الفصل العاشر

الهوبيت اللاعب

لماذا يحب الهوبيت اللعب؟ ولِمَ يجب أن نحبه نحن أيضًا؟
ديفيد إل أوهارا

يجتمع الرياضيون من شتَّى أنحاء العالم كلَّ عامين حتى يستطيعوا اللَّعب معًا في دورة الألعاب الأولمبية. حين تضيف تكاليف التدريب، والسفر، والمنشآت؛ تجد أن الأولمبياد تتكلف مليارات الدولارات. أضف إلى ذلك المبلغ الذي نُنْفِقه على الألعاب الاحترافية حول العالم، وقد تبدأ حينها في التساؤل: ألا توجد طرق أهم نستغل بها تلك الأموال؟ كما تعلم، القضاء على الجوع في العالم، علاج السرطان، منح مقاعد لأساتذة الفلسفة؛ أشياء من هذا القبيل؟

ولكن فيما يبدو أن حكم التاريخ هو أنَّ كلَّ ثقافة تعتبر اللعب واللهو جزءًا مهمًّا من أية حياة كي تُعاش على نحوٍ جيِّدٍ. لذا إليك هذا السؤال: إلى أيِّ مدًى ينبغي أن نأخذ اللعب بجدية؟

(١) كرة القدم، والجولف، وألعاب أخرى يمارسها الهوبيت

إذا كانت «الهوبيت» تُمثِّل أيَّ مؤشر، فإن جيه آر آر تولكين يعتقد فيما يبدو أننا ينبغي أن نأخذ اللعب بقَدْر بالغ من الجدية. فهذا الكتاب، في النهاية، يدور حول أحد الهوبيت. وإذا كنتَ من الهوبيت، فإن جزءًا لا بأس به من حياتك مكرَّس للاستجمام بشتَّى أنواعه: الألعاب، الحفلات، الألعاب النارية، النميمة، زيارة الأصدقاء والجيران، قذْف الحجارة والسهام، المصارعة، الغناء، مهاجمة الفطر، شرب الجِعَة، ونفث حلقات الدخان.1
صحيح أنَّ الهوبيت «بارعون في استخدام الأدوات» ولا شكَّ أنهم قد اجتهدوا للحفاظ على «ريفهم المُنظَّم والمحروث جيدًا».2 (فكان على أحدهم أن يزرع ويُعِدَّ كلَّ ما يحتاج إليه الهوبيت من طعام لوجباتهم الست يوميًّا!) ولكن من الواضح أن هوبيت تولكين ينفقون قَدْرًا أكبر بكثير من الوقت في الترويح والأنشطة الترفيهية مقارنةً بما يفعله معظم الناس اليوم.

ولكن ليس الهوبيت فقط هم من يلعبون. فالجن يمارسون الغناء ويتجمعون في الغابة ليلًا. فيما يُغرَم أهل مدينة البحيرة باللهو والاحتفالات (على الرغم من أنَّ واحدًا أو اثنين منهم يبدو عليه التجهُّم والعبوس). حتى الشخصيات التي لم تكن لتعتقد أنها تلهو مع الأطفال يحبون اللعب؛ فيُشِير جولوم إلى أن بيلبو يلعب لعبة ألغاز معه، ويفوز جاندالف بحُسْن ضيافة بيورن من خلال المزاح واللهو وسرد الحكايات. وبحلول الليل، ينهمك بيورن في اللعب أكثر مع الدببة المحلِّيِّين. ولا يستطيع سموج مقاومة ممارسة لعبة ذكاء بيلبو الخطرة. ويكاد يكون كلُّ مَن في «الهوبيت» — حتى الجوبلن — يمارسون الغناء والموسيقى.

