له السفانا السودانية من الهضبة الحبشية إلى السنغال، ومن نطاق الصحراء الكبرى إلى حدود السفانا الشجرية، والمركز الثاني يشمل سفانا هضبة البحيرات والسفانا الجنوبية ومدغشقر. وهناك دول عماد حياتها الاقتصادية في الوقت الحاضر الحيوانات، وغالبية سكانها رعاة، ومن أهم نماذج هذه الدول: النيجر وتشاد والفولتا العليا وموريتانيا، وكلها في نطاق السفانا السودانية.

وأهم حيوانات أفريقيا هي الأبقار تليها الإبل، ولكلٍّ منهما مجالُ انتشارٍ خاص؛ فالإبل في المناطق الصحراوية، والأبقار في نطاقات الحشائش في السهول والجبال، وإلى جانبهما نجد أعدادًا وفيرة من الماعز والأغنام، وفي بعض المناطق الخنازير أيضًا.

وأبقار أفريقيا من أنواع عديدة بعضها أفريقي وبعضها هندي الأصل، ولكنها في غالبيتها ذات قيمة اقتصادية قليلة؛ لأن أوزانها صغيرة وألبانها قليلة. وهناك بعض الجماعات لا تحلب البقر كما هو الحال في بعض قبائل غرب أفريقيا وشمال أنجولا، ومنتجات الألبان تكاد تكون غير موجودة إلا في مناطق محدودة من القارة، وبعض القبائل تعيش على لبن ودم الأبقار كالمازاي والفولاني، وسبب قلة الأهمية الاقتصادية أن للماشية دورًا اجتماعيًّا خطيرًا يطغى على كثير من صور استغلال الحيوان، ومن أهم أدوارها الاجتماعية أنها رأسمال، وبالتالي فالعدد وليس النوع هو مصدر الأهمية في تربية الماشية الأفريقية.٢

وكان لتكاثُر أعداد الماشية آثار سيئة، فالغذاء محدود وموارد الماء محدودة، مما يؤدي إلى هزال الماشية من ناحية، وتجمُّعها في مواسم الجفاف في نقط السقاية بأعداد كبيرة، ويسهِّل هذا الوضع انتقال أمراض وأوبئة البقر، ويقضي على جانب كبير منها؛ ولهذا كان أول ما يُعمَل لتحسين الثروة الحيوانية انتشار مراكز بيطرية عديدة لعلاج الحيوان ومكافحة مصادر الأمراض، ومن أهمها: القضاء على ذباب تسي تسي، وحفر الكثير من الآبار لمنع تركُّز الماشية في نقط محدودة.

(٢-٢) الزراعة

تنقسم الزراعة الأفريقية المعاصرة إلى ثلاث أقسام رئيسية: الزارعة المتنقلة أو البدائية، والزراعة الكثيفة، والزراعة الواسعة الأوروبية، ولكلٍّ من هذه الأقسام مناطق انتشار محددة؛ فالزراعة البدائية تنتشر في نطاق الغابات والسفانا، والزراعة الكثيفة في الجمهورية العربية المتحدة وحوض البحر المتوسط، ومشروعات الزراعة الحديثة في السودان ومالي والسنغال وأوغندا، وأخيرًا فالزراعة الواسعة الأوروبية تنتشر في مناطق استيطان الأوروبيين الحالية والسابقة في جنوب وشرق القارة.

ولكلٍّ من هذه الزراعات ارتباطات تاريخية وضوابط طبيعية وحضارية؛ فالزراعة البدائية قد انتشرت كنمط متوازن مع الظروف الطبيعية للتربة الأفريقية المدارية، فمعظم هذه التربة من النوع المعروف باسم لاتريت أو التربة الحمراء، وهي قليلة السمك ويسهل جرفها وتعريتها بواسطة الأمطار والرياح، إذا ما تعرَّتْ من الغطاء الشجري الذي يحميها من الأمطار ويغذيها بما يسقط من الأشجار من أوراق ومخلفات تتحلل، وتكسب هذه التربة الضعيفة المواد العضوية التي تمكن من تغذية الأشجار الاستوائية الفخمة.

ولهذا فإن الملكية الزراعية الفردية تكاد ألا تظهر ويحل محلها الملكية الجماعية للعشائر والقبائل التي تسيطر على مساحات كبيرة؛ لكي يكون هناك احتياطي كبير تنقل إليه الزراعات بعد فقدان خصوبة المزارع السابقة.

أما الزراعة الكثيفة فتظهر في منطقة البحر المتوسط ووادي النيل الأدنى؛ لخصب التربة وتجدُّدها، ولاستخدام المحراث والمخصبات العضوية واستقرار المزارعين في ملكيات فردية متوارثة.

وأخيرًا فإن المزارع الأوروبية الواسعة ما هي إلا نتيجة للاستعمار والاستيطان ونزع ملكيات الأفريقيين من أجل تأمين حياة ثابتة للمستوطنين البيض، وتؤكِّد الأرقام التالية هذه الحقيقة التي أدَّتْ إلى كوارث اقتصادية واجتماعية للأفريقيين أصحاب الأرض التي تركت لهم مساحات صغيرة من بلادهم، أو مساحات كبيرة غير منتجة حتى ضاقت بهم مواردها، وكان عليهم إذن العمل في صور قريبة من صورة رقيق الأرض في مزارع الأوروبيين.

جدول ١٠-١: نسبة الأرض المنزوعة لصالح الأوروبيين (١٩٥٠).
جنوب أفريقيا ٨٩٪
روديسيا ٤٩٪
سوازي ٤٩٪
كينيا ٧٪
مالاوي ٥٪
الكنغو ٩٪
الجزائر ١٣٪
تونس ٦٪
زامبيا ٣٪
المغرب ٢٪
ج. غ. أفريقيا ٥٪
بتشوانا ٦٪

ويتميز كل نوع من أنواع الزراعات الأفريقية المعاصرة بإنتاج معين؛ «فالزراعة البدائية» تقدِّم الغذاء للسكان، أو على الأقل تحاول أن تكفي القبائل حاجتهم، وقد يتعذَّر ذلك في أحيان لضعف التربة وقلة المال السائل لدى الفلاحين، الذي يمكن أن يؤدي إلى شراء الأسمدة والمخصبات واستخدام وسائل أنجع في الزراعة من عصا الحفر أو الفأس، ونقص الخبرة الفنية والتجارب التي يمكن أن تؤدي إلى إنتاج أنوع من الزراعة أكثر غلة من المحاصيل الحالية.

وأهم محاصيل الزراعة البدائية هي الذرة الرفيعة بأنواعها العديدة، التي يمكن تسميتها جميعًا بالدخن، يلي ذلك في الأهمية والانتشار الأرز والمحاصيل الدرنية كالبطاطا والقلقاس وأمثالهما (يام – كاسافا – مانيوق)، يلي ذلك محاصيل أخرى من أهمها: الذرة والموز والفول والبسلة والفاصوليا والقرع والخيار والشمام.٣ ويُلاحَظ أن معظم هذه المحصولات فقيرة جدًّا في البروتين، ويتضاعف نقص البروتين ويشتد خطره لنقص اللحم في الغذاء؛ إما لعدم توافر الماشية (مناطق الغابات وتسي تسي)، وإما للدور الاجتماعي للماشية الذي يؤدي إلى تحديد أعداد الماشية المذبوحة بشدة، إلا في الحفلات والطقوس الدينية والاجتماعية.
ويمكننا أن نقسِّم مناطق الزراعة البدائية إلى أقسام جغرافية يسود في كلٍّ منها محصول أو أكثر على النحو التالي:
  • (١)

    نطاق الغابات الاستوائية في غرب ووسط أفريقيا، ويتميز بسيادة المحصولات الدرنية (الكاسافا – المانيوق – اليام – القلقاس – البطاطا الحلوة).

  • (٢)

    نطاق الغابات الاستوائية في غرب ساحل العاج حتى الجامبيا، ويتميز هذا النطاق الموسمي المطر بأن الأرز يسيطر على المحاصيل الزراعية الأخرى؛ وذلك لكثرة الأنهار والأمطار والمستنقعات واللاجونات واستواء الأرض في الأقاليم الساحلية.

  • (٣)

    الإقليم السوداني من السنغال إلى هضبة الحبشة، يتميز بسيطرة الحبوب على الزراعة، وأهم هذه الحبوب بلا شك أنواع الدخن العديدة، وإلى جانب ذلك تظهر محاصيل أخرى في مناطق معينة؛ ففي المناطق شبه الجافة يظهر الفول السوداني، وفي المناطق الأكثر مطرًا تظهر الذرة أو البطاطا.

