الفصل الثالث

النغمات

النغمات هي جمع نغمة بمعنى الصوت الفرد الساذج حسبما تقدم ذكره وقد تتركب وتترتب بتراتيب مختلفة؛ سواء قرنت بكلام أم لم تقرن، وإنها بهذا الاعتبار يقال لها مقامات وتسمى بأسماء مخصوصة. وهي جمع مقام بالفتح وهو ما ركب من نغمات ورتب ترتيبًا مخصوصا وسمي باسم مخصوص، وإن عدة المقامات ثمانية وعشرون مقامًا حسبما قرره علماء هذا الفن وهي تنقسم إلى أصول وفروع:

أما الأصول فعدتها سبعة فقط وهي مسماة بأسماء مرتبة بعضها فوق بعض بالترقي درجة، فدرجة حسب مراتب العدد المسرود على التوالي أولها (يكاه) وثانيها (دوكاه) وثالثها (سيكاه) ورابعها (جهاركاه) وخامسها (بنجكاه) وسادسها (ششكاه) وسابعها (هفتكاه) — وكل من هذه الأسماء السبعة مركب من كلمتين فارستين إحداهما وهي (كاه) بالكاف الفارسية القريب مخرجها من مخرج الجيم بمعنى مقام والأخرى وهي (يك) في الأولى بمعنى واحد و(دو) في الثاني بمعنى اثنين و(سي) في الثالث بمعنى ثلاثة و(جهار) في الرابع بمعنى أربعة و(بنج) في الخامس بمعنى خمسة (وشش) في السادس بمعنى ستة و(هفت) في السابع بمعنى سبعة — وهذا التركيب، إما إضافي بمعنى مقام الواحد مقام الاثنين مقام الثلاثة على آخره أو توصيفي بمعنى المقام الأول المقام الثاني المقام الثالث وهكذا جريًا على ما هو عادتهم من التقديم والتأخير في التركيب حسب لغتهم — ثم إن بعض هذه السبعة قد بقي على حاله في التسمية وهو الدوكاه والسيكاه والجهاركاه وبعضها قد سمي اسم آخر زيادة على السمة الأول حيث سمت العرب البنجكاه (بالنوا) والششكاه (بالحسيني) والهفتكاه بالعراقي تارة وبالأوج أو الأويح أخرى؛ نظرًا إلى أنه الأعلى؛ إذ هو السابع — وسمت الفرس بالكاء بالراست، وهي كلمة فارسية اجتمع فيها ساكنان الألف والسين المهملة ومعناه (المستقيم) وإنما زادوه هذا الاسم على اسم المقر الذي هو اليكاه؛ نظرًا إلى تركيبة الجاري على الترتيب الطبيعي؛ حيث بدئ فيه بالأول بخلاف البقية إذ بدئ في الدوكاه بالثاني، وفي السكاه بالثالث وهكذا إلى الأوج، فكان بسبب ما حازه من تلك المزية جديرًا بأن يزاد هذا الاسم الدال على الاستقامة دونها؛ حيث لم يكن التركيب في شيء منها جاريًا على الترتيب — ثم صار اليكاه اسمًا لمقر النوا فتأمل.

والسبعة الأصول المتقدم بيانها هي كلم الدرجة فوق الأخرى، فلم يكن البعد بينها متساويًا، بل إن بعضها يبعد عن بعض أكثر وبعضها أقل، وهذه القضية موضع خلاف بين الموسيقيين من العرب والإفرنج، وحيث كان الغرض من كتابنا هذا التكلم على الموسيقى العربية أكثر، فنقول: إن العرب يقسمون البعد الكائن بين السبعة الأصول على رتبتين كبيرة وصغيرة؛ فالكبيرة ما كان البعد بين البرجين المتجاورين أربعة أرباع — والصغيرة ما كان البعد فيها ثلاثة أرباع كما — سنشرحه بعدُ — وقد رسمنا لها سلمًا موضوعًا عليه الدرجات السبع التي يضاف إليها ثامنة، وهي الجواب وهذه صورته:

وقد جعلوا لهذه الدرجات أو النغمات السبع ثلاثة دواوين محتوية عليها بعينها والمخالفة في ارتفاع كل ديوان عن الآخر — فإن السبعة التي في الديوان الثاني أعلَى من التي في الديوان الأول، والتي في الديوان الثالث أعلى من التي في الديوان الثاني، فيكون الديوان الأول هو الأصل والديوانان الآخران فرعين منه، وقد جعلوا الديوان الثاني جوابًا للأول، والثالث جوابًا للثاني، وسمَّوا جواب أول نغمة من الديوان الأول وهي الراست (بالكردان) وهي عين الأولى، وهكذا حتى أنك لو وصلت إلى الرابعة عشرة لكانت عين السابعة، ولو إلى الخامسة عشرة لكانت عين الثامنة التي هي الأولى بعينها وهلم جرا.

وجواب ثاني نغمة من الديوان الثاني وهي الدوكاه (بالمحير) وجواب السيكاه (بالبزرك) وجواب الجهاركاه (بالماهوران) وجواب النوا (بالرمل توتي). ثم كرروا لفظة الجواب فيما وراء ما تقدم، فقالوا في السبع الثالثة أي الديوان الثالث جواب كذا.. إلخ.

