دوائر في كيمياء الحب

مهداة إلى الأصدقاء:
صلاح المعداوي
د. محمد مهدي غالي
والشاعر: د. سليمان محمد سليمان
تستطرِقُ أمواءُ الأحباب،
تأخذ شكل القلب،
تمتزج هَيُولَى الروحِ
عصاراتٍ تتعادلُ بالخاصيَّاتِ «الأسموزيَّة»،
عند تماسِّ الحملينِ،
خطوط البرقِ الخالدِ مشتعلاتُ بالأطيافِ،
نداء العيْنَيْنِ رحيقٌ
يتلاقى عبرَ الجسرِ السحريِّ،
جرِّدْ عينيك من العدساتِ اللاصقةِ،
وألوانِ الطيفِ وقوسِ «قزح».

•••

مهما تتجمَّل؛
لن تتحمَّلَ صبغاتِ الزيف وراثاتُك،
أو تنتقلَ صفاتٌ ليست فيكَ إلى أمشاجك،
أو ترسلَ حبَّك بجهازِ التوجيهِ على البعد،
أو تطبعَ بصمتكَ بقفَّازٍ،
أو تصلَ البسمة عبر قناع.

•••

أعضاءُ الإنسانِ جميعًا أصغرُ من ذاته،
ما أحلى أن يتذاوبَ نصفانِ؛
فكلٌّ يهفو لكميله.
لن يفصلَ بينهما عرضُ الكونِ وتيهُ مجرَّاته،
أو لغَطُ اللغةِ العجماء،
وبحور حضاراتِ عمياء
أو لونُ البشرة.
يا لضآلة صبغةِ ذرَّات «الميلانين»!١
ويا لتفاهةِ كلِّ مساحاتِ تضاريسِ المخِّ الشاسعةِ؛
اختزل الآن ملايين البشرِ،
وسافر خَلْفًا في الأحقابِ إلى «حواءَ وآدم»،
وستعرف أنك تشطبُ
كلَّ فوارقِ أنواعِ الأجناسِ،
وأنك مجذوبٌ لامرأة حتميَّة.
وستعرف أنكَ «ضلعٌ أعوجُ».

•••

هل تحقنُ فئرانَ تجاربكَ،
بترياقِ الحبِّ وإكسير الشعرِ وأفيون اللغو،
وتزجرها إن برئت أو مرضت أو ماتت عشقًا،
وتجرِّمُ أرضًا ما وطئتها قَدَمٌ قَبلًا،
نشرَت لما انسحقتْ تحت سنابك خيلكَ؟!
هل تنتظر الشدوَ
إذا حنَّطْتَ البلبلَ في قفصٍ ذهبيٍّ،
يتلظى بالقضبان وأندائكَ
بِخناجرِ شعرٍ تمطرهُ؟
لا تتأبَّ،
ولا تستكبرْ،
أو تشْر امرأةً سجدتْ لك،
واستكشف — لما تشرق شمسكَ —
نصفَ الكرةِ الآخرَ في ذاتك،
واستكشفْ — أيضًا — أعماقَ الدائرةِ،
ومركزها الناريَّ المجهول.

•••

لا تنسَ النقطةَ في باءِ الحُب،
ونضِّدْ عنقودَ القلب.
لن تهربَ لحظة طيرانِ السهمِ إلى هدفٍ محتوم،
هذِّب أشواقك،
وتفصَّد حُبًّا،
واضربْ بعصاك لتَعْبُرَ أبحر وجْسِك،
واصقل ذاكرةً تتهرأُ،
لما تسلمها لغرورِ الوسواسِ القهريِّ،
وحين تحدقُ أو تُبْحرُ في طبقاتِ ضبابٍ؛
يمسَخُ ويؤلفُ بين وجوهِ الأحياءِ،
ويمسحُ منحنيات الأشياءِ؛
فكيف ضبابُ النسيانِ المتعمَّد؟!

•••

فتعَمَّدْ بالماءِ السابحِ فيكَ،
وعمِّدْ أزهارَك بقصائدَ تتقاطرُ من فيك،
وروِّضْ حسنكَ؛
يكفي أن قَطَّعَتِ النِّسوةُ أَيْدِيَهُنَّ،
لا تتلذَّذْ بوفاءِ المنتحراتِ على شطيكَ
المحتشداتِ إلى شفتَيْكَ،
دماء الأزهارِ تلوِّنُ ماءك،
وهشيم ضحاياكَ فراشاتٌ تَجتاحُ دماءكَ.
سلْ نفسك:
هل يحيا قلبانا برباطِ الشعرةِ
فوق سفينِ القشَّةِ؟
أم بزواجِ اللحظةِ
بين رحيقِ الدهشةِ؟
أم بسفاد البرقِ السادي؟!
أشعورك مشدودٌ بشذوذِ الشعرِ
وسفسطةِ الأهواء الأزلية؟
أم بحداثةِ سيمياء الوهم الأبديَّة؟

•••

فاضمُمْ أنثاك — القوسَ الآخر —
تصنعْ دائرةً حُبلى بالماءِ الأول،
واضغطْ ينسرب الماءُ،
ليروي قلبين تماسَّا واتَّحَدَا،
لتعودَ معادلةُ الكيمياءِ مزيجًا من طرفين
اتحدا في كونٍ واحد!
١  صبغة الميلانين في جسم الإنسان هي التي تحدد لون البشرة والعينين والشعر.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