  • (٤)

    منطقة هضبة البحيرات، وتتميز بسيطرة مزارع الموز على المحاصيل الزراعية الأخرى، ويُلاحَظ أن لكلٍّ من الشعوب والمجموعات الأفريقية في هضبة البحيرات محصول مميز؛ فالبانتو يتميزون بزراعة الموز، بينما يتميز النيليون بزراعة الدخن.

  • (٥)

    نطاق السفانا جنوب هضبة البحيرات والغابات الاستوائية في وسط أفريقيا، ويتميز بكثرة ظهور الذرة كمحصول أساسي بدلًا من الدخن في نطاق السفانا السودانية.

أما «الزراعة الكثيفة»: فأهم محاصيلها القمح والذرة والشعير وغير ذلك من محاصيل الحبوب والبقول والدرنيات وقصب السكر، ومعظمها أيضًا محصولات غذائية، ولكن الظروف التي تُزرَع فيها — خصب التربة، استخدام المخصبات العضوية، استخدام المحراث، نُظُم الري المختلفة — جعلت كمية الإنتاج أكبر من الكفاية الذاتية في أحوال كثيرة، وخاصة في وادي النيل الأدنى وشمال غرب أفريقيا، قبل الزيادة السكانية الكبيرة في هذا القرن، وقبل اتجاه جزء هام من الإنتاج الزراعي إلى المحصولات النقدية.

وإلى جانب ذلك فقد كان هناك محاصيل شجرية عديدة، منها الزيتون والكروم والنخيل، بحيث إن هذه الزراعة كانت تكمن فيها عدة خصائص نذكر منها: التخصُّص الإنتاجي، والزراعة المختلطة مع الحيوان، ووجود فائض إنتاج جعل في المنطقة خدمات تجارية على نطاق محدود، ولكنه آخِذ في التناقص بشدة نتيجة للنمو السريع الملحوظ للسكان في أفريقيا الشمالية.

وقد تميَّزَ إقليمَي الزراعة البدائية والكثيفة بدخول عنصر جديد في الفترة الحديثة، وإن كانت هذه الفترة تمتد إلى أكثر من مائة عام في الجمهورية العربية المتحدة، هذا العنصر هو المحاصيل النقدية التي تمثَّلَتْ في القطن والأرز وفول السوداني والقرنفل والكاكاو والبن، بالإضافة إلى تنمية محاصيل طبيعية من أجل تجارة الصادر كنخيل الزيت وجوز الهند، وقد أدت هذه المحاصيل النقدية إلى دخول بعض مناطق هاتين الزراعتين في سوق الإنتاج الدولي بقصد التبادل التجاري، ولكن الطفرة التي أدت إليها هذه المحاصيل في ميزانيات الدول والمستعمرات كانت سلاحًا ذا حدين؛ فإن المال الذي توفَّرَ فجأةً في أيدي المزارعين لم يُعتنَ برصد أجزاء منه لمشروعات المستقبل، ومواجهة تطورات الموقف الدولي من حيث أسعار الخامات؛ ولهذا تعرَّضَتْ هذه الدول لذبذبة شديدة في الدخول، أدَّتْ إلى نشوء وتخطيط اقتصادي جديد، يشتمل على تدخُّل الحكومات لتثبيت الأسعار، وإنشاء هيئات للمنتجين، وأرصدة خاصة للتوسُّع أو سد العجز، وأخيرًا محاولة إيجاد بديل أو محصول آخَر زراعي أو معدني، أو التصنيع من أجل تخفيف أخطار الاعتماد على محصول واحد.

ومن أهم نتائج دخول المحصول النقدي ظهور المشروعات الزراعية الكبرى، ومشروعات الري الدائم على النيل في الجمهورية العربية المتحدة (القناطر وسد أسوان والسد العالي)، والسودان (أرض الجزيرة ودلتا الجاش ومشروع الزاندي والبطانة)، ومالي (مشروع دلتا النيجر الداخلية)، والسنغال (مشروعات الفول السوداني)، ونيجيريا (القطن والفول السوداني في الشمال، والكاكاو والزيوت النباتية في الجنوب)، وغانا (الكاكاو وسد الفولتا)، وأوغندا (مشروعات القطن والبن)، وتنجانيقا (السيسال).

أما «المزارع الأوروبية الواسعة» فتتركز في شرق وجنوب القارة، ومن أهم مناطق المزارع الأوروبية: حقولُ السيسال في تنجانيقا، ومزارع البن والشاي والسكر والتبغ في مناطق المرتفعات في دول شرق أفريقيا، والمطاط في ليبيريا، ومزارع البرتغاليين المُنتِجَة للكاكاو، وفي ساوتومي وبرنسيب، والمنتجة للسيسال في أنجولا وموزمبيق، ومزارع البلجيكيين في الكنغو، والبريطانيين في روديسيا وجنوب أفريقيا.

وتتميز مزارع الأوروبيين بانقسامها إلى قسمين: الأول مخصَّص للمحصولات النقدية، وهو أوضح ما يكون في شرق القارة والمستعمرات البرتغالية والكنغو وليبيريا، والثاني زراعة احتياجات الأوروبيين من محصولات غذائية، بالإضافة إلى محصولات تجارية، كما هو الحال في روديسيا وجنوب أفريقيا.

وتتميز مزارع الأوروبيين عامة بأنها تشتمل على مساحات كبيرة وخاصة تلك المنتجة للمحصولات النقدية، ومن الأمثلة على ذلك: مزارع ليبيريا التي يملكها المليونير الأمريكي فايرستون، والتي تبلغ مليون فدان يستغل عُشْرها فقط، ومساحة ممتلكات الشركة البلجيكية المسمَّاة شركة زيوت الكنغو البلجيكي، والتي تبلغ ١٫٨ مليون فدان، وممتلكات المستوطنين البيض في جنوب القارة وشرقها ومتوسطها ألف فدان، وهناك مزارع أكبر وبعضها يُستغَل في إنتاج الحبوب (القمح أو الذرة) للأكل وعلفًا للماشية الكثيرة التي يقتنيها البوير، ويعيشون عليها كمصدر أساسي للرزق.

ولا شك أن حركات التحرر الوطنية واستقلال عدة دول في شرق أفريقيا قد أدى إلى خوف كثير من المستوطنين وتصفية أملاكهم والرحيل، كما حدث في حالات عديدة بين مزارعي كينيا من الإنجليز.

(٢-٣) إنتاج الطاقة والصناعة

الصناعة في أفريقيا بمفهومها الحديث جديدة، ولكن هناك صناعات قديمة في القارة يمكن تدخل في مفهوم الحِرَف كالحدادة، وصهر الحديد، والنسيج، وعمل السكر، وعصر الزيوت النباتية والدباغة، وعمل الملابس، وتشغيل الجلود، والتجارة … إلخ.

أما الصناعة المرتبطة بالمصنع والإنتاج الآلي، فهي قاصرة على مناطق محدودة من العالم الأفريقي، ولا شك أن مصدرها أو المحرك لوجودها هو التأثُّر الأفريقي بالعالم الخارجي، وعلى الأخص بأوروبا الصناعية.

وعلى هذا فالصناعة قاصرة على مناطق معينة تتمثَّل في مدن شمال أفريقيا، وعلى وجه الخصوص بعض مدن الجمهورية العربية المتحدة، وفي اتحاد جنوب أفريقيا، ومناطق متفرقة من روديسيا والكنغو.

وحتى هذه المناطق؛ باستثناء الجمهورية العربية المتحدة وجنوب أفريقيا، تتميز بصناعات محدودة، غالبًا ما ترتبط بالتعدين، كما هو الحال مثلًا في تصنيع النحاس في كاتنجا وزامبيا، أو محاولة تصنيع البوكسايت في غانا.

وهناك أسباب عديدة لتأخُّر الصناعة في أفريقيا، نذكر منها: قلة الخبرة، وعدم وجود رأس المال، وتفضيل حكومات المستعمرات الاتجاه إلى استغلال الخامات الأفريقية وتصنيعها في أوروبا، وفوق كل هذا نقص خطير في أفريقيا في موارد الطاقة المحركة وتشريعات العمالة؛ ذلك أن الأوروبيين قد انتهزوا فرصة الزعامات القبلية الأفريقية لكي يجبروا الزعماء على إمدادهم بالقوة بعدد من الأيدي العاملة نظير أجور ضئيلة، وقد بدأت هذه المعاملة الجائرة في التحسن، إلا في مناطق المستعمرات البرتغالية التي تؤمن العمالة الرخيصة لمناجم النحاس في الكنغو وزامبيا، ومناجم الفحم والحديد والماس في روديسيا وجنوب أفريقيا راجع خريطة رقم (٤٠).

