الفصل الرابع

نقد المنطق الأرسطي ومحاولة إصلاحه عند السُّهرَورْدي والمناطقة المحدثين

تمهيد

كشف لنا المنطق الإشراقي عند السُّهرَورْدي على أنه يُمثل محاولة من أعمق المحاولات في تاريخ المنطق العربي؛ إذ لا نجد لها مثيلًا لدى مناطقة العرب، فقد وضع السُّهرَورْدي، كما رأينا، مبحثًا في التعريف، ثم وضع مبحثًا في القضايا، حاول أن يرد فيه جميع القضايا إلى القضية التي أسماها بالقضية البتاتة. ولم يعترف بفائدة ما للقضية الجزئية إلا في بعض نواحي العكس والتناقُض وبعض ضروب الأقيسة؛ فغيَّر بهذا كثيرًا من أصول المنطق الأرسطي. والسُّهرَورْدي يشبه إلى حد كبير الكثير من مناطقة العصر الحديث الذين حاولوا نقد المنطق ثم محاولة إصلاحه؛ بحيث يتواءَم مع التوجه الفلسفي الذي يسعى إليه كل عالم من علماء المناطقة. وهنا نحاول أن نكشف ذلك بالتفصيل خلال هذا الفصل؛ وذلك على النحو التالي:

أولًا: نقد السُّهرَورْدي والمناطقة المحدثين للمنطق الأرسطي

بيَّنا في الفصول السابقة كيف نقد السُّهرَورْدي المنطق الأرسطي، ثم كيف حاول إصلاح هذا المنطق من خلال مذهبه العام القائم على الإشراق، الأمر الذي حدا بنا لأن نطلق على مجموع هذه الإصلاحات «المنطق الإشراقي». والموضوعية العلمية تجعلنا نشير إشارة عابرة عن هذا نظرًا لموقف المحدثين تجاه المنطق الأرسطي؛ حيث إن موقف المحدثين من المنطق الأرسطي لم يَعُد بالجديد بعد أن تبين لنا أن السُّهرَورْدي قد نقد المنطق الأرسطي نقدًا علميًّا منظمًا. وقد كانت له بجانب هذه الانتقادات وجهات نظر خاصة قد خلَعها على المنطق الأرسطي، سواء بالإضافة أو بالتجديد.

ومن ثم نريد أن نُغطي الجانب الحديث من المنطق لبيان وجهات النظر المؤيدة والناقدة للمنطق الأرسطي، مع توضيح وجهات النظر الجديدة؛ حيث نعقد مقارنة بين السُّهرَورْدي والمحدثين في نقد المنطق؛ وذلك على النحو التالي:

في عصر النهضة الأوروبية، تعرض المنطق الأرسطي لهجوم شديد قام به أول الأمر المغرمون بالدراسات الإنسانية؛ حيث هاجم بطرس راموس P. Ramus (١٥١٥–١٥٧٢م) المنطق الأرسطي هجومًا عنيفًا، مؤكدًا أنه عقيم بالنسبة للعلم وبالنسبة للحياة، والمنطق الأرسطي لا يفيد — من وجهة نظره — مهارة فن الكلام ولا قدرة له على اكتساب العلم أو الشعر، ولا يوصل إلى الحكمة.١
ومن ثم حاول راموس أن يقيم بدلًا منه جدلًا ومنهجًا فلسفيًّا، ولكنه فشل في إقامة هذا المنهج،٢ إلا أنه نجح في إيجاد منطق إنساني يتناسَب مع النهضة الأوروبية في القرن السادس عشر.٣
ونقد راموس للمنطق الأرسطي أدى إلى ظهور الكثير من المعارضين للمنطق الأرسطي؛ ففي القرنين السابع عشر والثامن عشر تعرض المنطق الأرسطي لإهمال ملحوظ؛ وذلك بسبب قيام الفيزياء الحديثة على يد جاليليو Galileo (١٦٤٢م) ونيوتن Newton (١٦٤٣–١٨٢٧م)، والتحقُّق من أن الاكتشاف يحتاج إلى مناهج أخرى غير القياس الأرسطي وإلى تقدم الرياضيات، وأخذ العلماء يُحاولون لإقامة مناهج جديدة للعلم والاكتشاف فيه تَعتمد على معايير غير أرسطية.٤

ومن أشهر من نقد المنطق الأرسطي في العصر الحديث، على سبيل المثال لا الحصر:

(١) فرنسيس بيكون F. Bacon (١٥٣١–١٦٢٦)

وجد بيكون أن حملة التطهير التي يَنبغي القيام بها من أجل إرساء التفكير الفلسفي والعملي على أسس سليمة، لا تتمُّ إلا عن طريق نقد المنطق القديم وكشف عيوبه؛ حيث إنه الأداة التي استعان بها الفلاسفة القدماء في الوصول إلى نظرياتهم الباطلة، وقد عبَّر عن معارضة للمنطق القديم الممثل في منطق أرسطو، والذي استمر فترة طويلة يعرف بالأداة (الأرجانون)؛ وذلك عندما أطلق على الكتاب الذي تضمن منطقه الجديد «الأرجانون الجديد»، ونشره باللغة اللاتينية.٥
والحكمة التي يمكن استخلاصها من هذا الكتاب هي:
  • (١)

