الفصل الثامن

الأثر الثقافي

العلم ليس مِضمارًا مُنعزلًا، فهو يتأثَّر بعموم المجتمع وبثقافته، ويؤثر فيهما بدوره. غَيَّر علم الأحياء التخليقي أوجُهًا من التعليم، وحَمَّس الفنَّانين والكُتَّاب وصُنَّاع الأفلام، وحَظِيَ باهتمام أرباب الفلسفة والأخلاق، وكذلك الناشطين والمشرِّعين. يُعطينا هذا الفصل الأخير لمحةً عن التبعات الأوسع للتقنيات التي عرضناها سابقًا في الكتاب.

التعليم

كان لصعود علم الأحياء التخليقي تأثيرٌ جدير بالاهتمام على منظومةِ تعليم علوم علم الأحياء، وقد أسهَمَت المسابقة الدولية للهندسة الوراثية (آي جيم) في تحفيز هذه العملية. أسَّس معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا هذه المسابقة عام ٢٠٠٤، وتبدأ بأن تُرسل هيئة المسابقة للفرق الطلابية المشاركة العُدَّة اللازمة التي تحتوي على قطعٍ قياسية لمشاريع علم الأحياء التخليقي، ويُصمم الطلاب تشكيلاتٍ بيولوجيةً تخليقية ويبنونها باستخدام هذه العُدَّة. وعندما تُصمم الفرق المشاركة قطعًا جديدة تُضاف إلى عُدة المسابقة لتُستخدمَ في المرَّات المقبلة. وتشارك مئاتُ الفرق الطلابية من حول العالم في المسابقة، وتُجرى الجولة النهائية من المسابقة في بوسطن في الخريف من كل عام. يكتسب الطلاب من تجرِبة العمل على مشروعهم الخاص — بدايةً من التصميم والبناء وحتى اختبار المنتج النهائي وإعداد تقاريرَ مفصَّلة ستكون متاحةً علَنًا، مع تقييم اتِّباعِهم للمعايير الأخلاقية وإجراء السلامة — خبراتٍ واسعةً تصل بهم إلى أبعدَ بكثيرٍ مما كانوا سيتعلمونه في قاعات المحاضرات. ترتقي أغلبُ المشروعات لجودة عالية جدًّا؛ مثل النموذج الأول من مستشعر الزرنيخ الذي سبق أن تناولناه في الكتاب الذي صمَّمه فريقٌ من الطلبة شارك في المسابقة. إلى جانب ما يتعلَّمه الطلاب من تقنيات للتحكُّم في الأنظمة البيولوجية، يتعلمون أيضًا قيمة استخدام مُخيلتهم (وهو شيء نادرًا ما ينال حقَّه من التشديد عليه في أنظمة تدريس العلوم التقليدية) وكيفية العمل مع فريقٍ يضمُّ أفرادًا من تخصصات متعددة.

كانت ثقافة مسابقة «آي جيم» مصدرَ إلهامٍ لتأسيس مبادرات مشابهة في مجالاتٍ أخرى. من أكثر المبادرات التي نجد قيمتها الثقافية مثيرةً للاهتمام «مسابقة تصميم التطبيقات البيولوجية» التي تستهدف بالأساس طلبةَ الفنون والتصميم. للمسابقة موضوعاتٌ عدة تشمل العمارةَ والاتصالات والطاقة والغذاء والمياه والطب وعلوم المواد. ويتعيَّن على الفرق أن تُخطط بعنايةٍ لتقارير المقترحات التي تُقدمها، وأن تُصمم نماذجَ لتطبيقاتها المقترحة، ولكن على عكس فرق «آي جيم» لا ينبغي عليها أن تُنفذ هذه المشاريع. وبذلك يمكن للفرق المشاركة أن تتحرَّك بفكرها في حيزٍ من المساحة والوقت أوسع بكثير مما يُتاح لفرق «آي جيم» (التي يتعيَّن عليها أن تبنيَ شيئًا خلال أشهر)، لكن تظل قابليةُ المشروع للتطبيق من المعايير المهمة التي تدخل في التقييم. تُعرَض التصاميم الفائزة خلال «قمة تصميم التطبيقات البيولوجية» في نيويورك. وتُبشر مثل هذه المبادرات بنشأة جيلٍ جديد من الشباب المتعلمين الذي لا يرَون حاجزًا هائلًا بين ما أسماه تشارلز بيرسي سنو ﺑ «الثقافتين»، العلوم والفنون.