وأما الفروع فعدتها واحد وعشرون فرعًا، وهي تنقسم بالقسمة الثلاثية إلى عربات ونيمات عربات، وتيكات عربات؛ نظرًا إلى مقادير مسافة البعد فيما بين الدرجات، وبيان هذا أن مسافة البعد الواقعة فيما بين كل أصلين من السبعة المتقدمة قد تكون كاملة وتسمى بردة، وقد تكون ناقصة وتسمى عربة أو نيم عربة أو تيك عربة، فإذا رفعت صوتك مبتدئًا بدرجة من الدرجات السبع التي هي الأصول وانتقلت منها، فإمّا أن نقطع مسافة البعد التي بينها وبين الدرجة التي تليها وتنتهي إليها، وإمّا أن تقطع نصف المسافة أو ربعها أو ثلاثة أرباعها فقط، وتقف ثمة، فإن أنت قطعتها بأجمعها وانتهيت إلى الدرجة، كنت واقفًا على البردة وكانت مسافة البعد كاملة، وإن قطعت نصفها ووقفت كنت واقفًا على العربة، أو ربعها فقط كنت واقفًا على تيم العربة أي: نصفها ونصف النصف ربع، أو ثلاثة أرباعها كنت واقفًا على تيك العربة وكانت المسافة على كل ناقصة، وبهذا تبين أن عدة العربات سبع، وكذا عدة كل من التيمات والتيكات ضرورة.

ولكن بعض المقامات ينقصها تيكات كما سبق الكلام، فإن من الراست إلى الدوكاه (٤) ومن الدوكاه إلى السكاه (٣) ومن السيكاه إلى الجهاركاه (٣) ومن الجهاركاه إلى لانوا (٤) ومن النوا إلى الحسيني (٤) ومن الحسيني إلى الأوج (٣) ومن الأوج إلى الكردان (٣).

فيكون الديوان مركبًا حينئذ من أربعة وعشرين ربعًا فقط لا من ثمانية وعشرين — ولكنهم قالوا ثمانية وعشرين باعتبار أن كلا من التيمات والتيكات سبعة — ولكن هذا سهو منهم كما يتضح لحضرة المطلع من ترتيب السُّلَّم السابق الذي وضعناه؛ حيث إن ثلاثة الخطوط البيضاء دليل على المقام الناقص، والخطوط الأربعة التي منها اثنان أسودان أحدهما من تحت والثاني من فوق، وبينهما اثنان أبيضان دليل على المقام التام.

وإن كل واحدة من العربات السبع واقعة بين درجتين من درجات الأصول، وينبني على هذا أن يكون ترتيبها كترتيب الأصول، وكلٌّ منها قد تسمى باسم مخصوص؛ فاسم العربة الأولى (زيركوله) أو (زنكلاه) وهي الواقعة بين الراست والدوكاه، واسم الثانية (الكردي) وهي الواقعة بين الدوكاه والسيكاه، واسم الثالثة (بوسليك) وهي الواقعة بين السيكاه والجهاركاه، وقد تسمى أيضًا (بالعشاق) — واسم الرابعة (الحجاز) وهي الواقعة بين الجهاركاه والنوا، واسم الخامسة (الحصار) وهي الواقعة بين النوا والحسيني — واسم السادسة (العجم) وهي الواقعة بين الحسيني والأوج، وقد تسمى أيضًا (بالنيرز)، واسم السابعة (الماهور) وهي الواقعة بين الأوج والكردان وتسمى أيضًا (بالنهفت) — وفي الديوانين الآخرين كذلك بإضافة لفظة جواب إلى كل من العربات ما عدا عربة (الزيركوله) فإن جوابها يقال له: (الشاهناز) وجواب عربة (الكردي) يقال له: سنبلة.

وقد وضعوا لبعض التيمات والتيكات أسماء، وهذا جدول فيه المقام بأسماء عربانه وبعض تيماته وتيكاته.
١ كردان
٢٤ عربة ماهور — (نهفت)
٢٣ تيم ماهور
٢٢ أوج
٢١ عربة عجم — (نيرز)
٢٠ نيم عجم
١٩ حسيني
١٨ تيك حصار (شوري)
١٧ عربة حصار
١٦ تيم حصار
١٥ نوا
١٤ تيك حجاز (صبا)
١٣ عربة حجاز
١٢ تيم حجاز
١١ جهاركاه
١٠ عربة بوسلك — (عشاق)
٩ نيم بو سلك
٨ سيكاه
٧ عربة كردي
٦ نيم كردي — (نهاوند)
٥ دوكاه
٤ تيك زير كوله
٣ عربة زير كوله
٢ تيم زير كوله
١ راست

