السقوطُ الأخير

وكلَّ لحظةٍ
تعربدين داخلي بعَرْضِك المثير،
وتمرقين في الأثير،
تزلزلين خيمةَ الشعور،
وتسكبينَ في الضميرِ دهشةَ المغامرة،
وتمتطينَ صهوةَ المقامرة،
تسَّافدين في الهواء المستحيل،
تعلِّقين جسمك النحيل
في مدى النخيلِ،
والخيوط لا تُرى
والعنكبوتُ — طائرًا — يذوب في الفضاء،
ويبلغُ السماء،
حينما يحفُّني الدوار؛
فكيف ذوَّبتْ عيونُك النهار،
وتاهَ نجمُنا،
وهام «سندباد» بيننا؟!

•••

وأنتِ
حيَّةٌ سحريَّةٌ في «السِّرْك» تلعبِين،
تنبسطين حين تأرزين،
وتختفين حين تَبْرزين،
والدماء تحت جلدك الشفيف تنثني،
تشعُّ شهوةً، تمور
لاصطلاء مهْرجانك الخطير،
تشدُّ حبلَ شوكي النخاع،
تدور في السماء كاليراع.

•••

تحملين روحَ حبنا على كفوفِ مَنْ يُصفِّقُونَ،
تكتبينه — مذبذبًا وباهتًا —
على دفوف من يراقصون طيف بهلوانةٍ.
تُحَرِّكُ الخيوطَ والقلوب،
والخرائطَ، العرائس، الضياء.

•••

غانيةٌ تفيضُ أنهرًا؛
لتغرق الجموع دونما ارتواء،
والعاشقون مُتخَمون بالخواء،
والقلبُ في الضجيجِ
صابرٌ،
مغلَّفٌ بصَمْتهِ،
يذود عن سرابِ حُلمهِ،
ويدفعُ اللهيبَ،
يفرش العيونَ،
حينما يراك تسقطينَ،
ثم تقفزين كالشهاب صاعدًا،
وتلهبينَ العصبَ اللاإراديَ القديرَ،
«السمبثاوي» الذي
يغزو مدى الذَّراتِ،
يشحذ اضطراباتي،
المؤجَّجَ الرؤى
يفيض بالرعب اﻟﻣﻌﺗ …
الذي يثبط الحُبَّ المهيضَ
الحائرَ الغريقَ في الشبق.

•••

وأنت تدخلين يا يمامتي — طائعةً —
في القفصِ المسحورِ،
والفؤاد
تحطمينهُ، تمزِّقين ما بهِ،
وتبتسمين، ترقصين، تهزئين،
والوحوشُ — دونما قيودِهم — مكبَّلون،
يصدعون للجمالِ،
حينما يعانق المُحال.

•••

والخيالُ
عالَمٌ يُحَرِّكُ الفراشةَ اليراعةَ الفتونَ،
لاهثًا يفسِّر الطلاسمَ التي ترعرع الجنون،
ونَرْدُكِ فوق احتمالات الفنون؛
فكيف لا أظن بالهوى الظنون؟!

•••

صلادةُ الزجاجِ هشَّةٌ،
حتى إذا خدشتْ مهجةَ الحديد.

•••

والنرجسيَّةُ التي بها
ولجْتِ عالم المرايا،
وسُحتِ في دوائر الفراغِ،
وانْتثرتِ في دقائق الزوايا.

•••

وموجةُ التمَرُّد الذي كساكِ
مُودِيًا إلى سقوطكِ الأخير.

•••

وعند كلِّ زلَّةٍ مضت،
تحفُّك الشِّباكُ وانخلاعُ الأفئدة،
ويحتويكِ شصُّ كبوةِ السلامة
إسفنجها
النعيم واللهيب والنشوء والقيامة.

•••

فتحت مُنْحَنَى ارتجاجكِ،
استعَدْتِ في تناسقٍ رشاقةَ الظباءِ،
رغم قلَّةٍ وكثرةٍ تراكمتْ.

•••

وفوق مستوى ارتجالكِ
انطلقت نجمة تعانق السماء.
آلمتْ وما تألَّمت،
غزالة
نافرة تطير في دمي،
تخلخل الأعصابَ والعروق،
زئبقةً
تماتن السوائل والمعادن الظلام والبريق،
تشقُّ دربها بلا هويةٍ
كخنجرٍ يغوصُ في الرحيق؛
فهل تحلِّقُ الطيورُ دونما جناح،
وتأسرُ السدوم والأفلاك والرياح،
وتصعدُ المياهُ ضدَّ جاذبيةِ الأديمِ والصخور؟

•••

جناحُك الصمغيُّ ذابَ حينما
فقأتِ عيْنَ الشمسِ؛
فانصهرت في جراحِ شمعةِ الغرور.

•••

فهل هويت داخلي؟
وأنت
هوةُ الهوى ومغنطيسُ الانبهار
«وكمبيوترُ» الخوارقِ
الذي بعبقرية طغى وأغرق البحار؟!

•••

أتضربين موعدَ الهوى على خمائلِ السحابِ،
واللقاءَ عند روضة السرابِ،
والعناقَ حين ينشقُّ الأفق
حين تغرب الحقيقةُ،
المكان والزمان عند ثَرَّةِ الشفق؟!

•••

فقلبُك — الذي مزجتهِ بضوءِ سِحرِكِ — احترق،
وطيرُك — الذي ختلت قلبهُ —
قد فرَّ وانطلقْ!

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