الفن

غالبًا ما يكون الفنانون أولَ مَن يتجاوب مع ظهور تكنولوجيا جديدة. وتتنوَّع الأعمال الفنية التي تستخدم علم الأحياء التخليقي وسيطًا فنيًّا، لكن أغلبها، لأسبابٍ أخلاقية وعملية، يستخدم الكائنات أحادية الخلايا. لدينا مثالٌ على ذلك من إنتاج «سي لاب» (وهي جماعةٌ فنية أسَّسها هوارد بولاند ولورا سينتي) يتألف من أطباقٍ من البكتيريا التي تستجيب للضوء، ويمكنها بذلك أن تحتفظ بصورةٍ لوجه إنسان في وسيطٍ حي بدلًا من المواد الكيميائية الجامدة في الأفلام الفوتوغرافية. لا تُحفَظ الصورة في وسيطٍ حي وحسب؛ فهي أيضًا تتغيَّر وتنطمس حتى تنمحيَ في النهاية مع حركة أفراد المستعمرة البكتيرية كلٍّ على حدةٍ وتكاثرهم أو موتهم، على نحوٍ يُشبه كثيرًا ما سيحدث للوجه الحقيقي الذي سينمحي يومًا ما جرَّاء التغيُّرات البيولوجية الحتمية. في عملٍ آخر، تستطيع البكتيريا في المستعمَرة أن تُعبر عن درجة الضغط الذي تتعرَّض له بتغييرِ شدة إشعاعها الفلوري، وبذلك ترتسم بجلاءٍ صورةٌ تعبر عن وجود أفرادٍ من المستعمرة تحت الضغط وآخَرين في سَعةٍ يعيشون عالةً عليهم، مما يحضُّ على التفكير في حال المدينة التي تُحيط بالمعرض. وهناك عملٌ آخر للجماعة الفنية نفسِها يستخدم بكتيريا معدَّلة تستطيع أن «ترسم» مشهدًا بانوراميًّا من الروائح، مما يجعل الفنانَ قادرًا على التفاعل بكفاءةٍ مع الشم، وهي حاسة مُهمَلة من الناحية الفنية.

صُمِّمت بعض الأعمال الفنية التخليقية بحيث تُصبح تفاعلية من خلال استخدام علم الأحياء التخليقي. مثالٌ على ذلك مشروعُ «التكوين» للفنان إدواردو كاك، الذي شَفَّر نصًّا من سِفر التكوين داخل جزيئات الدي إن إيه، وفي هذا النص يمنح الربُّ نوحًا وأبناءه سلطانًا على كل حيوانات الأرض. عدل كاك وراثيًّا الدي إن إيه الذي يحمل النصَّ مشفرًا إلى بكتيريا حية. وفي المعرض كان الزوار يَسألون عمَّا إذا كانوا يتَّفقون مع أن يكون للبشر سُلطةٌ على الطبيعة؛ فإن لم يتَّفقوا مع ذلك، يستطيعون أن يُسلطوا ضوءًا فوقَ بنفسجيٍّ على البكتيريا مما يُسبب طفرات عشوائية في تسلسل الدي إن إيه؛ مما يقضي على تماسُك النص. لكنهم في الحقيقة يُمارسون سُلطتهم على الكائنات الحية في المعرض بفعلهم هذا.

بعض الأعمال الفنية كانت من ثِمار برامجِ استضافة لفنانين مُقيمين في معامل علم الأحياء التخليقي، وهذه العادة هي مثالٌ آخر على أن علم الأحياء التخليقي «مختلف» عن بقية العلوم.

كذلك يُظهِر أدب الخيال العلمي وأفلامه تفاعلًا سريعًا مع المستجِدَّات. فبنهاية ثمانينيَّات القرن الماضي، بدأ يتبلورُ في الخيال العلمي لونٌ فني فرعي جديد يُسمى «البيوبانك». عادةً ما تدور روايات البيوبانك في عوالم ديسوتوبية بائسة تعجُّ بالقراصنة البيولوجيِّين، والشركات العملاقة ذات الأنشطة غير الأخلاقية، وقوات الشرطة القمعية، وأسواق سوداء لهندسة الأجسام وراثيًّا بشكلٍ غير قانوني. غالبًا ما تكون الشخصيات الرئيسية (ربما لا يليق أن نُسميهم «أبطالًا» هنا) قريبةً للطبَقات الدنيا من مجتمعها المفتقِر للعدل، ولا أمل لتلك الشخصيات في الترقِّي بالطرق المشروعة. حلَّلَت أنجيلا ماير وزملاؤها ٣٥ فيلمًا من فئة البيوبانك، ووجدوا أن أغلب علماء علم الأحياء التخليقي صُوِّروا على أنهم إما مدفوعون برغبةٍ في أن يُصبحوا روَّادَ أعمال من نوعٍ ما، أو كانوا مجرد ترس صغير في آلة شركة عملاقة. قد يعكس هذا التغيير في الصورة النمطية عن العالِم في أفلام الخيال العلمي، من صورة العبقري المجنون المنعزِل الذي يقوده نهَمٌ أكاديميٌّ ما في عصرٍ بالأبيض والأسود، إلى صورته كأداةٍ ضعيفة أو فاسدة بين يدَي مؤسسةٍ رأسمالية ضخمة، أن صورة المجتمع عن العالِم قد تغيَّرَت خلال العقود الماضية. وأقلية من العلماء مَن مِن شأنهم أن يعتبروا هذا إطراءً.