ثم اعلم أنهم لما وضعوا سبع البردات المتقدمة التي أولها الراست وآخرها الأوج، وجدوا للثلاثة الأخيرة التي هي النوا والحسيني والأوج قرارات يمكن للصوت النطق بها، فجعلوها أصولاً بدلاً من الثلاثة الأخيرة المذكورة ووضعوها أول المقامات قبل الراست؛ لأنها أخفض منه فجعلوا قرار النوا وهو (البكاء) أولاً وثانيها (عشيران) وثالثها (عراق) ورابعها (راست) وخامسها (دوكاه) وسادسها (سيكاه) وسابعها (جهاركاه) وهذه يقال لها المرتبة الأولى أو الديوان الأول ثم تعلوها المرتبة الثانية وأولها النوا وسابعها (جواب الجهاركاه) وهو نهاية المرتبة الثانية، ثم فوقها المرتبة الثالثة وأولها جواب النوا وسابعها (جواب جواب الجهاركاه) وهو نهاية المرتبة الثالثة، وهكذا تتعدد المراتب صعودًا، وتسمى أبراجها بإضافة الجواب إلى مثله، فيقال: جواب الجواب وجواب جواب الجواب وهلم جرا إلى ما لا نهاية له، وتتعدد هبوطًا أيضًا بحيث يمكن أن يقال: تحت اليكاه قرار الجهاركاه وتحته قرار السيكاه، وتحته قرار الدوكاه، وتحته قرار الراست، وتحته قرار العراق، وتحته قرار العشيران وتحته قرار اليكاه إلى ما لا نهاية له. ويمكن في الحقيقة الابتداء من أي برج كان بحيث تصير المرتبة سبع بردات؛ الواحدة فوق الأخرى، وتكون الثامنة جوابًا للأولى، وهذا الجواب هو ضعف القرار في الشدة، ونصفه في الضخامة؛ لأن صوت الجواب أعلى من القرار إلا أنه أرق منه.

ثم إن الصوت الإنساني بحسب الطبيعة لا يكون الصعود به من القرار للجواب، والهبوط من الجواب إلى القرار على أكثر من سبع بردات، أي: أنك لو قسمت المرتبة على عشرة بردات مثلاً عوضًا عن قسمتها إلى سبعة لم يكن يتأتى للصوت الإنساني المرور عليها إلا بعنف شديد، ويكون الصوت المسموع منها ما تنفر الطبيعة الإنسانية من سماعه، ومن ذلك يعلم أن قسمة المرتبة إلى سبع بردات هي أمر طبَعيّ لا بد منه بالضرورة.

ثم وضعوا للثلاثة الأولى التي هي اليكاه والعشيران والعراف نيمات وعربات وتيكات، كما وضعوا للباقي: فسمُّوا العربة الواقعة بين اليكاه والعشيران (قبا حصار) والعربة التي بين العشيران والعجم (عجم عشيران) والعربة التي بين العراق والراست (كوشت).

وقد وضعنا جدولَين لصورة مقامين بأنصافهما وأرباعهما وأثمانهما، فخُذ منهما ما شئت
١ نوا ١ جواب نوا
٢٤ تيك حجاز (صبا) ٢٤ جواب تيك حجاز (صبا)
٢٣ عربة حجاز ٢٣ جواب عربة حجاز
٢٢ نيم حجاز ٢٢ جواب نيم حجاز
٢١ جهاركاه ٢١ جواب جهاركاه
٢٠ عربة بو سلك (عشاق) ٢٠ جواب عربة بو سلك (عشاق)
١٩ نيم بو سلك ١٩ جواب نيم بو سلك
١٨ سيكاه ١٨ جواب سيكاه
١٧ عربة كردي ١٧ عربة سنبله
١٦ نيم كردي — (نهاوند) ١٦ نيم سنبله
١٥ دوكاه ١٥ محير
١٤ تيك زير كوله ١٤ تيك شاهناز
١٣ عربة زير كوله ١٣ عربة شاهناز
١٢ نيم زير كوله ١٢ نيم شاهناز
١١ راست ١١ كردان
١٠ عربة كوشت — (نهفت) ١٠ عربة ماهور — (نهفت)
٩ تيم كوشت ٩ تيم ماهور
٨ عراق ٨ أوج
٧ عربة عجم عشيران ٧ عربة عجم — (نيرز)
٦ نيم عجم عشيران ٦ نيم عجم
٥ عشيران ٥ حسيني
٤ تيك قبا حصار (شوري) ٤ تيك حصار (شوري)
٣ عربة قبا حصار ٣ عربة حصار
٢ نيم قبا حصار ٢ نيم حصار
١ يكاه ١ نوا

رصد المقامات والأنصاف والأرباع على الصونومتر بفرض أن طول وتر اليكاه ١٠٠٠ مليمترًا.

