خرافة الجنس اليهودي

اليهود مجموعةٌ من الناس أَثَارَت الكره الشديد في كل بلاد العالم — تقريبًا — وفي كل عصور التاريخ — تقريبًا.

ومناهضة السامية (وبعبارة أخرى مناهضة اليهود) كنظرية اجتماعية وسياسية قد أخذت بها دول بأكملها في بعض الأحيان، واعتنقتْها جموعٌ غفيرة من الشعوب في أُخرى، وقد دُعِّمتْ هذه النظرية بأُسس دينية من ناحية، واقتصادية من ناحية أخرى. ولا شك أن مناهضة اليهود نظريًّا وعمليًّا شيء قديم يرجع إلى تاريخ قديم. ويُكتفي للتدليل على ذلك أن نذكر طرد اليهود من إسبانيا في القرن الخامس عشر الميلادي، وتخصيص أحياء لليهود لا يتعدونها في أُوربا المسيحية خلال العصور الوسطى. وقضية دريفوس في فرنسا، وحملات التطهير الدامية ضد اليهود في مختلف عصور أُوربا الشرقية والوسطى. والدعاية العالمية الواسعة النطاق «لبروتوكول حكماء صهيون» لزيادة الحقد، والمرارة ضد اليهود بين الكتل الشعبية.

ومهما يكن من أمر فإن مناهضة السامية قد أخذت هذه الأيام شكل أُسطورة عن أصل «السلالة اليهودية» لتبرير نظرية المناهضة من ناحية، ولإعطاء النظرية ثوبًا قشيبًا من الناحية العلمية الزائفة يبرر أغراضها السياسية، ودوافعها الاقتصادية. والملاحظ أن الملامح الإنسانية التي تُوصف بأنها تمثل النوع أو الملامح اليهودية أصدق تمثيل كثيرةُ الظهور بين سكان الشرق الأوسط وشاطئ البحر المتوسط الشرقي. وذلك على الرغم من أن الغالبية العظمى من هؤلاء الأفراد الذين تظهر فيهم هذه الملامح في الشرق الأوسط ليسوا الآن، ولم يكونوا مطلقًا يهودًا، لا من ناحية الدين ولا في أَيِّ مظهر من مظاهر الحضارة والثقافة.

والحقيقة التي لا شك فيها أنه يمكن تمييز بعض اليهود بمجرد النظر، ولكن ذلك لا يرجع إطلاقًا إلى صفات جسدية وراثية معينة، إنما مَرَدُّه إلى أن ظروفًا عاطفية وغيرها من الانعكاسات النفسية؛ تُنتج ملامحَ معينةٍ على الوجه، ومظاهرَ معينةٍ في الجسد، وطباعًا خاصة، ومميزاتٍ صوتيةً (ما نسميه باﻟ «خنَف») وميولًا، وأهواء تتصل بالشخصية. وهذه الظروف التي تنتج هذه الصفات مَرَدُّها إلى عادات اليهود، وإلى نوع المُعاملة التي يعامَلون بها من جانب غير اليهود.

ومما يدل على صدق هذا الكلام أن النازيين أجبروا اليهود على أن يضعوا على ملابسهم نجمة داود؛ لكي يمكن للآريِّين (الألمان الأنقياء) التعرُّف عليهم. فلو صح أن في الإمكان معرفة اليهودي من مجرد النظر فلماذا لجأ زعماء النازية إلى هذا الإجراء لمعرفة اليهود؟

وفيما يختص بإيطاليا فقد ذكر موسوليني في سنة ١٩٣٢: «لا توجد أجناس نقية، ولا محل لنظرية مناهضة السامية في إيطاليا، فلطالما سلك اليهود الإيطاليون مسلكًا طيبًا كمواطنين، وطالما حاربوا بشجاعة وبسالة كجنودٍ إيطاليين.»