    أن المقصود بالمنطق هو أن يضع لنا المنهج السليم لاكتشاف قوانين العالم الطبيعي، لكي تيسر لنا أن نفهم ذلك العالم ونُسيطر على قواه ونخضعه لإرادتنا؛ ومن ثم يُمكننا أن نفيد من القوانين العِلمية فيما يفيد الفرد والجماعة، ولكن القياس الأرسطي لا يهتم بعالمنا الطبيعي؛ إذ هو استدلال صوري لا يهمه سوى حتمية الانتقال من مقدمات إلى نتائج تلزم عنها، سواء أكانت تلك المقدمات صادقة من حيث الواقع أم كاذبة. لا قيمة للقياس إذن في تحقيق هدفه الأكبر.

  • (٢)

    يبدأ القياس الأرسطي من أفكار جزئية محسوسة، ويجعلها أفكارًا عامة، ويفترض أنها مقدمات صادقة لازمة، لكن ما تلك المقدمات إلا محتوية على أفكار شائعة قد تكون غالبًا كاذبة، وإذن فضررها من نفعها.

  • (٣)
    إذا افترضنا أن المقدمات في القياس الأرسطي صادقة على الواقع، وإذا افترضنا أن انتقالنا إلى النتيجة سليم صحيح، كانت النتيجة عقيمة؛ أي لا تحوي جديدًا عما أُثبتت من قبل في المقدمات، ولكن ينبغي من المنطق أن يدفعنا إلى نتائج جديدة ومعارف جديدة. إذن فالقياس الأرسطي مضيعة للوقت.٦

(٢) ديكارت R. Descartes (١٥٩٦–١٦٥٠م)

أما ديكارت فقد هاجم المنطق الأرسطي؛ فهو يرى:
  • (١)

    أن القياس الأرسطي أو الاستدلالي القياسي لا يؤدي إلى معارف جديدة، والأفضل استخدام الاستدلال الرياضي.

  • (٢)
    أن الوحدة الأولى لا تكون قاصرة على القضية الحملية وحدها ذات الموضوع والمحمول، وإنما على كل قضية لا تحتوي على شيء أكثر مما يكون في عناصرها البسيطة.٧
  • (٣)
    وإذا كان ديكارت يهاجم المنطق الأرسطي، فهو يسعى إلى إيجاد منهج جديد يستبعد فيه القياس الأرسطي، ويستخدم الاستدلال الذي يعتمد عليه المنهج الرياضي، والذي يبدأ من الأفكار الواضحة المتميزة، مدركًا ما بينها من علاقات، فيتقدم من أبسط الحقائق ويتدرج إلى أعقدها، ويساعده على ذلك الاستنباط الذي يوضح كيف تتحد الطبائع البسيطة، وعلى أي نحو تتألف بعد أن يتضح ما بينها من علاقات ضرورية، وهذا هو التقدم في المعرفة.٨

(٣) برتراند راسل B. Russell

نقَد راسل المنطق الأرسطي؛ حيث ذهب إلى أن من أراد في عصرنا الحاضر أن يدرس المنطق فوقته ضائع سدًى لو قرأ لأرسطو أو لأحد من تلاميذه، نعم إن تآليف أرسطو المنطقية دليل على مقدرة ممتازة، وتكاد تكون ذات نفع للإنسانية لو ظهرت في الوقت الذي لم تزل فيه عقول اليونان نشيطة منتجة، ولكنها قد ظهرت في ختام فترة الإبداع للفكر اليوناني؛ ومن ثَمَّ تمسك بها الناس على أنها المرجع الموثوق بصحته، حتى إذا ما حان الوقت الذي عادت فيه للمنطق قوة الأصالة والابتكار، كان أرسطو قد أنفق على عرش السيادة ألفَي عام؛ مما جعل إنزاله عن العرش الخاص به أمرًا عسيرًا.٩

(٤) رودلف كارناب R. Carnap

ذهب كارناب إلى أن المنطق الأرسطي عاجز عجزًا تامًّا عن أن يستوفي الدور الجديد الذي ينبغي أن يلعبه في الفكر، من ثراء في المضمون، ودقة صورية، وفائدة تنتج عن طريق استخدامه؛ لأنه ظل معتمدًا على المنطق الأرسطي الذي لم يحرز — حتى في أقصى حالات تطوره — إلا تقدمًا طفيفًا في ذاته.١٠