وفي مجال الطاقة تعاني القارة الأفريقية نقصًا كبيرًا، وإن كانت المصادر الحالية تكاد تكفي، أو ربما في بعض البلاد تزيد عن حاجة الاستهلاك المباشر. وفيما يختص بالفحم، فإن أفريقيا تنتج حاليًّا ما يوازي ٣٪ فقط من الإنتاج العالمي، ومعظمه متركِّز في النصف الجنوبي من القارة، كما يتضح من الأرقام التالية:٤
جدول ١٠-٢: إنتاج الفحم بآلاف الأطنان المترية.
الدولة ١٩٤٨ ١٩٥٨ ١٩٦٨ ١٩٧٠
مجموع أفريقيا ٥٦٠١٥ ٥٠٥٢٦
جنوب أفريقيا ٢٤٠١٧ ٣٧٨٥ ٥١٦٥٥ ٤٥٦١٢
روديسيا ١٦٩٦ ٣٥٣٥ ٢٩٦٩ ٣٣٣٢
زامبيا ٣٩٩ ٦٢٣
المغرب ٢٩٠ ٥١٠ ٤٥١ ٤٣٣
موزمبيق ٩ ٢٤٨ ٣١٤ ٣٥١
نيجيريا ٦١٥ ٩٤٠ ٢٠٣ ١٠٢
زائيري ١١٧ ٢٩٤ ٧١ ٥٨
الجزائر ٢٢٦ ١٥٣ ١٧ ١٥

إنتاج الفحم الأفريقي ضئيل بالنسبة للإنتاج العالمي؛ فقد كان ٢٫٨٪ عام ١٩٦٨، ويمثِّل أقل من ٢٫٥٪ عام ١٩٧٠، والملاحظ أن الإنتاج الأفريقي متذبذب وهو يتجه في مجموعه إلى الانخفاض، وهناك دول تختفي من قائمة المنتجين مثل تنزانيا وملاجاشي اللتين كانتا تنتجان قرابة عشرين ألف طن في أوائل الستينيات، وانخفض إنتاجهما إلى أرقام لا تُذكَر، وواضح من الجدول أيضًا اتجاه نيجيريا وزائيري والجزائر إلى الهبوط الشديد، وعلى هذا فإن الفحم في حقيقته يقتصر على ثلاث دول في جنوب القارة، وبرغم هذا فإنه يمثِّل احتكارًا حقيقيًّا لدولة جنوب أفريقيا (٩٠٫٣٪ من إنتاج القارة).

ويُقدَّر احتياطي الفحم في جنوب أفريقيا ﺑ ٧٢٫٤ مليار طن، وهو ما يكفي هذه الدولة عدة مئات من السنين، مع افتراض ازدياد الاستهلاك عن الإنتاج الحالي، أما احتياطي روديسيا فيبلغ ٦٫٦ مليارات من الأطنان، مركزة في حقل وانكي، وهو بذلك أقل بكثير من احتياطي جنوب أفريقيا، ويمثِّل احتياطي فحم نيجيريا أصغر احتياطي معروف في أفريقيا؛ إذ قُدِّر عام ١٩٧٠ بنحو ثلث مليار طن، كما أنه ليس نوعًا جيدًا، وقد تناقَصَ إنتاجه كثيرًا بسبب ثورة الإيبو التي عُرِفت باسم ثورة «بيافرا»، التي توجد فيها حقول الفحم الرئيسية قُرْب مدينة إينوجو، وقد ظهرت زامبيا أخيرًا في قائمة إنتاج الفحم الأفريقي، ولا تزال المغرب تمثِّل الدولة الوحيدة في نصف أفريقيا الشمالي ذات الإنتاج المعقول.

وعلى عكس الفحم فإن «البترول» يكاد أن يتركز وجوده في النصف الشمالي من أفريقيا، وهو يمثِّل أكبر مصدر للطاقة المعدنية في القارة، كما كان يمثِّل حوالي ١١٫٥٪ من الإنتاج العالمي للبترول لعام ١٩٧٢، وحتى عام ١٩٥٧ كانت مصر تنتج نحو ٩٠٪ من بترول أفريقيا، ثم أخذت أهميتها في التناقص السريع بعد ذلك التاريخ بدخول الجزائر مجال الإنتاج التجاري، ثم ليبيا بعد عام ١٩٦٠.

جدول ١٠-٣: إنتاج البترول في أفريقيا (ألف طن متري).*
الدولة ١٩٥٧ ١٩٦٣ ١٩٦٨ ١٩٧٠ ١٩٧٢
ليبيا ٢٢٠٣٩ ١٢٥٥٣٩ ١٦١٧٠٨ ١١٦٢٧٨
نيجيريا ٣٧٧٢ ٢١٠٠٠ ٥٤٢٠٣ ٩٣٨٥٧
الجزائر ٢١ ٢٣٨٨٧ ٤٢١٦٨ ٤٧٢٨١ ٥٥٣٢٣
مصر ٢٣٩٧ ٥٥٩٨ ٩٠٠٠ ١٦٤١٠ ١١٨٣٦
أنجولا ١٠ ٨٠٠ ٧٥٠ ٥٠٥٥ ٧٠٣٩
جابون ١٧٣ ٨٩٠ ٤٦٤٢ ٥٤٢٣ ٦٥١٧
المصادر: الكتاب السنوي الإحصائي للأمم المتحدة (عدة سنوات آخِرها ١٩٧١).
مجلة النفط عدد ٢٠ يناير ١٩٧٣ (عن أرقام ١٩٧٢).

ويُضَاف إلى هذه القائمة من المنتجين في السنوات الأخيرة تونس (٤٫٢ ملايين طن)، والكنغو (٠٫٤ مليون طن)، والمغرب (١٥ ألف طن)، ويُلاحَظ من الجدول السابق أن إنتاج البترول يتذبذب في عدد من الدول نتيجةً للأحداث السياسية، أو يخضع لسياسات الدولة المنتجة؛ فقد تأثَّر بترول نيجيريا كثيرًا نتيجة لحرب بيافرا في أواخر الستينيات، وتناقص الإنتاج الليبي بمقدار الربع.

جدول ١٠-٤: احتياطي البترول في أفريقيا (مليون طن).
السنة ليبيا نيجيريا الجزائر مصر أنجولا جابون الكنغو
١٩٧٠ ٣٩٥٩ ٧٥٧ ١٠٥٦ ١٣٧ ١٠٦ ٦٧
١٩٧٢ ٤٣٤٢ ٢١٤٢ ٦٧١٤ ٧٤٢ ١٧١ ١٥٧ ٧١٤

وأيًّا كانت الاختلافات فإن احتياطي البترول الأفريقي — الذي يمثِّل حوالي ١٥٪ من الاحتياطي العالمي — يكاد أن يتركز في ليبيا والجزائر بنسبة قد تصل إلى ٨٠٪ من مجموع الاحتياطي الأفريقي.

وبرغم أن الإنتاج يمثِّل حوالي ١٠٪ من العالم، إلا أن طاقة التكرير في أفريقيا — نحو ٤٣ مليون طن سنويًّا — لا تمثِّل سوى ١٫٦٪ منها في العالم غير الشيوعي، ويؤكِّد هذا أن غالبية البترول الأفريقي يُستخدَم في التصدير كمادة خام. وتمتلك جنوب أفريقيا نحو ٣٠٪ من طاقة التكرير في أفريقيا، تليها مصر (١٢٪)، ثم الجزائر ونيجيريا وليبيا (٧٫٣٪، ٧٫٢٪، ٧٫١٪ على التوالي).

وإلى جانب البترول فإن «الغاز الأرضي» يمثِّل مصدرًا آخَر من مصادر الطاقة المنتجة في أفريقيا، ويشكِّل الاحتياطي ١٠٪ من مصادر الغاز العالمية، وتمتلك الجزائر ٥٥٪ من احتياطي الغاز الأفريقي، تليها نيجيريا (٢١٪)، وليبيا (١٤٫٥٪)، وفي الجزائر عدة مشروعات ضخمة — تم جانب كبير منها — لنقل الغاز إلى أوروبا.

وفي مجال «الطاقة الكهربائية» فإن إنتاج أفريقيا من هذه الطاقة — سواء من مصادر حرارية (فحم وديزل) أو مصادر مائية — قد تزايد من ١٣٫٥ مليار كيلووات/ساعة عام ١٩٤٨، إلى ٥٠ مليارًا عام ١٩٦٣، إلى قرابة ٧٠ مليارًا عام ١٩٧٠، لكن هذا الإنتاج ما زال صغيرًا بالمقارنة بالقارات المماثلة.