ولم تمض أربع سنوات حتى وقَّع موسوليني وهتلر معاهدة التحالف الألمانية الإيطالية. وعلى أثر ذلك بدأت حملةٌ مناهضةٌ لليهود في إيطاليا. ولكن سكان إيطاليا ليسوا متجانسين بدرجة تجانس سكان ألمانيا؛ ولذلك رأينا أن النظرية العنصرية الإيطالية اختلفتْ عن مثيلتها في ألمانيا؛ ففي ١٤ يولية عام ١٩٣٨ أعلن البيان الفاشي الإيطالي «أن هناك جنسًا إيطاليًّا نقيًّا، إن مسألة نقاوة الجنس في إيطاليا يجب أن يُنظر إليها من الناحية البيولوجية البحتة، بغَضِّ النظر عن أية اعتبارات فلسفية أو دينية. وعلى هذا فإن مدلول الجنس في إيطاليا يجب أن يكون أساسًا إيطاليًّا، وآريًّا نورديًّا … إن اليهود لا يَمُتُّون بأية صلة إلى الجنس الإيطالي، وفيما يختص بالعناصر السامية (العرب وغيرهم) التي استقرت قرونًا طويلة على أرض وطننا المقدسة، فإنها رحلت عنها، بل إن احتلال العرب لجزيرة صقلية لم يخلِّف أي أثر سوى بعض الأسماء.»

إن هذا الادعاء الفاشي بأن جنسًا إيطاليًّا نقيًّا يسكن إيطاليا، وأن هذا الجنس له أصل آريٌّ نورديٌّ لَمَدْعَاةٌ للضحك والسخرية، إن لم يكن أمرًا محزنًا. والنقطة التي يُحاول المؤلف إبرازها في مثل هذا البيان: أن السياسة المناهضة لليهود في إيطاليا ما هي إلا تقليدٌ غير متقن للنازية. وكلاهما قد بُني على أُسس بيولوجية خاطئة.

والآن لننتقل إلى نقطة أساسية. ما هي الصفات الأنثروبولوجية المزعومة، التي تميز «الجنس اليهودي» عن غيره من بقية السلالات؟

لقد كان اليهود شَعْبًا وأُمَّة واحدة إلى أن استولى تيتوس Titus على مدينة أورشليم (القدس) في سنة ٧٠ الميلادية، وقد بدأتْ هجرةُ اليهود من فلسطين في بداية العصر المسيحيِّ، وربما قبل ذلك بقليل. هاجروا إلى بلاد أُخرى، وفي حالات كثيرة طردهم أهلُ البلاد فعادوا إلى الهجرة من جديد، فتكونت بذلك هجراتٌ ثانويةٌ. ولا شك أن من الأُمور المفيدة التعرف على الصفات الجنسية لليهود القدماء الذين هاجروا، ولكن، وإلى الآن، لم يُمكن التحقق من هذه النقطة؛ ولهذا أصبح من الضروريِّ أن تأخذ الأبحاث اتجاهاتٍ أُخرى.

وفي عصر بعيد تزاوج الساميون واختلطوا بجيرانهم من الشعوب التي تسكن آسيا الغربية، مثل الكنعانيين، والفلسطينيين، والعرب، والحثيين … إلخ. وهكذا، فلو صح أن اليهود العبرانيين كانوا أصلًا جنسًا نقيًّا، فلا شك أنه حدث اختلاطٌ وتزاوُجٌ مع أجناسٍ وعناصرَ عديدةٍ في الماضي القديم.

وبقطع النظر عن دولة إسرائيل المزعومة، فهناك أعدادٌ كبيرة من اليهود يعيشون في مناطقَ متفرقةٍ من آسيا، وهي: منطقة القوقاز، وسوريا، والعراق، واليمن، وسمرقند، وبُخارى (تركستان)، وإيران، وهيرات (أفغانستان) … إلخ.

أما في شمال إفريقية فقد بدأ استيطان اليهود حوالي الألف الأولى قبل المسيح، كما حدثت هجراتٌ أخرى بعد ذلك. وفي شمال إفريقيا نجد أنواعًا ثلاثةً من اليهود، لكلٍّ منها أصلٌ مستقلٌّ:
  • (١)

    اليهودُ القدماء، وعددهم الآن قليلٌ جدًّا، وتتمثل فيهم، غالبًا، الصفات اليهودية القديمة، وهي لونُ البشرة الفاتح نسبيًّا، والشعر، والعينان السوداوان، والأنف الضخم المعقوف.

  • (٢)

    اليهود الذين تظهر فيهم المميزات، والصفات الإسبانية.

