الفصل الحادي والعشرون

الشيخ يوسف المنيلاوي

هو البلبل الصياح. والمغني المبدع الصداح. نزهة النفس. وريحانة الأنس الطائر الصيت في رخامة الصوت بين جميع عشاق السماع والغناء. والحائز لرئاسة أكبر تخت في مصر عند دعوته لأعراس الوجهاء والكبراء.

والله لو أنصف العشاق أنفسهم
أعطوك ما ادخروا منها وما صانوا
ما أنت حين تغنيهم وتطربهم
إلا نسيم الصبا والقوم أغصان

وفي أوائل هذا القرن أي بعد موت المرحومين عبده — وعثمان — وسكوت الأستاذ (المسلوب) عن التلحين ظهر في عالم تلحين الأدوار اثنان: هما حضرة (إبراهيم أفندي القباني) و(داود أفندي حسني)، أما الأول فإنه كان قديمًا لا يكتفي بما يأخذه عن الملحنين السابقين من الأدوار، بل كان مجدًا مجتهدًا لحن في زمانهم أدوارًا غناها في تخته وأعجب بها الناس، وغير بعض الأدوار التي للمرحوم (محمد أفندي عثمان) ووضعها على نغمات أخرى مع فضل عثمان ومركزه السامي الذي لا ينكره أحد — كمذهب القلب سلم — النوا راست — فقد لحنه (صبا) وقدك أمير الأغصان البياتي — فقد لحنه (بوسليك) — و — قل لي رأيت آية — البياتي — (راستا)، و أنا يا بدر — الراست — (حجازكارا).

وقد ظهرت الآن نتيجة جدة في تلاحينه المشهورة التي سنذكر المختار منها — كذا فقد لحن جميع أدوار حضرة (داود أفندي حسني) أما من نفس مقاماتها بأسلوب آخر — أو من مقامات أخرى، وهذا ما يدل دلالة صريحة على اجتهاده وميله الغريزي إلى الوصول إلى درجة كبار الملحنين أبقاه الله وأمثاله لهذه الأمة اليتيمة سندًا وعضدًا.

وأما الثاني — فإنه لحن ما ينوف عن العشرة أدوار فآثرنا وضعها جميعها تنشيطًا له؛ ولأنه لا يمكننا الاختيار لقلتها الآن جعله الله قدوة حسنة تقتدي بآدابه، وحسن أخلاقه أكثرُ المغنين — الذين يتكبرون بلا جاه ويغنون بلا علم.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