جدول ١٠-٥: إنتاج الطاقة واستهلاكها (١٩٦٨).
الدولة الطاقة الكهربائية (مليون ك س) مصادر الطاقة معادلة بملايين الأطنان من الفحم
مجموعة الطاقة الطاقة المائية إنتاج استهلاك
جنوب أفريقيا ٤٩٠٤٨ ٥٠ ٥١٫٧٦ ٥٩٫٠٣
مصر ٦٧٣٥ ٢٩٥١ ١٢ ٩٫٤٣
روديسيا ٥٥٧٦ ٤٨٣٣ ٣٫٥٧ ٢٫٧٥
زائيري ٢٧٥٦ ٢٦٠٧ ٠٫٤٠ ١٫٤٣
المغرب ١٥٣٨ ١٠٧٦ ٠٫٧٢ ٢٫٦٤
الجزائر ١٣٠٥ ٥٦٣ ٦٠ ٥٫٣٧
نيجيريا ١١٠٥ ١٢٦ ٩٫٧٠ ١٫٨٢
الكمرون ١٠١٦ ٩٨٢ ٠٫١٢ ٠٫٤٦
أوغندا ٧٣١ ٧٢٩ ٠٫٠٩ ٠٫٥٠
زامبيا ٦٥٩ ٢٧٦ ٠٫٦١ ٢٫٢٥

ومعظم إنتاج الطاقة في أفريقيا حراري، وليس أدل على ذلك من أن جنوب أفريقيا، وهي أكبر دولة منتجة للطاقة الكهربائية، تعتمد اعتمادًا كليًّا على الفحم المحلي والبترول المستورد في توليد الكهرباء.

وعلى الرغم من أن في أفريقيا — حسب تقديرات ١٩٦٥ — حوالي ٢٣٪ من إمكانيات توليد الطاقة المائية العالمية كلها، إلا أن الطاقة المنتجة تساوي ١٪ من إنتاج العالم من هذا النوع عام ١٩٥٤، وقد تزايَدَ إنتاج الطاقة المائية في أفريقيا منذ ذلك التاريخ نتيجة إنشاء سد كاريبا على الزمبيزي، وسد إيديا في الكمرون، وكهربة سد أسوان، وسد الفولتا، وستزيد بإنشاء السد العالي وتنفيذ مشروعات الطاقة الأخرى في أفريقيا، وخاصة في غينيا والكنغو.

وفيما يلي بيان بأهم المحطات التي أُنشِئت، والمشروعات التي في قيد التنفيذ أو التي لم تبدأ بعدُ:

جدول ١٠-٦: محطات الطاقة الرئيسية في أفريقيا.
المحطات الحالية ألف كيلووات المشروعات ألف كيلووات
السد العالي (مصر) ٢٢٠٠ إنجا (زائيري) ٣٠٠٠٠
كاريبا (روديسيا) ٧١٥ كابوراباسا (موزمبيق) ٢٥٠٠
الفولتا (غانا) ٦٠٠ كونكورية (غينيا) ٨٠٠؟
أسوان (مصر) ٣٠٠ كاريبا (زامبيا) ٩٠٠؟
كاينجي (نيجيريا) ٣٢٠ كافوي (زامبيا) ٥٠٠
كولويزي (زائيري) ٢٤٠ كويلو (الكنغو) ٤٥٠
إيديا (الكمرون) ١٨٠ كيندا روما (كينيا) ٢٥٠
أون (أوغندا) ١٥٠ مرشيزون (أوغندا) ١٨٠
جادوتفيل (زائيري) ١٠٨ بوجالي (أوغندا) ١٢٠

ومع تزايد الحصول على الطاقة تزيد إمكانيات التصنيع والصناعة، ومتوسط العمالة الصناعية الحديثة في الدول الأفريقية قرابة ٢٥ ألف عامل، بينما هي في الجمهورية العربية المتحدة ٣٩٦ ألف (١٩٦٠)، وفي جنوب أفريقيا ٦٥٠ ألفًا (١٩٦٠)، ولقد زاد الإنتاج الصناعي في الدول الأفريقية بنسب مختلفة، فإذا قارنَّا مستوى الإنتاج الصناعي عام ١٩٥٩ بالنسبة لمستواه عام ١٩٥٣، نجد أن أكبر زيادة حدثت في الجزائر بمقدار ١٦٨٪، والجمهورية العربية المتحدة ١٤٧٪، وجنوب أفريقيا ١٢٧٪.

ويمكننا أن نقسم نمو الصناعة في أفريقيا إلى ثلاثة أقسام: يشتمل القسم الأول على الصناعة في جمهورية جنوب أفريقيا التي تمثِّل الصناعة بالمفهوم الأوروبي، من حيث تواجد رأسمال كبير، وخبرة كبيرة، إلى جانب خامات عديدة. والقسم الثاني يشتمل على الصناعة في الجمهورية العربية المتحدة التي تمثِّل أقدم الصناعات الأفريقية الحديثة، وتتوفر فيها الخبرة ورأس مال وطني في غالبه، وتنقصها خامات عديدة.

والقسم الثالث يمثِّل الصناعات الحديثة في الدول التي ظلت فترة طويلة تحت السيطرة الأوروبية، أو التي تتسم بحكم عنصري أوروبي، ومن الأمثلة على ذلك: الجزائر والكنغو وروديسيا والمغرب.

(٢-٤) المشروعات الاقتصادية الكبرى ١٩٦٦–١٩٧٠

فيما يلي نورد مختصرًا لأهم المشروعات الاقتصادية الكبرى في القارة، والتي بدأت بعض الدول بتنفيذها، وقد يكون بعضها قارَبَ الانتهاء، أو انتُهِيَ منه:
  • (١)
    الجزائر: في أكتوبر ١٩٦٨، تم بدء العمل في إنشاء خط أنابيب للغاز الطبيعي من مصادر الغاز الأرضية الغنية في حاسي بورمل إلى ميناء سكيكدا (فيليب فيل سابقًا) شرقي الجزائر، وبذلك يكون هذا هو الخط الثاني لتصدير الغاز؛ فالخط الأول يبدأ أيضًا من حاسي بورمل وينتهي إلى ميناء أرزيف القريب من وهران، والذي يعمل منذ ١٩٦١. والخط الجديد سيبلغ طوله عند الانتهاء ٥٧٥كم، وقُطْر الأنابيب ٤٠ بوصة، وحمولته ١٢٥٠٠ مليون متر مكعب في السنة، وتقوم ببنائه شركة إيطالية (مجموعة إني Eni)، وتشرف على الأعمال الهندسية شركة فرنسية Sofrgaz.

    ويشتمل المشروع على إجراء تحسينات كثيرة في ميناء سكيكدا، وبناء معملين لغاز الميثان أحدهما تابع للحكومة الجزائرية، وبناء معمل للغاز السائل، والتكاليف المرتقَبَة قُدِّرَتْ بحوالي ١٥٦ مليون جنيه إسترليني.

    وهناك مشروع آخَر حيوي، وإن كان التفكير فيه يعود إلى العصر الاستعماري الفرنسي، ذلك هو طريق عابر للصحراء يصل منطقة نهر النيجر وغرب أفريقيا بالبحر المتوسط، ومنذ ١٩٦٣ كان التفكير يدور حول تحسين الطرق الصحراوية الحالية، واختيار واحد منها ليصبح الطريق الرئيسي الممهد، وكانت هناك أوليات في بدء الطريق من وهران أو الجزائر، أي طريق غربي أم أوسط، وانتهى الأمر بتفضيل الطريق الأوسط الذي يبدأ من الجزائر ويمر بالأغواط وغاردايا والقليعة وعين صلاح وتامنراست، ثم يتفرع جنوبها إلى طريقين: الأول إلى جاو على ثنية النيجر في مالي، والثاني إلى تاهو في دولة النيجر. ويخدم هذا الطريق عدة أهداف حيوية لتعمير منطقة هضبة الهكار (الحجار) ومالي والنيجر معًا، ويبلغ طول الطريق ١٩٠٠كم في الأرض الجزائرية، و٦٧٠كم في مالي، و٦٠٠كم في النيجر، (مجموع ٣١٨٠كم). الهدف النهائي جعل عرض الطريق ١٩ مترًا، ولكنه سيبدأ بعرض ثمانية أمتار، وتبلغ التكاليف ٦١ ألف دولار للكيلومتر في الأراضي الصعبة، و٢٢ ألفًا في الأراضي السهلة، وتبلغ تكاليف الصيانة سنويًّا بين ٣ و٤٫٥ ملايين دولار، وتكاليف الإنشاء الإجمالية مائة مليون دولار، والمرتقب أن تنخفض أسعار نقل البترول إلى ما بين ٤٠ و٥٠٪ من تكلفة النقل الحالي، كما أنه سيجعل النيجر على بُعْد ٢٨٠٠كم من البحر المتوسط، ومالي على بُعْد ٣٠٠٠كم فقط، بتوفير حوالي ١١٠٠–١٦٠٠كم بالنسبة للطرق الحالية. وتقوم بإعداد الطريق شركتان فرنسيتان.

