موسم ١٩٢٧-١٩٢٨

بدأ هذا الموسم بتألُّق من فرقة الكسَّار، حيث كانت أول فرقة كوميدية تفتتحه بمسرحيتها الجديدة «ابن فرعون» يوم ١ / ١٠ / ١٩٢٧، تأليف زكي إبراهيم، وأزجال بديع خيري، وتلحين زكريا أحمد، وتمثيل: علي الكسَّار ورتيبة رشدي وحامد مرسي وزكي إبراهيم ومحمد سعيد وفكتوريا كوهين وزكية إبراهيم. وقد كتب عبد الرازق ناقِد جريدة كوكب الشرق بحثًا نقديًّا — لا مقالة نقديَّة — بيَّن فيه قيمة هذه المسرحيَّة فنيًّا وتاريخيًّا، بعد أن قارن بين أحداثها وبين التاريخ الفرعوني، مُعتمِدًا في مقارنته على بعض كُتُب التاريخ. كما تحدَّث أيضًا عن التمثيل والملابس والإخراج … إلخ. وأهم نقطة لفَتَتْ نظرَه أن المسرحية كُتِبت بمزيج من الفصحى والعاميَّة، في سابقة لم تحدث في عروض الكسَّار.١
figure
الصفحة الأخيرة من مخطوطة مسرحية ابن فرعون.
figure
وفي يوم ٢٠ / ١٠ / ١٩٢٧ عرضت الفرقة مسرحيَّتَها الجديدة الثانية لهذا الموسم، وهي مسرحية «زهرة الربيع»، تأليف حامد السيد وأزجال بديع خيري وتلحين زكريا أحمد، وتمثيل الكسَّار وأفراد فرقته.٢
بعد نجاح هاتين المسرحيتين، ظهر الريحاني بعد غَيْبة طويلة ومثَّل مع فرقته مسرحية «يوم القيامة» تأليف أمين صدقي، في أوائل نوفمبر ١٩٢٧. وهذا يعني أنَّ منافِسَا الكسَّارِ اتَّحدَا سويًّا في هذا العمل، الذي لم نجد له أيَّة أصداء نقديَّة.٣ بينما نجد النقد والمديح يتَّجه صَوْب الكسَّار الذي عرض مسرحيته الثالثة في هذا الموسم، وهي «الحساب» تأليف بديع خيري وتلحين زكريا أحمد، وتمثيل الكسَّار وأعضاء فرقته يوم ١٠ / ١١ / ١٩٢٧. وهي مسرحية تُظهِر مساوئ إجراءات السجون، وأعمال الدَّجَل والنَّصْب من قِبَل المحامين، وتدخل أصحاب النفوذ في عدم تنفيذ القانون، واستخدام الوساطة والمحسوبيَّة … إلخ.٤
وبعد أقلِّ من شهر عرض الكسَّار مسرحيته الرابعة «بدر البدور» يوم ٥ / ١٢ / ١٩٢٧، تأليف بديع خيري، وتمثيل الكسَّار وحامد مرسي ورتيبة رشدي وعبد العزيز محمد وزكي إبراهيم وحكمت فهمي.٥ وقد استحسن النقاد هذه المسرحية خصوصًا الإخراج، الذي قال عنه الناقد عبد الرازق: «كان إخراج هذه الرواية كثيرَ الإتقان، وكانت مناظرُها وملابسها على درجة من الجمال كبيرة. ولعلَّ هذه الناحية، هي أكثر نواحيها روعةً وجلالًا، ويُعزَى إليها السرُّ في نجاح هذه الرواية.»٦
وبعد نجاح الكسَّار في هاتين المسرحيتين أيضًا، أخرج الريحاني في ديسمبر ١٩٢٧، مسرحيته الجديدة الثانية «علشان بوسة» تأليف بديع خيري.٧ وكتب ناقد مجلَّة المصور كلمةً عنها، قال فيها: «ليس في الرواية حكمةٌ بليغة أو فكرة سامية أو تحليل خلقي يُجتنَى منه نفعٌ ما. ولكن إذا تساهَل النقد إلى حدِّ المجاملة. يُقال إن فيها عبرة لهؤلاء النَّفَر الذين جعلوا مضايقةَ السيدات والتحرَّش بهنَّ صناعة. كما أنه لا يُؤخَذ على المؤلف بديع شيء البتة؛ إذ قد وفَّى ما يُطلَب من مُؤلِّفي هذا النوع من حُسْن السَّبْك وملاحة النكتة، اللهمَّ إلَّا بعض ألفاظ يُمكِن تَلافِيها في المستقبل لثِقَلها على السمع.»٨