(٥) ألفرد تارسكي A. Tarski

يقول تارسكي: إنني أعتقد أن المساحة المحدودة التي خصَّصناها في هذا الكتاب (يقصد كتابه المنطق ومنهج البحث في العلوم الاستدلالية) تتَّفق والدور الصغير البسيط الذي يلعبه في العلم الحديث، وإنني أعتقد كذلك أن أغلب المناطقة المعاصرين يشاركونني هذا الرأي.١١
مما سبق يتَّضح لنا أن المنطق الأرسطي لقي هجومًا شديدًا من المنطق الحديث، يثبت أن هذا المنطق عقيم، وتحصيل حاصل، وينطوي على مصادرة المطلوب، وغير مفيد، وقد أقيمت كثير من الأبحاث والدراسات تثبت النتائج الجوهرية لعدم دقة أرسطو المنطقية؛ ومن هذه النتائج ما يلي:١٢
  • (١)

    خلط المنطق بأبحاث ميتافيزيقية وأنطولوجية ولغوية وسيكولوجية أو عدم صورية المنطق.

  • (٢)

    اعتبار القياس الصورة الوحيدة للبرهان.

  • (٣)

    اعتبار القضايا الشخصية كلية.

  • (٤)

    عدم دقة تعريف القياس في بداية الأمر.

  • (٥)

    تبرير الاستقرار وذلك برده إلى القياس.

  • (٦)

    عدم تسمية حدود القياس الثلاثة على أساس واحد.

  • (٧)

    تضمن الكليات للجزئيات المتداخلة معها.

  • (٨)

    عدم إقامة نسق للمنطق.

  • (٩)

    عدم الاعتماد على قضايا حملية، أو عدم إقامة منطق للقضايا الشرطية والمنفصلة.

  • (١٠)

    قلة العلاقات التي يقوم عليها المنطق الأرسطي، وعدم إقامة منطق للعلاقات.

  • (١١)

    عدم الرمز للثوابت.

ثانيًا: الإصلاحات المنهجية التي أضافها السُّهرَورْدي والمناطقة المُحدَثون للمنطق الأرسطي

إذا كان السُّهرَورْدي قد جَدَّ في إصلاح المنطق الأرسطي؛ فقد سبق بهذا المُحدَثين الذين جدُّوا في إصلاح النقص الذي أصاب المنطق، وانتهت محاولاتهم إلى إقامة مناهج جديدة علمية من أهمها:

(١) المنهج الاستقرائي

وهو منهج نشأ نتيجة قصور القياس الأرسطي عن تحقيق الغاية من الاستدلال في كل صوره، وأول من وضع قواعد المنهج الاستقرائي هو «فرنسيس بيكون»؛ حيث رسم الخطوط الأولى لمنطق استقرائي يختلف في جوهره عن المنطق الأرسطي. هذا المنطق يبدأ بالجزئيات غير المَحدودة، ويتقدم بالتدريج نحو استنباط القوانين المحدَّدة؛ فهو يستقرئ عددًا من الجزئيات ليصل إلى صور الأشياء، التي هي قوانين ثابتة لجزئيات غير محددة.١٣
والمنطق الاستقرائي عند «فرنسيس بيكون» هو تخطيط لمباشرة عملية المعرفة، ابتداءً من الشروع بالتجارب الحسية، حتى نهاية الاستدلالات العقلية. إنه يبدأ بجمع تاريخ طبيعي، ويتقدم شيئًا فشيئًا عن طريق الملاحظات الدقيقة للأشياء لصياغة القوانين العامة. إنه لا يُعير أي التفات للأفكار العامة المسبقة للذِّهن، ولا يذعن للمعلومات التي تأتي مباشرة عن الحواس. إنه ينتقل من الحقول المختلفة للعلم، دون أن يُبدي أي اعتبار لشيء اسمه «مسلَّمات»، تلك التي ارتكزت عليها العلوم التقليدية. إن قوانينه مشتقة من التجربة والاختبار، ترتكز على الحواس، وتضبط عن طريق العقل بالاحتكام إلى الطبيعة، ثم نقض واستبعاد ما لا يَنسجم معها، ولا يركن إلى جمع الأمثلة الإيجابية فقط، بل يوجه الاهتمام إلى الأمثلة السلبية كذلك، وليس هناك مقياس لجدارة نتائج هذا العلم إلا مدى نفعها وإيجابيتها في الأعمال.١٤
وقد سار على نهج بيكون كثير من العلماء والفلاسفة، من أمثال جون استيوارت مل، وجون لوك، وديفيد هيوم، وبمُحاولات هؤلاء نشأ المنطق الاستقرائي معارضًا للمنطق الأرسطي.١٥ وعلى هذا النحو أضيفت أجزاء جديدة إلى المنطق الأرسطي، ومُيز بين الاثنين على أساس أن المنطق الأرسطي صوري أو شكلي من حيث إنه يشتغل بالمضمون أو المادة، وإنما يُعْنَى بصورة الفكر فحسب، بينما المنطق الاستقرائي يُعْنَى خصوصًا بالفكر أو مادته.
ولقد كان لدخول الجانب الاستقرائي في المنطق أثره في أن يُحاول كثير من العلماء والفلاسفة أن يدخلوا على المنطق اعتبارات أو مسائل سيكولوجية ولغوية وميتافيزيقية وبيولوجية واجتماعية … وهلم جرًّا.١٦