  • (٢)
    السنغال: تنفذ دولة السنغال منذ عام ١٩٦٤ مشروعًا لاستصلاح الأراضي المملحة في المجرى الأدنى لنهر السنغال والدلتا، وقد قامت بإنشاء جسور على الضفة اليسرى للنهر فيما بين رتشاردتول وسان لوي عند المصب؛ لمنع مياه الفيضان من الركود في الأراضي المنخفضة، ورفع نسبة الملوحة. والهدف النهائي للمشروع يتضمن استصلاح ٣٠ ألف هكتار تُخصَّص لزراعة الأرز، وإنشاء خمس قرى سكنية داخل مشروع زراعي تعاوني، وقد بلغت الأراضي المستصلحة ٦٫٥ آلاف هكتار بين عامي ١٩٦٥ و١٩٦٩، وتساهم فرنسا في استثمارات هذا المشروع منذ عام ١٩٦٥؛ فقدمت حوالي ٢٢ مليون جنيه إسترليني، والغرض الأساسي من المشروع يتضمن شقين: أولهما استصلاح وتنمية النشاط الاقتصادي في دلتا السنغال، وثانيهما خفض واردات السنغال من الأرز، والتي تكون عبأ على ميزانية الدولة.

    نهر السنغال: يكون هذا النهر محورًا هامًّا من محاور التنمية الاقتصادية للدول الأربع التي يمر بها النهر: غينيا (المنابع) – مالي – السنغال (المصب) – موريتانيا (٨٠كم من الحدود المشتركة مع السنغال يكونها نهر السنغال). ونظرًا لهذه الأهمية الدولية، فقد أنشأت عام ١٩٦٤ منظمة خاصة بالنهر من الدول الأربع، ونصب أعينها أربعة أهداف: (١) ضبط الفيضان من أجل تحسين الملاحة في النهر. (٢) تحسين الموانئ النهرية. (٣) توليد الطاقة. (٤) التنمية الزراعية بالري وحفر القنوات. والمشروعات الكبيرة على النهر في الوقت الحاضر تتكلف ما يقرب من ٤٤ مليونًا إسترلينيًّا، قدمت الدول الأربع ربعها، والباقي من برنامج التنمية التابع للأمم المتحدة. وتقوم ثلاث شركات سويسرية وشركة أمريكية بدراسة هذه المشروعات، ولكنها تركِّز على ضبط الفيضان وبحيرة التخزين المقترحة، والمفروض أن تكون الدراسة قد انتهت عام ١٩٧٠ أو ١٩٧١.

    ومفتاح المشروعات الكبرى للسنغال هو إقامة سد عن جوينا — مشروع يعود إلى ١٩٠٦ — فهو يتحكم في مياه الفيضان ومستوى ماء النهر، مما يسمح بالري والملاحة المنتظمة وإنتاج ألف مليون كيلووات/ساعة من الكهرباء، وطول السد المقترح ٧٠٠ متر، وارتفاعه ٥٠ مترًا، ويحجز ثمانية ملايين من الأمتار المكعبة من المياه في بحيرة الخزن، ويمثِّل المشروع أمرًا حيويًّا بالنسبة لدولة مالي على وجه خاص؛ حيث سيمدها بالطاقة اللازمة لتشغيل مناجم البوكسايت، كما سيسمح لأول مرة بملاحة نهرية منتظمة من كاييز إلى البحر، ويقلِّل بذلك نفقات النقل البري الحالية.

  • (٣)
    الكمرون: مشروع مد الخط الحديدي الحالي (دوالا-ياوندي) من نهايته في ياوندي إلى بلدة نجاونديري (٦٢٦كم) في وسط الكاميرون، وقد بُدِئ فعلًا في إنشاء الجزء من ياوندي إلى بلابو (٢٩٦كم) الذي بدأ العمل فيه في نهاية ١٩٦٤، والمتوقع أن ينتهي في أوائل عام ١٩٧٠، وتقوم بتنفيذه مجموعة شركات إيطالية، والهدف النهائي من هذا الطريق الحديدي الذي يخترق غابات كثيفة، هو جلب المنطقة الوسطى والشمالية من الكمرون إلى الاستغلال الاقتصادي الحديث، وربما فكر في مد الخط الحديدي، أو طريق بري حديث من نجانديري إلى فورلامي (عاصمة تشاد) أو الإقليم الجنوبي الغني من تشاد، وبذلك يقدم لهذه الدولة البعيدة عن البحر مواصلات رخيصة إلى المحيط بطريق ميناء دوالا.
  • (٤)
    الكنغو برازافيل: في أبريل ١٩٦٩ صدرت الكنغو أول شحنة من بوتاس مناجم Holle-st Paul — ٤٠كم شمال شرقي ميناء بوان نوار — وهي المنطقة التي بدأ التنقيب فيها منذ عام ١٩٦٠، ويُقدَّر احتياطي البوتاس بحوالي ١٣٥ مليون طن تنتج خاماتها ٣٥٪–٤٠٪ من كلوريد البوتاسيوم، وهذه المناجم تُعَدُّ أكبر مصادر البوتاس في العالم، وقد قام بالعمل شركات فرنسية، وعلى إثر دخول البوتاس زادت صادرات الدولة إلى الضعف، وتُقدَّر زيادة الإنتاج القومي ﺑ ١٥٪ نتيجة لهذا الاستغلال الجديد للمصادر الطبيعية.
    figure
    خريطة رقم (٤٨).
  • (٥)
    النيجر: اكتشفت في ١٩٦٩ مناجم كبيرة لليورانيوم في منطقة آرليت في إقليم آير، وقد بدأ العمل من أجل استغلال هذا المصدر العظيم من مصادر الطاقة النووية، خاصة بعد أن توقُّف العمل في مناجم اليورانيوم في زائيري (الكنغو كنشاسا)، بعد أن كانت أحد أهم مصادر اليورانيوم للعالم الغربي — سببُ التوقُّفِ فنيٌّ: تداخُل الأملاح والأكاسيد يجعل استخلاص اليورانيوم مشكلة. قُدِّرَ احتياطي النيجر من مناجم آير بحوالي ٢٠٠٠٠ طن (نسبة المعدن للخام = ٢٫٥ في الألف)، في مقابل ٣٨٠٠٠٠ طنًّا في جنوب أفريقيا، وثمانية آلاف في الكنغو، وأربعة آلاف في جابون (نسبة المعدن للخام في جنوب أفريقيا تتراوح بين ٠٫٢ و٠٫٣ في الألف)، وهذه النتائج تضيف كثيرًا إلى قيمة اليورانيوم المكتشف في النيجر، وقد تكونت شركة جديدة لاستغلال هذا المعدن النادر باسم Somair = شركة آير للتعدين، تتكون من مساهمة قدرها ٢٠٪ لحكومة النيجر، ٤٠٪ للجنة الطاقة الذرية الفرنسية، و٢٠٪ لشركة مقطع الحديد الفرنسية — التي تحتكر إنتاج اليورانيوم في جابون — و٢٠٪ للشركة الفرنسية لمناجم اليورانيوم، وكان من المتوقع أن تنتج الشركة الجديدة ٢٠٠ طن يورانيوم ابتداءً من ٩٧٠ / ٩٧١، ولكن الخطط تغيَّرت من أجل بناء مصنع ينتج في ١٩٧٣ حوالي ١٥٠٠ طن سنويًّا.

    وترمي الخطة إلى بناء مدينة جديدة عند المناجم تتسع لنحو ستة آلاف شخص، وتأمين المياه في هذه المنطقة الجافة تصبح مشكلة حادة، وقد عثر على خزان مياه أرضي على عمق ٤٠٠ متر، لكنه يحتاج إلى محطة كهربائية لضخِّه إلى أعلى بتكاليف عالية، ومن بين المشكلات الأخرى النقل؛ لأن آرليت تقع على بعد ٢٠٠٠كم من البحر (خليج غانا)، فمواد البناء المختلفة سوف تُنقَل إلى ميناء كوتونو في داهومي، ثم بالسكة الحديدية إلى باراكو في شمال الداهومي (٤٣٨كم)، ثم بالطريق البري لمسافة ١٥٠٠كم، وهي مسافة ليست كلها معبَّدة، وخاصة اﻟ ٥٠٠كم الأخيرة، وقد قُدِّرت الحمولة اللازم نقلها سنويًّا من المواد والكيميائيات والوقود وقطع الغيار والأغذية … إلخ بحوالي ٣٠٠٠٠ طن، أما نقل اليورانيوم المنتج (١٥٠٠ طن سنويًّا)، فيمكن أن يُشحن بعضه بالطريق البري إلى كوتونو، وبعضه بالطائرات، وبرغم هذه المصاعب فإن أرباح اليورانيوم تحتمل كلَّ هذه التكلفات العالية، ويُقدَّر أن هذا اليورانيوم سيؤدي إلى تغيُّر جذري في الإنتاج القومي في النيجر، فبدلًا من الاعتماد على الزيوت النباتية والثروة الحيوانية فقط، فإن النسب المرتقبة سوف تكون ٤٠٪ للتعدين، ٣٠٪ للزيوت النباتية، ٢٠٪ للثروة الحيوانية، ١٠٪ من المنتجات الزراعية الأخرى.