بل إن تولكين يكتب عن الرياضة.3 فيخبرنا أن الهوبيت قد اخترعوا الجولف حين أطاح بولرورار برأس جولفمبول ملك الجوبلن وتدحرج الرأس داخل حفرة أرنب. وبعد أن يغادر ثورين ورفقته ريفيندل في رحلتهم إلى الجبل الوحيد، يجدون أنفسهم في الجبال وسط عاصفة، محاطين بالعمالقة الذين «يقذفون الصخور بعضهم في وجه بعض على سبيل اللعب، ويلقَفونها ويقذفونها في الظلام حيث كانت تتحطم بين الأشجار القابعة عميقًا بالأسفل، أو تتكسر إلى شظايا صغيرة بضربة قوية».
فيشكو ثورين قائلًا: «يكفي هذا! إن لم نُصعَق، أو نغرق أو نُضرَب بفعل البرق، سوف يلتقطنا أحد العمالقة ويركلنا لأعلى في اتجاه السماء ككرة قدم.»4 إن ذلك ليس مجرد دعابة جانبية في سياق الحوار؛ فهو يخبرنا شيئًا مهمًّا عن الأرض الوسطى؛ تحديدًا أن الأقزام يعرفون عن كرة القدم.
لستُ أمزح تمامًا هنا. ففي الواقع إنه يخبرنا بشيء آخر؛ ألا وهو: أن حتى العمالقة يمارسون الألعاب. ولعل هذا هو ما يجعل جاندالف يعتقد أنه سيكون قادرًا على العثور على «عملاق لطيفٍ بدرجة أو أخرى» لسدِّ «المدخل الأمامي» للجوبلن.5 قد لا يبدو للَّعب أهمية في السياق الأكبر للأمور، ولكنه أيضًا قد يكون أكثر ما يربط أحدنا بالآخر.
فكر في جولوم حين يلتقي بيلبو. إن وجود هوبيت يذكِّر جولوم بأسعد جزء من حياته السابقة، حين كان يلعب لعبة الألغاز مع أصدقائه: «كان سؤالهم وأحيانًا تخمين أسئلتهم هو اللعبة الوحيدة التي لَعِبَها مع المخلوقات المرحة الأخرى التي كانت جالسة في أنفاقها قبل زمن بعيد للغاية، قبل أن يفقد كلَّ أصدقائه ويُطرَد بعيدًا وحيدًا، ويظل يزحف ويزحف نحو الظلام أسفل الجبال.»6
إن مثل هذه اللحظات تجعل جولوم أقرب لشخص منه إلى وَحْش. فأكثر اللحظات التي نشعر فيها بالقرب من الحيوانات هي أثناء اللعب؛ فحين يلعبون يصبحون مثلنا. في الواقع، لو كان هناك شخص ما لا يلعب مطلقًا، لساوَرَنا الشكُّ في كونه بشرًا كاملًا. في هذا السياق، تساءل الفيلسوف الألماني فريدريش شيلر (١٧٥٩–١٨٠٥): «ولكن لماذا نطلق عليها «مجرد» لعبة، في حين نعتبر أن اللعب، في كلِّ ظرف من ظروف الإنسانية، واللعب فقط، هو ما يجعل الإنسان كاملًا؟»7
قد لا ترى في الأمر شيئًا مهمًّا؛ فالهوبيت يلعبون الجولف والأقزام يلعبون كرة القدم. إن ذلك تحديدًا لا يجعل من رواية «الهوبيت» نسخة الأرض الوسطى من «سبورتس إللَستراتيد». وهذا صحيح تمامًا، ولكن هناك المزيد من اللعب واللهو في القصة أكثر مما نسمع به. فحين كانت الرفقة في ريفيندل، يخبرنا تولكين بالمعلومات التالية:
إنه أمر غريب، ولكن الأشياء التي من الجيِّد أن تَقْتَنيَها والأيام التي من الجيِّد أن تمضيها تستغرق القليل للحكي عنها، ولا يُنصَت لها كثيرًا، بينما الأشياء المزعجة المثيرة للاضطراب، بل والمفزعة، قد تصلح لأن تكون حكاية جيِّدة، وتستغرق قَدْرًا من الحكي على أي حال. لقد أمضوا فترة طويلة في ذلك المنزل الجميل … لكن لا يوجد سوى القليل للإخبار عنه بشأن إقامتهم … ليتني كان لديَّ وقت لأخبركم ولو قليلًا من الحكايات أو واحدة أو اثنتين من الأغنيات التي سمعوها في ذلك المنزل.8

لقد أمضوا ما لا يقل عن أسبوعين في ريفيندل، ولكن لا يوجد الكثير لإخباره؛ لأن تلك الفترة قُضِي معظمها في الراحة والاستجمام.

إلى جانب ذلك، يتجاوز معنى اللعب ما هو أكثر من الرياضات. فكر في كلِّ الطرق التي تُستخدَم بها كلمة play في اللغة الإنجليزية. فالعروض الدرامية المثيرة تُسمَّى plays (بمعنى مسرحيات)، والممثلون عادة ما يُسمَّون في الإنجليزية players. وحين يعزف الناس الموسيقى، نقول إنهم يلعبون على آلاتهم. كما نلعب بالصلصال Play-Doh (لا غرابة في ذلك)، وبالرمال على الشاطئ، وبالأشياء على مكاتبنا. كما ننهمك في اللعب حين نمارس صيد الأسماك أو الحيوانات البرية، ونطلق على الحيوانات التي نطاردها game (بمعنى فريسة). والكلمات المتقاطعة، وإلقاء الدعابات، والغناء، والرقص، والأعمال الفنية. كلُّ هذه الأشياء تُعَدُّ صنوفًا من اللعب.

(٢) ما لا يندرج تحت اسم اللعب

إذن ما العناصر المشتركة بين كلِّ هذه الأنشطة؟ لنبدأ باستبعاد بعض الأشياء التي لا تُعَدُّ من قبيل اللعب.

(٢-١) اللعب ليس افتقادًا للجدية

قد ننجذب نحو الاعتقاد بأن اللعب هو غيابٌ للجدية، ولكن في الواقع أننا كلما انهمكنا في اللعب بقوة، صرنا أكثر جدية بشأنه. فقط فكِّر كيف يلعب الأطفال في ألعاب التظاهر. وإذا كنت تعزف على الجيتار في أحد الفرق، أو تلعب كرة السلة مع الأصدقاء، فأنت تتوقع ممن تلعب معهم أن يأخذوا اللعب بجدية.