الترفيه

شجَّع صعودُ نجم علم الأحياء التخليقي في القرن الحادي والعشرين ظهورَ هوايةٍ جديدة قوامها علم الأحياء الجزيئي، وأُطلِقَ عليها اسمُ «علم أحياء الهُواة» (DIY-bio)، وهي بذلك تنضمُّ لقائمةٍ من الهوايات البيولوجية التي سبقَتها بكثيرٍ مثل تتبُّع التاريخ الطبيعي والبستنة وإكثار سلالاتٍ من الحيوانات الأليفة. وكما يتَّضح من الاسم، فهذه الهواية تتبع نهج مجتمع الحوسبة بعقلية «اصنعها بنفسِك» المنتشِرة فيه، حيث يبني الهواةُ أجهزةَ كمبيوتر صغيرة ويُجربون فيها مستخدِمين قطعًا يسهل عليهم إيجادها ومعرفة تُتَبادَل بينهم بحُرية. ومع أن غرَضهم الأساسي من هذه الأنشطة هو اللهو، فإن هذا اللهو والعبثَ يمكن أن يُسفِرَ عن نتائجَ مذهلة؛ فصناعة أجهزة الكمبيوتر الدقيقة التي صارت الآن جزءًا مهمًّا من العالم الذي نعرفه باقتصاده وثقافته، كانت إلى حدٍّ كبير نتاجَ عمل هواة في سقيفة منازلهم أو في نوادٍ صغيرة للهواة. في كِلا السياقَين، ليس معنى وصفِ هذه الهواية بأنها هوايةُ يمارسها هواة أنها تتعامل مع الأنظمة البيولوجية بعبثٍ وإساءة استخدام (لما سبَّبَته الكتاباتُ الصحفية من سوء فَهم)، وإنما تعني أن مَن يُمارسها لديه موهبةُ الارتجال في الهندسة وإعادة توظيف الأشياء.

توسَّعَت هذه الهواية من خلال شبكةٍ من النوادي التي تسعى لبناء مَعاملها الخاصة، وأحيانًا يكون ذلك جزءًا من مساحة عمل مشتركة أكبر تخدم عدة هواياتٍ عملية أخرى. وهذه المعامل متواضعة، فمُعدَّاتها قد تكون مستعمَلة (غالبًا تكون جامعات أو شركات صناعية قد تبرَّعَت بها) أو قد تكون مُعدات مصنعة بعناية باستغلال المتاح، ورغم ذلك يثق مُصنعوها في أنه، كما في عالم الكمبيوتر، من شأن خيال الهواة المتحمِّسين أن يُثمر ابتكاراتٍ جديرةً بالاهتمام. لكن يتعيَّن أن تُمارَس تلك الهواية داخل إطارٍ قانوني يُنظم مسائلَ التعديل الجيني وإطلاق الكائنات المعدلة في البيئة الطبيعية، وإجراء التجارِب على الحيوانات. والعديد من الهوايات التقنية الأخرى تعمل وفقًا للوائح تنظيمية صارمة (كما يحدث مع هواة اللاسلكي وهواة الصواريخ على سبيل المثال)، وفي بعض الحالات قد تستلزم ممارسة الهواية استخراجَ رُخصة، ويمكن الحصول عليها بعد تقييمٍ رسمي لأهلية المتقدِّم لها. حتى الآن لم تفرض أيٌّ من الدول التي تنتشر فيها الحرفُ اليدوية البيولوجية تراخيصَ إجباريةً لممارستها، لكن مجتمع الهواة أنفسِهم كوَّن مصادرَ معرفية ثرية للإرشاد فيما يخصُّ السلامة والمسئولية. كما طوَّر كودًا أخلاقيًّا واضحًا في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية، فيما يخص الشفافية والسلامة وإتاحة الوصول والتعليم والأغراض السلمية والالتزام والمسئولية عن العواقب.