(٢) المنهج الاستنباطي

إذا كان بعض العلماء والفلاسفة قد أدخل الجانب الاستقرائي في المنطق، فإن هناك دائرة من العلماء والفلاسفة رأوا أن المنطق الأرسطي قاصر من حيث شكليته، بل إنَّ فيه بعض المادية التي تحول بينه وبين الانطباق على جميع صور الفكر، وهذا الاتجاه هو ما يُسمى بالاتجاه الرياضي. ويتضح ذلك من مهاجمة المنطق؛ وذلك من وجهة رياضية بعيدة عن منطق أرسطو، وهو بصدد تصوره للعلم الحديث، ورأى أن العلم ينبغي أن يستند إلى فكرة الكم لا الكيف، وأبرز مثال وأوضحه للعلم الكمي هو الرياضيات، وقرر أنها هي المنطق الحقيقي للعقل، وأنه لم يَعُد ثمَّة مكان للمنطق الأرسطي التصوري القائم على الكيف، وكان ديكارت يَحتقر هذا المنطق ويعتبره لا فائدة له.١٧
غير أن ليبنتز Leibniz الفيلسوف الألماني كان أول من خطا خطوة فعلية في إقامة بدايات المنطق الرمزي الحديث.١٨
وترجع أهمية ليبنتز في هذا الصدد إلى:
  • (١)

    أنه فكَّر في اصطناع منهج عام يُمكن اتباعه في أثناء البحث في كل العلوم؛ وذلك باتخاذ المنهج الرياضي نموذجًا يُحتذى به في جميع العلوم.

  • (٢)

    أنه فكَّر في استخدام لغة علمية يتَّخذها العلماء والمُفكِّرون وسيلة للتفاهم بينهم، أسماها باللغة العالَمية التي تستخدم الرموز بدلًا من ألفاظ اللغة العادية، أو باللغة الفلسفية ذات الخصائص العامة.

  • (٣)

    أنه ردَّ كل المعارف أو الحقائق الضرورية إلى مبدأ واحد هو مبدأ الهوية، وصياغة رمزية عرفت فيما بعد باسم «قانون ليبنتز».