  • (٦)
    أنجولا: هناك ثلاث اتجاهات في التنمية الاقتصادية للموارد الطبيعية: الحديد والبترول وتوليد الطاقة، وتقوم عدة شركات كبرى (منها كروب الألمانية وجرج-أوروبا البلجيكية) بالأعمال اللازمة لتطوير استغلال خام الحديد من مناجم كاسنجا التي تبعد ٥٠٠كم عن ميناء موزاميدس في جنوب أنجولا، وكان المتوقع أن تعطي هذه المناجم سبعة ملايين طن سنويًّا من الخام الجيد في أوائل ١٩٧١، ويرتبط بذلك مدُّ خط حديدي إلى الميناء، وإنشاء رصيف أو ميناء خاص بتصدير خام الحديد.

    أما البترول فيقع في الرصيف القاري على بُعْد بضعة كيلومترات من شاطئ كابندا — التي توجد شمال مصب نهر الكنغو — وعلى عمق ١٠–١٢ مترًا فقط، وكان المتوقع أن تعطي هذه الحقول ٧٫٥ ملايين طن سنويًّا ابتداء من أوائل السبعينيات.

    وتقتضي مشروعات توليد الطاقة مد السد الحالي عند متالا على نهر كونيني — الذي يكون الحد السياسي بين أنجولا وناميبيا — وإنشاء سد آخَر عند راوكانا ومحطة طاقة، والنتائج المتوقعة هي إنتاج حوالي ١٥٠٠–٢٠٠٠ مليون كيلووات من الطاقة، وري حوالي ١٥٠ ألف هكتار من أراضي المراعي، وتُقدَّر التكلفة بحوالي ٨٥ مليونًا استرلينيًّا.

  • (٧)
    توجو: يبلغ طول ساحل توجو خمسين كيلومترًا من الشواطئ الرملية غير الصالحة للملاحة البحرية، وكان في ميناء لومي (العاصمة) رصيف واحد قدرته ١٩٠ ألف طن سنويًّا من البضائع المصدرة والمستوردة، وقد أُنشِئَ ميناء جديد على بُعْد تسعة كيلومترات من المدينة، افتُتِحَ عام ١٩٦٨، وقد بُنِي الميناء الجديد بواسطة شركات ألمانية، وله حاجز أمواج طوله ١٧٠٢ متر، وحاجز ثانوي ٣٠٠ متر، والميناء الجديد قادر على خدمة أربع سفن مرة واحدة، وعلى العموم فإن الميناء الجديد قادر على التعامل في نصف مليون طن من البضائع سنويًّا، وهو ميناء حر (بدون جمارك)، ويُتوقَّع بناء عدة صناعات قرب الميناء — أسمنت وكبريت ومصنع بطاريات — ومن بين المشروعات الأخرى بناء ميناء ثانٍ للتعامل في الزيوت والبترول والمنتجات المعدنية وإصلاح السفن.
  • (٨)
    تونس: نظرًا لأهمية صادرات الفوسفات — تونس رابع دولة في العالم في الإنتاج — ولعدم كفاية ميناء صفاقس فقد كان التفكير منذ ١٩٦٢ في بناء مصنع لتحويل الفوسفات إلى حامض فوسفور؛ لخفض تكلفة النقل قرب مصادر جفصة، وغير بعيد عن البحر، وبذلك وقع الاختيار على ميناء قابس مكانًا للمصنع المقترح، وقد ترتَّبَ على ذلك مشروعات أخرى تشتمل على إنشاء محطة توليد الكهرباء اللازمة لمصنع حامض الفوسفور، وإقامة مخازن للبترول المنتج من حقل البورما، وتمول العملية وتنفذها شركات فرنسية ودولية، إلى جانب تمويل تونسي قدره ٤٥٪ من التكاليف، وكان المتوقع أن يبدأ العمل في أواخر ١٩٧٠، وإلى جانب ذلك فإن المشروع يشتمل على تحسين ميناء قابس بحيث يستقبل ناقلات البترول إلى حمولة ٥٠ ألف طن في المرحلة الأولى، ثم مائة ألف طن في المرحلة النهائية، وتحسين الصيد الصغير الحالي، وتدعيم خط الحديد بين صفاقس وقابس، وكذلك إنشاء مصنع طاقته نصف مليون طن من جبس مكناسي لتحويله إلى حامض كبريتيك (٣٠٠ ألف طن) تُستخدَم محليًّا، وفي صناعة الأسمنت للتصدير وخاصة إلى ليبيا. وفي الوقت نفسه هناك مشروعات لم تُدرس بعدُ لاستغلال بوتاس شط الجريد المجاور لقابس لإنتاج ٢٥ ألف طن من فوسفات الصوديوم.
  • (٩)
    جابون: بُدِئ في ١٩٦٩ بإنشاء ميناء جديد عند رأس أويندو (١٥كم جنوب ليبرفيل)، ومد طرق برية لاستيعاب حركة الملاحة البحرية المتزايدة.
  • (١٠)
    زائيري: بُدِئَ في أول ١٩٦٨ العمل في بناء سد أنجا عند نقطة تبعد ٤٠كم من ميناء متادي، وهذه هي أولى مراحل استخدام مجموعة مساقط نهر الكنغو في مجراه الأدنى لإنتاج طاقة كهربائية هائلة قد تصل إلى ٣٠ مليون كيلووات، وتتضمن المرحلة الأولى محطة طاقة قوتها ٣٠٠ ألف كيلووات، بينما يُنتَظَر أن يتم المشروع بأكمله خلال ربع قرن من الآن، وتقوم مجموعة شركات إيطالية بالمرحلة الأولى التي كان متوقَّعًا أن تنتهي في أوائل ١٩٧٣. وتهدف حكومة زائيري إلى استخدام الطاقة من إنجا لإقامة مصنع للصلب في كمبوكو قرب كنشاسا طاقته ٢٢٠ ألف طن سنويًّا في مراحله الأولى.
  • (١١)
    زامبيا: كانت زامبيا تعتمد على الخط الحديدي الذي يمتد إما عبر أراضي أنجولا البرتغالية أو روديسيا، ثم موزمبيق البرتغالية، لنقل تجارة صادراتها المعدنية ووارداتها المصنعة إلى موانئ الأطلنطي والهندي، ولكن نظرًا للموقف الوطني الأفريقي الذي اتخذته زامبيا ضد القوى الاستعمارية البرتغالية، وضد حكم الأقلية البيضاء في روديسيا، فكان على زامبيا أن تبحث عن ميناء بديل للموانئ التي تسيطر عليها البرتغال، وقد كان هناك أحد احتمالين: إما ميناء متادي عبر أراضي زائيري، وإما ميناء دار السلام التنزاني، وبرغم ارتباط شبكة الخطوط الحديدية في زامبيا وزائيري، إلا أن الخطوط الحديدية في زائيري غير مكتملة من كاتنحا إلى متادي، مما يرفع تكلفة النقل نتيجة إعادة الشحن عدة مرات (نقل حديدي ونهري وبري وحديدي)، وفضلًا عن ذلك فإن النقل الحديدي في زائيري لا يكفي احتياجات تلك الدولة، وميناء متادي أقل من أن يخدم — بظروفه الحالية — تجارة زائيري وحدها، ولهذا اتجه التفكير إلى ميناء دار السلام، برغم أن المسافة طويلة بين نطاق النحاس في زامبيا وبين هذا الميناء، وبرغم أن الطريق يمر في مناطق غير مأهولة أو بدائية أو ذات طبيعة غير خيرة، ولكن هذه الظروف في حد ذاتها كانت — برغم سلبيتها — حافزًا لأن تتفق زامبيا وتنزانيا على بناء طريق بري جيد صالح للمرور في خلال أشهر السنة كلها، ثم بناء خط أنابيب للبترول، وأخيرًا خط حديدي، فهذه الطرق كلها ستكون حافزًا ودافعًا لتنمية المناطق الشمالية الشرقية من زامبيا، والمناطق الجنوبية الغربية من تنزانيا — وكلها ذات إمكانات اقتصادية طيبة وتحتاج إلى الطرق لتعميرها وتنميتها.