  • (٣)

    يهودٌ تظهر فيهم المميزات العربية، والبربرية (البربر سكان شمال إفريقيا القدماء)، وهؤلاء هم أكثرُ اليهود عددًا في شمال إفريقيا. ومن الصعب جدًّا تمييزهم عن بقية المسلمين العرب والبربر.

وهكذا، نجد بعض اليهود في شمال إفريقيا يتشابهون في الصفات الجسدية مع بقية السكان، بينما البعضُ الآخرُ يُشابه سكان آسيا.

وفي إسبانيا كانت هناك جاليةٌ يهودية كبيرة منذ بداية التاريخ المسيحي، وفي عام ١٤٩٢ طردهم الإسبان من أراضيهم، فهاجر الكثيرُ منهم إلى شمال إفريقية، وإلى البلقان، وإلى روسيا. ويتميز اليهود الذين هم من أصل إسبانيٍّ برأس طويل على حين يتميز اليهود الذين ينتمون إلى أصل روسي برأس عريض. وهذا الاختلاف يرجع إلى الشعوب التي تعيش وسطها الجاليات اليهودية، فالإسبانيُّ ذو رأس طويل والروسي ذو رأس عريض. ويمكننا أن نسجل الملاحظة نفسها فيما يختص باليهود البولنديين والألمان والنمساويين، أما اليهود الإنجليز فمن بينهم ٢٨٫٣٪ طوال الرءُوس، و٢٤٫٣٪ متوسطو الرءُوس، ٤٧٫٤٪ عراض الرءُوس، أما في داغستان (في القوقاز) فهناك من اليهود ٥٪ ممن يتميزون بطول الرأس، و١٠٪ متوسطو الرءُوس، ٨٥٪ عراض الرأس، وهذا يطابق صفات سائر السكان.

والملاحَظ أنه فيما يختص بشكل الرأس، فمن الممكن أن يقال على وجه العموم: إن الرأس العريض هو النوع السائدُ في آسيا، مع القليل من الرءُوس الطويلة. أما في إفريقية فإن الرأس الطويل هو السائد على الإطلاق. وفي أوربا يوجد اليهود من ذوي الرءُوس الطويلة (وهم الأخصُّ من أصل إسباني)، ومتوسطي الرءُوس وعراضها.

ويستحيل هنا — لضيق المقام — تعداد كل الإحصائيات التي تُبرهن على نِسَب التغيُّر والاختلاف في المميزات والصفات الجسدية؛ لما يُقال عنه خطأ «الجنس اليهودي»، ولكن لا يسعنا إلا أن نذكر أن ٤٩٪ من يهود بولندا يتميزون بالشعر الأشقر، و٥١٪ بشعر أسود، في حين أن نسبة شقرة الشعر لدى اليهود الألمان لا تتجاوز ٣٢٪ فقط، وفي ڨيينا نجد أن ٣٠٪ من اليهود يتصفون بعيون فاتحة الألوان، أما الأنف المحدب الذي طالما وصف بأنه الأنف اليهودي المثالي، فلا يوجد إلا بنسبة ٤٤٪ بين اليهود فقط، والأنف المستقيم يوجد بنسبة ٤٠٪، في حين أن الأنف «الروماني» يوجد في ٩٪، والأنف الأفطس يوجد بنسبة ٧٪ فقط.

وعلى أساس ما سبق ذِكْرُهُ يتضح — بما لا يدع مجالًا للشَّكِّ — أن هناك اختلافات كثيرة في الصفات الجسدية مما يضعف القول بوحدة الجماعات اليهودية.