لعطو فتلو أفندم إدريس راغب بك الأفخم١ بمساعدة المؤلف.
١ نوا ٥٠٠
٢٤ تيك حجاز — صبا ٥٢٠
٢٣ حجاز ٥٣٧
٢٢ نيم حجاز ٥٤٩
٢١ جهاركاه ٥٦٣
٢٠ بوسلك — عشاق ٥٧١
١٩ نيم بو سلك ٥٨١
١٨ سيكاه ٦٠٤.٥
١٧ كردي ٦٢٧
١٦ نيم كردي — نهاوند ٦٤٢
١٥ دوكاه ٦٦٦
١٤ تيك زير كوله ٦٨٦
١٣ زير كوله ٧٠٥
١٢ تيم زير كوله ٧٢٦
١١ راست ٧٥٠
١٠ كوشت ٧٦٥
٩ نيم كوشت — رهاوي ٧٧٩
٨ عراق ٨٠٨
٧ عجم عشيران ٨٤٠
٦ نيم عجم عشيران ٨٦٢
٥ عشيران ٨٨٨
٤ تيك قبا حصار — شوري ٩٠٨
٣ قبا حصار ٩٣١
٢ نيم قبا حصار ٩٦٩
١ يكاه ١٠٠٠

وقد وضع حضرة محمد ذاكر بك في كتابه (حياة الإنسان في ترديد الألحان) سلمًا لترتيب عموم أسماء النغمات (أي: ديوانين بأنصافهما) ومعادلتهما لأسماء النوتة في الموسيقى الإفرنجية، فآثرنا وضعه هنا تتميمًا للفائدة؛ كيما يكون للمتعلم إلمام بمبادئ النوتة؛ تسهيلاً لفهم ما سنضعه فيها من المؤلفات في المستقبل إن شاء الله.

عدد متوالي أسماء البرادات أسماء النوتة ملحوظات
٢٩ تيزنوا ري عالي وهي جواب بردة النوا
٢٨ تيز حجاز دو دييسيز عالي وتارة تير صبا ري بمول عالي وهي جواب بردة الحجاز والصبا
٢٧ تيز جاركاه دو عالي وهي جواب بردة الجاركاه
٢٦ تيز بوسلك سي عالي وهي جواب بردة البوسلك وتعادل سي عالي كاملة، وتارة دو بمول عالي
٢٥ تيز سيكاه سي عالي وهي جواب بردة السيكاه وتنقص ربع مسافة عن حقيقة موقع سي عالي الطبيعية
٢٤ سنبله لا دييسيز عالي وتارة سي بمول عالي وهي جواب بردة الكوردي
٢٣ محير لا عالي وهي جواب بردة الدوكاه
٢٢ شاهناز صول دييسيز عالي وتارة لا بمول عالي وهي جواب بردة الزير كوله
٢١ كردان صول عالي وهي جواب بردة الراست، وقد يقال كردانية أيضًا
٢٠ ماهور فا دييسيز وسط وهي جواب بردة الكوشت وتعادل فا دييسيز كاملة وتارة صول بمول وسط
١٩ أويج فا دييسيز وسط وهي جواب بردة العراق، وتنقص ربع مسافة عن حقيقة موقع الفا دييسيز
١٨ عجم فا وسط وهي جواب بردة العجم عشيران
١٧ حسيني مي وسط وهي جواب بردة العشيران
١٦ حصار ري دييسيز وسط وتارة شوري مي بمول وسط، وهي جواب بردة القبا حصار والقبا شوري
١٥ نوا ري وسط وهي جواب بردة اليكاه
١٤ حجاز دو دييسيز وسط وتارة صبا ري بمول وسط وقد تسمى (عزال) أيضًا
١٣ جاركاه دو وسط
١٢ بوسلك سي وسط وهي سي طبيعي كاملة، وتارة دو بمول وسط
١١ سيكاه سي وسط وهي تنقص ربع مسافة عن حقيقة موقع سي الطبيعي
١٠ كوردي لا دييسيز وسط وتارة سي بمول وسط وهي أراضي بردة السنبلة
٩ دوكاه لا وسط وهي أراضي بردة المحير
٨ زيركوله صول دييسيز وسط وتارة لا بمول وسط وهي أراضي بردة الشاهناز
٧ راست صول وسط وهي أراضي بردة الكردان
٦ كوشت فا دييسيز واطي وهي أراضي بردة الماهور وتعادل فا دييسيز واطي كاملة أو صول بمول وسط
٥ عراق فا دييسيز واطي وهي أراضي بردة الأويج وتنقص ربع مسافة عن حقيقة موقع الفا دييسيز الواطي
٤ عجم عشيران فا واطي وهي أراضي بردة العجم
٣ عشيران مي واطي وهي أراضي بردة الحسيني
٢ قبا حصار ري دييسيز واطي وتارة قبا شوري مي بمول وهي أراضي بردة الحصار والشوري
١ يكاه ري واطي وهي أراضي بردة النوا*
قراءة أسماء البردات الموضحة أعلاه، تبتدئ من أدنى بالصعود تدريجًا إلى أعلى بحسب موضوع الأرقام، وذلك بالنسبة لحالة مواقع درجات الأصوات صعودًا، وبالعكس هبوطًا وهو سلم أساس جميع البردات التي يشتق منها نظم طريقة كل مقام؛ ولذا ينبغي فهمها بحسب ترتيبها فهمًا جيدًا.
ثم ولربما يظهر للبعض أن أسماء هذه البردات لم توافق مواقع النوتة وقت العمل، حيث لكل جماعة تصليح خصوصي في الآلات، فليكن معلومًا أنه إذا وافقت أو لم توافق، فهكذا المصطلح عليه عند أرباب الفن أن الترك في كتابة الأهوية بالنوتة الإفرنجية، وهو لا مانع فيه والمتفنن الماهر في علم التصوير لا يخفى عليه ما يوافق درجات البردات من أسماء النوتة التي تعادلها تمامًا عند حدوث هذا الاختلاف. راجع الجدول الذي في آخر كتاب (آرائه نغمات) طُبع في استانبول سنة ١٣٠٤هـ.
ومما توضح بسلم ترتيب عموم أسماء البردات يعلم أن المسافات الواقعة فيما بين درجات الأصوات وبعضها في اصطلاح الموسيقى التركية والعربية، تختلف في البعض منها؛ حيث إن موقع بردة العراق وجوابها الأوبج ينقص في كليهما ربع مسافة، وعليه لزم وجود بردة الكوشت، وجوابها الماهور، وكذلك لنقص موقع بردة السيكاه ربع مسافة وجب وجود بردة البوسلك — وهذا العمل يخالف موضوع درجات الأصوات في أصول الموسيقى الإفرنجية التي لا تجيز بتجزئة مسافات الأبعاد فيما بين درجات الأصوات وبعضها أكثر ولا أقل من نصف مسافة، وبذلك يكون فعل بردة العراق دوامًا في محل الكوشت والأوبج في محل الماهور، وأيضًا فعل بردة السيكاه مستمرًا في محل البوسلك أعني أن مواقع بردتي العراق والسيكاه في أصول الموسيقى الإفرنجية المذكورة تعادل تمامًا مواقع بردتي الحسيني والمحير على خط مستقيم.
وقد تختلف كذلك مواقع بعض بردات أخرى في الموسيقى التركية والعربية غير أن موقع رفع أي الدرجات في الموسيقى الإفرنجية هو ذات موقع خفض الدرجة التي تليها مباشرة بدون زيادة ولا نقصان، وعلى ذلك، فالبعد الواقع فيما بين كل درجتين فهو نصف مسافة لا تزيد ولا تنقص في أية حالة من الأحوال.