ورغم هذا الهجوم على الريحاني، إلَّا أنه كان منافسًا حقيقيًّا للكسَّار، طوال فترة ليست بالقصيرة في هذا الموسم. فعندما عرض الكسَّار مسرحيته الجديدة الخامسة «حلم ولا علم»، تأليف بديع خيري وتلحين زكريا أحمد يوم ٥ / ١ / ١٩٢٨. نجد الريحاني بعد أسبوع يعرض مسرحيته الجديدة «جِنان في جنان» تأليف بديع خيري والريحاني. فيقوم الكسَّار بعد أسبوعين بعرض مسرحيته السادسة «الساحر أبو فصادة» تأليف حامد السيد وأزجال بديع خيري وتلحين زكريا أحمد يوم ١ / ٢ / ١٩٢٨. فيقوم الريحاني بعد أسبوعين أيضًا بعرض مسرحيته الجديدة «آه من النسوان» تأليف بديع والريحاني.٩ وقد كتبت مجلة الستار كلمةً عن هذه المسرحيَّة، قالت فيها:
هي رابع رواية ناجِحة أخرجها مسرح الريحاني هذا العام — إذا اعتبرنا رواية يوم القيامة من الروايات الناجحة — وهي أقرب إلى نوع الفودفيل منها إلى نوع الريفيو، الذي برع الريحاني في إخراجه هذا العام، ولولا ظهور الراقصات على المسرح بمناسبة وغير مناسبة، لكانت رواية فريدة في نوعها، ولصحَّ أن تُمثَّل على أيِّ مسرح من مسارح أوروبا. ولا يعني هذا أن الرقصَ جاء مُشوِّهًا للرواية — وإنما كان «زيادة حلاوة» لازمة لإدخال السرور على قلوب المُتفرِّجين المصريين. التأليف: وهنا لي ملاحظة قد أَحتاجُ إلى شيء من الشجاعة لإبدائها بكلِّ صراحة. اشترك في تأليف هذه الرواية كلٌّ من الأستاذَيْنِ نجيب الريحاني وبديع خيري، على أن الناقد المُدقِّق يُلاحِظ أنَّ الروايات التي أخرجها مسرح الماجستيك — وهي من تأليف الأستاذ بديع خيري بمفرده — تختلف كلَّ الاختلاف عن روايات مسرح الريحاني، فلست تجد فيها تلك الحركة المسرحية المحبوكة، ولا تلك الروح الخفيفة ولا النكتة الطريفة الجديدة، ولعلَّ السبب في ذلك راجعٌ ولا شكَّ إلى اشتراك الأستاذ نجيب الريحاني في التأليف.١٠
figure
غلاف مخطوطة مسرحية «الساحر أبو فصادة».
وفي مارس ينْشَط الكسَّار بصورة ملحوظة، ويعرض مسرحيته السابعة «السكرتير» تأليف حامد السيد وأزجال بديع خيري وألحان زكريا أحمد يوم ١ / ٣ / ١٩٢٨. وبعدها بأسبوع نجده يعرض بتياترو البلفدير بالإسكندرية مسرحيتي «الحساب وبدر البدور»، ثم ينشَط أكثر فأكثر ويعرض حفلتين كلَّ يوم من أيام العيد، فيمثِّل مسرحيات: «الحساب»، «بدر البدور»، «حلم ولا علم»، «البربري في الجيش». وفي يوم ٥ / ٤ / ١٩٢٨ نجده يعرض مسرحيته الجديدة الثامنة «غاية المنا»، تأليف بديع خيري وتلحين زكريا أحمد.١١
figure
الصفحة الأولى من مخطوطة مسرحية «غاية المنا».
figure
تقرير الرقابة عن مسرحية «غاية المنا».