كان اعتقاد شيلر عن اللعب أنه جدية مُفرِطة؛ إذ يقول: «إن الإنسان لا يكون جادًّا إلَّا مع المستساغ، والحسن، والمثالي؛ ولكنه مع الجمال يلعب.» إن شيلر يتعامل مع الجمال بوصفه شيئًا أسمى من «المستساغ، والحسن، والمثالي»؛ ومن ثَمَّ يعتبر اللعب، الذي يركز على الجمال، شيئًا أسمى من أن يكون مجرد شيء جادٍّ.9

إن اللعب، بشكل ما، أكثر جدية من أن يُسمَّى مجرد شيء «جادٍّ»؛ لذا نطلق عليه «لعبًا».

(٢-٢) اللعب ليس كسلًا

لا يُعَدُّ اللعب كذلك مجرد استرخاء أو كسل. فقد كتب توما الأكويني (حوالي ١٢٢٥–١٢٧٤)، في كتابه «خلاصة اللاهوت» أنه بينما كان «الخمول» خطيئة بشكل مطلق، كانت الراحة والاستجمام أمرين في غاية الأهمية، حتى إنه كان يُعتقَد أنَّ الناس سوف يستمرون في ممارستهما في السماء.10
على مستوًى أكثر بساطة، يتدرَّب الرياضيون الذين يأخذون ألعابهم التي يمارسونها بجدية بكدٍّ واجتهاد بالغين من أجلها. ويُعَدُّ الهوبيت مثالًا آخر لهذا؛ فحين يلعبون، يلعبون بجد. ولك أن تتخيَّل كمَّ التخطيط الذي تخلَّل حفل عيد ميلاد بيلبو في «رفقة الخاتم»، أو الجهد الشاق الذي كان لا بدَّ من بذله لتحويل باج إند إلى المكان الاحتفالي الذي كان عليه: «كان نفق هوبيت، وهذا يعني الراحة».11
إن الراحة الجادة لا تتأتَّى إلَّا من خلال العمل الشاق والتخطيط الدقيق. فقد قال تشارلز إس بيرس (١٨٣٩–١٩١٤) إن اللعب هو المضاد الفعلي للكسل: «اللعب، كما نعلم جميعًا، هو تدريب نشط وحيوي لقدرات المرء.»12 فحين نلعب، نستدعي كلَّ مواردنا للتركيز على ما نفعله.

(٢-٣) اللعب ليس صِبْيانية

لا يُعَدُّ اللعب أيضًا من قبيل الحماقة أو الصِّبْيانية، حتى لو بدا كذلك للوهْلة الأولى. ويوضِّح تولكين هذا من خلال أكثر الجماعات لهوًا في «الهوبيت»: جن ريفيندل. فحين يصل بيلبو والرفقة إلى ريفيندل، يقابلهم الجن وهم يضحكون ويغنون بين الأشجار.

يقول تولكين: «وكل الهراء المحض الذي أظنك ستعتقده. ليس الأمر أنهم لم يكونوا يعبئون بشيء؛ فقد كانوا سيزيدون في الضحك لو أخبرتهم بذلك. لقد كانوا جنًّا بالطبع … حتى الأقزام الذين يتحلَّون بما يكفي من اللطف والأدب مثل ثورين وأصدقائه يعتقدونهم حمقى (وهو شيء من الحمق بمكان الاعتقاد فيه)، أو ينزعجون منهم.»13
بالطبع كان هؤلاء «الحمقى» من الجنِّ «يعرفون الكثير وكانوا مصدرًا رائعًا لمعرفة الأخبار»، وبحلول مغادرة الأقزام لمنزل إلروند، «كانت خططهم قد تحسَّنَتْ بفضل النصائح المثلى التي أسْدَوْها لهم.»14 فلولا معرفة إلروند بالحروف الأيسلندية القديمة، لظَلَّ الأقزام على باب سموج يتساءلون كيف الدخول، أو لأصبحوا شواء للتنين.