في قسمة الديوان إلى ديوانين متشاكلين

إن الديوان ينقسم إلى قسمين متشاكلين؛ أحدهما من البكاء إلى الدوكاه، والثاني من الراست إلى النوى، فيكون كل قسم منهما خمس نغمات؛ لأن نغمة الراست والدوكاه تتوافقان مع القسمين٢ وهكذا نغمة النوى تتوافق مع القسم الثاني من الديوان الأول ومع القسم الأول من الديوان الثاني٣. وهذه المشاكلة الكائنة بين القسمين هي لكون البعد بين كل نغمة ومجاورتها من النغمات في كل قسم منهما متساويًا؛ لأن البعد بين اليكاه والعشيران، كالبعد بين الراسب والدوكاه والبعد بين العشيران والعراق كالبعد بين الدوكاه والسيكاه، والبعد بين العراق والراست كالبعد بين السيكاه والجهاركاه، والبعد بين الراست والدوكاه كالبعد بين الجهاركاه والنوى؛ ولهذا كانت نسبة اليكاه إلى العشيران كنسبة الراست إلى الدوكاه، ونسبة العشير أن العراق كنسبة الدوكاه إلى السيكاه ونسبة العراق إلى الراست كنسبة السيكاه إلى الجهاركاه ونسبة الراست

