رسالة من نوري السعيد والجواب عليها

سيدي ومولاي صاحب السمو الملكي

بعد التشرف بلثم اليدين الكريمتين والابتهال إلى الله جل وعلا بأن يطيل عمر مولاي ويقرن أيامه الغر بالعز واليمن. أعرض أنني أرى من واجبي — وقد عدت إلى العراق — أن أعرب عن عظيم تأثري وعظيم اغتباطي بالعطف السامي والفضل العميم اللذين شاء نبل مولاي أن يغمرنا بهما في أثناء إقامتنا في الشرق العربي في الآونة الأخيرة.

والواقع أن ما لقيناه من سموه الملكي في أثناء الفتنة المؤسفة التي اجتاحت العراق في تلك الآونة ليس سوى حلقة جديدة من سلسلة أفضال سموه التي تتابعت علينا خلال بضع السنوات الأخيرة المكتظة بالأحداث والأرزاء، فكانت خير بلسم لجراحنا وأسطع نبراس أنار طريقنا في المراحل المظلمة التي اجتزناها، وأفضل مشجع لنا على مجابهة المصاعب المختلفة ومعالجة المشاكل المتنوعة التي اعترضت سير البلاد نحو أهدافها السامية ومثلها العليا التي اختطها لها البيت الهاشمي العظيم وتولى قيادتها إليها.

وإذا كان قلمي عاجزًا عن التعبير عمَّا أشعر به نحو عطف مولاي من التقدير والامتنان، فإني مطلق لساني بترتيل آيات الشكر والامتنان ومتوجه بقلبي إلى الله تعالى، سائلًا إياه أن يجزي مولاي عنَّا خير الجزاء، وأن يقر عينيه بتحقيق آمال الأمة العربية التي وقف عليها جهوده، فيجلي عن آفاقها سحب الظلمة والإبهام، ويبدل ذعرها أمنًا وشكها يقينًا وأمانيها حقائق، ويمهد أمامها سبل المجد والفلاح.

وأنتهز هذه الفرصة لتقديم عظيم احترامي وخالص أماني للأمراء الكرام، سائلًا المولى أن يقر بهم عيني سموه وأن يديمه ذخرًا وملاذًا للأمة العربية، وليتفضل مولاي بقبول فائق احترامي وتعظيمي.

العبد المخلص نوري السعيد
بغداد في ١٥ حزيران ١٩٤١

•••

عزيزي نوري باشا

لقد تلقيت بأنامل السرور رسالتكم الكريمة المؤرخة في ١٥ حزيران ١٩٤١ والصادرة عن بغداد، ولقد قدرنا ما جاء فيها من جمل وكلمات حق التقدير؛ وإنه من كان له مثل سابقتكم في الحجاز في حروب الثورة من بابها إلى أن بلغت نصابها فحري أن يكرم ويبجل متى كان لذلك التكريم والتبجيل سبب وسبيل.

أما وجودكم لدينا قبل قدوم سمو الوصي وأثناء وجوده هنا، فهو منكم عمل فذ لا يقوم به إلا كل شهم محب لوطنه. فقد برَّأكم الله من كل ما ألمَّ بالعراق في تلك المدة من خراب وتدمير على أيدي الأثمة الأشرار، سواء من كان من أهل العراق أو ممن حرضهم أعداء الكمال والاستقرار من فرار الأقطار بفلسطين وسوريا. والله أسأل أن يعيذنا جميعًا من شر كل هماز مشاء بنميم مناع للخير معتد أثيم.

رغدان في ٢٤ حزيران ١٩٤١
figure
سمو الأمير عبد الله لدى نزوله من الطائرة في مطار بغداد، في زيارته الأخيرة للعراق.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