(٣) الخير في اللعب

كثيرًا ما يجد الفلاسفة أنَّ من المفيد تعقُّب تاريخ فكرةٍ ما من أجل فهمها بشكل أفضل. ولمَّا كان اليونانيون القدماء قد منحونا كلًّا من الفلسفة والأولمبياد، فلنبحث في أفكارهم بشأن اللعب. في اليونان القديم، ثمَّة صلة وثيقة بين الكلمة اليونانية المكافئة لكلمة «لعب» paidia والكلمة اليونانية المكافئة لكلمة «تعليم» paideia. فقد كان اليونانيون يعتبرون التعليم شيئًا يتأتَّى من وقت الفراغ؛ لأن وقت الفراغ هو وقت يتمُّ قضاؤه في السعي وراء أشياء جميلة وممتعة، وليس فقط العمل من أجل جلب الأشياء الضرورية.
دائمًا ما كان يندهش طلَّابي حين يعلمون أن الكلمة الإنجليزية school (مدرسة) مشتقة من الكلمة اليونانية scole، التي تعني «وقت فراغ». قد لا تبدو المدرسة كوقت فراغ وترفيه، ولكن لو كان لدينا وقتٌ خالٍ من ممارسة الزراعة باعتبارها مصدر رزق ومحاربة دببة الكهوف، لما توافر لنا وقتٌ لدراسة الأشياء لذاتها. وقد دافع السياسيُّ الأثينيُّ بريكليس (حوالي ٤٩٥–٤٢٩ق.م) عن حبِّ الأثينيين للَّعب ووقت الفراغ في خطبته التأبينية الشهيرة، قائلًا إن الأثينيين «أحبوا الجمال بقدر، وأحبوا الحكمة بلا هوادة.»15 وهكذا لخَّص لنا بريكليس في جملة واحدة ملاحظتين مهمتين: أن اللعب يرتبط بالتعلُّم، وأن اللعب يُعنَى بالجمال.
في ظلِّ هذا، قد يكون من المفيد التفكير بشأن اللعب في إطار الأخلاق. لعلَّ من الأشياء التي يقوم بها الفلاسفة التمييز بين مختلف أشكال الأشياء الطيِّبة. فبعض الأشياء الطيِّبة، مثل المال، تكون مرغوبة؛ لأنها تساعد على جلب أشياء أخرى. ثمة أشياء طيِّبة أخرى، مثل الحب، تكون مرغوبة لذاتها وليس باعتبارها وسيلة لغاية. وبين هذين النوعين وُجِد نوع ثالث من الخير، مرغوب لذاته ولأنه يجلب لنا أشياء أخرى طيِّبة.16 إذن لأيِّ نوع من الخير ينتمي اللعب؟
ذهب عددٌ من الناس إلى أن اللعب من النوع الأول من الأشياء الطيبة؛ لأننا حين نلعب نستطيع تعلُّم أشياء نافعة بطريقة ممتعة. وقد كتب زينوفون (حوالي ٤٣١–٣٥٥ق.م) أن أيَّ شخصٍ كان يريد التعلُّم، كان عليه تعلُّم الصيد.17 بعدها، حسبما قال، لو تبقَّى لديك أيُّ أموال، وجب عليك دراسة المواد الأخرى. كان زينوفون يعتقد أن الشباب، في مطاردتهم المرحة للطرائد البرية، يتعلَّمون كلَّ الدروس التي يحتاجون إليها لإدراك النجاح في الحياة وفي الحرب.

على النحو نفسه، جرَّمَ الملك إدوارد الثالث ملك إنجلترا (١٣١٢–١٣٧٧) ممارسة ألعاب الكرة؛ فقد أراد أن يجعل الإنجليز رماةً أفضل بإرغامهم على اللعب بالأقواس بدلًا من الكُرَات. بعد ذلك استخدم إدوارد القوس الطويل للدفاع عن الاسكتلنديين لجزِّ زهرة النبالة الفرنسية في كريسي.

على نحوٍ أكثر سلمية، ادَّعت المربية الشهيرة ماريا مونتيسوري (١٨٧٠–١٩٥٢) أن اللعب هو العمل الذي يؤدِّيه الأطفال. وكثيرًا ما يكون مفاد الأمر أننا إذا كنَّا نقضي وقتًا طيِّبًا، فإننا بذلك نتعلَّم. وتلك واحدة من الأفكار التي يستند إليها الكتاب على أيِّ حال؛ إنك ستستمتع بتعلُّم الفلسفة من خلاله.

ذهب آخرون، مثل سقراط (حوالي ٤٧٠–٣٩٩ق.م)، إلى أنَّ هناك على الأقل نوعًا معيَّنًا من اللعب أقرب إلى النوع الثاني من الخير: شيء طيب لذاته بشكل صرف. وقد أخبرنا أفلاطون (حوالي ٤٢٨–٣٤٨ق.م) أن سقراط كان يؤمن بأنَّ أَقْيَم صنوف اللعب هو الفلسفة. فتكريس نفسك للتلاعب بأنبل وأسمى الأفكار أشبه بزرع حدائق جميلة ببذور الفكر.18 والتفكير الفلسفي المرح يصبح هو الثمرة التي تجنيها.
اختلف أرسطو (٣٨٤–٣٢٢ق.م) مع سقراط بشأن هذه النقطة. ففي كتابه الشهير «الأخلاقيات النيقوماخوسية»، ذهب أرسطو إلى أن اللعب ليس الشيء الأسمى، بل هو مثال للنوع الثالث من الخير؛ فنظرًا لأن اللعب له نوع من الجمال مقتصر عليه، فإنه مرغوب لذاته، لكنه أيضًا ضروري لإعدادنا لأشياء أخرى تستحق. وبكلماته الخاصة «نحن نلعب حتى نستطيع أن نكون جادِّين.»19

