الفصل الخامس

الحيَّة … ومأساة الإنسان

كانت الصدمة العنيفة التي واجهت سلامة موسى، حين وطِئت قدماه أرض لندن لأول مرة عام ١٩٠٨م، هي الفروق الضخمة بين صورة المرأة الأوروبية، وصورة المرأة في مصر.١ فقد أحس بالمرأة الإنجليزية كائنًا إنسانيًّا يختلف كثيرًا عن السَّحنة الآدمية المصرية التي نسميها — تجاوزًا — بالمرأة.

وبقيت رواسب هذه الصدمة الذهنية والاجتماعية في صحبة سلامة موسى حتى أواخر إنتاجه الفكري، إذ كانت مفاهيمه عن الحياة في تطورٍ دائب مستمر، وكذا أيضًا كانت المرأة تتقدم إلى أمام، ومع ذلك فإن الصورة القديمة لم تفارق خياله، وهو يحس خيوطًا «معاصرة» قوية تشده إلى ذلك الماضي، ولم تكن هذه الخيوط سوى نماذج حية للمرأة القديمة ما تزال تعيش في دنيانا.

وربما كان عود الثقاب الذي أشعل نور الأمل في وجدان سلامة نحو المرأة هو الكاتب النرويجي العظيم إبسن؛ لأن «الواقع» الذي رآه الشاب المصري، متمثلًا في نساء إنجلترا، كان المظهر السطحي للواقع الحقيقي، وحين وقعت عيناه على هذا «الواقع الحقيقي» كما رسمه إبسن، وعى جيدًا أن الاختلاف بين المرأة الأوروبية وزميلتها المصرية، هو — في جوهره — اختلاف دَرَجي فحسب، وبدأ هذا المعنى يترسب في أعماقه بشكلٍ ثوري، ورأيناه على التو يبحث عن «أوجه الاتفاق» بين الإنجليزية والمصرية، فلم يجد بينهما اتفاقًا، وإنما اكتشف حقيقة الاتفاق بين النظام الاقتصادي الأوروبي، والنظام الاقتصادي في الشرق العربي.

لم يكتشف اتفاقًا حاسمًا بين النظامين، وإنما أحس بقرابة شديدة بينهما، تقرب في قوتها رابطة الدم.

وبالفعل كانت أوروبا تغلي بالثورة الصناعية، ومجتمعها الرأسمالي في أوج اكتماله. بينما كانت البلاد العربية ترسف في أغلال الأنظمة الإقطاعية (وأحيانًا العبودية). والخيط الذي يربط بين المرأة في المجتمع الإقطاعي وزميلتها في المجتمع الرأسمالي هو «النظام الطبقي» الذي يشمل كليهما. أما وجه الاختلاف — النسبي — بينهما، فقد لمس الجوهر على الأقل، والمظهر في الأكثر.

لمس الجوهر حين نزلت المرأة الأوروبية — إلى حدٍّ ما — إلى ميادين الإنتاج وهجرت البيت. ولمس المظهر في أن المرأة — في المجتمع البرجوازي — أصبحت «حرة» في الذهاب إلى الكنيسة والنادي ومرافقة الأصدقاء، بينما لم تغادر المرأة العربية جدران الحريم.

وجاء إبسن، فأزال غشاوة تلك المظاهر الأوروبية بأن قال لنا في صراحةٍ وصدق: إن خروج المرأة — في أوروبا — لا يحقق وجودها وحريتها بقدر ما يحقق حرية الرجل الأوروبي في السيادة على أنثاه؛ إذ هو يصنع منها «لعبة» يدللها بالنزهات والملابس الفاخرة والرحلات، ولا يضع على وجهها نقابًا أسود، وإنما يضع لها نقابًا رقيقًا أبيض من البودرة وأحمر الشفاه، لتصبح في النهاية «دمية» يلهو بها على الفراش.

وحين ثارت «نورا»٢ على هذا الوضع، وهجرت بيت الزوجية إلى بيت الحياة الكبير، كانت أوروبا كلها تتهيأ لولوج هذا الباب.

ومن نقطة الانطلاق هذه بدأت حرية المرأة تتحدد في ذهن سلامة موسى، فإنها لم تصبح شيئًا مستقلًّا عن بقية مظاهر النشاط الإنساني في المجتمع؛ لأن نظامًا أساسيًّا يتشكل على قاعدته كل مجتمع يفرز كافة الظواهر الاجتماعية ومنها حرية المرأة.

ولذا كان العمل من أجل «حرية المرأة» بمعزلٍ عن العمل من أجل «حرية المجتمع» وَهْمًا من الأوهام، بل إن حرية المرأة — في حقيقة الأمر — هي وجهٌ واحد من وجوه الحرية لا يمكن تحقيقه على حدة.

ولذا — أيضًا — كان الهدف الأول لسلامة موسى هو الحصول على «مفهوم متكامل للحرية» نستضيء به في تغيير أحوال المرأة العربية.

ونحن نراه — منذ كتب «مقدمة السوبرمان» — عاكفًا على «بلورة» فلسفته في الحرية. حتى إذا قرأنا له «المرأة ليست لعبة الرجل» — صدر عام ١٩٥٦م — تعرفنا على الجذور الحقيقية لدعوته إلى تحرير المرأة. ففي هذا الكتاب، أحسسنا منهجًا علميًّا يسيطر على فهمه لكل مظهر اجتماعي، وعلى ضوء هذا المنهج رأى سلامة في المرأة المعاصرة امتدادًا للصراع الاجتماعي بين البشر.

وحرية المرأة في ظل الرأسمالية هي موضوع كتاب سلامة موسى «المرأة ليست لعبة الرجل». وعلى ضوء التطور التاريخي للمجتمع البشري، استنبط منهجه العلمي في رؤية الظروف الموضوعية المحيطة بالمرأة المعاصرة. ولذلك هو يسألها (ص٧): «إن الرجال يتهمونك بأنك غير ذكية، غير شجاعة، غير بصيرة، لم تتفوقي في الاختراع أو الاكتشاف، ولم تبرزي في العلوم أو الفنون. وكل هذه التهم صحيحة؛ ولكنها صحيحة لأنك تُمضِين حياتك محبوسة بين أربعة جدران في البيت، ولو قُدِّرَ لنا نحن الرجال أن نُحبَس كذلك لكنا في هذه الحال التي تُتَّهَمين أنت بها.»