  • (٤)
    أنه توصَّل إلى قائمة مبدأ مشترك بين جميع الاستدلالات، وهو مبدأ «استبدال المتكافئات» Substitution of Equivalents، وذلك الذي أوضحه جيفونز Jevons فيما بعد باسم «استبدال المتشابهات».١٩
    وقد خلف ليبنتز وراءه تصوُّرين للمنطق:
    • الأول: تصور هندسي، يرى أنه من المُمكن أن يعالج المنطق بالطرق الهندسية، باستخدام الأشكال والحدس المكاني في التعبير عن العلاقات بين التصورات.
    • الثاني: تصور جبري حاول أصحابه أن يعالجوا المنطق بالطرق الجبرية، مستخدمين الرموز والإشارات والمعادلات الجبرية. وكان «ساكيري» Saccheri وجيرجون Gergonne من أصحاب الاتجاه الهندسي، وكان «ميمون» Maimon من بين أصحاب الاتجاه الجبري، وكان «لامبرت» Lambert، وبلوكيت Ploucquet من أصحاب الرياضي بعامة.
وكان هدف هؤلاء إصلاح المنطق، بأن يُقيموا منطقًا رياضيًّا. ومع أنهم لم يفلحوا في ذلك، ولم يصلوا إلى ضالتهم، إلا أن ذلك يؤكد باستمرار حياة باطنية لصلة قديمة بين الرياضة والمنطق، تكشف النقاب عن نفسها من وقت إلى آخر في صورة تيارات رياضية ومنطقية. ومن أهم هذه التيارات: التيار الذي حاوَل أن يُصلِح المنطق لغرض أن يُطبق في الرياضيات — وهذه حركة قام بها الرياضيُّون أنفسهم، وفي مقدمتهم «جورج بول» G. Boole٢٠ الذي حاول أن يجعل من المنطق جبرًا، عرف ﺑ «جبر المنطق»، وقد اكتمل على يد «جيفونز» Jevons و«شريدور» schroder و«وايتهد» Whitehead.٢١
ومن أهم مميزات هذا الجبر أنه صوري مجرد يقبل تفسيرات كثيرة، وأنه مُمكن التناول بواسطة الآلات. وهذه الصلة بين المنطق والرياضة ومنهجها قويت بإقامة «فريجه» Frege لحساب منطقي، واستخلاص قضايا حسابية من مقدمات منطقية صرفة. وقد بيَّن فريجه أن الأفكار الأساسية في الرياضيات تُرد إلى قوانين الفكر الأساسية، وبالتالي يجب أن تلحق الرياضيات بالمنطق، على أن تصبح الرياضيات أكثر منطقيَّةً والمنطق أكثر رياضةً؛ مما يترتب عليه استحالة وضع خط فاصل بينهما؛ إذ الواقع — على حد تعبير «راسل» — أن الاثنين شيء واحد، والخلاف بينهما كالخلاف بين الصبي والرجل؛ فالمنطق شباب الرياضيات، والرياضيات تمثل طور الرجولة للمنطق.٢٢
ولقد تطوَّر هذا الاتجاه، الذي بدأه فريجه على يد كلٍّ من بيانو Peano، في كتابه «الصيغ الرياضية Formulaire de Mathématiques» الذي حلل فيه الرياضيات بغرض ردِّها إلى المنطق، وبرتراند راسل في كتابه المبادئ الرياضية Principia Mathematica، الذي ظهر في ثلاثة أجزاء من ١٩١٠م إلى ١٩١٣م، وفي هذا الكتاب بلغت كل الأبحاث في السبيل لإقامة المنطق الرياضي، منذ «ليبنتز» حتى ذلك التاريخ، أوجها وتمام نضجِها، وهو أكمل وأنضج وأدق أثرٍ صدر عن حركة المنطق الرياضي حتى اليوم، وقد أشاد البعض بأن مثله بالنسبة إلى هذه الحركة مثل «نقد العقل الخالص» ﻟ «كانط» بالنسبة للفلسفة عمومًا.٢٣
والواقع أن تطور المنطق الرمزي لا يرجع فقط إلى جهود وأبحاث المناطقة الذين سبقت الإشارة إليهم؛ إذ لا يمكن إغفال جهود كثير من المناطقة مثل لويس Lewis وهلبرت Hilbert ولوكاشفيتش Luksiewicz وغيرهم، الأمر الذي أدَّى إلى تطور المنطق الرمزي على الصورة البالغة.٢٤
وبعد هذا العرض لمعرفة تطور المنطق الرمزي الحديث، يتَّضح لنا أن هذا المنطق ما هو إلا مجرَّد تعديل وإصلاح للمنطق الأرسطي؛ حيث كتب جون ديوي John Dewey فصلًا كاملًا بعنوان «الإصلاح المطلوب في المنطق»، وذلك في كتابه «المنطق … نظرية البحث»؛ حيث أشار إلى أن الإصلاح المطلوب في المنطق هو وضع منطق يتمشى مع الإجراءات الحديثة،٢٥ أو على حدِّ تعبير بعض الباحثين وضع منطق لا أرسطي، على غرار الهندسية اللاإقليدية والفيزيقا اللانيوتينية، ليُواجه التفكير العلمي في تطوره الأخير.٢٦
ولما كانت الرياضة لغة العلم، فيجب وضع منطق يتَّفق مع الرياضة، وهو المنطق الرياضي، هذا المنطق الذي استطاع العلماء والفلاسفة إنشاءه على هذه الصورة التي تبدو لنا اليوم ليس منطقًا جديدًا مبتعدًا عن المنطق الأرسطي القديم، إنما هو مجرَّد تجديد وإصلاح له؛ حيث يرى بعض الباحثين أن أرسطو قد قطع شوطًا محدودًا في إقامة منطق رمزي، استخدم نوعًا واحدًا من الرموز، وهي رموز المتغيرات للحدود، ولم يستخدم مُتغيرات ترمز إلى القضايا، إلا من النادر، كما يدرس أرسطو الثوابت والأسوار دراسة جادة، وبالتالي لم يضع لها رموزًا، كما لم يهتم بدراسة القضية الشخصية والقضية الوجودية الاهتمام المرتقب، ولم تكن له مساهمة فعالة في إقامة نظرية العلاقات لاستبداد القضية الحملية به. لكن يمكن القول إن منطق أرسطو ليس إلا جزءًا ضئيلًا من نظرية الأصناف، وكانت نظريته في القياس أكثر اهتمامًا بدراسة قواعد الربط الصحيح بين ثلاثة «حدود»، أو دراسة قواعد الاستنباط وذلك من خلال قضايا نظرية القياس بوصفها تُمثِّل جزءًا صغيرًا من نظرية الأصناف، بمعنى أن الثانية تحوي الأولى وتزيد عليها. بالرغم من كل هذا، فإن لأرسطو الفضل الأول في فتح باب الصورية والرمزية في المنطق.٢٧
وهنا يتضح قول لوكاشفيتش القائل: «يخطئ من يظن أن نظرية القياس الأرسطية قد انتفت بظهور المنطق الرياضي الحديث، والذين يفرقون بين المنطق الأرسطي والمنطق الرياضي، إنما يسيئون فهم العلاقة بينهما؛ فالمنطق الرياضي ليس جنسًا آخر من المنطق يباين المنطق الأرسطي، وإنما هو منطق صوري في ثوب جديد.»٢٨
ليس ثمة فاصل إذن بين المنطق الأرسطي والمنطق الرمزي، وإنما يمثل كلاهما حركة أو نزعة نحو التجديد الفكري الخالص نحو بيان الصورة الفكرية عارية من كل مادة وخالية من كل موضوع ذي قوام خارج الذهن. وإذا كانت هذه هي الغاية من المنطق؛ فلا مناص إذن من أن يَرتمي في أحضان العلم الذي يمثل هذا الاتجاه نحو التجريد المُطلق إلى أعلى درجة، ألا وهو العلم الرياضي؛ فعلى المنطق إذن أن يستعير من الرياضيات مناهجها وأساليب العمل فيها، وأن يُطبقها على موضوعه الخاص، إن كان له حقًّا موضوع خاص؛ حتى يَستطيع أن يُحقق الغاية التي يأمُل بلوغها، فكان المنطق إذن تابعًا للرياضيات من حيث طبيعة عملياتها ومناهجها من الناحية الفكرية، وهكذا شعر المنطق بأنه في مرتبة أعلى من الرياضيات، أو على الأقل بأن الرياضيات والمنطق يسيران معًا ويرتبطان فيما بينهما وبين بعض أشد الارتباط، فكان ثمة حركة متبادلة بين المنطق والرياضيات؛ فالمنطق من جانبه يحاول أن «يمنطق الرياضيات»، والرياضيات من جانبها تُحاول أن تُروِّض المنطق.٢٩