ومقابل هذا النشاط المتواصِل للكسَّار، نجد الريحاني يمثِّل آخر مسرحياته الجديدة في هذا الموسم «إبقى اغمزني»، في أبريل ١٩٢٨، وقد تخلَّى فيها الريحاني عن شخصيته الفنية كشكش بك.١٢ وتخلى أيضًا عن منافسة الكسَّار بقيَّة الموسم، فانطلق الكسَّار في نجاح عروضه المتوالية، فنجده يوم ٨ / ٥ / ١٩٢٨ يمثِّل مسرحيته الجديدة التاسعة «نصيحة عالهامش»، تأليف حامد السيد وأزجال بديع خيري، وتمثيل: علي الكسَّار وحامد مرسي ورتيبة رشدي وفكتوريا كوهين وصوفي جوزيف وزكية إبراهيم. وفي يوم ١٤ / ٦ / ١٩٢٨ يختتم الكسَّار موسمه بمسرحيته العاشرة «الشيخ عثمان»، تأليف بديع خيري وتلحين إبراهيم فوزي وبطولة الكسَّار وأعضاء فرقته.١٣
figure
إحدى صفحات مخطوطة مسرحية «نصيحة عالهامش».
لم يتوقَّف الكسَّار بعد انتهاء موسمه لِيلْتَقِط أنفاسه، بل بدأ في منتصف يونيو ١٩٢٨ موسمه الصيفي، فعرض مجموعة من مسرحياته السابقة على عدَّة مسارح، منها: مسرح كازينو مونت كارلو بروض الفرج، ومسرح زيزينيا بالإسكندرية، ومسرح البلدية بطنطا. ومن العروض التي قدَّمها في هذا الموسم الصيفي: «بدر البدور»، «الشيخ عثمان»، «الحساب»، «ناظر الزراعة»، «البرنس الصغير»، «الطمبورة»، «الوارث»، «غاية المنا»، «ابن فرعون».١٤
وفي هذا الموسم الصيفي ظهر أمين صدقي بعد اختفاءٍ ظلَّ لمدة عام كامل، بسبب هَدْمه لمسرحه «سميراميس»، واشتغاله بتأليف المسرحيات للفِرق الأخرى. ظهر صدقي مرَّة أخرى في مايو ١٩٢٨، بعد أن اتفقت معه شركة بيرة الأهرام على تشكيل فِرقة مسرحية، تمثِّل على حديقتها بالجيزة. وبالفعل شكَّل صدقي هذه الفرقة، وتكوَّنت من: محمد بهجت، عبد اللطيف جمجوم، فؤاد شفيق، دوللي أنطوان، هنريت كوهين، والراقصتين بتروفنا، وفيوري الراقصة الإيطالية، ولويزة الراقصة الشرقية، عبد الحميد زكي، شفيقة المصرية، فؤاد شفيق، حسين المليجي، حسين إبراهيم، توفيق المردنلي. ومثَّلت هذه الفرقة — على مدار ثلاثة أشهر — مجموعةً من المسرحيَّات الكوميدية، منها: «ناظر الزراعة»، «جوزي جاي ورايا»، «بنت الشبندر»، «زقزوق في الجيش»، «مرحب»، «عصافير الجنة»، «حزب السح وحزب النح»، «ألف ليلة»، «زقزوق حيخش دنيا».١٥
وإذا نظرنا في هذا الموسم إلى الفِرَق الكوميدية التي تعمل صيفًا فقط، سنجد فرقة فوزي منيب التي تعرض مسرحيات الكسَّار بعد تحويرها وتغيير مواقفها، على مسارح روض الفرج، ويقوم فوزي منيب فيها بتقليد شخصية البربري. كذلك فرقة يوسف عز الدين التي تعرض مسرحيات الريحاني بعد تغييرها على مسارح روض الفرج أيضًا، ويقوم يوسف عز الدين كذلك بتقليد شخصية كشكش بك. وبالإضافة إلى هاتين الفرقتين نجد فرقة عبد العزيز خليل التي كانت تعرض أعمالَها الكوميدية على مسرح مونت كارلو بروض الفرج.١٦ أما فرقة محمد كمال المصري «شرفنطح»، فكانت تعرض مسرحيَّاتها الكوميدية — في سبتمبر ١٩٢٨ — على مسرح بيرة الأهرام، بعد أن تركه أمين صدقي، ومنها: «وراهم»، «الضابط المأثور».١٧
١  يُنظَر: جريدة كوكب الشرق، من ٤ / ١٠ / ١٩٢٧ إلى ٧ / ١٠ / ١٩٢٧، مجلة الناقد ١٠ / ١٠ / ١٩٢٧، مجلة الستار ١٠ / ١٠ / ١٩٢٧، مجلة العروسة ١٢ / ١٠ / ١٩٢٧، مجلة الفنون ٢٣ / ١٠ / ١٩٢٧.