ومما يؤكد هذا القول آراء سالمان R. N. Salman حين يقول: «إن نقاوة السلالة اليهودية ما هي إلا أوهام؛ فإن أكثر التغيُّرات والاختلافات بين السلالات توجد بين اليهود، إذ تتفاوت الاختلافات فيما يختص بشكل الرأس بين الرأس العريض، والرأس الطويل جدًّا، وفي ألمانيا وروسيا على وجه الخصوص يوجد من اليهود من لا تظهر عليهم إطلاقًا أَيَّة صفات، ومميزات جسدية أسيوية.»
ويضيف فيشبرج Fishberg إلى هذا التأكيد القاطع تأكيدًا آخر حيث يقول: «إنه من الأدلة الدافعة على كذب وجود جنس أسيوي (ينتمي إليه يهود العالم) لم يَعْتَرِهِ التغيُّرُ (ولم تُخالطْه صفات أجنبية) منذ نزول الكتاب المقدس؛ وجودُ نسبة مئوية من مظاهر الشقرة والعيون الفاتحة الألوان (بين اليهود)، وتوزيعها توزيعًا غير منتظم بين الجاليات اليهودية. والتغير، والاختلاف الشديد في النسبة الرأسية، وهو الاختلاف الذي نجده بين أي شعبٍ من شُعُوب أوربا، ووجود جماعات من اليهود تظهر فيها الصفات الزنجية والمغولية، والتيوتونية، واختلافات طول القامة … إلخ. ومن ثم فإن مزاعم اليهود، وادعاءاتهم عن نقاوة سلالتهم عبثٌ مجردٌ من كل أساس ويُماثل هذا الادعاء من حيث عدم صحته الادعاءَ بوجود اختلافات جوهرية بين اليهود، وبين من يُسمَّوْن بالآدميين، وهو الادعاء الذي تقوم عليه مزاعمُ النظرية المناهضة لليهود.»
واليهودُ الذين هاجروا من موطنهم الأصلي كانوا عبارة عن خليط من السلالات، وتتفاوت درجةُ الاختلاط حسب تاريخ الهجرة (فكلما كانت الهجرة قديمةً كلما قَلَّ الاختلاط نسبيًّا)، وحينما كانت هذه الجماعات تُهاجر إلى بلد ما فإن بعضًا من هؤلاء اليهود يتزاوجون فيما بينهم، ويترتب على ذلك حفظُ نوع الخليط الأصلي المهاجر، ولكن الكثرة العظمى من المهاجرين كانت تتزاوج، وتختلط بالسكان الأصليين في البلد الذي نزحوا إليه — وهذه الصورة ليست مجرد افتراض — بل إن هناك حقائق تُثبتها رغم أنف المزاعم الشائعة القائلة بأن اليهود يتزاوجون داخليًّا فيما بينهم، وهذه الحقائق هي:
  • (١)
    منذ أوائل العصر المسيحي صدرت قوانين تحرم على المسيحيين الأرثوذكس التزاوج مع اليهود، ومثال ذلك قوانين تيودوسيس الثاني Theodusius II الصادرة في القرن السادس الميلادي، وقوانين مجلس أورليان عام ٥٣٨م، والقوانين الكنسية التي أصدرتها سلطات الكنيسة في توليدو (طليطله) عام ٥٨٩ م، والقوانين الصادرة في روما سنة ٧٤٣م، والقانون الذي أصدره لاديا سلاس الثاني Ladiaslas II ملك هنغاريا عام ١٠٩٢م، ولا شك أن الحاجة إلى إصدار مثل هذه القوانين المائعة (في تواريخ مختلفة) تؤكد كثرة التزاوج بين المسيحيين، واليهود، ويذكر لنا شبيلمان Spielmann عدة حالات حدث فيها تزاوج بين الألمان، واليهود مما أدى بملوك ميروفينجيا Merovingia بنفي هؤلاء إلى مدن مختلفة في حوض الرين.
  • (٢)

    تدل نتيجة الإحصائيات في ألمانيا بين سنتي ١٩٢١، ١٩٢٥ على أن من بين كل مائة زيجة يهودية كان ٥٨ منها يتم بين طرفين من اليهود، و٤٢ زيجة بين طرف يهودي، وطرف مسيحي، وفي سنة ١٩٢٦م حدثت في برلين ٨٦١ زيجة بين اليهود فيما بينهم، و٥٥٤ زيجة بين اليهود، والألمان.

    والواقع أن الأرقام تتكلم وحدها، خصوصًا إذا أخذنا في الاعتبار العدد الكبير من الذين يتزاوجون مع اليهود، ويتحوَّلون بالتالي إلى الديانة اليهودية، وهؤلاء لا صلة لهم إطلاقًا بالأصل السامي (الأسيوي) الذي يدعى اليهود الانتماء إليه.