ولكن كل هذا يجب ألا يُنسينا أيضًا ما هنالك من فارق كبير بين المنطق الأرسطي والمنطق الرمزي.

ويُمكن توضيح ذلك في المقارنة التالية:
  • (١)

    المنطق الرمزي صوري صورية كاملة، أو هو على الأقل أكثر تجديدًا وصورية من المنطق القديم الذي يجمع بين الصورية والمادية، وإن يغلب عليه الطابع الصوري. وتتبدَّى هذه الصورية الكاملة في المنطق الرمزي في أنه لا يبحث في العلاقات الواقعية بين الأشياء، إنما يبحث في العلاقات التي يمكن أن تقوم بين القضايا، ولذا فهو يَحتوي على تقسيمات ذات مستوى لم تكن تبلغه باتِّباع المنطق الأرسطي، بمعنى أنه لا يهتمُّ بالمطابقة بين القضايا والواقع الخارجي، بل يميل أصحابه إلى أن تكون قضاياه والعلاقات بينها مما يختلف عن الواقع الخارجي.

  • (٢)

    إنَّ وسيلة التعبير في المنطق الأرسطي — وهي ألفاظ اللغة — أقل دقة وأدعى إلى الوقوع في الخطأ منها في المنطق الرمزي الحديث، الذي يُستخدم بدلًا من الألفاظ الرموز المختلفة.

  • (٣)

    إنَّ منهج الاستدلال في المنطق الأرسطي أقل دقة منه في المنطق الرمزي الحديث؛ لأنه كان مقتصرًا على نوع واحد من الاستدلال، هو الاستدلال القياسي.

  • (٤)

    إنَّ المنطق الأرسطي كاد أن يَقتصر في تناوله للعلاقات على علاقة التضمن وحدها، الأمر الذي جعل قضاياه قضايا حملية تتكوَّن كلٌّ منها من موضوع ومحمول مُرتبطين بعلاقة التضمُّن أو الاشتمال. أما المنطق الرمزي فقد كشف عن مجموعة كبيرة من العلاقات، وحللها ووضع لها رموزًا محددة وحسابًا تحليليًّا دقيقًا.

  • (٥)

    المنطق الأرسطي لم يكن يفرق بين القضية ودالة القضية. أما المنطق الرمزي الحديث فيفرق بينهما، ويجعل أغلب اهتمامه منصرفًا إلى دالات القضايا، ما دام يستخدم رموزًا ومتغيرات.

  • (٦)
    المنطق الرمزي الحديث أكثر خصوبة في نتائج الاستدلال؛ وذلك لاستخدامه كم المحمول وحسابه، مما يوسع من قاعدة الاستدلال وكذا تحليل العلاقات، مما يوسع مجال الاستدلال ونطاقه.٣٠ وفي هذا تقول «سوزان ستيبنج» Stebbing إن أنصار المنطق الرياضي يأخذون على المنطق الأرسطي عدة أشياء؛ فهم يأخذون عليه:
    • أولًا: أنه مُقتصر على نوع واحد من أنواع الاستدلال وهو القياس.
    • ثانيًا: أنه أخفق في وضع رموز مُوافِقة للعلاقات المنطقية.
    • ثالثًا: أنه أخطأ في تحليل هذه العلاقات.٣١
    ومن ثم يتضح أن المنطق الرمزي اكتشف أنواعًا من الاستدلال غير القياس لها أهمية كبرى في التفكير، ففتحت أمامه ميدانًا واسعًا للبحث، كما استطاع أن يكتشف ويحلل مجموعة كبرى من القضايا والإضافات، يمكن أن يُعبر عنها بواسطة الرموز، فإلى جانب إضافة التضمن التي قال بها وحدها المنطق الأرسطي، قال المنطق الرمزي بإضافات أخرى يعبر عنها في اللغة بالأسماء الموصولة وحروف الجر وحروف العطف.٣٢
  • (٧)