قد تأخذ تلك الهواية منحًى مختلفًا عن الاتجاه السائد في علم الأحياء التخليقي؛ نظرًا إلى اختلاف القيود المفروضة على ما يُسمَح به من ممارسات، وربما يُضاف إلى ذلك المخيلة الخِصبة التي قد نجدها عند الممارسين الهواة. فالصِّبغة الفنية حاضرةٌ أكثرَ بكثير، كما أن الكثير من التطبيقات على النباتات والأحياء الدقيقة تعتمد على التغيير في الخلايا على المستوى فوق الجيني (أي دون التعديل في تسلسل الدي إن إيه نهائيًّا، ومن ثَم يخرجون من التعقيدات القانونية والتنظيمية). وفي بعض الأماكن، يوجد تركيز على بناء كائناتٍ نصف آلية؛ على سبيل المثال روبوتات يتحكَّم فيها سلوك حشرة في حيزٍ حيوي ما داخلها. وثَمة طائفة صغيرة، لكنها مثيرةٌ للاهتمام، من مجتمع هذه الهواية تأخذ فكرة الكائنات نصف الآلية إلى مَدًى أبعد؛ يُسمون أنفسهم «الجواريش»، ويسعَون لأن يتمكَّنوا من «تصنيع أنفسهم بأنفسهم» من خلال علم أحياء الهواة ليصلوا إلى ما يُمكن أن يُسميه البعض «الإنسان المتحوِّر». في الوقت الحاضر، لا يزال علم الأحياء التخليقيُّ يافعًا جدًّا، وبصراحة صعبًا جدًّا، بحيث لا يمكن أن يكون قد أحدث تأثيرًا ملموسًا على الحركة، وأغلب أنشطة هؤلاء «الجواريش» لا تتعدى أن يزرع هؤلاء الناسُ أجهزةً إلكترونية داخل أجسامهم. تُعبِّر هذه الحركة عن أفكارها في منتديات (مثل منتدى biohack.me)، أو في مستودعات تصميمية (مثل grindhousewetware.com). عرَّض واحدٌ على الأقل من ممارسي علم أحياء الهواة نفسَه لتعديلٍ جيني طفيف، بإدخال دي إن إيه في جسمه لإنتاج الهرمون المفرِز لهرمون النمو، في محاولةٍ منه لإطالة عمره. ليس واضحًا كم شخصًا آخرَ جرَّب شيئًا كهذا حتى الآن، أو كم سيُجربونه في المستقبل، فالتحصُّل على التكنولوجيا اللازمة لذلك يصبح أسهلَ يومًا بعد يوم. لا تزال الخلفية الأخلاقية والقانونية الحاكمةُ لِمثل هذه التجارِب على النفس معقَّدةً وغير واضحة؛ لأن التطورات القانونية لا تواكب التطورات التقنية.

الجوانب الأخلاقية

غالبًا ما تُثير التطورات المستجِدَّة في التكنولوجيا الحيوية نقاشاتٍ أخلاقية؛ فتنظيم النسل وعمليات زراعة القلب وتشخيص الوفاة الدماغية وحتى التخدير؛ جميعها مسائلُ وصَمَها البعضُ بأنها غيرُ أخلاقية. وعَمِد علماءُ علم الأحياء التخليقي إلى الدعوة إلى فتح نقاشاتٍ أخلاقية متَّزنة، بعد أن تعلموا أن ردود أفعال الجماهير في الاتحاد الأوروبي تسبَّبَت في الفشل الذريع للمحاصيل المعدَّلة وراثيًّا هناك، وأن مَغبَّة تأخُّر النقاش إلى ما بعدَ أن تتحقق الإنجازات التقنية فعلًا هي أن ما سيُهيمن على الأجواء لن يكون إلا ذعرًا جماهيريًّا عشوائيًّا يكتنفه فقر المعرفة.

النقاشات الأخلاقية معقدةٌ لأن الناس يخوضونها باختلاف توجُّهاتهم. فالذين يعتقدون أن العبرة بالنتائج (وهو تيار فكري يُسمى العواقبية) يحكمون على أخلاقية الفعل بِناءً على نتائجه (فحتى إن كانت النية وراء الفعل طيبةً، لكن نتج عنه ضررٌ ما، فإن ذلك يجعله عملًا غيرَ أخلاقي بالنسبة إليهم). وبالنسبة إلى أغلب هؤلاء المفكرين، فإنه لا حُكم أخلاقيًّا يمكن أن يُتخذ بشأن طريقة عمل علم الأحياء التخليقي، ويجب أن يُنظر في كل مشروع على حدةٍ بناءً على أرجح النتائج وأسوَئِها. لكن الموازنة بين الفوائد والأضرار قد تكون صعبةً عمَليًّا، فحتى إن فكَّرنا في شيء بسيط كصنفٍ من الطعام الرخيص المغذِّي، وهو ما يبدو لنا للوهلة الأولى خيرًا صِرفًا، فسنرى أنه قد يتسبب في أضرارٍ فادحة لحياة الفلاحين التقليديين. تظل أغلب حججُ من يقولون بالعواقبية محصورةً لحدٍّ كبير في نِطاق الأمان والسلامة والجوانب الاقتصادية، وتسير على نفس خُطى الحجج التي تحكم تطوير الأطعمة المعدَّلة وراثيًّا والعقاقير والكيماويات. لكن ما زالت هناك فكرة قد تجعل العواقبية ترى أن علم الأحياء التخليقي سيئٌ من حيث المبدأ؛ وهي أن النظر للحياة باعتبارها شيئًا يمكننا التلاعب به تجعلنا نحطُّ من قيمتها في أعيننا، فنتعامل مع صور الحياة، بما فيها حياتنا، باحترامٍ أقل. قد ينطبق هذا الكلام على الحياة الموجودة فعلًا كما ينطبق أيضًا على الحياة التي نبنيها من الصفر. تسببت بعضُ الإنجازات العلمية الهائلة السابقة في إنزال الإنسان والأرض عن عرشِهما ومكانتهما التي لا نظيرَ لها في الكون (أعمال كوبرنيكوس وداروين) وتبعتها تغيراتٌ اجتماعية كبيرة (مثل الإصلاح والفاشية). قد يكون هذا من قبيل المصادفة أو أن بحث المؤرِّخين عن نمطٍ في داخل أحداثٍ عشوائية أوقَعَهم في التحيُّز في الاختيار، لكن على الأقل يشعر بعضُ المعلقين أنه من المحتمل فعلًا أن ينتج عن تخليق البشر للحياة عواقب اجتماعية وسياسية وخيمة. يُواجه المفكرون القائلون بالعواقبية (تحديدًا أولئك المعنيِّين بسَنِّ القوانين المنظِمة) تحديًا كبيرًا هو تحديدُ إلى أيِّ مدًى يجب أن يكونوا بَعيدي النظر عند اتخاذ قرارٍ بخصوصٍ ما ينبغي أن يُسمح به الآن. هل يتعين أن يُبصروا كلَّ العواقب الممكنة، أم يكفي أن يرَوا النقطة الفيصلية المقبلة التي قد تستثير جولةً أخرى من الجدل؟