والزواج — المبني على أساس المجتمع الطبقي — هو الذي أغلق على المرأة أسوار السجن؛ لأن هذا الزواج هو الشكل العائلي الأول الذي بُنِيَ على أسس اقتصادية وليست طبيعية، وهذه الأسس هي انتصار المِلكية الخاصة على المِلكية الجماعية الأصلية التي نمت نموًّا طبيعيًّا. فحكم الرجل للعائلة، ورغبته في إنجاب أطفال «موثوق من أبوتهم» ليرثوه بعد موته، كانت هي أسباب الزواج التي يعترف الإغريق بها، كان عبئًا على بقية أفراد الأسرة وواجبًا عليهم نحو الآلهة والدولة والأسلاف يجب أداؤه. وكان القانون في أثينا يجعل الزواج إجباريًّا باعتباره وفاء من الرجل بالحد الأدنى لما يسمى بالواجبات الزوجية. وعلى ذلك فإن الزواج لم يظهر في التاريخ باعتباره توافقًا بين الرجل والمرأة بأي حال، وإنما على العكس، فقد ظهر الزواج باعتباره خضوعًا من جنسٍ لجنسٍ آخر، فلم يكن التنازع بين الجنسين قد أعلن إلى اللحظة التاريخية التي ظهر فيها الزواج. ويقول ماركس في كتابه «الفكر الألماني»:٣ «إن التقسيم الأولي للعمل هو تقسيمه بين الرجل والمرأة من أجل تربية الأطفال. وأضيف أن أول صراع طبقي ظهر في التاريخ كان الصراع بين الرجل والمرأة في ظل الزواج، وأنه أول خضوع طبقي يتمشى مع خضوع المرأة للرجل، فقد كان الزواج تقدمًا تاريخيًّا كبيرًا، ولكنه في نفس الوقت ظهر مع مولد الرقِّ والملكية الخاصة، ولذلك فإن هذا العصر — أي عصر الزواج — الذي يستمر إلى اليوم، هو الشكل المركب للمجتمع المتمدن الذي نستطيع أن ندرس فيه طبيعة الصراع والتناقض.»

وعندما يقول سلامة موسى (ص٤٧): «لقد نالت المرأة حريتها الخارجية في أوروبا، ولكنها إلى الآن لم تحقق حريتها الداخلية، وهي هنا مثل المرأة المصرية التي تحررت، عمليًّا، من الحجاب المنزلي، ولكنها لا تزال، نفسيًّا واجتماعيًّا، في الحجاب. والمرأة لذلك أقل من الرجل.» عندما يقول سلامة موسى هذه الكلمات، إنما يذكِّرنا بقصة طويلة مريرة … هي قصة المرأة العربية … وقصة حريتها المسلوبة.

ففي مصر — على سبيل المثال — بقيت المرأة في عصر البداوة الذهنية والاجتماعية، إلى أن طرق الاستعمار أبواب ديارنا، ومن ثَم اتحدت الجبهتان الرجعيتان: «النظام الإقطاعي والاستعمار الأجنبي» في الإبقاء على ظلام هذه البداوة. حتى إن مدرسة ثانوية واحدة للبنات في بلادنا لم تُفتَح إلا في عام ١٩٢٥م! وقد أصرت الناظرة الإنجليزية حرصًا على التقاليد العربية والدين الإسلامي! أن تأتي الطالبات إلى المدرسة محجبات!

حدث ذلك كله بالرغم من الكلمات المشرقة المضيئة التي قالها رفاعة الطهطاوي عام ١٨٦٠م في كتابه «المرشد الأمين للبنات والبنين»:٤ «ينبغي صرف الهمة في تعليم البنات والصبيان معًا لحسن معاشرة الأزواج. فتتعلم البنات القراءة والكتابة والحساب ونحو ذلك، فإن هذا مما يَزيدهن أدبًا وعقلًا، ويجعلهن بالمعارف أهلًا ويَصلُحن به لمشاركة الرجال في الكلام والرأي … وليمكن للمرأة عند اقتضاء الحال أن تتعاطى من الأشغال والأعمال ما يتعاطاه الرجال. فكل ما يُطيقه النساء من العمل يباشرنه بأنفسهن، وهذا من شأنه أن يشغل الناس عن البطالة. فإن فراغ أيديهن عن العمل يشغل قلوبهن بالأهواء والأباطيل.»

قال الشيخ الطهطاوي هذا الكلام منذ قرن تقريبًا. ولقد خمد ما فيه من طاقة ثورية؛ لأن الرجل العظيم لم ينقب عن الجذور البعيدة لهذا المجتمع المغلق. وكانت هذه العقدة نفسها بالنسبة لقاسم أمين في دعوته إلى السفور. ومن هنا يبرز الدور الكبير الذي قام به سلامة موسى في حياة المرأة العربية، فهو في كتابه «المرأة ليست لعبة الرجل» يؤكد بطريقٍ غير مباشر أن جمعياتنا النسائية لا تعمل من أجل حرية المرأة؛ لأنها لا تعمل من أجل حرية المجتمع، وهي لا تقدم على هذا العمل بطبيعة تكوينها الطبقي، إذ إن أغلب عضوات هذه الهيئات من بنات الطبقة الأرستقراطية، فليس من بينها — للآن — عاملة واحدة أو فلاحة أو طالبة أو موظفة. وليس غريبًا إذَن أن يقتصر نشاطها على حفلات الشاي والكوكتيل واستعراض أحدث المُودات … والفضائح.

والنقطة الهامة الثانية — بل هي النقطة الجوهرية — أن نشأة هذه الجمعيات في حد ذاتها تلغي وجودها الموضوعي! إذ كيف تنشأ جمعيات نسوية خالصة تدعو إلى «المساواة» بين الرجل والمرأة، في حين أنها لا تقبل بين أعضائها رجالًا؟! وهذا التناقض الصارخ نشأ تلقائيًّا كنتيجة حاسمة لانعدام الهدف الحقيقي؛ حرية المرأة، التي هي جزء لا يتجزأ من حرية المجتمع. ولذلك يطلب سلامة موسى «أن تكون لنا فلسفة عن المرأة المصرية بحيث لا تنشد مساواتها بالمرأة الأوروبية فقط، بل تتجاوز هذه المساواة إلى آفاق إنسانية أبعد وأرقى … ويجب ألا يكون في قولي هذا ما يُستغرَب، لأن المرأة الأوروبية ما تزال دون المستوى الإنساني.»

والمؤلف بهذه الفقرة، يناقش الوجود الحقيقي للمرأة الأوروبية والأمريكية في ظل النظام الرأسمالي … وأذكر في هذا الصدد تقسيم إنجلز — في كتابه عن أصل العائلة — للزواج البرجوازي إلى نوعين: أولهما في البلاد الكاثوليكية حيث يقدِّم الوالدان لابنهما الصغير الزوجة المناسبة، والنتيجة الطبيعية لذلك «ظهور أقصى التناقض الموروث في الزواج»، وازدهار العلاقات غير الشرعية من جانب الزوج، والزنا من جانب الزوجة. والنوع الثاني في البلاد البروتستانتية حيث جرت العادة على السماح للابن البورجوازي أن يختار زوجته «على أن تكون من طبقته». وتنشأ من هذه النقطة كافة المآسي التي يعاني جيلنا ويلاتها في هذا العصر.٥ لأن لحب — في جوهره الحقيقي — لا يمت بصلة قرابة حاسمة للطبقة، وإنما هو توافق موضوعي، تؤدي إليه عدة ظروف، قد لا يكون من بينها الوحدة الطبقية.

