الفصل الثاني

(يُرى جراندير عند المذبح، وفيليب جاثية عند قدمَيْه، جراندير يرفع صينية، ثم يقول):

(جراندير يرش الماء المقدس على الخاتم، ثم يلتقط الخاتم من فوق الصينية، يهبط ويجثو إلى جوار فيليب.)

(يضع جراندير الخاتم على إبهام فيليب قائلًا):

(وعلى هذا الإصبع يترك الخاتم.)

(جراندير يعتلي سلم المذبح.)

(ثم ينخفض همس صوتَيْهما تدريجًا حتى الصمت.)

***

(في الشارع.)

(يُرى عامل المجاري جالسًا على راحته، ممسكًا بقفص يحوي طائرًا. جراندير وفيليب يقبلان من الكنيسة.)

(يتبادلان قبلة ثم يتحدث عامل المجاري.)

(صمت.)

(فيليب تنصرف.)

***

(النهار.)

(جان على ركبتَيْها، باري ورانجير ومنيون يواجهونها.)

(باري ينتحي جانبًا مع رانجير ومنيون، ويوجه باري الحديث إلى رانجير.)

(يخرج رانجير من خلال الباب الصغير المنخفض، ويلتفت باري إلى جان.)

(صمت.)

(رانجير يخرج من الحجرة الداخلية.)

(جان تقف بالباب تحدق في الحجرة الصغيرة المظلمة. ثم تُرى وهي تناضل بين يدي باري، وكأنها حيوان يعوي.)

(يتقدم رانجير نحو باري، ويمسكان المرأة معًا.)

(باري ورانجير يحملان المرأة المناضلة إلى الغرفة، ويغلق الباب محدثًا صوتًا، ويبقى منيون وحيدًا وهو يجثو على ركبته ويشرع في الصلاة.)

(تصدر عن جان صيحة من داخل الغرفة، ثم تتحول الصيحة إلى نحيب وضحك، فيعلو صوت منيون في الصلاة. صوته فارغ، منفعل، ضعيف، يصعد ثم يتلاشى.)

***

(يتحرك إلى المقدمة دارمنياك ودي سيريزاي وجراندير.)

(جراندير ودارمنياك ينصرفان، ويحدق فيهما سيريزاي لحظة، ثم يتحرك ليدخل …)

***

(غرفة مرتفعة السقف، مؤثثة بسريرَيْن صغيرَيْن، تشغل جان أحدهما، وباري ورانجير ومنيون حاضرون، وكذلك آدم ومانوري، ويُرى كاتب يقوم بالتسجيل.)

(يلتفت باري ليحدق في دي سيرايزاي في صمت.)

(باري يلتفت ثانيةً إلى جان.)

(جان ترتمي فجأة على السرير وتنهق كالخنزير الصغير. أسنانها تصطك وتعبث بنظام السرير المرتب، ويتراجع الرجال عنها، ثم تعتدل في جلستها وتحدق فيهم.)

(تهمس مرة ثانية، ثم تضحك.)

(جان تجذب باري إليها مرة أخرى، وتهمس في خبل وتصبح كلماتها مسموعة بالتدريج.)

(صمت. منيون يخر على ركبتَيْه ويصلي، ويمسك باري دي سيريزاي من ذراعه، ويبتعدان عن جان والآخرين وهما يتكلمان.)

(دي سيريزاي ينصرف، باري يتلفت، ومانوري وآدم يقتربان.)

(يقتربان من باري.)

(يسود الصمت، جراندير يسير على مبعدة، ينصرف باري ومانوري وآدم، جراندير يقترب، تهرع إليه فيليب.)

(تضحك ضحكة مفاجئة مذهلة جافة.)

(صمت.)

***

(الأب باري يصيح صيحة جافة وهو يظهر في أعلى السلم، يقبل وكأنه مخمور ويتفرق الآخرون مذعورين.)

(باري يهبط إلى الغرفة.)

(صمت.)

***

(دارمنياك وسيريزاي على المائدة، يقترب منهما جراندير بشكل رسمي.)

***

(حديقة الدير. جان وكلير تجلسان على دكة لويز وجبرائيل على الأرض عند قدمَيْهما. أختان مجهولتان تقفان قريبًا. صمت رهيب.)