يركز الفرع الآخر من فلسفة الأخلاق، الديونتولوجيا، على الأثر الأخلاقي للباعث على الفعل (فعلى حدِّ قول كانط إن الشيء الوحيد الذي يمكن أن نعتبره صالحًا بلا تحفُّظات هو النية الصالحة) والأثر الأخلاقي للفعل نفسِه، وليس عواقبه. فبالنسبة إلى المفكرين الديونتولوجيين، لو أن فعلًا سيئًا أو غيرَ أخلاقي أسفر عن منافعَ كثيرة فإنه يظل فعلًا سيئًا. يدور تطبيقُ الفكر الديونتولوجي على مسائلِ علم الأحياء التخليقي حول قيم عميقة، مثل اعتبار المعرفة فضيلةً من حيث الجوهر، وما إذا كان يجب أن نعتبر الحياة والطبيعة نفسَها «مقدَّسة» (سواءٌ حرفيًّا أو بما يُقابله من لفظٍ علماني). ومن هذا المنطلق قد لا يعتبر تخليقُ الحياة مثارَ الجدل الأكبر هنا؛ فمن المستبعَد أن يجد فلاسفةُ الديونتولوجيا اعتباراتٍ أخلاقيةً عديدة في هندسة الخلايا البدائية بعينها، فما هذه إلا مجرد مهامَّ تتم روتينيًّا في معامل الكيمياء. لكن تكمن المشكلة في التلاعُب في الكائنات الحية الموجودة لتُلائم أغراضنا منها، ومناطُ ذلك هو السؤال عمَّا إذا كان هناك حاجزٌ بين ما هو طبيعي وما هو اصطناعي يجب على العلماء ألا يتخطَّوه؛ وبتعبيرٍ آخَر سؤال ما إذا كان التلاعب في الكائنات الحية واعتبار الغاية من ذلك تُبرر الوسيلة خطأً في حد ذاته. كما أن هذه الاعتبارات الديونتولوجية عن علم الأحياء التخليقي تتوحَّد مع حقوق الحيوان عندما تكون الكائناتُ الحية التي تخضع للتعديل من الحيوانات. وهذه الاعتراضات الديونتولوجية شائعةٌ بين الناشطين البيئيِّين، رغم أنها تُصَدَّر للحوار الجماهيري متخفِّية في حُجج «عواقبية»؛ لأن الأخيرة من الأرجح أن تؤثِّر في الرأي العام.

تُسقِط أغلب الأديان الرئيسية على علم الأحياء التخليقي الأطر الأخلاقية نفسَها التي طالما استخدمَتها للحكم على إحداث تغييرات في العالم المادي وعلى التدخلات الطبِّية القائمة. ومثل الكثير من غير المتدينين، تميل الأديانُ إلى التركيز على العواقب، واختبار ما إذا كانت نتائجُ الفعل إيجابيةً على سلامة الإنسان وكرامته واحترامه، أم أنها تعمل في اتجاهٍ مُخالف لهذه الأشياء. في كثيرٍ من الأديان، بما فيها الأديان الإبراهيمية الثلاثة، المخلوقات في الأرض مُسخَّرة للبشر، ومن ثَم لا يتخطَّى علم الأحياء التخليقي حدودًا أخلاقيةً مهمة.