وموضوع «الزنا» الذي أثاره تقسيم إنجلز، أثاره سلامة موسى أيضًا في تقريره (ص٧) أن المرأة «حين ترتكب جريمة الزنا يقتلها أخوها أو أبوها أو زوجها. وإذا بقيت حية ولم يقتلها أحد، فإن المحكمة تحكم عليها بالسجن سنتين. أما الزوج فحين ارتكابه جريمة الزنا يستطيع أن ينجو من العقوبة ما دام ارتكابه لها بعيدًا عن بيته! ثم هو قد لا يجد من الرجال غير الإعجاب برجولته». والحق أن الزنا نبت في المحيطات الطبقية لعدم التوافق الموضوعي في اختيار الزوجين لبعضهما. إذ من المستحيل أن يحدث هذا التوافق — حتى بين أبناء الطبقة الواحدة — ما دام المجتمع قائمًا على أسس السيادة الاقتصادية لجنسٍ دون آخر. والمساواة الاقتصادية في نهاية الأمر ليست شيئًا آخر سوى المساواة النفسية. بل إن البغاء لم يظهر بشكلٍ حاسم إلا مع بداية المجتمع العبودي، أي التقسيم الطبقي الأول في تاريخ البشر الذي أوجد الرقَّ.

وكان سلامة موسى يعلل البغاء في مصر، بأنه نتاج أربعة أسباب:

  • الانحطاط الاقتصادي بين أفراد الطبقة الكادحة. حيث تجد المرأة أو الفتاة في البغاء طريقًا سهلًا إلى لقمة العيش.

  • المآسي العاطفية التي يركل فيها بعض الرجال حبيباتهم اللاتي لا يجدن سبيلًا للانتقام إلا في ممارسة البغاء، (ونماذج هذا النوع توجد بوفرة بين أفراد الطبقة المتوسطة).

  • النهم الجنسي، الذي لا تقنع الزوجة حياله بزوجها (ونماذج هذا القسم من بين أفراد الطبقة العالية).

  • الفراغ العاطفي في حياة المطلقات السابقة.

والحق أن السبب الأول هو العامل الحقيقي الحاسم في هذه المشكلة. ولكنا إذا رددنا هذا السبب — أي الفقر — إلى العامل الجذري، وهو النظام الطبقي، لاستطعنا تلقائيًّا أن نضم الأسباب الثلاثة الباقية إلى ذلك العامل الواحد. فمآسي الحب لا يمكن وقوعها إلا في مجتمع لا يهيئ الفرص المتكافئة — عقليًّا ونفسيًّا وماديًّا — لجميع بنيه بنسبٍ متساوية. وأما العلاقات غير الشرعية القائمة إلى جانب الزواج فلأن «هناك تعارضًا آخر ينمو داخل الزواج. فقد انتصر الرجال على النساء، ولكن تتويج المنتصر بالعار قام به المهزوم في شجاعة، فالزنا ممنوع ومعاقب عليه بشدة، ولكنه أصبح نظامًا اجتماعيًّا بجانب الزواج والبغاء، وبذلك أصبحت أبوَّة الطفل المؤكدة مبنية — كما كان الحال قبلًا — على مجرد الاقتناع الأدبي، ولكي تحل المدنية هذا التعارض — الذي لا يُحَل — تنص المادة ٣١٢ من قانون نابليون على أن الطفل الذي «يُولَد أثناء الزواج يُعتَبَر ابنًا للزوج»، وهذه هي الحصيلة النهائية لثلاثة آلاف سنة من الزواج.»٦ ولست أعتقد في حديث سلامة موسى عن الشراهة الجنسية، إلا بقايا فرويدية كانت لا تزال عالقة بمنهجه. أما إنجلز فيصوِّر التعاقد «الشرعي» للزوجين «ويظل الزواج عقدًا مصلحيًّا حتى يتحول في النهاية إلى دعارة، أحيانًا من الزوجين، وغالبًا من جانب الزوجة التي لا تختلف عن الغانية في أنها لا تؤجر جسدها بالقطعة مثل العامل الأجير، وإنما تبيعه في عبودية مطلقة، وبصفةٍ دائمة.»٧

وقديمًا قال فلوبير: «كما أنه في القواعد اللغوية يُعتبر نفيان إثباتًا، فكذلك في القواعد الزوجية تُعتبر دعارتان فضيلة.»

أما السبب الأخير الذي قال به سلامة موسى — وهو الطلاق — فإنه يلزمنا أن نتتبع تطور هذه الظاهرة. ففي ظل الانتساب للأم كانت تنشأ بعض المنازعات الزوجية بين الرجل والمرأة. فكان الأقارب من ناحية الأم يقومون بالتدخل للصلح بينهما، ولا يتم الطلاق قبل أن تُستنفد وسائل الإصلاح. وفي هذه الحالة يظل الأولاد مع الأم وتعود لكلٍّ من الزوجين حريته في الزواج من جديد. ويبدو واضحًا أن هذا قد نشأ في المحاولات الأولى لتكوين الزواج الفردي.٨

•••

في انتقال المجتمع البشري من المجتمع المشاعي الأول إلى المجتمع العبودي يحدث أن الزيادة في الإنتاج تتطلب قوى إنتاجية جديدة. وقد تم ذلك بواسطة الأسرى والعبيد في البداية، ثم تطور الأمر بأن أصبح أعضاء القبيلة المدينون — في ظل ظروفهم التاريخية — عبيدًا. وليس من شك أن الفائض من الإنتاج كان من نصيب الرجل، الذي يملك وسائل الإنتاج من ثروات حيوانية وزراعية، وكانت المرأة تشارك الرجل في استهلاك هذه الأشياء دون أن تشاركه ملكيتها. ويقول إنجلز:٩ «لقد كان الصياد والمحارب في عصر الوحشية قانعَين بأن يشغل كل منهما المكان الثاني في بيته ويترك الرئاسة للمرأة. أما الراعي المسالم، فقد اعتمد على ثروته للوصول إلى المكان الأول في البيت ودفع بالمرأة إلى المكان الثاني، ولم تستطع المرأة الاعتراض.»

ولا ريب أن هذا التغير قلب العلاقة المنزلية السابقة رأسًا على عقب، لأن تقسيم العمل خارج العائلة، كان قد تغيَّر. فالسبب الذي جعل المرأة، فيما سبق، سيدة المنزل، وهو كونها مسئولة عن العمل المنزلي، أكد الآن سيادة الرجل، وفقد عمل المرأة المنزلي قيمته بمقارنته بعمل الرجل في سبيل كسب العيش، فقد أصبح كسب العيش هو كل شيء، وأضحى عمل المرأة مهمة تافهة. وهنا نرى تحرر النساء ومساواتهن بالرجال يصبح مستحيلًا، ويظل الأمر كذلك ما بقيت المرأة مبعدة عن العمل الاجتماعي المنتج، مختصة بالعمل المنزلي فقط.

ومن صميم هذا الوضع العبودي للمرأة، نبعت حريتها في الطلاق. إذ نجد الكنيسة الكاثوليكية — مثلًا — قد منعت الطلاق بين رعاياها لمجرد اقتناعها بأنه ليس هناك علاج للزنا «شأنه في ذلك شأن الموت». وكذلك أصبح الطلاق في محاكم العالم الرأسمالي المعاصر تحت رحمة الرجل. ونسي المشرع البورجوازي — ومعه الكنيسة — أن حبس المرأة لن يمنعها من ممارسة حقها الطبيعي في ممارسة الجنس، مهما أعطوا لهذا «الحق» من أسماء «غير شرعية»! ونسيت البورجوازية أكثر، أن تبحث عن الجذر الواقعي للطلاق … وهو الزواج! الزواج البورجوازي الذي بُني على أساس الفوارق الطبقية، وعدم التوافق الإنساني.