  • (٣)
    ولا شك أن كل الجاليات اليهودية في كل بلاد العالم ذاتُ أصل مختلط؛ لأنهم رغم وقوعهم في بعض الأوقات فريسةً لقانونٍ يفصلهم عن بقية السكان فإن مثل هذا القانون لا يستمرُّ نافذ المفعول إلى الأبد، ولا ينفذ بكل دقة بحيث يحدث الفصل التامُّ، وهذه الحقيقةُ أمرٌ لا مَفَرَّ منه، إذ إن تصنيف اليهود في العالم على أساس الأصل يُعطينا المجموعات المنفصلة التالية:
    • (أ)

      سلالة المهاجرين القدماء من فلسطين (وهؤلاء قلائلُ جدًّا).

    • (ب)

      يهود من سلالة يهودية مختلفة من عدة عناصر أسيوية، أو من عناصر أخرى، وهذه يتعين تسميتها بسلالة ناجمة عن اختلاط خليطٍ بخليط.

    • (جـ)
      يهود بالديانة فقط، وليس هناك ما يربطهم إطلاقًا من الناحية الأنثروبولوجية بيهود فلسطين القدماء، ويتكون هذا النوع غالبًا من أفراد سلالة أخرى اعتنقوا الديانة اليهودية، ومن الأمثلة الواضحة على هذه المجموعة من اليهود ملك الخزر الذي يدعى بولان Bou lan، والذي اعتنق اليهودية كدين عام ٧٤٠م، ومعه غالبية نبلاء مملكته، وشعبه، وما زالت هناك أعداد كبيرة من اليهود في بولندا، وجنوب روسيا تنتمي إلى سلالة مجموعة الخزر هذه.

وهكذا يتضح لنا أن اليهود عناصر غير متجانسة، على عكس الرأي السائد، وذلك أن هجرات اليهود المستمرة، وعلاقاتهم بالشعوب المختلفة — سواء كرهًا أو طوعًا — قد أنتجت درجة هائلة من الاختلاط الجنسي يمكن معها القول بأن من يُقال عنهم: إنهم شعب إسرائيل ما هو إلا خليطٌ تظهر فيه كل الصفات الجسدية لكل شعوب العالم. ويكفي للتدليل على ذلك أنْ تقارن يهودي مدينة «روتردام» الضخم الجثة الثقيل البنيان بيهودي مدينة «سالونيكا» ذي العينين اللامعتين والوجه النحيل والجسد الضامر. ومن ثم فإنه يمكن القول — على ضوء معلوماتنا الراهنة — إن اليهود يظهرون فيما بينهم اختلافات جسدية كبيرة كالاختلافات التي نجدها بين أَيِّ سلالتين مختلفتين، أو أكثر.

وهذا التأكيد يُثير في الأذهان سؤالًا: إذا كان العلم يؤكد أن اليهود ليسوا شعبًا واحدًا، بل من عناصر، وسلالات مختلفة، بحيث لا تُوجد سلالة يهودية، فلماذا يُمكننا أن نميز بعض اليهود على الفور من النظرة الأولى؟ والجواب على ذلك أن اليهودي الذي يمكن تمييزه على الفور هو ذلك الذي يحافظ على نواحٍ معينة من الميزات اليهودية الأصلية: الأنف المحدب، لون البشرة الباهت مع سواد العينين، والشعر، ومع ذلك فإننا لا يمكننا أن نُميز عددًا أكبر من اليهود، والذين أخذوا صفات وميزات غيرهم من الشعوب الذين يعيشون وسطها، ولهذا لم يعد من السهل تمييزهم.

وهناك نقطة أخرى: فالأفراد الذين يعتنقون نفس الديانة يتصفون بصفات تصل حدًّا كبيرًا من التماثُل في الحركات، والعادات، والملبس … إلخ، وهذه العوامل تُسهل التعرُّف عليهم وتمييزهم، ونظرًا لشدة تطبيق الطقوس والعادات الدينية عند اليهود؛ هذا التماثل الظاهري الناجم عن وحدة اللغة، والدين، وغيرهما من المظاهر الثقافية، يكون على أَشُدِّهِ، على الرغم من الاختلافات الجسدية متى تظهر بين اليهود.

ولهذا فلا يوجد إطلاقًا أَيُّ أساس للزعم بأن هناك سُلالةٌ يهودية، فهذا الزعم ليس إلا خرافة بيولوجية لا تعطي أيَّ أساس ثابت الدعائم لنظرية مناهضة السامية.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