تُترجم الأخلاقيات فيما بعدُ لمُمارسات ولوائح وقوانين. عندما تُكتَب هذه اللوائح جيدًا فإنها تُساعد الجميع؛ فهي تحمي المجتمعَ ككلٍّ من أن يفعل التقنيُّون ما صار محظورًا، وبقدرٍ ما يحمي التقنيُّون الذي يعملون في ظلِّ هذه اللوائح أيضًا من أن يُتَّهَموا بالمخاطرة وانعدام المسئولية. وتتفاوت التوجُّهات التشريعية تفاوتًا واسعًا. تُدافع بعضُ مجموعات الضغط، خصوصًا المجموعات التي تتبنَّى سياساتٍ «خضراء»، عن «المبدأ الاحترازي»، الذي يقول بأن أيَّ تكنولوجيا جديدة ينبغي أن تُمنَع حتى يثبت أنها لا تُشكل ضررًا. يبدو المبدأ الاحترازي فكرةً عقلانية واضحة، لكن في الحقيقة يكاد يكون من المستحيل أن نُثبت أن شيئًا ليس له أضرارٌ إلا بعد أن نُنشئه ونختبره؛ لذا فالمبدأ الاحترازي عمَليًّا يمنع أيَّ شيء جديد. يأخذ أغلبُ المشرعين التوجُّه البراجماتي ويطلبون تقييمًا رسميًّا للمخاطر، بل قد يطلبون تراخيصَ رسمية من وكالاتٍ حكومية أو مستقلَّة لبعض أنواع الأعمال. في حالاتٍ كثيرة، تتمحور القواعد حول التقنيات قيد الاستخدام، فمثلًا لن يستلزم إطلاقُ نبات نتَج من الطرق التقليدية لاستنبات سلالاتٍ نباتية الحصول على تراخيص، لكن النباتات المعدَّلة جينيًّا ستستلزم ذلك، حتى لو أسفرَت الطريقتان عن التغيُّر نفسِه في تسلسل جينوم النبات الناتج. لكن كثيرًا ما يُسفر هذا التوجُّه عن مشكلة، وهي أن الأطُر التشريعية الموجودة بالفعل ليست مهيَّأةً بدقةٍ لاستيعاب التقنيات الجديدة. وكندا مثالٌ على الدول التي تأخذ توجُّهًا مختلفًا، حيث تعتمد مسألةُ الترخيص على خصائص الشيء المنتج لا على التقنيات التي استُخدمَت لصنعه. ويستوعب هذا الإطار التقنيات الجديدة بدون أي مشاكل. لا يزال العديد من المناطق في العالم دون أطرٍ تشريعية في هذا الصدد، أو تشريعات قليلة للغاية، ولكن هذا لا يعني أن علماء علم الأحياء التخليقي يذهبون لتلك الدول ليفعلوا ما يحلو لهم. كان تأخير استخدام مستشعر الزرنيخ الذي تناولناه سابقًا قرارًا واعيًا؛ لئلا يُستخدَم منتجٌ في الدول النامية قبل التصريح باستخدامه داخل الاتحاد الأوروبي؛ لأن هذا قد يعني بشكلٍ أو بآخَر أن مُواطني الدول النامية يستحقُّون حمايةً أقل من مواطني أوروبا. هذا بالطبع رغم أن هذا التأخير ينطوي على عواقبَ سلبية بالنسبة إلى الناس الذين لا يزالون يتعرَّضون للزرنيخ.

لا يتحكَّم التشريع فيما يمكن صُنعه فقط، وإنما أيضًا فيمن يمتلكه. فقضايا مثل مِلكية المنتج نفسه وملكية التصميم وملكية وسائل تصنيعه جميعها قضايا على قدرٍ كبير من الأهمية لتنظيم الانتفاع التِّجاريِّ داخل إطار الاقتصاد الرأسمالي، وثَمة الكثير من الشدِّ والجذب بين أولئك الذين يُجادلون بأن المعلومات يجب أن تُعامَل معاملة الممتلكات، وأولئك الذين يُطالبون بالانفتاح الكامل. والقرار في هذا ليس اقتصاديًّا فحسب، لكنه أخلاقيٌّ أيضًا؛ لأنه يعكس نظرتَنا عن الحياة. وكما قال ليون كاس: «أن تملك بغلًا هذا شأن، أما أن تملك البغال كلَّها فهذا شأنٌ آخر مختلف تمامًا».