    المنطق الأرسطي منطق تداخل بين أصناف؛ فمبادئه الثلاثة المشهورة: مبدأ الذاتية، والتناقض، والثالث المرفوع، لا تفيد إلا في تصنيف الحدود مأخوذًا كلٌّ منها على حدة؛ أي بحسبانها منفصلة يندرج الواحد منها تحت الآخر، ويُوضع الواحد منها بالتبادُل مكان الآخر، أما المنطق الرمزي فعليه أن يكمل هذا المنطق بمنطق قضايا، فينظر في القضايا من حيث إنها في الواقع الوحدات الأولى الأصلية، كما ينظر المنطق الأرسطي في الحدود؛ أي ينظر في كيفية التداخل بينها، وتقسيمها، وتضمن الواحد منها الآخر كي يُمكِن الاستدلال.

  • (٨)
    إذا كان المنطق الأرسطي قد سمحَ بتضمُّن الكليات للجزئيات المتَّحدة معها في الكيف، إلا أن المنطق الرمزي الحديث يَرفض الانتقال من مقدمة أو مقدمات كلية إلى نتيجة جزئية؛ وذلك لأنَّ الكلية مجرد فرض، لا يتضمَّن ذلك الوجود الذي تُشير إليه القضية الجزئية، كما أنَّ القضايا الكلية لكونها فروضًا تكون صادقة دائمًا، سواء وجد موضوعها أو لم يوجد، في حين أن القضايا الجزئية قد تصدق وقد تكذب. وبذلك لا يضمن صدق الكليات صدق الجزئيات المُتداخِلة معها، كما أن افتراض الدلالة الوجودية يضيف مقدمة أخرى مُضمرة إذا صرح بها تحول الاستدلال المباشر إلى غير المباشر، وصار للقياس أكثر من مقدمتين، أو صار يتكون من أكثر من ثلاث قضايا.٣٣
  • (٩)
    إذا كان المنطق الأرسطي يخلو من إقامة منطق للعلاقات، فإن المنطق الرمزي الحديث حاول إقامة منطق للعلاقات، وتمثل هذا لدى لامبرت Lambert (١٧٢٨–١٧٧٧م)، ودي مورجان De Morgan (١٨٠٦–١٨٨٧م)، وساندرز تشالرز بيرس S. Peirce.٣٤
  • (١٠)

    إذا كان المنطق الأرسطي قد رمز للمتغيرات فإنه لم يرمز للثوابت، أما المنطق الحديث فقد اهتم بذلك.

  • (١١)
    إذا كان المنطق الأرسطي لم يُحقق الشروط التي تجعل القياس نسقًا فرضيًّا استنباطيًّا، يبدأ من تعريفات وبديهيات أو مسلَّمات، يبرهن بها على قضاياه؛ وذلك على الرغم مما قام به من عمليات للرد للأضرب الناقصة إلى الأضرب الكاملة.٣٥

تلك هي أوجه الاختلاف بين المنطق الأرسطي والمنطق الرمزي الحديث، ولكن هذه الاختلافات كانت نوعًا من الإصلاح للمنطق الأرسطي القديم.