(٤) اللعب المغامر: تعليم بيلبو

لا شك أن التعليم يدربنا ويوجهنا. وكما قال الشاعر ألكسندر بوب (١٦٨٨–١٧٤٤): «التعليم هو أداة تشكيل العقل المشترك/مثلما ينحني الغصن حتى تميل الشجرة في اتجاهه.»20 واللعب جزء من التعليم. وهذا يساعدنا على أن نتفهم بشكل أكبر لماذا كان بيلبو هو الشخص — أو بالأحرى الهوبيت — المناسب للعب دور اللصِّ.
على الرغم من أنَّ الأقزام كانوا يتشكَّكون في أنَّ بيلبو لن يُجِيد دوره كلصٍّ، كان جاندالف يعلم شيئًا لم يكونوا يعلمونه عن الهوبيت: أنَّ «بإمكانهم التحرك بهدوء شديد، والاختباء بسهولة … وأنَّ لديهم مخزونًا من الحكمة والأقوال الحكيمة التي لم يسمع بها البشر مطلقًا أو نَسُوها منذ زمن طويل.»21 من الواضح أن جزءًا كبيرًا من هذا يتأتَّى من ممارسة ألعاب؛ مثل: الغميضة، والاستماع للقصص، وغناء الأغنيات. وجزء من متعة رواية «الهوبيت» يكمن في مشاهدة كيف يكتشف بيلبو نفسه، مع كلِّ مغامرة، كما أن حياته في الشاير قد هيَّأته لمغامراته على نحوٍ جيِّدٍ؛ فحين يقع الأقزام في أَسْر العناكب في ميركوود، نعلم أن:
بيلبو كان يُجِيد الرمي بالحجر … فقد اعتاد في صباه أن يمارس رمي الأحجار نحو الأشياء … وحتى حينٍ صار شابًّا يافعًا ظلَّ يقضي قَدْرًا لا بأس به من وقته في حلقات الرمي، ورمي السهام، والتصويب على لوحة الرمي، ورمي الكرات، ولعبة القناني الخشبية التسع، وغيرها من الألعاب الأخرى الهادئة التي تنتمي لنوعية ألعاب التصويب والرمي؛ لقد كان حقًّا يُجِيد الكثير من الأشياء، إلى جانب نفث حلقات الدخان، والألغاز، والطهي، التي لم يسعني الوقت لأخبرك عنها.22
لقد كانت تسالي الصبا لدى بيلبو، مثلما كان الحال في الغالب «حين كان هناك القليل من الضوضاء والمزيد من الخضرة»،23 بمثابة تهيئة للمغامرة. وليس في ذلك مفاجأة للفلاسفة في الواقع. فتجد جوزيف إسبوسيتو يصف اللعب بأنه انفتاح على الاحتمال. إنَّ جزءًا من أسباب انخراطنا في الرياضة يكمن تحديدًا في عدم معرفتنا بالنتيجة. فاللعبة لا تكون لعبة إذا كانت النتيجة محسومة كليًّا قبل بداية اللعب. فنحن نلعب ليس فقط من أجل التمرين أو الفوز، ولكن لخَوْضِ المواجهة مع الاحتمال الذي يقدِّمه اللعب. فكتب يقول:
إنَّ تسلُّق الصخور يُعَدُّ رياضة وليس مجرد تمرين رياضي بسيط؛ لأنه يضم لحظة من الاحتمالية المتمثِّلة في موطئ القدم أو قبضة اليد على الصخرة اللذين قد ينهاران دون ملاحظة منك. في حين تتمثَّل الاحتمالية في رياضة صيد السمك في التقاط السمكة للطعم … إنَّ الطبيعة حين تسنح لها الفرصة للَّعب معنا، كما هو أيضًا في رياضة القوارب الشراعية، أو ركوب الأمواج، أو صيد الحيوانات، أو التزحلق … إلخ؛ تتجاوز هذه الأنشطة مجرد النشاط الترفيهي لتصبح مناسبات للَّعب الرياضي.24
بالمثل، يقول درو هايلاند إنَّ اللعب ينطوي على «موقف من الانفتاح المتجاوب» على الخبرات الجديدة.25 ولعلَّ في ذلك تفسيرًا لجانب التوك المغامر لدى بيلبو. فحين يَتُوق التوك للمغامرة، لا ينتهجون أسلوبًا بعيدًا عن أسلوب الهوبيت. على العكس، فهم يأخذون حبَّ الهوبيت للَّعب نحو نهايته الطبيعية: إذا كنت تحب اللعب، فهذا لأنك تحب الاحتمالات، وأعظم الاحتمالات هي تلك التي نطلق عليها «مغامرات».
لِنُعِدْ صياغة ما قاله شيلر: إن حياة الهوبيت جيِّدة ومريحة، ولكنها تحتاج إلى بعض المغامرة لكي تكتمل. إن بيلبو لا يُحفَّز بالثروة، أو الخوف، أو الوطنية، أو أي شيء آخر خارج نطاق المغامرة؛ إنه يواصل المغامرة لِذَاتِها.26

(٥) اللعب بالنار: جاندالف والجوبلن

ولكن ليس كلُّ اللعب متساويًا، ويُعزى هذا جزئيًّا إلى أنه ليس موجَّهًا بالقدر نفسه نحو الجمال. لقد ذكرت سابقًا أن كلَّ من يقطن الأرض الوسطى تقريبًا يمارس اللعب. ربما لا يكون من اللائق أن أقول هذا، لكن جاندالف والجوبلن يجمع بينهما شيئان؛ الأول: هو حب كليهما للأغنيات، أما الثاني: فهو أن كليهما يلعب بالنار. وفي كلتا الحالتين بالطبع، يُعتبَر لعب جاندالف أفضل من لعب الجوبلن.