ولو شاء سلامة موسى أن يدقق النظر في التفاصيل الصغيرة المؤدية للطلاق١٠ لما انتهى إلى السبب الحقيقي الكامن خلف كل هذه المظاهر. «وعلى ذلك فإن هذه الحالات «الطلاق، البغاء، الزنا»١١ الملازمة للزواج تنعكس فيها بأمانة أصولها التاريخية، ويظهر بوضوح التنازع الحاد بين الرجل والمرأة الذي ينتج عن السيطرة المفرطة للرجل، ويعطينا هذا التنازع صورة مصغرة للتنازع والصراع في المجتمع المقسم إلى طبقات منذ بدء المدنية دون أن يستطيع حل هذا التنازع أو القضاء عليه.»

ولا شك أن هذه المظاهر المختلفة «الطلاق، البغاء، الزنا» تنخر في عظام المجتمعات العربية. ولكنا كثيرًا ما ننسى الجذور الدقيقة لمشكلاتنا. فإلغاء البغاء في مصر سنة ١٩٤٩م لم يكن إلغاءً علميًّا، بدليل أنه لا يوجد من يكابر بأن البغاء قد مُحِيَ بالفعل. وكان الأجدر بنا أن نناقش الظروف الموضوعية المحيطة بهذه الظاهرة، ثم ندرسها حسب منهج علمي، ونتقبل النتيجة النهائية بوعي. ولقد اقترح سلامة موسى، ذات يوم، أن نترك البغاء في مكانٍ ما ونلغيه في مكانٍ آخر، ثم نرصد آثار الإلغاء والإبقاء. ومع أن هذا الاقتراح يتفق والأسلوب التجريبي، إلا أنه لا يتفق مع الأسلوب العلمي في حل مشكلاتنا الاجتماعية. هذا الأسلوب الذي يتطلب — كما قلت — أن ندرس الظروف الموضوعية لوجود البغاء.

ولست أرى حدودًا حاسمة بين البغاء والزنا، إلا إذا كان الأخير يُمارَس في حدود أضيق من حدود الأول، وإذا كانت الأسباب المؤدية إلى الزنا — بالإضافة إلى العامل الاقتصادي — هي أسباب نفسية نتيجة «لعدم التوافق».

•••

ويذكر سلامة موسى (ص١٠٩) أن الشعائر الدينية في إنجلترا كانت تقتضي أن يقول القسيس للزوجة، في حفلة الزفاف: «يجب أن تطيعي زوجك»، ولكن هذه الجملة حُذفت؛ لأن كثيرًا من العرائس كنَّ يجبن على الأمر بقولهن «لا» فيُثرن الضحك بين المدعوين، والقسيس الإنجليزي لم يأت بالجملة من داخل ثيابه، وإنما أتى بها من الإنجيل الذي صوَّر في تعاليمه مجتمعًا مضى عليه عشرون قرنًا من الزمان. حيث كان «الوضع الطبيعي للزوجة أن «تطيع» زوجها، مهما كانت أوامره، أي تصبح «عبدة» لسيدها.»١٢

وحين قالت الأديان بالطلاق أيضًا، كانت تعبر عن هذه العبودية في شكلٍ آخر، هو «حرية» الرجل في «الانفصال» عن المرأة، إلا إذا كانت السيادة الاقتصادية في يدها، وحينئذٍ تصبح «العصمة» في يدها كذلك. ولكن هذه الأحوال النادرة التي تهب النساء هذا الحق ليست إلا تعبيرًا عن النظرية المضادة، وهي أن السيادة الاقتصادية الغالبة في مجتمعنا المعاصر في أيدي الرجال. ومن ثَم فهم «سادة الموقف». ولو تصورناها «مطلقة» السراح والحرية في مجتمع لا تملك فيه «ناصية اقتصادية» لوجب أن ننسى على الفور ما يترتب على الطلاق من آثار مروعة، ونلتفت — توًّا — إلى الجذور البعيدة للمأساة. والأسرة العربية ضربت رقمًا قياسيًّا في الطلاق؛ لأنه يتاح للرجل أن يرمي بزوجته في عُرض الشارع، لمجرد أنه ألقى عليها «اليمين» ربما في «غرزة حشيش»، أو «عشرة طاولة»، وهي في بيتها لا تعلم أنها أصبحت «حرامًا» على هذا البيت!

وليس معنى ذلك أن نمنع الطلاق — كما تفعل الكنيسة الكاثوليكية، ونضع رأسنا في الرمال كالنعامة — وإنما يجب أن نبحث ظروفه الجذرية، ونجرؤ على العلاج الجذري أيضًا.

والحديث عن أثر الدين في المجتمع يجرنا إلى ظاهرة «تعدُّد الزوجات» المتفشية في مجتمعنا. ويقول سلامة موسى (ص٢١): «لقد عمَّ الرق العالم القديم كله. ولذلك لا نجد كتابًا من كتب الدين إطلاقًا يمنع الرق.» لأن الدين غالبًا يتمثل في كهنته الذين يعنيهم في الكثير أن «يتجمد» الوضع القائم في قوالب حديدية سموها «تعاليم السماء» و«نواميس الله» وغيرها من الأسماء الكهنوتية. وبنظرة سريعة إلى تطور التاريخ البشري، نلحظ أن الرق كان بداية عصر «تعدد الزوجات»، فالمجتمع المشاعي الأول لم يكن قائمًا على «وحدة الزوج»، وإنما هو المجتمع العبودي الذي حط بمكانة المرأة، فنافست الإماء زوجات السادة، وأصبح شيئًا عاديًّا أن «يقتني» الرجل نساءً كثيرات.١٣

فإذا جاءنا كتاب ديني ليصور ذلك المجتمع البعيد، وجب أن ندرسه من هذه الزاوية التاريخية لا أن نطبق تلك القيم بصورةٍ آلية على حياتنا الحديثة، وكأننا نقوم بعملية انتحارية نهدف منها أن نزجَّ بقوام مجتمعنا الكبير داخل صناديق حديدية صغيرة لا تتسع إلا للدُّمى. فما كان يتسع لطفولة الجنس البشري، لا ريب أنه يضيق عليه في شبابه.

ونحن لا ننسى أنه يوجد بيننا «رجال دين»، أي كهنة، يرون من مصلحتهم البقائية «تجميد» مجتمعنا أو تحنيطه في تلك الأطر العتيقة. ولكن التقدم العلمي لا يتيح لنا أن نقبِّل هذه الأيدي وننحني لأصحابها، وإنما يجب أن ندفن الكهنة بصناديقهم في متاحف تاريخنا. فليس مما يتلاءم مع طورنا الصناعي الوليد — حيث تنال المرأة قدرًا من الحرية «الاقتصادية» — أن تبقى في هذا الوضع المهين!

إن المرأة الجديدة لن ترضى بهذا الهوان، وستعطل «النص» الكهنوتي بحركة ذاتية. لأن الرجل — في أزمة الرأسمالية المعاصرة — لن يقوى بدوره على ارتداء هذا الزي الأثري … زي هارون الرشيد!