وقد حاول كثير من المُحدَثين أن يطبق هذه الفكرة، فنجد مثلًا سوزان ستيبنج؛ حيث قامت بعمل مؤلف أسمته «مقدمة حديثة في المنطق»، وفقت فيه بين المنطق الصوري الأرسطي والمنطق الرمزي الحديث، ورأت أن المنطق الرمزي الحديث ما هو إلا تعديل أو إصلاح للمنطق الصوري القديم. كما ذهبت فيما يتعلَّق بنقطتي قيد البحث إلى أن المنطق علم قوانين الفكر الضرورية.٣٦
١  W. Kneale and M. Kneale: The development of logic, Oxford at the Clarendon Press, England, 1966, p. 297.
٢  Robert Adamson, LL. D: A short history of logic, London, 1911, p. 168–170.
٣  روبيربلانشي: المنطق وتاريخه منذ أرسطو حتى راسل، ترجمة د. خليل أحمد خليل، الجزائر، دار المطبوعات الجامعية، الطبعة الأولى، ١٩٨٠م، ص٢٣٥.
٤  د. محمد السرياقوسي: التعريف بالمنطق الرياضي، دار الثقافة للنشر والتوزيع، القاهرة، ١٩٧٨م، ص١٢٠.
٥  د. قيس هادي أحمد: نظرية العلم عند فرنسيس بيكون، دار الشئون الثقافية العامة، بغداد، ١٩٨٩م، ص١٥٦، ١٥٧.
٦  د. محمود فهمي زيدان: الاستقراء والمنهج العلمي، مؤسسة شباب الجامعة، الإسكندرية، بدون تاريخ، ص٦٢، ٦٣.
٧  د. عثمان أمين: ديكارت، دار الأنجلو المصرية، القاهرة، ١٩٦٨م، ص١٢.
٨  المرجع السابق، ص١٢، ١٣.
٩  برتراند راسل: تاريخ الفلسفة الغربية، ج١، ترجمة د. زكي نجيب محمود، لجنة التأليف والترجمة والنشر، القاهرة، ١٩٥٧م، ص٣٢٢.
١٠  R. Carnap: The old and The New logic, in Logical positivism, edited by A. J. Ayer, USA, 1963, p. 137.
١١  A. Tarski: Introduction to Logic: And to the Methodology of Deductive Sciences, Preface, New York, 1959, p. 3–6.
١٢  د. محمد السرياقوسي: النتائج الجوهرية لعدم دقة أرسطو المنطقية، بحث منشور ضمن كتابه مقالات وبحوث في المنطق، الدار الفنية للنشر والتوزيع، القاهرة، ١٩٨٨م، ص٣٦.
١٣  د. قيس هادي أحمد: نظرية العلم عند بيكون، ص٢٤٠.
١٤  المرجع السابق، ص٢٤٠، ٢٤١.
١٥  د. ماهر عبد القادر: فلسفة العلوم الطبيعية … المنطق الاستقرائي، دار المعرفة الجامعية، الإسكندرية، ١٩٧٩م، ص٩٠–١٠٠.
١٦  د. محمد ثابت الفندي: أصول المنطق الرياضي وفلسفة الرياضة، دار المعرفة الجامعية، ١٩٨٧م، ص٣٢.
١٧  د. علي سامي النشار: المنطق الصوري، ص٣٢.
١٨  د. عزمي إسلام: بدايات المنطق الحديث عند ليبنتز، بحث منشور بحوليات كلية الآداب، جامعة عين شمس، ج١٥، ١٩٧٥م، ص١٩٩.
١٩  د. عزمي إسلام: أسس المنطق الرمزي، مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة، ١٩٧٠م، ص٢٢.
٢٠  د. محمد السرياقوسي: التعريف بالمنطق الصوري، ص٣٨.
٢١  روبير بلانشي: المنطق وتاريخه، ص٣٧٦، ٣٧٧.
٢٢  برتراند راسل: مقدمة في الفلسفة الرياضية، ترجمة د. محمد مرسي أحمد، مؤسسة سجل العرب، القاهرة، ١٩٨٠م، ص٢٠٨.
٢٣  د. عبد الرحمن بدوي: المنطق الصوري والرياضي، ص٢٦٢.
٢٤  د. ماهر عبد القادر: المنطق الرياضي … التطور المعاصر، دار المعرفة الجامعية، الإسكندرية، ١٩٨٠م، ص٢١.
٢٥  جون ديوي: المنطق: نظرية البحث، ترجمة د. زكي نجيب محمود، دار المعارف، القاهرة، ١٩٦٩م، ص١٦٨.
٢٦  د. زكي نجيب محمود: نحو فلسفة علمية، ص٢٦.
٢٧  د. محمود فهمي زيدان: المنطق الرمزي … نشأته وتطوره، مؤسسة شباب الجامعة، الإسكندرية، ١٩٧٩م، ص٣٧، ٣٨.
٢٨  يان لوكاشفيتش: نظرية القياس الأرسطية من وجهة نظر المنطق الصوري الحديث، ترجمة د. عبد الحميد صبرة، منشأة المعارف، الإسكندرية، ١٩٦١م، المقدمة، ص٧.
٢٩  د. عبد الرحمن بدوي: المنطق الصوري والرياضي، ص٢٥٢.
٣٠  د. عزمي إسلام: أسس المنطق الرمزي، ص٢٠، ٢١.
٣١  The new Encyclopedia Britannica, article 5, 14eme ed, William Benton, Publisher, 1943–1973, London, p. 331.
٣٢  د. عبد الرحمن بدوي: المنطق الصوري والرياضي، ص٢٥٢، ٢٥٣.
٣٣  د. محمد السرياقوسي: النتائج الجوهرية لعدم دقة أرسطو المنطقية، ص٥٤–٥٦.
٣٤  المرجع السابق، ص٧٠، ٧١.
٣٥  د. محمد السرياقوسي: المنهج الرياضي بين المنطق والحدس، دار الثقافة للطباعة والنشر، القاهرة، ١٩٨٢م، ص٧٠، ٧١.
٣٦  S. Stebbing: A modern introduction to logic, p. 2.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