جدول الديوان العربيّ عِند المحدثين

الأرباع الديوان الأول الديوان الثاني جوابه طول الوتر عدد الاهتزازات ديوان الفرنج
١ ٢ ٣ ٤ ٥
يكاه نوى ٠٫٠٠ ٧٧٥ Sol
١ قبا نيم حصار نيم حصار ١٫٠٢ ٧٩٧٫٧٩ + sol
٢ قبا حصار حصار ٢٫٠١ ٨٢١٫١ Sol diése la bemol
٣ قبا تيك حصار تيك حصار ٢٫٩٨ ٨٤٥٫٢ + sol d - la
٤ عشيران حسيني ٣٫٩٢ ٧٨٠٫٣ La
٥ نيم عجم عشيران نيم عجم ٤٫٨٣ ٨٩٥٫٤ + la
٦ عجم عشيران عجم ٥٫٧٢ ٩٢١٫٧ la d Si b
٧ عراق أوج ٦٫٥٨ ٩٤٨٫٧ + La d - si
٨ كوشت ماهور ٧٫٤٢ ٩٨٦٫٥ Si
١٠ راست كردان ٣٫٣ ١٠٣٤٫٦ Ut
١١ نم زير كوله نيم شاهناز ٩٫٨٠ ١٠٦٤٫٨ + ut
١٢ زير كوله شاهناز ١٠٫٥٤ ١٠٩٦ Ut d ré b
١٣ تيك زير كوله تيك شاهناز ١١٫٢٧ ١١٢٨٫٢ + ut d - ré
١٤ دوكاه محير ١١٫٩٧ ١١٦١٫٢
١٥ تيم كردي نيم سنبله ١٢٫٦٦ ١١٩٥٫٢ + ré
١٦ كردي سنبله — (زال) ١٣٫٣٢ ١٣٣٠٫٤ ré d mi b
١٧ سيكاه بزرك ١٣٫٩٧ ١٢٦٦٫٤ + mé d - mi
١٨ بوسليك جواب بوسليك ١٤٫٦٠ ١٣٠٣٫٤ Mi
١٩ تيك بوسليك جواب تيك بوسليك ١٥٫٢١ ١٣٤١٫٦ + mi
٢٠ جهاركاه ماهوران ١٥٫٨٠ ١٣٨١ Fa
٢١ نيم حجاز جواب نيم حجاز ١٦٫٣٨ ١٤٢١٫٤ fa
٢٢ حجاز جواب حجاز ١٦٫٩٣ ١٤٦٣ fa d Sol b
٢٣ تيك حجاز جواب تيك حجاز ١٧٫٤٨ ١٥٠٦ + fa d - sol
٢٤ نوَى رمل توني ١٨٫٠٠ ١٥٥٠ Sol *
شرح الجدول: اعلم أن في العمود الثالث طريقةً ثانية لتعريف نسبة النغمات إلى بعضها، وهي طريقة حسنة مؤسسة على قياس أجزاء الوتر الكائنة وراء الإصبع عند النقر، ولا يخفى أن أول هذه الأطوال لا يساوي شيئًا في مطلق الوتر، وأن الأخرى تزيد شيئًا فشيئًا على حسب ارتفاع الصوت المحصول عليه، بينما تكون أطوال الأجزاء المنقورة تنقص بمقتضى النسبة نفسها؛ لأنه كلما قصر الوتر ارتفع الصوت.
وإن سألنا أحدٌ عن سبب وضعنا نغمة “Sol” بإزاء اليكاه، من المعلوم أن أول نغمة في الديوان الأوروبي إنما هي “do” ويسمى أيضًا “ut”. قلنا إن النغمات كلها قياساتٌ ونسبٌ، فلا مانع يمنعنا عن الابتداء بأية نغمة كانت إذا ما راعينا — بتدقيقٍ — القياساتِ والنسب الكائنة بين النغمات والأرباع؛ فلذا عليك أن تختار التعبير عن الديوان العربي بالديوان الأوروبي المألوف أي: “do, ré, mi, fa” وهلمّ جرًّا إلخ… بشرط أن تراعي النسب كما قلنا. إلاّ أن ذلك الاختيار لا نراه مستحسنًا لعدم مطابقته لواقع الأمر، فإن صوت اليكاه من حيث درجته النغمية وعدد اهتزازاته إنما يقرب من “sol” الأوروبي العادي لا من “do”. ولا ننكر أن العرب ليس عندهم نغمة أساسية يرجع إليها عند دَوْزنة الآلات الموسيقية — اعلم أن الأوروبيين اتفقوا على اتخاذ مقياس ما لارتفاع الأصوات وهبوطها فاخترعوا آلة خصوصية يسمونها ديابازون (Diapason) وهي غالبًا عبارة عن قطعةٍ من الفولاذ صنعت على شكل نعل فرس محرّج، فإذا قرع أحد طرفيه اهتز ٨٧٠ هزة في الثانية وستراها مرسومة في مجموعة للعود وبعض آلات أخرى بعد، فلما كانت النغمة المطابقة لهذا العدد نفس النغمة التي يدعونها “la” (راجع الجدول) أصبح صوتها عندهم ميزانًا يرتبون عليه أغلب آلاتهم كالبيانو والأرغن وآلات النفخ وغيرها. — فترى مثلاً ما كان صوته بكاء في آلة يكون قبا حصار أو عشيران في آلة أخرى؛ ولذلك كلما اجتمع الشرقيون للغناء كان صوت متقدمهم قياسًا يدوزنون عليه العيدان وسائر آلات الطرب. بيد أن ذلك لا ينفي قولنا؛ أولاً لأن الفرق المذكور ليس بكبير في أغلب الأحيان، وثانيًا: لأن في الصوت الإنساني قياسًا طبيعيًا عموميًّا يحترز به العرب عن مزيد التباين في إجراء ألحانهم، وإن لم ترشدهم إلى اتفاق صوتي تام آلة من الآلات الثابتة التي يتداولها الأوروبيون. وما لا نتمالك عن إيراده بهذا الصدد رغبتنا الشديدة في أن يتفق أولو هذا الفن الشريف بديارنا الشرقية، فيخترعوا — كالأجانب — آلة معدنية تكون عندهم بمنزلة مقياس لا يحيدون عنه في المستقبل. وهذا أمر سهل لا يقتضي إلا اجتماع بعض أساتذة من الموسيقيين واختيار صوت واحد ثابت، مثلاً صوت مطلق الوتر الرابع في العود.

