محاولات فاشلة!

بعد أن ابتعدوا مسافة كافية … توقَّف الجميع على الكورنيش، وسأل «محب»: ماذا حدث يا «عاطف»؟

عاطف: كالعادة الشاويش «علي» لا يصدقنا … قلت له إنَّ هناك حادثَ اختطاف، فقال إنَّني أضحك عليه … واتهمني بالبلاغ الكاذب … بل وطلب من العسكري الذي كان يطاردني واسمه «برقيع» … طلب منه القبض عليَّ!

تختخ: إذن يجب أن نتجه فورًا إلى «حلوان» … سنُخطر أسرة «هشام» بما حدث! أظنك تعرف الطريق يا «عاطف»؟

عاطف: نعم … لقد تأخَّرت السيارة التي تأتي لأخذه يومًا، فذهبتُ مع أبي لتوصيله!

بعد نحو عشرين دقيقة وصل المغامرون الخمسة إلى قرب منزل «هشام»، وقرروا أن يتوجه «عاطف» لإخطار أسرة «هشام» بما حدث … ووقفوا بعيدًا في انتظاره … وبعد أن غاب «عاطف» نحو عشر دقائق عاد قائلًا: للأسف … لا أحدَ في المنزل!

تختخ: وماذا فعلتَ؟

عاطف: تركت ورقة عند الجيران أن يتصلوا بنا للأهمية!

تختخ: أليس ﻟ «هشام» إخوة؟

عاطف: له أخت وحيدة متزوجة وتسكن في مصر الجديدة، وغالبًا يكون والده ووالدته في زيارتها!

تختخ: لم يَعُد أمامنا إلا الاتصال بالمفتش «سامي».

وعادوا مرة أخرى إلى المعادي … واتجهوا إلى منزل «عاطف»، وكم كانت دهشتهم أن وجدوا العسكري … «بريقع» يقف بقامته الضخمة أمام المنزل!

أسرعوا بالفرار قبل أن يراهم، وقال «تختخ» غاضبًا: إنَّ تصرفات الشاويش «فرقع» فاقت كل الحدود … كيف يُرسل «بريقع» للقبض عليك؟!

عاطف: سأشكوه للمفتش «سامي»!

اتجهوا إلى منزل «محب» و«نوسة»، وقد ساد بينهم الشعور بالقلق على صديقهم الضرير، فأفقدهم الرغبة في الحديث … ومن هناك اتصلوا بالمفتش «سامي» في مكتبه … وهكذا وجدوا أنفسهم في مواجهة اختفاء «هشام» العجيب … جلسوا صامتين لحظات، ثم قالت «نوسة»: كيف كان «هشام» يأتي إلى منزلكم يا «عاطف»؟

عاطف: كان يأتي في سيارة أجرة.

لوزة: ولكن كيف لطالب كفيف أن يدرس في مدرسة عاديَّة؟! أليس هناك مدارس للمكفوفين!

تختخ: نعم … هناك مدارس خاصة بهم … ولكن بعض الطلبة الذين حُرموا نعمة البصر في وقت متأخر … يمكنهم متابعة دروسهم في المدارس العاديَّة إذا كان معهم جهاز تسجيل خاص، حيث يمكنهم تسجيل المعلومات عليه!

وعاد الجميع إلى الصمت … وكان كلٌّ منهم يفكر في السؤال نفسه … ماذا حدث ﻟ «هشام»؟ … وإن كان قد اختُطف كما استنتج «تختخ» … فلماذا؟ مَن الذي يخطف صبيًّا ضريرًا؟ إنَّه ليس غنيًّا حتى يكون وراء خطفه عصابة تريد فدية!

مسألة شديدة الغموض … وأخرج «تختخ» ساعة «هشام» وأخذ يتأملها … وكأنَّه يطلب منها أن ترويَ له ما حدث!