لنبدأ النار. يحظى جاندالف بموهبة في الألعاب النارية؛ مما يجعله محور أفضل حفلات الشاير. وأحيانًا ما تكون الألعاب النارية مفيدة أيضًا لأشياء مثل إلهاء الجوبلن وإحراق الوارج. ومثل ألعاب بيلبو في الطفولة، تركِّز لعب جاندالف على الجمال، واتضح أنه مفيد أيضًا.

يحب الجوبلن الانفجارات أيضًا. فنقرأ في الرواية:
إن الجوبلن قساة، وأشرار، وذوو قلوب حقودة. إنهم لا يصنعون أشياء جميلة، لكنهم يصنعون أشياء بارعة … من غير المستبعد أن يكونوا قد اخترعوا بعضًا من الآلات التي أرَّقت العالم منذ ظهورها، لا سيما الآلات البارعة المُخصَّصة لقتل أعداد كبيرة من الناس دفعة واحدة؛ لأن العجلات والمحركات والانفجارات طالما أدخلت عليهم البهجة والسرور، كما يسعدهم أيضًا ألا يعملوا بأيديهم أكثر مما يطيقون.27

إن جاندالف يلعب بالألعاب النارية لأنها جميلة؛ أما الجوبلن فيعبثون بالانفجارات فقط «لأنها نافعة». والفارق بين هذين النهجين يتعلق، مرة أخرى، بالاحتمالية. فالجوبلن لا يريدون الاحتمالات أو المغامرات، بل يريدون القيام بالأشياء بجهد أقل.

يتضح موقف الجوبلن تجاه اللعب أكثر في غنائهم. فأغنياتهم لا تضم بين كلماتها أيَّ دهشة، أو جمال، أو غموض. إنهم يغنون ليدفع كلٌّ منهم الآخَرَ للعمل: «مطرقة وملاقيط! مقرعة ونواقيس! … العمل ثم العمل! ولا تتجرأ على الهرب!»28 قارِنْ هذه الأغنية بأغاني ريفيندل الاحتفالية المرحة، كأغنية بحارة البراميل، الذين يتغنون بالطبيعة البديعة، أو أغاني مدينة البحيرة المليئة بالأمل والتنبُّؤات. فالجوبلن، سواء مع الملاقيط أو في الأغنيات، يحبون المهارة، لا الجمال.

(٦) اللعب وفقًا للقواعد: الألغاز والأخلاقيات

ثمة مبالغة في تقدير البراعة، أو على الأقل هي ليست بأهمية اللعب والجمال. إن عنوان هذا الفصل مشتق من كتاب «الإنسان اللاعب» (هومو لودينز)، وهو كتاب عن الفلسفة واللعب للمؤرِّخ الهولندي يوهان هويزينجا (١٨٧٢–١٩٤٥). يلعب عنوان كتاب هويزينجا على مصطلح «هومو سابينز»، أو الإنسان العاقل، وهو الاسم الذي نطلقه على جنسنا للتأكيد على براعتنا ومهارتنا في معرفة كيفية القيام بالأشياء. يعتقد هويزينجا أن الناس الذين توصلوا لهذا الاسم كانوا مثل الوارج ينبحون فوق الشجرة الخاطئة. فالبراعة ليست هي ما تجعلنا ما نحن عليه، بل اللعب.

زعم هويزينجا أن الفلسفة ذاتها وُلِدت من رحم التلاعب بالألفاظ؛ تحديدًا الألغاز.29 ففي أثينا القديمة كان الرجال الذين يطلقون على أنفسهم السوفسطائيين يعلِّمون الآخرين كيفية الحديث ببراعة؛ بحيث يتمكَّنون من الفوز بالانتخابات والدعاوى القضائية. وكان السوفسطائيون يتحدَّى كلٌّ منهم الآخر بالألغاز لترسيخ مكانتهم باعتبارهم مفكرين. ومن داخل تلك البيئة جاء سقراط، أول فيلسوف غربي عظيم، الذي اكتشف شيئًا مهمًّا خلف السخافة الظاهرة للألغاز.

في الألغاز، نتلاعب بالمعاني المتعدِّدة للكلمات ونستكشف على نحوٍ هزليٍّ مرحٍ الصلات بين الأشياء التي قد لا يبدو بينها رابط. بطريقة ما، تُعَدُّ هذه هي بداية الميتافيزيقا (دراسة ما هو حقيقي بشكل نهائي) وعلم المعرفيات (فرع الفلسفة الذي يدرس المعرفة والاعتقاد). أيضًا تُوفِّر الألغاز رؤيةً ثاقبةً داخل الأخلاقيات، أو كيف ينبغي أن نتعايش مع الآخرين.