    وإلى أن يتم الخط الحديدي فإن الطريق البري هو الذي تجري عليه حركة النقل لجزء بسيط من إنتاج زامبيا من النحاس (عشرة آلاف طن شهريًّا) بواسطة شاحنات إيطالية زنتها ٢٠ طنًّا، وكانت هذه الشاحنات ذاتها تُستخدَم في نقل البترول من دار السلام إلى زامبيا في طريق عودتها. أما الخط الحديدي فقد تمَّ توقيع الاتفاق بإنشائه في سبتمبر ١٩٦٧ بين الصين وزامبيا (قرض صيني مائة مليون جنيه إسترليني بدون فائدة)، وقد بدأ العمل في إقامة الخط الحديدي بواسطة الفنيين الصينيين ابتداء من ١٩٧٠، ويتوقَّع أن ينتهي العمل منه في أواخر ١٩٧٣ أو أوائل ١٩٧٤. وبرغم اختلاف مقياس الخط الحديدي في زامبيا عنه في تنزانيا، وضرورة إنشاءات جديدة في ميناء دار السلام — مما ستكلف كثيرًا — إلا أن هذا الخط سيكون له أهمية كبيرة اقتصادية وسياسية، مما جعل المسئولون يطلقون عليه اسم «طريق الحرية»، أما نقل البترول الذي تحتاجه زامبيا فقد أصبح يعتمد على خط الأنابيب الذي خلص العمل فيه في أواخر ١٩٦٨.

    ولا يمثِّل طريق الحرية الخطوة الوحيدة التي تقطعها زامبيا لدعم موقفها السياسي من حكومة الأقلية البيضاء في روديسيا؛ إذ إن هناك مشروعًا آخَر للتخلُّص من الاعتماد على القوة الكهربائية التي تحصل عليها حتى الآن من مولدات سد كاريبا التي تسيطر عليها روديسيا. ويستدعي المشروع إقامة سد على نهر كافوي (أحد روافد الزمبيزي) داخل أراضي زامبيا لتوليد طاقة قدرها نصف مليون كيلووات، ولما كانت هذه الطاقة غير كافية، فإن هناك أيضًا مشروعًا مكمِّلًا، يستدعي إقامة محطة توليد للطاقة من سد كاريبا على الضفة التابعة لزامبيا من نهر الزمبيزي ذات طاقة مرتقبة قدرها ٩٠٠ ألف كيلووات، وقد وقَّعَتْ زامبيا في ١٩٦٨ عقد بناء سد كافوي مع شركة يوجسلافية، أما محطة كاريبا الثانية فتقوم بدراستها شركة إنجليزية.

  • (١٢)
    ساحل العاج: يكون القسم الغربي من ساحل العاج أرض عذراء غنية بالثروة الخشبية الجيدة، لهذا بدأت السلطات في التفكير الجدي في استغلال المنطقة، وأولى خطواتها إنشاء مدينة وميناء جديد عند سان بدرو (٣٠٠كم غرب أبيجان)، يُنتظَر أن ينتهي العمل منه في أوائل السبعينيات، وخط حديدي من الميناء إلى أوديين في شمال غربي البلاد لفتح المنطقة لتجارة التصدير التي يُتوقَّع أن تبلغ ٩٦٥ ألف طن من الأخشاب، و٥٧ ألف طن من البن، وكميات صغيرة من الموز والكاكاو.
  • (١٣)
    غينيا: تمتلك غينيا ربع احتياطي العالم من البوكسايت الجيد، لكنها تحتل المرتبة الخامسة في الإنتاج (٧٪)، والمشروع الكبير الذي بدأ العمل فيه في أواخر الستينيات هو استغلال مناجم منطقة بوكي في الشمال الغربي من البلاد، ويتضمن المشروع إقامة مدينة تعدين في سانجاردي، وميناء جديد باسم كامزار على المصب الخليجي لنهر نوميز، وربط مدينة التعدين والميناء بخط حديدي طوله ١٣٧كم، وتساهم شركة غينيا للبوكسايت ﺑ ٢٠٪ من الاستثمارات التي قُدِّرت لهذا المشروع بنحو مائة مليون دولار، وتقدم بقية الاستثمارات عدة شركات أمريكية وفرنسية وألمانية، وعند الانتهاء من المشروع سيرتفع الإنتاج إلى ٨ ملايين طن من البوكسايت سنويًّا — بدلًا من المتوسط الحالي الذي يقترب من مليونَيْ طن — أما الميناء فيسمح عند انتهاء العمل فيه باستقبال السفن التي تصل حمولتها إلى ٦٥ ألف طن، وتنظر غينيا إلى المشروع باعتباره مورد هام يمكن أن يحسن ميزان المدفوعات.
  • (١٤)
    الفولتا العليا: تفتقر هذه الجمهورية إلى أية موارد تعدينية مهمة، ولكن في ١٩٦٠ اكتشفت مصادر جيدة للمنجنيز في «تامباو» قرب الحدود المشتركة بين مالي والنيجر والفولتا، قُدِّرَ مخزونها بنحو عشرة ملايين طن، ويقتضي استغلالها مد خط الحديد من واجا دوجو إلى منطقة التعدين (٣٥٣كم)، وفي المنطقة ذاتها مصادر جيدة للحجر الجيري الذي يمكن أن يُستخدَم في عمل الأسمنت البورتلاندي. ولا شك أن هناك مزايا أخرى يقوم بها الخط الحديدي المقترح نحو إنماء المنطقة الشمالية الشرقية من الدولة، وخدمة النقل من مناطق مالي والنيجر القريبة من الفولتا.
  • (١٥)
    ليبيا: في ١٩٦٨ افتتح المرفأ الخامس في ليبيا لتصدير البترول، وذلك في الزيتونة (على بُعْد ٦٠كم جنوب بنغازي، بعدما مُدَّ إليها خط أنابيب طوله ٢١٧كم، وقطره ٤٠ بوصة، وحمولته مليون برميل يوميًّا — حوالي ١٣٣ ألف طن يوميًّا)، وبذلك أصبحت هناك خمسة موانئ بترولية في ليبيا، هي: مرسى حريقة قرب طبرق وتخدم حقل سرير (شركة ب ب البريطانية)، الزيتونة تخدم حقل جالو (شركة أوكسدنتال)، مرسى البريجة تخدم حقل زلطن (شركة أسو)، رأس الأنوف تخدم حقل الأمل (شركة موبيل وغيرها)، وأخيرًا ميناء سدر ويخدم حقل حفره وغيره (شركة أوازيس «الواحة»).
  • (١٦)
    مصر: في يناير ١٩٦٨ ركبت أول ثلاث توربينات لتوليد الطاقة من السد العالي، وفي آخِر ١٩٦٩ ركبت بقية توربينات الكهرباء في السد العالي، بحيث أصبحت محطة الطاقة هذه أكبر محطة طاقة هيدرولوجية في العالم؛ حيث إنها تعطي عشرة ملايين كيلووات/ساعة في السنة، وبذلك تكون مصر قد نجحت في إنشاء تكنولوجي كان يُعَدُّ مغامرة اقتصادية من جانب معارضي المشروع، وقد مدت خطوط تحميل الكهرباء من غرب أسوان عبر الصحراء إلى القاهرة والدلتا، وتستغل الطاقة في أغراض صناعية عديدة منها في أسوان «الصناعات الكيميائية والحديد»، ونجع حمادي «الألمينيوم».
  • (١٧)
    موريتانيا: تمتلك موريتانيا ثروة معدنية كبيرة تتكون أساسًا من الحديد والنحاس، ولقد بدأ استغلال مناجم فورجورو قرب حدود ريو دورو منذ ١٩٦٣، وارتفع الصادر من ١٫٧ مليون طن في تلك السنة إلى ٧٫٧ ملايين طن ١٩٦٨، وذلك بعد أن تم إنشاء خط حديدي (٦٧٥كم) من فورجورو إلى بورت إتيين، (تستورد بريطانيا ١٫٧ مليون طن، وفرنسا ١٫٦ مليون، وألمانيا ١٫٣، وإيطاليا ١٫٢، ودول البنلوكس ١٫١ مليون)، وتستغل مناجم الحديد الجيد شركة دولية تمتلك فرنسا نسبة كبيرة منها، و٥٪ لحكومة موريتانيا، وقد بلغت الاستثمارات حوالي مائتَيْ مليون دولار، أما النحاس فيوجد في أكشوشط (٢٤٠كم شمال شرقي نواكشوط العاصمة)، ولقد بدأ الاستغلال عام ١٩٧٠، برغم أن الكشف قد تمَّ عام ١٩٤٥، وأن شركة استغلال المناجم تكوَّنَتْ في ١٩٥٣، وخطط الاستغلال قد وُضِعت في ١٩٦٥، وأخيرًا تمَّ الاتفاق المالي للشركة عام ١٩٦٨، ويُقدَّر احتياطي أكشوشط بحوالي ٢٨ مليون طن، والمتوقع أن يصدر سنويًّا ٢٥ ألف طن من النحاس، ويحتاج استغلال النحاس إلى تحسين الطريق البري وميناء نواكشوط. ونظرًا لغنى خامَيِ الحديد والنحاس وجَوْدتهما، وقرب موريتانيا من سوق الاستهلال الأوروبي، ورخص النقل البحري، فالمتوقع أن يحدث انتعاش كبير في هذه الدولة الصحراوية، وأن يرتفع الدخل الفردي لقلة السكان وارتفاع عوائد التصدير.
  • (١٨)
    موزمبيق: يُعَدُّ مشروع السد الذي يُقترَح إقامته على الزمبيزي في خانق ومندفعات كابوراباسا — على بُعْد ٣٠٠كم بعد أن يدخل الزمبيزي مستعمرة موزمبيق — ثاني أضخم مشروع لتوليد الطاقة في أفريقيا بعد مشروع شلالات إنجا في زائيري، فالمتوقع أن تعطي محطة الطاقة المقترحة طاقة قدرها ٢٥٠٠ ميجا وات، بينما مشروع إنجا يعطي ٣٠٠٠٠ ميجا وات، والسد العالي يعطي ٢٢٠٠ ميجا وات، وسد كاريبا ٧١٥ ميجا وات، وإذا كان السد العالي يعطي ١٠٠٠٠ مليون كيلووات/ساعة في السنة، وكاريبا يعطي نحو ٧٠٠٠ مليون ك. و. س، فإن كابوراباس سوف يعطي ١٧ ألف مليون ك. و. س، ونظرًا لأن مكان السد المقترح يقع في منطقة أخدودية، فإن طول جسم السد سيكون ٣٠٠ مترٍ فقط، كما أن بحيرة التخزين ستمتد ٢٥٠كم فقط (السد العالي طوله ٣٦٠٠ متر، وبحيرة التخزين ٥٠٠كم). وإلى جانب الطاقة فإن المشروع يخدم ري مساحة ضخمة قد تصل إلى نحو نصف مليون هكتار (١٫٢٥مليون فدان تقريبًا)، منها النصف تخصص لزراعة الغابات وتنمية الثروة الخشبية، ومساحات أخرى لزراعة قصب السكر والموالح والقطن والجوت وحبوب غذائية أفريقية.