إلى الدوكاء كنسبة الجهاركاه إلى النوى؛ ولذلك صار العمل من الدوكاه إلى اليكاه، كالعمل من النوى إلى الراست وحصلت المشاكلة بين نغمتي الراست والنوى، ونغمتي الدوكاه والحسيني، ونغمتي السيكاه والأوج، ونغمتي الجهاركاه والكردان، فإذا كانت إحداهما قرار اللحن يسمون الثانية غمازًا لها؛ لأنها أقرب النغمات لمشاكلَتها ما عدا الجواب؛ فإن نسبتها إلى القرار أقرب النسب، فإذا نُقر على أية نغمة، ونُقِر بعدها على جوابها، كان ألذّ النقرات للسامع. وبعده في اللذة النقر على الغماز والبعد بين الغماز والقرار أربعة عشر ربعًا أبدًا، فإذا قيل: أيَّة نغمة هي غماز نغمة السيكاه مثلاً، والسيكاه كائنة في الربع السابع عشر، فأضف إليه أربعة عشر، وهي مسافة بعد الغماز المقررة فتكون الجملة واحدًا وثلاثين، تُطرح من ذلك أربعة وعشرون (وهي مقدار الديوان الأول) فيبقى سبعة، وهي محلُّ نغمة الأوج من الديوان الثاني، وهي غماز السيكاه، وإذا سئل عن غماز العشيرانِ، والعشيرانُ كائِنةٌ في الربع الرابع، فاستخراجه بأن يضاف أربعة عشر إليه ربعًا فتكون الجملة ثمانية عشر، وهي محلّ ربع البوسليك الذي هو غمازه. وهكذا يجري العمل في اختبار جميع النغمات والأرباع، ويعلم محل غماز كل نغمة وكل ربع منها.

في افتراق الألحان عن بعضها وانقسامها على أنواع

اختلاف الألحان يكون على أربعة أنواع: أوَّلها اختلاف النغمة التي يقر عليها اللحن٤ والثاني: اختلاف إجراء العمل مع كون القرار على النغمة بعينها، والثالث: فسادٌ يدخل على بعض النغمات. والرابع: كون اللحن مزدوجًا.

أما النوع الأول: فكما لو نقر مثلاً على نغمة الراست، ثم على العراق ثم على العشيران، ثم على اليكاه وقر عليها، لاختلف مسموعه عما لو نقر على نغمة الدوكاه ثم على الراست، ثم على العراق، ثم على العشيران وقر عليها، وهذا الاختلاف ليس ناشئًا من ارتفاع صوت نغمة الدوكاه الذي ابتدئ بالنقر عليه، وصوت العشيران الذي قر عليه عن نغمة الراست التي ابتدئ منها، ونغمة البكاء التي قر عليها بالعمل الأول؛ لأن هذا الفراق متعلقٌ بعلم الطبقة الذي يبحث فيه عن ارتفاعها وانخفاضها؛ وذلك لا يتعلق باختلاف الألحان؛ لأن اختلاف الألحان ليس بالارتفاع والانخفاض، بل من الأسباب التي نسعى الآن لبيانها فنقول: إنه لو كان البعدين النغمات متساويًا لم يكن بينها تمييز؛ لأن كلاً منها — حينئذٍ — يقوم مقام غيره، وتكون الأصوات في جميعها متساوية في الصعود والنزول، لكنها لما كانت مختلفة الأبعاد كان بمرور الصوت عليها وقراره على أحدها يحصل الاختلاف فيه حين المرور وحين القرار؛ لأن في المثال المتقدم بالنقر على نغمة الراست والهبوط نغمة نغمةً إلى اليكاه اختلافًا من الابتداء من نغمة الدوكاه والوقوف على نغمة العشيران؛ لأنه في الأول هبط من كل من النغمتين: الأولى والثانية ثلاثةُ أرباع، ومن الثالثة أربعة أرباع، أما في الثاني فمن الأولى هبط أربعة أرباع، وفي كل من النغمتين الثانية والثالثة ثلاثة أرباع، ولعدم المناسبة بين الهبوط الأول والهبوط الثاني حصل الاختلاف في مسموع الصوت، وهذا هو أصل النوع الأول من الألحان ومنه كان القرار على كل نغمة لحنًا على حدته ويسمى ذلك اللحن باسم النغمة التي يقر عليها كراست ودوكاه وغير ذلك.

وأما النوع الثاني فهو فرع النوع الأول؛ إذ النغمات فيه أيضًا تكون على ترتيبها بعينه، لكن يختلف عنه بأمرين أحدهما اختلاف إجراء العمل في الانتقال من نغمة إلى أخرى وثانيهما الدخول في اللحن، أما الأول فلا يمكن التعبير عنه بالكلام، وليس عند العرب اصطلاح على علامات له كالنقط والحركات مثل اصطلاح الإفرنج واليونان الذين يوضحون به هذه الاختلافات، وأما الثاني الذي هو الدخول في اللحن فنقول إن نغمة الدوكاه مثلاً يكون عليها لحن الدوكاه ولحن الصبا، فلحن الدوكاه يكون الدخول فيه من نغمة الراست أحيانًا، ويصعد إلى النوى، ثم يكون قراره على نغمة الدوكاه. وأما الصبا فيبتدئ من نغمة الجهاركاه ويقر على الدوكاه كما سنوضح ذلك بحسب الإمكان عند شرحنا حدّ كلّ لحنٍ بمفرده حيث تذكر النغمات المصورة لكلّ لحن من أي النغمات والأنصاف أو الأرباع، تكون حسب التلاحين التي عندنا؛ قديمة كانت أو حديثة.