المخاوف

لا تُجدي القوانين واللوائح نفعًا إلا مع الذين يختارون أن يلتزموا بها. وقد أُثيرت الكثيرُ من التساؤلات حول ما إذا كان من الممكن أن يصير علمُ الأحياء التخليقي وسيلةَ تسليح، باستحداث أمراضٍ جديدة مُخَلَّقة. مسألة أن بعض «الدول المارقة» قد تُفكر في حربٍ بيولوجية ليست محلَّ شك، وقد عانى الأمريكيون بالفعل من الهجمات البيولوجية التي شنَّتها أكثرُ دولةٍ مارقة على مرِّ التاريخ، بريطانيا، حيث استخدمَت الجدري سلاحًا ضد الأمريكيين الأصليين عام ١٧٦٣، ويُرَجَّح أنها استخدمَته أيضًا ضد المقاومة الشعبية الأمريكية قربَ مدينة كيبيك عام ١٧٧٥. كما طوَّرت بريطانيا قنابل الجمرة الخبيثة واختبرَتها على جزيرة جرينارد عام ١٩٤٢، لكن لحسن الحظ لم تستخدمها مطلقًا على المدن الألمانية التي كانت تنوي استهدافها. وفي السنوات الأخيرة، استعمل إرهابيُّون الأسلحة البيولوجية في هجماتهم، حيث استُخدِمَت بكتيريا «السالمونيلا» (على أمريكا عام ١٩٨٤)، وبكتيريا الجمرة الخبيثة (على اليابان عام ١٩٩٣، وعلى أمريكا عام ٢٠٠١).

هذا القلق من استخدام الأسلحة البيولوجية المُخَلَّقة دفع الإداراتِ الحكومية (مثل إدارة أسلحة الدمار الشامل في مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي «إف بي آي») إلى أن تُنظم تدريبات لبعض موظفيها في معامل علم الأحياء التخليقي ليُحصِّلوا المعارفَ الأساسية عن هذا المجال الجديد. كما استضافت وزارةُ الداخلية البريطانية ووزارة الأمن الداخلي الأمريكية اجتماعاتٍ بين علماء علم الأحياء التخليقي وممثِّلين عن العديد من الوكالات الحكومية التي تُعرَف باسم مختصَر من ثلاثة أحرف. ومع أن هذه النقاشات كانت في أماكنَ متباينة للغاية، إلا أن كل النقاشات التي حضرها كاتبُ هذا الكتاب وصلَت إلى نتيجةٍ مطمئنة (على الأقل مطمئنة لعلماء علم الأحياء التخليقي)، وهي أنه إن أرادت مجموعةٌ إرهابية ما أن تنشر الخراب والفوضى، فسيكون أمامها طرقٌ أسهلُ بكثير، ونتائجها أوثقُ من الطرق التي قد يجدونها لدى علم الأحياء التخليقي. إذ يصعب جدًّا على الميكروبات أن تكون ناجحة في التسبب بالمرض، ومن بينِ الملايين التي لا تُحصى من البكتيريا في العالم، قلة قليلة منها هي التي تُعد مصدرًا للخطر. وليتسبَّب ميكروب مُمْرِض ما في وباء؛ يجب أن تتوازن عملياته البيولوجية توازنًا دقيقًا، بما يكفل له أن يتكاثر في كائنه المضيف الابتدائي بأعدادٍ كبيرة تكفي لأن يُصيب في المتوسط شخصًا واحدًا آخَر على الأقل، قبل أن يفتك هو ومضيفه أحدهما بالآخَر. لا تملك أغلب الميكروبات هذا القدر المثاليَّ من الضراوة، فهي إما تموت قبل أن تنتشر، أو أحيانًا تكون أشرسَ من اللازم فيكون المريض في غاية التعب فلا يستطيع أن يختلط بالناس وينقل لهم العدوى. يضمن التفاوتُ بين البشر أن الناس تتفاوتُ قدرتهم على مكافحة أي مرض بعينه، ووجود عددٍ كبير من الناس ممَّن لديهم مقاومةٌ للمرض يجعل انتشاره صعبًا بين أولئك الأكثر عُرضة للمرض (وهذا الأساس الذي تقوم عليه «مناعة القطيع»، التي بسببها نجد أن تطعيم الأغلبية الساحقة من الناس غالبًا ما يكون جيدًا كفاية). ما زال فَهمُنا لِما يتحكَّم في ضراوة المرض منقوصًا جدًّا؛ لذا تظل فكرة بناء فيروس أو بكتيريا حسَب الطلب مع إعطائها القدر المناسب من الضراوة فكرةً بعيدة الاحتمال. فاستحداث سُلالات خطيرة من الإنفلونزا، كما تناولنا سابقًا، اعتمد على حدوث طفرات عشوائية لفيروس موجود، لا بالتصميم المباشر. ومع أنه يمكن بالفعل لعلم الأحياء التخليقي أن يوفِّر أدواتٍ لتحسين كفاءةِ التوليد العشوائي للسلالات، إلا أنه من الأسهل على إرهابيٍّ بيولوجي محتمل أن يتحصل على مسببات أمراض خطرة تطورَت طبيعيًّا من الأماكن الموبوءة التي تتفشى فيها في العالم. أحيانًا قد يطرأ تساؤلٌ عمَّا إذا كان يمكن لعلم الأحياء التخليقي أن يُستخدَم ليُحوِّر الميكروبات الطبيعية المسببة للأمراض لتقتصر فعاليتها على عِرْقٍ معينٍ من البشر. هذا القول مبنيٌّ على سوءِ فهمٍ للنوع البشري؛ فالبشر ليس فيهم «أعراق» منفصلة بالمعنى الذي قد يعترف به علماء الجينات. النوع البشري طيفٌ متصل؛ فقد تجد أن نُسخًا معينة من الجين (الأليلات) يختلف معدلُ وجودها باختلاف الجماعات العرقية، لكن هذا من وجهة نظر إحصائية فحسب. فلا توجد اختلافات جينية مطلقة بين البشر تكفي لفصلهم لصنفَين متمايزين، حتى وإن كان الصراع «عِرقيًّا»، بحيث يمكن استهداف أحدهما وإبقاء الآخر في مأمن.