في هذه اللحظة دقَّ جرس التليفون … كان المتحدث هو والد «عاطف» و«لوزة» … وأسرع «عاطف» يردُّ على أبيه، الذي قال له: إنَّ والد «هشام» … اتصل الآن … لقد عاد إلى منزله فوجد ورقة منك أثارت قلقله … ويريد أن تتصل به تليفونيًّا فورًا!

عاطف: هل ترك رقم التليفون، فقد نسيت الرقم؟

الوالد: نعم … تركه لك … هل معك قلم وورقة؟

أشار «عاطف» إلى «نوسة» … فأسرعَت تُحضر ورقة وقلمًا، وقام «عاطف» بكتابة الرقم.

عاد الوالد يقول: ماذا حدث يا «عاطف»! إنَّ الرجل منزعج جدًّا!

عاطف: الحقيقة يا أبي، إنَّ المسألة تدعو للانزعاج!

الوالد: هل حدث شيء ﻟ «هشام»؟

عاطف: لا أستطيع أن أقول ما حدث بالضبط … ولكن هناك احتمال أن يكون «هشام» قد اختُطف!

الوالد: اختطف؟!

عاطف: نحن نظن ذلك … وربما نكون على خطأ.

الوالد: إذن اتصل بوالده فورًا!

اتصلَ «عاطف» بوالد «هشام» الذي ردَّ على الفور … وكان صوته يعكس قلقَه وانفعاله … وأخذ «عاطف» يروي له ما حدث!

الأب: هل أبلغتم الشرطة؟

عاطف: حاولنا، ولكن هناك ظروفًا!

الأب: على أي حال سأتولَّى أنا الاتصال بقسم البوليس ومباشرة هذا الموضوع!

قام «تختخ» واقفًا، وأسرع إلى «عاطف»، وقال له: اسأله عن أي صديق ﻟ «هشام» نستطيع الاتصال به.

تردَّد «عاطف» لحظات، فاختطف «تختخ» السماعة من يده، وقال: أنا أحد أصدقاء «هشام»، وأريد من فضلك يا عمي أن تدلَّني على صديق له يمكن الاتصال به فورًا للأهمية!

الأب: هناك صديقه «أدهم»؛ فهو يسكن بجوارنا، ويذهب معه إلى المدرسة يوميًّا في التاكسي نفسه.

حصل «تختخ» على رقم تليفون «أدهم»، وأخذ يُطمئن والد «هشام» الذي شكر «تختخ»، ثم أنهى المكالمة وهو يرجو «تختخ» أن يتصل به في أي وقت إذا وجد ما يستدعي ذلك!

اتصل «تختخ» فورًا «بأدهم»، وقال له: إنني أعرف أنك صديق «هشام»!

رد أدهم: نعم!

تختخ: إنَّني أريد أيَّة معلومات عن «هشام»!

أدهم: ماذا تقصد؟

تختخ: معلومات عن حياته في المدرسة … عن علاقاته ببقية الطلبة … بالمدرسين … أي شيء يخطر ببالك … فإنني أعتقد أنَّ «هشام» قد اختُطِف!

أدهم: ماذا تقول!

تختخ: لا داعي لأن أشرح لك كل شيء … ولكنَّ «هشام» كان في زيارتنا اليوم في المعادي … وقبل أن يدخل منزل صديق لي اختفى!

أدهم: هذا غير معقول!

تختخ: معقول أو غير معقول … أرجوك … إنَّ كل دقيقة أو حتى ثانية مهمة جدًّا!

أدهم: هل أنت من مجموعة «عاطف»؟

تختخ: نعم. أنا من مجموعة «عاطف».

أدهم: ليس في حياة «هشام» شيء غير عادي … إنَّه طالبٌ مُجدٌّ … ومحبوب … لم تمنعه إصابته من أن يكون متفوقًا في دراسته ومحبوبًا من الجميع … الزملاء والمدرسين.

تختخ: وماذا أيضًا!

أدهم: لا أدري ماذا تطلب بالضبط …

تختخ: لا أريد أن أعرف … هل تعتقد أنَّ في حياة «هشام» أيَّ شيء يدعو لاختطافه؟!

وساد الصمت لحظات …

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