    ولكن أحد أهم المشكلات التي تعترض المشروع الذي وافقت البرتغال في ١٩٦٦ على دراسته، وتكوين رأسمال استثماري لإقامته من مجموعة من الدول (فرنسا، ألمانيا، السويد، بريطانيا، الولايات المتحدة، اليابان، جنوب أفريقيا)، هو تصريف هذه الطاقة الهائلة، فسوق موزمبيق الضيق لا يسمح باستخدامها، ومن ثَمَّ فإن أكبر عميل منتظر هو جنوب أفريقيا، ويقتضي ذلك مد شبكة تحميل عالية للتيار لمسافة ١٣٠٠كم … لكن أهم العقبات التي تقف أمام البدء بتنفيذ المشروع هي انسحاب اليابان — حكومة ومؤسسات خاصة — من التمويل؛ خوفًا من أن يؤدي اشتراكها إلى رد فعل عنيف ضدها من جانب الدول الأفريقية التي تقاطع المتعاملين مع الاستعمار البرتغالي، وقد أُضِيف إلى ذلك عقبة أخرى هي أن جنوب أفريقيا قد طلبت ضمانات من الحكومة البرتغالية لصيانة المشروع ضد أعمال التخريب التي قد يلجأ إليها الوطنيون في موزمبيق، وعلى هذا فإن العقد النهائي لتكوين الشركة لم يُوقَّع بعدُ نظرًا لهذه الأسباب السياسية.

  • (١٩)
    ملاجاشي: تقوم ملاجاشي بإنشاءات هندسية على نهر مانجوكي في الجنوب الغربي من أجل توسيع رقعة الزراعة، وبرغم أن المشروع لا يتعدى استصلاح عشرة آلاف هكتار، إلا أن عائد الاستثمار قُدِّرَ بنحو ٦٫٧٪ حينما تبلغ الحقول مرحلة النضوج.
  • (٢٠)
    نيجيريا: انتهى العمل في سد كاينجي في ١٩٦٩، الذي يقع على مبعدة مائة كم شمالي جبا على نهر النيجر، وتُقدَّر طاقة الكهرباء المنتجة ﺑ ٣٢٠ ألف كيلووات، سترتفع في النهاية إلى ٨٨٠ ألفًا، ويخدم المشروع أيضًا تحسين مصايد الأسماك النهرية، واستمرار الملاحة طول السنة في النيجر، وقد بلغت تكاليف المشروع ٢٤٥ مليون دولار (طول السد ٢٠٠ متر، وارتفاعه ٢٥ مترًا)، وقد استغرق إنشاؤه خمس سنوات.

مراجع لمزيد من الاطلاع

  • Ady, P. H., 1965. “Oxford Regional Economic Atlas: Africa” Oxford.
  • Baumann, H. & Thurnwald, R., & D. Westermann 1940. “Voelkerkunde von Afrika” Essen.
  • Buell, R. L., 1928 “The Native Problem in Africa” New York.
  • F. A. O., 1964 “Production Year book” Rome.
  • Hance, W. A., 1958 “African Economic Development” New York.
  • Harrison Church, R. J., 1964 “Africa and the Islands” London.
  • Herskovitz, M, J., & W. R. Bascom, 1959. “Continuity and change in African Cultures” Chicago.
  • International African Institute, 1956 “Social Implications of Industrialization and Urbanization in Africa South of the Sahara” UNESCO.
  • Kimble, G. H. T., 1960 “Tropical Africa” New York.
  • Murdock, G. P., 1959. “Africa: Its Peoples and their Culture History” New York.
  • Oxford, World Economic Atlas. 1965. Oxford.
  • U. N. Statistical Year book 1970. New York.
  • محمد رياض وكوثر عبد الرسول: «الاقتصاد الأفريقي»، القاهرة ١٩٦٣.

  • محمد رياض: «الزراعة والتغيير الاقتصادي والاجتماعي في أفريقيا»، القاهرة ١٩٧١.

١  الأرقام الواردة لإنتاج المعادن الأفريقية في الصفحات التالية مستمَدة من المصادر التالية:
  • U. N. Statistical Year book, 1970 New York 1971.
  • Oxford Economic Atlas of the World, 1965.
  • Oxford Regional Economic Atlas Africa: oxford 1965.
  • Meyers Handbuch Ueber Afrika, Mannheim 1962.
وكذلك من «الاقتصاد الأفريقي» لمحمد رياض، وكوثر عبد الرسول، القاهرة ١٩٦٣.
٢  في أفريقيا ١٥١ مليونًا من رءوس الماشية الكبيرة من مجموع ١١١٨ مليون رأس في العالم (إحصائيات هيئة الأغذية والزراعة ١٩٧٠)، وأعداد الماشية الأفريقية في الواقع أقل مما يجب أن تكون عليه؛ إذ إن هذا العدد يساوي ١٣٫٥٪ من المجموع العالمي، هذا فضلًا عن أن الأبقار الأفريقية أقل جودةً من كثير من الأبقار العالمية؛ ففي الهند وحدها ١٧٥ مليونًا من رءوس الماشية، وفي الولايات المتحدة ١١٢ مليون رأس، وفي الاتحاد السوفييتي ٩٧ مليونًا، ولا توجد في أفريقيا دول تمتلك أكثر من عشرة ملايين رأس سوى إثيوبيا (٢٥ مليونًا)، وجنوب أفريقيا (١٢٫٥ مليونًا)، ونيجيريا (١١٫٥ مليونًا)، وتنزانيا والسودان بكلٍّ منهما ١١ مليونًا.
٣  يُلاحَظ أن هذه المحاصيل ليست كلها أفريقية الأصل؛ فالأرز والقلقاس واليام والموز والبسلة والخيار والشمام وجوز الهند والمانجو وقصب السكر آسيوية الأصل، جاء العرب بمعظمها إلى مشرق القارة ونطاق السفانا، أما البطاطا والكاسافا والمانيوق والفاصوليا والفول السوداني والطماطم والذرة والأناناس والكوسة والكاكاو والتبغ فأمريكية الأصل، جاءت بعد كشف أمريكا. راجع: محمد رياض وكوثر عبد الرسول «الاقتصاد الأفريقي»، القاهرة ١٩٦٣، ص٢٢٥–٢٢٩.
٤  أرقام هذا الجدول وغيره من الأرقام الواردة عن إنتاج الطاقة والبترول مأخوذة عن المصادر التالية:
  • محمد رياض وكوثر عبد الرسول: «الاقتصاد الأفريقي»، القاهرة ١٩٦٣.

  • U. N. Statistical Year Book 1970.
  • Oxford Regional Economic Atlas, Africa, Oxford 1965.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