قد يكون القلق من استهداف إرهابي بيولوجي لزراعات أمة معينة أمرًا أكثر واقعية. فالجنس هو أحد أهم دفاعاتنا نحن الحيوانات والنباتات العُليا في حربنا الضَّروس مع البكتيريا والفيروسات. فنحن لا نتكاثر باستنساخ أنفسنا، لكن نُشارك جيناتنا مع جينات شخص آخر ونخلطها معه عشوائيًّا بحيث يكون نسلنا مختلفًا عن كلٍّ منا. هذا التباين يعني أن الأوبئة لا تقضي على الجميع. لكن في عالمٍ من المستنسَخين، حيث الأفراد جميعهم متماثلون، لا يمكن أن توجد مناعةُ قطيع، وإذا ظهر عاملٌ مُمرِض، سواءٌ بالتطور أو بالهندسة الوراثية، قادرٌ على إصابة ولو فرد واحد، فستكون فرصته كبيرةً في أن ينتشر في هذا التجمع السكاني كالنار في الهشيم. وهذا بالأساس ما حدث مع آفة البطاطس في أيرلندا. إن كنا بالغباء الكافي لأن نزرع محاصيلَ مستنسَخة بعضها من بعض، حيث يُزرع النبات نفسه ذو الجينوم نفسه (و/أو التشكيل الجيني المخلَّق نفسه) في حقلٍ بعد حقل، فإننا بذلك سنجعل حضارتنا أقلَّ قدرةً على الصمود في مواجهة هجمات الفطريات والبكتيريا والفيروسات، سواء كانت هجماتٍ طبيعيةً أو متعمدة. سمح الاستخدام الحاليُّ الساذج جدًّا لبِنْية الكمبيوتر نفسِها وأنظمة التشغيل نفسِها في كل شيء، من السِّلع الاستهلاكية وحتى الأنظمة الصناعية التي تعد سلامتها مسألة حرجة، لمُصممي البرمجيات الخبيثة أن يتسبَّبوا في متاعبَ كثيرة في السنوات الأخيرة. لو أنه كان لا يزال لدينا تنوعٌ في أجهزة الكمبيوتر الصغيرة كما كان الأمر قبل عقود، لكانت أنظمتنا أقدرَ بكثير على الصمود في وجه المتسببين في المتاعب، حتى وإن كان يمكن للأمر أن يتكلفَ أكثر لتطوير البرمجيات. نحن بحاجةٍ إلى أن نتجنب ارتكاب الخطأ نفسِه في علم الأحياء.

آفاقُ الأمل

سيكون من قبيل التضليل أن أختم هذا الكتاب برسالةٍ تبعث على الخوف. فأغلب التوقُّعات عن علم الأحياء التخليقي تنظر بتفاؤلٍ إلى الخير الذي قد يأتينا من القدرة على هندسة الكائنات الحية وراثيًّا. يمكن لهذا العلم في المستقبل القريب أن يُسهِم بالكثير في مجالات الطاقة والبيئة والطب والهندسة. كما يؤمَلُ أن تؤدِّيَ القدرة الأفضل على تشكيل الحياة والتعديل فيها إلى تقليل حاجتنا إلى الاستغلال المفرِط لموارد كوكبنا البيولوجية النادرة والمهددة. وبالتطلع قُدمًا إلى المستقبل الأبعد، نجد أن ثمة تكهُّناتٍ بأن علم الأحياء التخليقي قد يُتيح لنا أن نجلب الحياة إلى كواكبَ خاليةٍ منها، وربما نُحقق بعض أحلام الخيال العلمي التي سبق أن أشعَلَتها التقنياتُ الجديدة. وبعيدًا عن هذه التمنِّيات والتكهُّنات العملية، يوجد أملٌ ذو طابع أكثر روحانية: قد يجعلنا تخليقنا للحياة نزداد فهمًا لأنفسنا. سيتَّفق الكثير من المفكرين مع أن الفهم الأفضل لطبيعتنا ومكاننا من هذا الكون ينطوي في ذاته على نفعٍ أكبرَ بكثير من مجرد المنفعة المادية.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