وتشير خطبة ثورين على فراش الموت — التي كثيرًا ما يُستعان بها على سبيل الاستشهاد — إلى أنه هو أيضًا تعلَّم أنَّ الحياة المرحة المليئة باللعب، في الواقع، قد تجعلنا على صلة بالأخلاقيات وبأفضل شكل للحياة.30 ولعلَّ هذا ما جعل شيلر يزعم أنَّ «الإنسان يلعب فقط حين يكون مدركًا بشكل كامل لكلمة إنسان، ولا يكون إنسانًا بشكل كامل إلَّا أثناء اللعب.»31

لقد كان اللعب، من منظور شيلر وأرسطو، نوعًا من الخير المتوسط. فهو مرغوب في ذاته، ولكنه أيضًا يوحِّد كلَّ أفكارنا الأخرى. فحين نلعب، تتيح لنا مواجهتنا مع جمال الاحتمالات ربط انطباعاتنا الحسية بأفكار، وقواعد، وتعريفات أكثر عمومية. ولمزيد من التبسيط لهذه النقطة نقول إن اللعب هو ما يتيح لنا معرفة ما هو أخلاقي. فإذا كنا «هومو سابينز» (بشرًا عاقلين)، فهذا فقط لأننا في المقام الأول «هومو لودينز» (أي بشر لاعبون).

(٧) الترويح والإبداع الفرعي

تُعَدُّ هذه الرؤية للَّعب قريبة إلى رؤية تولكين بشكلٍ ظاهريٍّ. ففي العديد من كُتُبه، يُقدِّم تولكين صورًا لمعنى أن تكون فنانًا. فالفن، كما يشير، هو نوع من اللعب نحاكي فيه أسمى الخلق، الخلق الإلهي. وقد أطلق تولكين على هذه العملية «الإبداع الفرعي».

ثمة مثال لذلك نجده في «السليمارية»، حين يوضح أوليه لإلوفاتار (الإله) لما صنع الأقزام دون علم الأخير. فيصف أوليه إبداعه باعتباره لعبًا: «إنَّ صنع الأشياء يتم في قلبي الذي يشكِّل جزءًا من تكويني الذي صنعته أنت، والطفل القليل الفهم الذي يصنع لعبة من أفعال أبيه قد يفعل ذلك دون أدنى تفكير في سخرية أو استهزاء، ولكن لأنه ابن أبيه.»32 إن تولكين لم يكتب قصصه عن الأرض الوسطى من أجل الربح بقدر ما كتبها من أجل الترويح، أو حسبما جاء على لسانه، الإبداع الفرعي؛ ذلك العمل الإبداعي الهزلي لفنان يقلِّد الإله.

(٨) حدود اللعب

غير أنَّ تولكين يذكِّرنا بأنَّ اللعب له حدوده. على سبيل المثال، يشير الاستشهاد المذكور أعلاه من «السليمارية» إلى أنه ليس كلُّ اللعب متساويًا. فأوليه يدرك أنه لو كان سيتهكم على إلوفاتار في لعبه، لكان ذلك سببًا في انحدار أوليه نفسه والحطِّ منه، ولاستحق التوبيخ. تذكر ما قاله أرسطو: اللعب مهمٌّ، ولكنه يهدف لإعدادنا لكي نكون جادِّين.

وقد اتفق إيمانويل كانط (١٧٢٤–١٨٠٤) مع هذا الرأي.33 فاللَّعب، حسبما قال، يدرِّب مهاراتنا، ولكن بدون العمل والانضباط لن نكتسب أية مهارات أو ننمي عقولنا أبدًا. وحذَّر كانط من أن اللعب يحوي بين طيَّاته مخاطر أيضًا، لا سيما في الطريقة التي نتعامل بها مع الآخرين حين نلعب. فحين نلعب، لا يجب أن نعامل الآخرين كلُعَب، بل إن كانط قال إن منح الأطفال الأشياء التي يريدونها لا يفسدهم؛ فالطريقة الوحيدة لإفساد طفلٍ هي أن يعامل الوالد الطفل كلعبة يُلعَب بها. وقد أشار كانط إلى أن هذا يُعَدُّ إخفاقًا في احترام الشخص الذي يصبح عليه الطفل.
إذن فالخطر الكامن في اللعب هو الإخفاق في أخذ الآخرين بالجدية التي يستحقون أن يُؤخَذوا بها. ويقدِّم لنا تولكين أمثلةً عدَّةً لهذا. فكما قال بيلبو: «لا تسخر أبدًا من التنانين الحيَّة!»34 أو تذكر جاندالف وهو أمام أورثانس في «البرجان» حين قال: «بإمكان من يشاء منكم أن يأتي معي للتحدُّث إلى سارومان، ولكن احذروا! ولا تمزحوا! فهذا ليس الوقت المناسب للمزاح.» وحين سأل بيبين عن مكمن الخطر، أجاب جاندالف بأن الخطر الأعظم على أولئك الذين «يتَّجهون إلى باب سارومان تغمرهم السعادة.» ومن ثَمَّ يخفقون في أخذ قوة خطاب الساحر بالجدية التي ينبغي أن يأخذوها بها.35 لقد عرف تولكين أن التلاعب بالألفاظ قد يكون ممتعًا ومرحًا، ولكنه يمكن أيضًا أن يكون قويًّا وخطرًا.