وأما النوع الثالث الذي هو فساد يدخل على بعض النغمات؛ فذلك كلحن الحجاز مثلاً، فإنه تفسد فيه نغمة الجهاز كله، بمعنى أنها لا تستعمل فيه ويقوم مقامها ربع الحجاز المتوسط بين نغمتي الجهاز مثلاً، فإنه تفسد فيه نغمة الجهاركاه بمعنى أنها لا تستعمل فيه ويقوم مقامها ربع الحجاز المتوسط بين نغمتي الجهاركاه والنوى. وهكذا عندما ينزل مما فوقه لا يمر عليها، وفي كليهما يكون مروره على ربع الحجاز لا على الجهاركاه، كما أن لحن البياتي أيضًا لا تستعمل فيه نغمة الأوج بل تقوم مقامها نغمة العجم.

أما النوع الرابع الذي هو كون اللحن مزدوجًا، فإنه يكون مركبًا من أحد النوعين؛ الأول والثاني، ومن النوع الثالث. وهذا النوع يتناول فيه الصوت أكثر من سبع نغمات، إلا أنه تستعمل فيه نغمات من ديوانين جوابات وقرارات، مثاله لحن المحير فإنه لحن الدوكاه مكررًا؛ لأنه يعمل أولاً لحن الدوكاه من ديوان جواب الدوكاه، ثم ينتهي العمل إلى ديوان القرار الذي هو ديوان الدوكاه نفسه. وهكذا اللحن شد عربان، فإنه من حجازين من ديوانين. والعشيران يقرب أن يكون البياتي يعمل من فوق الحسيني ثم ينتهي بالبياتي على العشيران.٥

هوامش

(١) إن عطوفة الأمير المذكور من الرجال العظام الذين تفتخر بهم الأمة التي يوجدون بها، فإنه — حفظه الله — قد بحث بحثًا دقيقًا علميًا وعمليًا ما سبقه إليه أحد من علماء هذا الفن؛ ذلك لأن عطوفته أستاذ في العلوم الرياضية والفلكية، وله معرفة تامة بأشهر وأكثر اللغات الأجنبية، مما سهّل له الطريق في الوصول إلى كثير من أسرار هذا الفن النفيس؛ قديمه وحديثه، وستطير مؤلفاته الجليلة التي ستشرق على الدنيا إشراق الشمس، جعله الله قدوة حسنة تفتدي بعلومه وتستضيء بمشكاة أفكاره الأمةُ المصرية، ويا حبذا لو حذا حذوه في شمائله السعيدة وكرمه الحاتمي — ثلةٌ من أمرائنا الأغنياء، فيخرجون شيئًا من مالهم المكنوز لإحياء هذا الفن، أو مساعدة غيره من المشروعات الجليلة النافعة، بدل أن يقتروا على أنفسهم ويخزنوها للوارثين، الذين يبذرونها جزافًا فيما لا يجدي غير مجلبة الخذلان بين الناس، وعض سبابة الندم متى ذهب المال وساء الحال؛ حيث لا فنون ترتقي بلا مال، ولا أمة تحيا بغير رجال.
(٢) يريد أن النغمتين تختصان بكلا القسمين؛ لأن الدوكاه آخر القسم الأوَّل، والراست أول القسم الثاني.
(٣) وقد وضع حضرة الأب الفاضل لويس رنزفال اليسوعي (مصحح الرسالة الشهابية) جدولاً عامًا، أودع فيه سرد الديوانين العربيين بأنصافهما وأرباعهما، وبإزائهما الديوان الأوروبي الأكثر شيوعًا في عصرنا هذا، وهو من الأهمية بمكان عظيم (راجع الجدول الآتي).
(٤) أي: ينتهي إليه، وكأن تلك النغمة أساس اللحن كله، ومن القواعد الابتدائية في فن الموسيقى الحاضر أن اللحن ينتهي إلى النغمة التي لقيت باسمه واسم ذلك القرار عند الإفرنج la tonique فالألحان مثلاً التي من نغمة الدوكاه وهي واحد وأربعون لحنًا (كما وضحها حضرة الموسيقار الفاضل الدكتور ميخائيل مشاقة في رسالته الشهابية) مهما كان اختلاف إجراء عملها يجب أن يكون آخر صوتها المسموع الدوكاء، ولو حدث في بعضها النزول على ما تحت هذه النغمة وقس عليها الألحان التي على سائر النغمات، وهذا ما يسميه الإفرنج finir dans le ton.
(٥) والأستاذ الماهر يمكنه أن يظهر للطالب أولاً الفرق بين رنات النغمات وبعضها بأحلى بيان، ومتى رسخت في ذهن الطالب الذكي أمكنه بعد ذلك أن يميز الفرق بينها، كما يرى الفرق بين الألوان وبعضها.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