(صمت.)

***

(فوق الحصون. في المساء.)

(دارمنياك ودي سيريزاي يدخلان من جهتَيْن مختلفَتين، متلفعين وقاية من المطر، ويصيحان ليُسْمَع صوتهما خلال الريح العاصفة.)

(يظهر جراندير بعيدًا من أسفل.)

(دارمنياك وسيريزاي ينصرفان، جراندير يركع، والرياح تعصف والأمطار تنهمر من حوله.)

(يتلاشى صوته.)

(سكون.)

***

(منيون يسوق جان أمامه، تتبعهما كلير ولويز وجبرائيل، والأختَين المجهولتَين ويقف لوباردنت جانبًا.)

(صمت.)

(منيون يتجه نحو لوباردمنت.)

(ضجيج من أصوات شيطانية، ضحكات استهزاء، أصوات كأصوات الخنازير، صراخ، عواء.)

(دي لوباردمنت يتحرك إلى منيون.)

(جمهور كبير من الناس يتدفق في القصر، رجال ونساء من المدينة، عامل المجاري، آدم ومانوري، ترنسانت، قزم، مخلوق، طبال، نساء ضاحكات، كلاب، وأطفال يتسلقون إلى مواقع ممتازة يشاهدون منها.)

(من أسفل: الأخوات يقمن بحركات عجيبة، جان على يدَيها وركبتَيها تشم الأرض، وكلير ترفع طرف ردائها فوق رأسها وتعرض نفسها في مشية كئيبة. أما لويز وجبرائيل فتلتصقان في عناق، ويكونان شكل حيوان. وعنهن جميعًا تصدر صيحات شيطانية خشنة كأصوات الذكور أصوات غير واضحة، مختنقة، ضارعة، خليط من فحش القول. وسرور أهل المدينة بالغ، يلوح بعضهم لبعض بإشارة تنم عن السرور الشديد، وبعضهم يحث الأخوات على المبالغة، وتثير الإعجاب أخت مجهولة، خفيفة الحركة كأنها بهلوان. وقد انكبت جماعة على الطعام والشراب وأخذت تراقب ما يجري. الأجراس تجلجل من فوق قمة برج كنيسة القديس بطرس.)

(يدخل باري دخول الظافرين، حاملًا صليبًا من الذهب مرصعًا بالجواهر في أعلام تمثال المسيح وهو مصلوب، الصليب يتلوى ويلمع بين يديه المرتعشتين. ويقبل رانجير من طريق آخر، وثلاثة رهبان من دير الكرمل من جانب آخر، ويقترب منيون منهم، ويجتمعون جميعًا.)

(أخت مجهولة تخدش الأرض بيدَيها عند قدمي باري.)

(باري يمسها بالصليب، دون جدوى؛ ولذا فهو يركل المرأة جانبًا في وحشية.)

(يدخل الرماة، ويبعدون الجمهور إلى الوراء. يكاد يسود الصمت. يقف الرماة صفًّا أمام الجمهور فيعزلون الأخوات.)

(لفاياتان يصيح صيحة عالية، وتصدر أصوات مختلطة من الشياطين الأخرى، ويظهر السرور على الجمهور.)

(رهبان الكرمل يأتون بهذه الآثار ويرتبونها.)

(باري يخر على ركبتَيه ويصلي. الجمهور يصمت. يدخل هنري دي كندي، يستند إلى ولدان مصبوغين بالألوان وكأنه من قوم لوط. رجل فخم أنيق ينظر إلى باري لحظة، ثم يتكلم.)

(يتجه دي كندي إلى مكان معد عن كثب ويجلس شاخصًا إلى المنظر، والوِلدان يلعبون من حوله كالفراش، وقد بات الأخوات مكدسات في غير نظام، مكدودات، وكأنهن من سقط المتاع الملقى على الأرض. باري يرتدي عباءته ويستعد بمعونة منيون ورانجير.)

(يجذب دي كندي أحد الوِلْدان إليه.)

(يضع باري القدح على رأسه ويركع.)

(باري ينهض ويتجه نحو جان.)

(ضحك عميق، وتعقبه الشياطين الأخرى.)

(الأرواح الشريرة في لغط.)