(٩) الأستاذ منهمك في اللعب

كان سي إس لويس (١٨٩٨–١٩٦٣)، صديق تولكين، يدري قوة الكلمات المصاغة بإتقانٍ كأيِّ شخص آخر، وقد قرأ «الهوبيت» وأحبَّها. وفي مراجعته النقدية ﻟ «الهوبيت» عام ١٩٣٧، أكَّد لويس على المرح الذي يتخلَّل أعمال تولكين. فقد كتب لويس يقول: «الهوبيت، وإن كانت مختلفة تمامًا عن أليس في بلاد العجائب، فإنها تشبهها في كونها عمل أستاذٍ منهمك في اللعب.»36 وكما تنبَّأ لويس في مراجعته النقدية، فقد منحنا لعب الأستاذ عملًا كلاسيكيًّا خالدًا. فأي شهادة أعظم من تلك نحتاج إليها على أهمية اللعب؟!

هوامش

(1) As Pippin says good-naturedly to young Bergil (who threatens to stand him on his head or lay him on his back), “We know some wrestling tricks in my little country.” J. R. R. Tolkien, The Lord of the Rings: The Return of the King (New York: Del Rey/Ballantine Books, 2001), 29.
(2) J. R. R. Tolkien, The Lord of the Rings: The Fellowship of the Ring (New York: Del Rey/Ballantine Books, 2001), 1. Indeed, prior to his journey to the Lonely Mountain, Thorin disdained hobbits as a race of “food-growers.” J. R. R. Tolkien, “The Quest of Erebor,” in Unfinished Tales of Númenor and Middle-Earth, ed. Christopher Tolkien (Boston: Houghton Mifflin, 1980), 332.
(3) Tolkien himself was a scrappy (if undersized) athlete in his youth. When Tolkien attended a class reunion at King Edward’s School, he found he was remembered more for his prowess in rugby than as a scholar. Humphrey Carpenter, ed., The Letters of J. R. R. Tolkien (Boston: Houghton Mifflin, 1981), 70.
(4) J. R. R. Tolkien, The Hobbit: or, There and Back Again (New York: Del Rey/Ballantine Books, 2001), 57.
(5) Ibid., 95.
(6) Ibid., 73.
(7) Friedrich Schiller, On the Aesthetic Education of Man, trans. Reginald Snell (Mineola, NY: Dover, 2004), 79.
(8) Tolkien, The Hobbit, 51.
(9) Schiller, On the Aesthetic Education of Man, 79.
(10) Thomas Aquinas, Summa Theologica, Part I, Q. 73, art. 2; Part II-II, Q. 35; and Part III, Q. 84.
(11) Tolkien, The Hobbit, 1.
(12) Charles S. Peirce, “A Neglected Argument for the Reality of God,” in The Essential Peirce (Bloomington: Indiana University Press, 1998), 2:436.
(13) Tolkien, The Hobbit, 49.
(14) Ibid., 52.
(15) Quoted in Thucydides, The Peloponnesian War, 2.40.
(16) This distinction of the three types of good is found in Plato, The Republic, 2.357b–d.
(17) Xenophon, “Cynegetica,” in Xenophon in Seven Volumes, trans. E. C. Marchant (Cambridge, MA: Harvard University Press, 1971), 7:373.
(18) Plato, Phaedrus, 276d. See also Arthur A. Krentz, “Play and Education in Plato’s Republic,” Boston University, http://www.bu.edu/wcp/Papers/Educ/EducKren.htm; and Drew Hyland, The Question of Play (Lanham, MD: University Press of America, 1984), 139–63.
(19) Aristotle, Nicomachean Ethics, 1176b33. This is a loose translation; the exact translation is “to play in order that one might be serious.”
(20) Alexander Pope, Epistles to Several Persons, 1.102.
(21) Tolkien, The Hobbit, 70. Gandalf also points out that Smaug has never smelled hobbits—a big advantage, given the dragon’s keen nose. Tolkien, “The Quest of Erebor,” 333.
(22) Tolkien, The Hobbit, 158.
(23) Ibid., 3.
(24) Joseph L. Esposito, “Play and Possibility,” Philosophy Today, Summer 1974.
(25) Hyland, The Question of Play, 139.
(26) I am indebted to Tolkien scholar Matthew T. Dickerson for this insight.
(27) Tolkien, The Hobbit, 62.
(28) Ibid., 60-61.
(29) Johan Huizinga, Homo Ludens (Boston: Beacon Press, 1950), 146–57.
(30) Tolkien, The Hobbit, 290.
(31) Schiller, On the Aesthetic Education of Man, 80.
(32) J. R. R. Tolkien, The Silmarillion, ed. Christopher Tolkien (Boston: Houghton Mifflin, 1977), 43.
(33) Immanuel Kant, On Education, 2.55, 4.65–69.
(34) Tolkien, The Hobbit, 227.
(35) J. R. R. Tolkien, The Lord of the Rings: The Two Towers (New York: Del Rey/Ballantine Books, 2001), 260.
(36) C. S. Lewis, “The Hobbit,” in On Stories (San Diego: Harcourt, 1982), 81.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