أَّيَّتُهَا الْأَشْبَاحُ

لِمَ أقبلْتِ في الظلامِ إليَّ؟
ولماذا طرقتِ بابيَ ليلَا؟
لاتَ حين المزار أيتها الأشباحُ،
فامضي، فما عرفتكِ قبلَا!

•••

اتركيني في وحشتي، ودعيني
في مكاني بوحدتي مستقلَّا
لستُ من تقصدينَ في ذلك الوادي،
فعذرًا إن لم أقُل لكِ: أهلَا!

•••

لا تُطيلي الوقوفَ تحتَ سياجي
لنْ تَرَيْ فيهِ للثَّواءِ محلَّا
ضلَّ مسراك في الظلام فعودي
واحذري فيهِ ثانيًا أن يضلَّا!

•••

ذاك مأوايَ في تخوم الفيافي
طللٌ واجمٌ عليكِ أطلَّا
قد تخلَّيتُ عن زمانيَ فيهِ
وهوَ بي عن زمانِه قد تخلَّى!

•••

لن تَريْ من خلالِهِ غيرَ خفَّاقِ
شعاعٍ يكادُ في الليل يَبْلَى
وخيالٍ مستغرقٍ في ذهولٍ
بات يرعى ذُباله المضمحلَّا!

•••

ابرحي بهوَه الكئيبَ فما فيهِ
لعينيكِ بهجةٌ تتجلَّى
قد نَزلتِ العشيَّ فيه على قفرٍ
جفَتهُ الحياةُ ماءً وظلَّا!

•••

كان هذا المكانُ روضًا نضيرًا
جَرَّ فيه الربيعُ بالأمس ذيلَا
كان فيه زهرٌ، فعاد هشيمًا
كان فيه، طيرٌ ولكن تولَّى!

•••

فاسلمي من شقائه ودعيهِ
وحدَه يصحبُ السكونَ المملَّا
واطرقي غيرَ بابِه، إنَّ رَوحي
أحكمتْ دونَه رِتاجًا وقُفلَا!

•••

أوُقوفًا إلى الصباح ببابي؟!
شدَّ ما جِئْتِهِ غباءً وجهلَا!
ابعدي من وراء نافذتي الآن
ورفقًا إذا انثنيتِ ومهلَا!

•••

إنَّ مِن تحتِها هَزارًا صريعًا
سامهُ البردُ في العشية قتلَا
وأزاهيرَ حوله ذابلاتٍ
مزَّقتها الرِّياحُ في الليلِ شملَا

•••

كان لي في حياتِها خيرُ سلوى
فدعيني بموتها أتسلَّى
فهي بُقيا صبابةٍ ودموعٍ
جثيا عندها شعاعًا وطَلَّا

•••

إن عيني بها أحقُّ من الموتِ
وقلبي بها من القبرِ أولى
جُنَّ قلبي فاستضحَكَتْهُ المنايا
حيثُ أبكتنيَ الحقيقةُ عقلَا

•••

لا تُطيلي الوقوفَ، أيتها الأشباحُ،
فامضي فما رأيتكِ قبلَا
أوَلم تسمعي؟ جهلتكِ من أنتِ!
فعودي فما كذبتكِ قولَا!!

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