٢  يُنظَر: جريدة البلاغ ٢٠ / ١٠ / ١٩٢٧، مجلة الناقد ٢٤ / ١٠ / ١٩٢٧.
٣  يُنظَر: مجلة الستار ٢٤ / ١٠ / ١٩٢٧، جريدة المقطم ٢ / ١١ / ١٩٢٧.
٤  يُنظَر: جريدة كوكب الشرق ١٠ / ١١ / ١٩٢٧، ١٦ / ١١ / ١٩٢٧، جريدة البلاغ ١١ / ١١ / ١٩٢٧، مجلة الناقد ١٤ / ١١ / ١٩٢٧.
٥  يُنظَر: مجلة الستار ٥ / ١٢ / ١٩٢٧، جريدة كوكب الشرق ٩ / ١٢ / ١٩٢٧.
٦  جريدة كوكب الشرق ٢٢ / ١٢ / ١٩٢٧.
٧  يُنظَر: مجلة الستار ٢٦ / ١٢ / ١٩٢٧، جريدة الأهرام ١ / ١ / ١٩٢٨.
٨  مجلة المصور ٢٣ / ١٢ / ١٩٢٧.
٩  يُنظَر: جريدة الأهرام ١٠ / ١ / ١٩٢٨، ١٢ / ١ / ١٩٢٨، ٣١ / ١ / ١٩٢٨، ٤ / ٢ / ١٩٢٨، ٢٢ / ٢ / ١٩٢٨، مجلة الناقد ٢٣ / ١ / ١٩٢٨، ٣٠ / ١ / ١٩٢٨، مجلة الستار ١ / ٢ / ١٩٢٨، ٨ / ٢ / ١٩٢٨، جريدة البلاغ ٤ / ١ / ١٩٢٨، ٣٠ / ١ / ١٩٢٨. ومن الجدير بالذكر أن الريحاني مثَّل في هذه الفترة مسرحية «كشكش بك عضو في البرلمان»، وهي من فَصْل واحد، تأليف الريحانى وبديع خيري، ومُثِّلت في حفلة خاصَّة بقصر الأمير محمد علي. للمزيد يُنظَر: مجلة الناقد ٢٧ / ٢ / ١٩٢٨.
١٠  مجلة الستار ٥ / ٣ / ١٩٢٨.
١١  يُنظَر: جريدة البلاغ ١ / ٣ / ١٩٢٨، ٧ / ٣ / ١٩٢٨، ٢٢ / ٣ / ١٩٢٨، ٥ / ٤ / ١٩٢٨.
١٢  يُنظَر: مجلة الستار ٢١ / ٤ / ١٩٢٨، مجلة الناقد ٢٣ / ٤ / ١٩٢٨.
١٣  يُنظَر: جريدة البلاغ ١ / ٥ / ١٩٢٨، ١٧ / ٦ / ١٩٢٨، جريدة المقطم ٢١ / ٥ / ١٩٢٨.
١٤  يُنظَر: جريدة البلاغ ١٨ / ٦ / ١٩٢٨، ٣ / ٩ / ١٩٢٨، جريدة كوكب الشرق ٣ / ٧ / ١٩٢٨، جريدة الأهرام ٣ / ٧ / ١٩٢٨، ٢٧ / ٧ / ١٩٢٨، ٣ / ٨ / ١٩٢٨، ٨ / ٨ / ١٩٢٨، ١١ / ٨ / ١٩٢٨.
١٥  يُنظَر: مجلة الستار ١٥ / ٥ / ١٩٢٨، جريدة الأهرام ٣ / ٧ / ١٩٢٨، ١١ / ٧ / ١٩٢٨، ١٤ / ٧ / ١٩٢٨، ١٧ / ٧ / ١٩٢٨، ٢٧ / ٧ / ١٩٢٨، ٣ / ٨ / ١٩٢٨، ٢٣ / ٨ / ١٩٢٨.
١٦  مجلة الستار ١٥ / ٥ / ١٩٢٨.
١٧  يُنظَر: جريدة الأهرام ٤ / ٩ / ١٩٢٨، ١٣ / ٩ / ١٩٢٨.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