(رانجير ومنيون يسيران وسط الأخوات يرشان الماء المقدس فتتلاشى تدريجيًّا الصيحات والأصوات المرتفعة.)

(رانجير ومنيون ورهبان الكرمل يدفعون الأخوات البائسات إلى الأمام حتى يقفن في صف تجاه دي كندي، الذي يحدق فيهن بازدراء.)

(صمت.)

(باري يتقدم بينما يتناول دي كندي صندوقًا صغيرًا من أحد الوالدان.)

(باري يتناول الصندوق بين يدَيه باحترام ويقبله.)

(باري يتقدم نحو جان.)

(باري يضع الصندوق على جبين جان، فترحل الشياطين عن جسدها في الحال، عن طريق فمها المشوه، وهي تصرخ عدة صرخات. صمت. ثم تنهض جان منتصبة وتتكلم في هدوء، في صوت فتاة صغيرة، وبشخصها.)

(تتجه إلى دي كندي، تركع، وتلثم يدَيه.)

(دي كندي يتناول الصندوق من باري، ويفتحه، ويقلبه، فإذا به فارغ.)

(يسود الرجلين صمت. يبتسم دي كندي. الجمهور صامت. النساء مفزوعات. منيون يشق السكون في لحظة، يجري في دوائر صغيرة ممسكًا برأسه الصغير بين راحتَيه.)

(منيون يصيح، بينما بهريت يدخل عنوة، ويبدأ رانجير فجأة في الصهيل كأنه حصان، ويرقص في رشاقة، ويتقدم ليعرض نفسه. وتبدأ الأخوات في الصراخ والعويل وقد أحسسن بالعطف، وتهب إحداهن نفسها لرانجير في فحش، فيمتطيها. ولا تبقى سوى جان وحيدة ساكنة. ويبدأ صبي إلى جوار دي كندي في الضحك الرنان بصورة هستيرية. ويسود الجمهور اضطراب. وتحل الشياطين بامرأتَين. يتطلع باري حواليه في فزع، ثم يلوح بالصليب كأنه عصا، ويغوص بين الشياطين المحيطة به.)

(دي كندي والولدان ينصرفون، كلير ولويز تدخلان منفصلتَين عن جان، أصوات مرحة.)

(تنصرفان وهما تضحكان، تقف جان صامتة برهة، ثم …)

(ترتفع أصوات النسوة من المعبد المجاور.)

***

(مجلس الولاية في المساء.)

(لويس الثالث عشر – ريشيليو – الأب جوزيف – لافيريير وزير الدولة)

(دي كندي منعزل.)

(دي لوباردمنت يتقدم ويخاطب المجلس، يقف إلى جانبه كاتب، يسلمه أوراقًا لها بالموضوع صلة بين الحين والآخر.)

(الرجلان يوجِّهان الخطاب إلى المجلس.)

(يقاطعه ريشيليو بإشارة منه.)

(دي لوباردمنت يتقدم، يتجمع حوله الحراس، ثم ينطلقون.)

***

(صباح رائع.)

(جراندير يتقدم نحو عامل المجاري حاملًا باقة من الزهور.)

(صمت.)

(صمت.)

(جراندير يتقدم ويدخل الكنيسة. الجند يقفون مسترخين حول المذبح، ويتقدم لوباردمنت.)

(جراندير بين الجند، يخرج من الكنيسة إلى ضوء الشمس ودي لوباردمنت يتقدم الطريق، ويمرون خلال الشارع، ويتطلع آدم ومانوري وترسانت من نافذة عُليا وهم يضحكون في سخرية.)

(وتشاهد المنظر فيليب ترنسانت وإلى جانبها رجل عجوز صامت.)

(يتحرك رانجير ومنيون في الكنيسة، ومعهما مبخرة، يترنمان، ويخرجان الشياطين.)

(وباري جاثٍ على ركبتَيه في الشارع أثناء مرور جراندير.)

(وعامل المجاري يشاهد المنظر ويتجمع حوله زحام من أهل المدينة، محدثين ضجة، ومتسائلين. وبينما يسير جراندير، تمتلئ الطرقات والكنيسة بصياح الشياطين وضحكاتهم، التي تصدر من جميع الأفواه.)

(ضحك. ضحك.)