يقول سلامة موسى (ص٣٦): «إننا نعامل المرأة في أيامنا بحكم التعاليم السحرية القديمة. وكل ما بيننا وبين أسلافنا الذين ماتوا قبل عشرة آلاف سنة أنهم كانوا يقولون إنها نجسة. وأما نحن فنقول إنها رقيقة لطيفة يجب أن نربأ بها عن مفاسد المجتمع. والنتيجة واحدة في الحالين، وهي استبعادها عن النشاط الاجتماعي والثقافي والإنساني.»

وهذا صحيح، وإن كانت «النجاسة» في مفهوم المجتمع القديم، لم تتعلق بالدم كما يرى سلامة؛ لأن التفسير العلمي للحجاب هو الإحساس الجديد بالمِلكية. ففي المجتمع المشاعي — حيث العلاقات الجنسية غير مقيدة — لا نجد الحجاب. وإنما وُجِدَ — لأول مرة — مع ميلاد المِلكية الفردية. فالنجاسة هناك «اقتصادية»١٤ في الأغلب «كما بدأ انتشار ستر العورة كطريقة صريحة لامتلاك النساء.»١٥ بالرغم من أن سلامة موسى يرى أن ستر العورة كان عملية تزيين مثيرة للجنس، وهذا صحيح أيضًا، ولكن هذه الزينة المثيرة نفسها لم تبدأ إلا مع إحساس المرأة بحاجتها «الاقتصادية» للرجل، فلم يصبح ساعداها، وإنما جسدها، مركز الإغراء.

ولما كانت الفروق التي حدثت للمجتمع الإنساني، بعد تطوره من العبودية إلى الرأسمالية المعاصرة، لم تصنع تغييرًا حاسمًا لمركز المرأة، فإن جسدها ظل بؤرة إغرائها للرجل … أو لمستقبلها الاقتصادي، ولذا بقي «الحجاب» و«الفصل بين الجنسين» و«الثأر للشرف» … كرواسب حية نامية على العمود الفقري للنظام الطبقي، الممتد من بداية المجتمع العبودي حتى مجتمعنا الرأسمالي الحديث.

ومن الخطأ أن نتوهم «الحجاب» برقعًا على وجه المرأة، أو جدارًا بينها وبين الحياة، لأن هذا الحجاب، في واقع الأمر، يحجب الرجل كالمرأة تمامًا، وما ألوان الشذوذ الجنسي إلا إفراز طبيعي للحجاب القائم بين الرجل والمرأة الجديدة، وقد خلعت النقاب الأسود عن وجهها، ولكن ما زال هذا النقاب يغطي عقلها وذهنها، وليس غريبًا أن يشترك عقل الرجل وذهنه معها في هذا الحجاب.

والحجاب السيكولوجي، الذي يتبرقع به الرجل والمرأة على السواء، أبشع أنواع الحجاب؛ لأنه حجاب من الداخل.

والحجاب — في النهاية — ليس جدران الحريم، ولا البراقع السود، وإنما هو نظام اجتماعي بأكمله، ينتصب واقفًا بين الرجل والمرأة، فلا يرى أحدهما الآخر … ولا يفهمه … ولا يحبه. ومن هنا تنشأ الجريمة، والثأر، وتحريم الاختلاط، وكافة المظاهر الأخرى.

ومن أعماق هذا الظلام الأسود يصيح سلامة موسى (ص٧٠) بأننا «يجب أن نذهب إلى أبعد مما ذهبت إليه المرأة في أوروبا وأمريكا، أي يجب أن ندفع المرأة إلى الآفاق الإنسانية، كما تُدفع الأمة إلى الانتقال من حضارة الزراعة إلى حضارة الصناعة. وفي هذا الانتقال وحده نجد ما سوف يريحنا من صداع المناقشة عن حقوق المرأة وواجباتها؛ لأنه هو الذي سيحقق هذه الحقوق والواجبات.»

بمعنى أن علاقات الإنتاج الصناعي الجديد لن تقف عند حدود القيم القديمة، وإنما ستخلِّف بدورها قيمًا جديدة، تسهم مع المرأة في تغيير مكانتها الاجتماعية.

ولا يفوتنا بالطبع أن هذه المكانة لا ترتفع — على أحسن تقدير — فوق مكانة عقود الرأسمالية مع العمال، فالعامل يدخل المصنع بموجب «عقد عمل» يوقَّع «اختياريًّا»! بينه وبين صاحب العمل. ولكن القانون لم يضع في اعتباره السلطة التي يملكها أحد الطرفين — وهو الرأسمالي — وما يتبعها من ضغط وإكراه وبقية صور الاستغلال، فإذا اضطُرَّ العامل إلى التنازل عن أبسط مظاهر المساواة، فإن هذا لم يخطر ببال المشرع.

وهكذا الأمر تمامًا بالنسبة ﻟ «عقد الزواج» في المجتمع الرأسمالي١٦ فالنظم القانونية الحديثة تعترف أكثر فأكثر بأن الزواج يجب أن يتم برغبة الطرفين حتى يكون مثمرًا، وأن حقوق وواجبات الزوجين أثناء الزواج يجب أن تكون متساوية، فإذا نُفِّذَ هذان الشرطان بدقة، تكون المرأة قد حصلت على «كل ما تريده». ولمَّا كان «من المستحيل» أن تحدث المساواة الحقيقية بين الجنسين إلا إذا تغيَّر النظام الاجتماعي، فإن القوانين المذكورة تصبح شعارات فارغة ليس أكثر ولا أقل.

وأزمة المرأة الرأسمالية هذه، عبَّر عنها برنارد شو جيدًا حين نادى بإنشاء «وزارة العائلة». ومن البديهي ألا يدعو أحد المفكرين إلى هذه الخطوة إلا إذا أحس بحاجة المجتمع إليها. والمجتمع الذي يحتاج إلى وزارة العائلة يثبت في نفس الوقت أن التركيب العائلي في الجهاز الاجتماعي «مختل»، ويجب تنظيمه. وقد كتب برنارد شو رواية «مهنة مسز وارين» مصوِّرًا هذا الخلل، فقد وصلت ابنة مسز وارين إلى مرتبة عالية من التعليم، وهي لا تعرف أن مصروفاتها الدراسية من «عرق» أمها الذي يحترق كل ليلة على فراش الرجال!

ولا شك أن دعوة شو الثانية — والتي كانت امتدادًا لدعوة نيتشه — في أن يقتصر التناقل على ذوي الصفات الحسنة من الجنسين، تلتقي مع أحدث اكتشافات علم اليوجينيا في تقريره بأنه يمكن الحصول على الأجيال الجديدة الممتازة عن طريق تشجيع التناسل بين الممتازين، وتعقيم ذوي الصفات السيئة «مع عدم منعهم من الزواج». ولكن هذا الرأي — الذي يتمشَّى مع القوانين العلمية — يبدو قاصرًا من الناحية العملية، إذا أريد تطبيقه على المجتمعات الرأسمالية. ولهذا يقول سلامة موسى (ص٧٠): «صحيح أن المرأة الأوروبية والأمريكية قد أصبحت تشارك الرجل في تمكينه من مسئولياته الاجتماعية والإنسانية، ولكنها مع ذلك لم تبلغ مستواه. وقد أتاح استخدام القوة الكهربائية في المنزل الأمريكي نشاطًا اجتماعيًّا عظيمًا للمرأة الأمريكية؛ لأن واجبات البيت لم تعد ترهقها كما هي الحال عند المرأة المصرية، بل أحيانًا المرأة الأوروبية أيضًا. ولكن التراث القديم الذي ورثته المرأة في أوروبا وأمريكا، من رعاية الرجل وسيادته، لا يزال قائمًا تتفاوت درجاته فقط عندهم كما عندنا.»

وما ورثته المرأة الأمريكية من «عبودية» للرجل لم يكن إلا بقايا تركة عهد الرق، «والذي حمل الأمريكيين على إلغاء الرق هو، إلى جنب أشياء أخرى، الارتقاء في اختراع الآلات التي أخذت مكان العبيد في الإنتاج» (ص٢٢). ومن ثم تغيَّرت علاقات إنتاج، وتطور — بالتالي — مركز المرأة.

وعلى هذا الضوء يمكن أن نرى عبودية المرأة العربية، التي هي تركة المجتمع القديم. ويذكر سلامة موسى (ص٢٢) «أن تفشي الإماء في الأمة العربية، حطَّ من شأن المرأة كثيرًا، ذلك أن الزوج أصبح يقتني الجارية التي تمتاز على زوجته بالجمال والشباب، ولذلك كانت هذه الزوجة تخضع الخضوع المطلق له. إذ هي كانت توقن أن المحل الأول في قلبه ليس لها، وما دام الشأن كذلك، فإن المحل الأول في البيت ليس لها أيضًا. وكثيرًا ما كانت تحمل الجارية وتلد، فتعود زوجةً لها حقوق الزوجات. واحتقار الرجل لجاريته كان ينتقل بالمحاكاة السيكولوجية إلى زوجته الحرة، ثم يعم الشعب كله احتقار المرأة». ومع أن هذا التفسير على جانبٍ من الصواب إلا أن القول بالمحاكاة السيكولوجية، كسبب لاحتقار المرأة العربية القديمة، يتنافى مع قولنا إن «الاستكانة» الاقتصادية، هي السبب الحقيقي. وبغير الحصول على الجواري كانت المرأة هذا الكائن «الضعيف اقتصاديًّا» ما دامت أدوات الإنتاج في أيدي الرجال وحدهم. ويؤكد سلامة موسى نفسه هذا الرأي حين يقول (ص٢٢) إن «احتقار المرأة أيام الرق لم يكن يختلف عن احتقار الزنوج أيام الرق أيضًا» والمعروف أن عبودية الرقيق واحتقارهم، كانا على أساس وضعهم الاقتصادي.

واحترامنا للمرأة ينبع من صميم كيانها الاقتصادي. وقد كان مقياس جمال المرأة الصينية هو «صغر» قدميها، فكانت تُوضَع القدمان في أحذية حديدية منذ الصغر حتى لا تكبر! ولكن هناك سببًا آخر لسجن أقدام الصينيات، فقد كانت «النظرة الإقطاعية» للمرأة هي أنها «متاع» للرجل، ولذا كان التفكير في «تحجير» قدميها مبعثه أن تظل فوق الفراش لا تغادره، مفتوحة الساقين في وضع جنسي.

ويعلق سلامة (ص٧٨): «أليست هي سيدة مخدرة قد وقفت حياتها على خدمة زوجها في السرير؟ أليست هي ثرية لها خدم ينقلْنَها من مكانٍ إلى مكان؟ إن الطبيعة أخطأت في تزويدها بقدمين!»

فإذا انتقلنا إلى المجتمع البورجوازي، لاحظنا الطموح والفردية في ميدان الاقتصاد، يشكلان النظرة الرومانسية — من جانب هذا المجتمع — للمرأة؛ أي إنها ليست «متاعًا» هنا، وإنما هي ملاك شفاف وروح هلامية، يجثو لها الحبيب تحت قدميها، وتَطفِر من عينيه الدموع نهارًا والأحلام ليلًا، فهي إذَن «لعبة البيت» والدمية الجميلة المدللة.

ولقد تبدَّل «حزام العفة الأوروبي» الذي كان يضمن لرجل القرون الوسطى أن زوجته لن تخونه، تبدَّل بحزام جديد كبير، الفرق بينهما أن الأول من حديد والثاني من حرير.

وأصبح احترامنا للمرأة العربية أن «نحوطها بجدران البيت. فلا تخرج منه طول عمرها … من ليلة العرس إلى ليلة المأتم» كما يقول سلامة (ص٣٩).

وبينما كان الواجب الأول أمام مفكرينا هو الإسهام في تغيير هذه المفاهيم من جذورها، ابتلينا — في القرن العشرين — بمن يصف المرأة باللؤم، ويعقد بينها وبين «الحية» مقارنة عادلة!١٧
ولو تلفَّت أصحاب هذه السموم إلى الوراء — منذ ثمانية قرون — لرأوا الفيلسوف ابن رشد يقول: «يجب على النساء أن يقمن بخدمة المجتمع والدولة قيام الرجال … وإن الكثير من الفقر والشقاء يرجع إلى أن الرجل يمسك المرأة لنفسه، كأنها نبات أو حيوان أليف، لمجرد متاعٍ فانٍ. بدلًا من أن يمكِّنها من المشاركة في إنتاج الثروة المادية والعقلية، وفي حفظها».١٨

ويتضح هنا أن ابن رشد، وابن حزم في دعوته إلى الحب الناجح بين الجنسين، كلاهما عبَّرا عن مجتمعهما الرجعي تعبيرًا تقدميًّا «ثوريًّا»، بينما نجد الرافعي وأمثاله عبَّروا عن مجتمعهم — المتقدم نوعًا — تعبيرًا جامدًا خلفيًّا.

وكافة المبررات التي يقصد بها مفكرونا أن يلقوا بالعبء على المرأة نفسها، هي اتهامات لهؤلاء المفكرين. فلقد نسوا أن الحجاب القائم بين المرأة وتقدمها، وبينها وبين الرجل، هو من صنع قوى ضخمة مستقلة عن إرادة المرأة ورغبتها في هذا التقدم. فالاستبداد الداخلي يرى المرأة متاعًا للذة، وليس عاملًا في الإنتاج. والاستعمار يؤيد — بعنف — بقاءها في الحريم، حتى لا تصبح عاملًا في التقدم، وقادة الرأي فينا — من جانبٍ ثالث — لا يرون ولا يسمعون … ولا يتكلمون!

ويتساءل سلامة موسى في أسًى (ص٨١): «ألم نعرف في مصر أن الناظرة الإنجليزية لمدرسة السنية الابتدائية كانت تحتم على تلميذاتها اتخاذ البرقع، في حين كان قاسم أمين يدعو إلى إلغائه؟ لماذا كان يفعل الاستعمار ذلك؟»

ولا مجيب! حتى إننا «وصلنا بأوضاعنا الاجتماعية ومركباتنا التاريخية إلى أن صرنا نعامل المرأة المصرية كما كان الاستعماريون يعاملوننا حين كانوا ينكرون علينا حق الحكم النيابي، بل كما يعاملون الآن الزنوج وينكرون عليهم هذا الحق أيضًا في أفريقيا وآسيا وأمريكا» (ص٦٢).

ولو كان مفكرونا على وعي بالظروف الموضوعية المحيطة بمجتمعنا، لتوصلوا إلى أنه من الخير أن يهتموا بطاقاتهم الخلَّاقة في إيجاد نظام اجتماعي جديد مغاير في أسسه قواعد نظامنا الراهن، وسيتغير مضمون «المرأة» في أذهاننا، بطريقة تلقائية.

ولقد نجح أكثر من نصف العالم في الانتقال إلى طورٍ جديد من أطوار التاريخ البشري. وهذه المرحلة الوافدة هي المرحلة الاشتراكية في الاقتصاد والاجتماع على السواء، إذ إن أدوات الإنتاج التي كانت تملكها طبقة فحسب، أعيدت — أو في سبيل إعادتها — إلى القوى المنتجة … للرجل والمرأة جميعًا. ولا شك أن العلاقات الإنسانية بين أفراد المجتمع الجديد ستعاد صياغتها وفقًا لقاعدة هذا المجتمع ونظامه الاقتصادي. وسيختفي ذلك الوضع الشاذ — وهو سيطرة الرجل على المرأة — بدخول المرأة ميادين الإنتاج. إذ تنتفي الدوافع التي كانت سببًا في سيطرة الرجل. ويتساءل إنجلز في كتابه عن أصل العائلة: إذا كان التغيير الاجتماعي المقبل سيحول الثروة «المتوارثة» إلى المِلكية الاجتماعية، سيكون ذلك سببًا في إلغاء كل القلق من أجل الميراث. وحيث إن الزواج قد ظهر نتيجة أسباب اقتصادية، فهل يختفي الزواج باختفاء تلك الأسباب؟

ويجيب، بأن الصحيح، هو أن الزواج، بدلًا من أن يختفي، «سيبدأ» البداية الحقيقية — لأول مرة — في تاريخ الإنسان، لأن تحوُّل وسائل الإنتاج إلى الملكية الجماعية لن يخلق «العمل الأجير»، وتختفي باختفائه ضرورة وجود عدد معين من النساء يبعن أجسادهن بالمال؛ أي سيختفي البغاء. وبدلًا من اختفاء الزواج، سيصبح أخيرًا حقيقة ناصعة بالنسبة للرجال. ولذلك فإن وضع الرجل سيعتريه تغيير ملحوظ، وكذلك وضع المرأة. وتصبح تربية الأطفال، أمرًا يهم المجتمع الذي سيُعْنَى حينئذٍ بكل الأطفال، بغض النظر عما إذا كانوا شرعيين، أو غير شرعيين. ذلك لأنه ستمحى هذه اللافتة: «علاقة غير شرعية» كما أن الخوف من «النتائج» الذي يُعتبَر اليوم أهم دافع خلقي واقتصادي يمنع الفتاة من أن تمارس علاقاتها العاطفية بحريةٍ تامة مع الرجل الذي تحبه، هذا الخوف سيتبدد.

وإذا اعترض أحد: «ولكن ألن يكون ذلك كافيًا للتوسع التدريجي في العلاقات الجنسية ونمو رأي عام أكثر تساهلًا فيما يتعلق بعذرية الفتاة وخجل المرأة، وهل يستطيع البغاء أن يختفي دون أن يأخذ معه الزواج؟»

أجبنا: إن العكس هو الصحيح، فهناك عامل جديد ظهر إلى الوجود، وهو كفيل بحفظ الروابط الاجتماعية، وهذا العامل هو «الحب الجنسي».

والحب الجنسي ليس شيئًا جديدًا، ففي العصور الوسطى كانت تنمو العواطف المتبادلة بين أحد الزوجين وشخص خارجي، ولكن في ظل «الزواج» كانت تُعتبر العلاقة «غير شرعية». وهذه هي الثغرة الواسعة بين هذا النوع من الحب الذي يستهدف تحطيم الزواج، وبين الحب — في المجتمع الجديد — الذي يهدف إلى أن يكون أساسًا للزواج. وبذلك يصبح السؤال هو ما إذا كانت العلاقة الجنسية مبنية على حب أم لا، بصرف النظر عن شرعية العلاقة أو عدم شرعيتها، بل إن الحب في حقيقة الأمر سيصبح الشهادة الصحيحة لمشروعية العلاقة الجنسية.

ويقول ماركس: «إذا كان من واجب الزوجين — كما تحتم وصايا المحبة القديمة — أن يحبا بعضهما البعض، أفليس من واجب الحبيبين أن يتزوجا بعضهما البعض وليس أي إنسان آخر؟ أفليس حق هؤلاء المحبين أقوى من حق الوالدين والأقارب وغيرهم من سماسرة الزواج؟»

وبالرغم من أن المجتمع البورجوازي قد «منح» المرأة حرية التعاقد على الزواج، فإن ذلك لم يصبح عمليًّا يومًا، إلا من الزاوية الأخلاقية فحسب. ولكن الحرية الموضوعية في اختيار الزوجين لبعضهما البعض، لن تصبح ممكنة في ظل الإنتاج الرأسمالي وعلاقات الإنتاج المؤسسة على قاعدته، ومن ثم تزول الاعتبارات الاقتصادية التي تسهم بشكل أو بآخر في اختيار شريك — أو شريكة — الحياة. وعندئذٍ لن يكون للزواج أية دوافع تَفضُل التجاوب العاطفي. ولما كان الحب مانعًا للخيانة بطبيعته «ولو أن هذه المناعة تتحقق الآن بالنسبة للمرأة فقط» فسيكون الزواج المؤسس على الحب الجنسي زواجًا صحيحًا بطبيعته كذلك. وعندما تختفي الاعتبارات الاقتصادية التي اضطرت النساء إلى قبول خيانة الرجل، وحين تسهم المرأة في الإنتاج ينتهي قلقها بشأن كسب عيشها ومستقبل الأطفال، وتصبح رغبة الرجل في الزواج أقوى من رغبة المرأة في تعدد الأزواج، وتصبح المرأة مساوية حقًّا للرجل.

وإذا كان الزواج المؤسس على الحب زواجًا أخلاقيًّا، فإن الزواج الذي يستمر فيه الحب هو الزواج الأخلاقي بحق، وحيث إن دوام حيوية الحب يختلف بتباين الأفراد، وتكوينهم الإنساني، فإن زوال الحب يجعل الانفصال — الطبيعي — نعمة لا شك فيها للزوجين والمجتمع على السواء.

والمجتمع الجديد وحده هو الذي سيحدد طبيعة العلاقات الجنسية بين أفراده. إنه المجتمع الوحيد الذي لم تسنح لرجاله فرصة شراء المرأة بالمال أو بأي وسيلةٍ أخرى من وسائل السيطرة الاجتماعية، ولن تخاف المرأة حينئذٍ أن تمارس عواطفها الجنسية مع من تحب خشية النتائج الاجتماعية.

وبهذا وحده تتحقق «إنسانية» المرأة، ولا تبقى أنوثتها «نقطة ضعف»، وإنما تتحول إلى عنصر إنساني في صميم جوهرها البشري.

•••

إن سلامة موسى في كتابه العظيم «المرأة ليست لعبة الرجل» لم يرسم مدينة الأحلام القادمة، لأنها ليست حلمًا، وإنما هي «واقع حقيقي» تراه البصيرة العلمية في غير صعوبة أو مشقة. ذلك «أن أعظم ما يفسد التفكير السليم هو هذه العادات الذهنية والتقاليد الاجتماعية والثقافية والمكاره والانحرافات التي تحيل القيم البشرية إلى قيم اجتماعية. فبدلًا من أن نقول: هنا إنسان مصري له حق الإنسانية في النمو الذهني والحرية المدنية وحقوق الإنسان العامة، بدلًا من هذا نقول: هذا المصري شرقي له تقاليد يجب أن يخضع لها ويتقيَّد بها. وكأننا ننسى أننا قبل أن نكون شرقيين أو غربيين، ومصريين أو ألمانًا، إنما نحن بشر لنا حقوق البشرية العامة. لذلك يجب أن تكون القيم الأخلاقية والاجتماعية بشرية، قبل أن تكون مصرية أو إنجليزية أو هندية أو صينية. إنسان من البشر له حقوق البشر. وما دامت المرأة إنسانًا، فإن لها الحق في أن تحيا حياة الإنسان» (ص٦٣).

ولذا رأى سلامة موسى — لو أنه كان دكتاتورًا — أن يشترط على كل فتاة تُرشَّح للزواج، أن تكون قد عملت وكسبت من عمل حر أو وظيفة حكومية خمس سنوات على الأقل «بل أزيد على هذا أن هذه السنوات الخمس يجب أن تُمضَى، سواء في مكتب أو متجر أو مصنع، مع الرجال» (ص٧٦).

ثم يوجِّه حديثه إلى المرأة العربية (ص١٠): «قارني بين المرأة المخدرة التي تلازم بيتها وتتبرج لزوجها، وبين المرأة المنتجة العاملة. الأولى انفرادية تحمل في نفسها جميع المساوئ التي تنشأ من الأنانية الانفرادية، فضلًا عن تجديد ذهنها بالمحظورات والمحرَجات. أما الثانية فاجتماعية تحمل في نفسها جميع الفضائل، وأولها حرية التفكير وحرية التجربة وحب الخير العام. إن الفضيلة مثل الذكاء، عادة اجتماعية. إذ ليس معنى الصدق أو الخير العام، أو الإنسانية أو الشهامة أو الشجاعة، إلا فيما يصل بيننا وبين المجتمع.»

ولكني أرى سلامة موسى قد جانب التوفيق حين رأى بين دلائل المساواة في المجتمعات الأوروبية، أن المرأة تشترك في القضاء حيث تختص بالنظر في شئون الزواج والطلاق والأطفال (ص٨١) «ولذلك نحن ننتفع بوجودها على منصة القضاء. ننتفع في الفهم والعدل؛ ذلك لأن فهم الرجل لهذه الشئون هو فهم متحيز. وكذلك فهم المرأة لها هو فهم متحيز. وإنما نجد العدل الصادق عندما نجمع بين الفهمين.»

والحق أنه ليس إلا «عدلًا برجوازيًّا» إن شئنا الدقة في التعبير؛ لأنه ليس عدالة حقيقية، بقدر ما هو إبراز للتناقض الاجتماعي. إذ كلما اختلفت وجهات النظر بين الرجل والمرأة في «شئون المرأة نفسها» فهمنا الاختلاف الموضوعي بينهما. وما «الجمع بينهما على منصة القضاء» إلا محاولة للتوفيق بين المتناقضات، وهي محاولات غير مجدية. وفي ظل المجتمع الاشتراكي يفهم الرجل شئون المرأة، وتفهم المرأة شئون الرجل، بنفس القدر والتساوي؛ لأن كليهما ينظران للأمور من خلال منهج علمي واحد. ووجود المرأة على منصة القضاء في المجتمع الاشتراكي إذا حدث في المراحل الأولى لتطور المجتمع فإنه يصبح وجودًا طبيعيًّا، بينما وجود المرأة البرجوازية في المحكمة «مفتعل» لمجرد «معرفة رأيها في الموضوع»!

وهذا هو الفرق بين المجتمع الذي ننشده، ومجتمعنا الراهن الذي يسجن المرأة بين جدران أربعة بدعوى الفضيلة، «بينما يجب أن نذكر أن المرأة إنسان. وليس البيت أو الوظيفة، وليس العلم أو الأدب، وليست الأخلاق العالية سوى وسيلة للحياة. ولذلك قد يجوز لنا أن نقول إن البيت للمرأة، ولكن لا يصح العكس» (ص٧٧).

ثم يقول سلامة موسى (ص٦٥): «ويجب علينا ألا نقنع بالنظرة الذكية لمستقبلنا. إذ يجب أن نتجاوزها إلى النظرية العبقرية. لم يعد السعي الحثيث المثابر يكفينا، إذ يجب أن نَثِب الوثبة العالية، ونطير ونحلق، ويجب ألا نقنع بالمستوى العالي الذي وصلت إليه أوروبا، إذ يجب أن نتجاوزه إلى ما هو أعلى منه. ذلك لأننا قد تخلَّفنا، بفضل المستعمرين الأجانب والمستبدين، التخلف العظيم الذي يقتضينا الوثوب والسرعة والطيران.»

أي إن الرجل لا يدعونا إلى التطور التدريجي، وإنما إلى الطفرة الثورية.

١  راجع «مقدمة السوبرمان»، ص٢٧.
٢  بطلة مسرحية «بيت الدمية» لإبسن.
٣  اشترك إنجلز في تأليفه عام ١٨٤٦م ونشرت الترجمة الإنجليزية عام ١٩٣٩م.
٤  عنوان الفصل: «في تشريك البنات مع الصبيان في التعلم والتعليم وكسب العرفان.»
٥  يقول ماركس: إن العائلة الحديثة «تحتوي» ذرية من العبيد ومن رقيق الأرض؛ لأنها مرتبطة منذ البداية بالعمل الزراعي، وتحتوي العائلة في داخلها على كل الصراع الذي تطور بعد ذلك على نطاقٍ أوسع.
٦  إنجلز، أصل العائلة.
٧  المصدر السابق.
٨  كانت الأسرة الأبوية في سبيلها للظهور، بل من الممكن أن تكون قد ظهرت، ولكن الانتساب للأم ظل سائدًا فترة قصيرة كأية رواسب اجتماعية أخرى.
٩  راجع «أصل العائلة».
١٠  كتلك التي نقرؤها يوميًّا في الصحف مثل: دمامة الزوج، كبر سنه، عدم إنجاب الأطفال، علاقة غير شرعية … إلخ.
١١  راجع «أصل العائلة».
١٢  ويذكر الإنجيل صراحةً أن الرجل سيد المرأة. راجع رسالة بولس إلى تيموتاوس، ص٢. ع١٢.
١٣  يُلاحَظ أن بعض كتب الدين ذكرت أن بعض الأنبياء أنفسهم كانوا يتزوجون العديد من النساء في وقتٍ واحد، وذكرت التوراة أن داود النبي تزوج مائة امرأة، وأن سليمان ابنه تزوج أكثر من هذا العدد.
١٤  في مصر مثل شعبي يقول: «اليد البطالة نجسة.»
١٥  إنجلز.
١٦  ظن المشرع الإنجليزي A. S. Main أنه توصل إلى اكتشاف عبقري حين قال: «إن التقدم الذي أحرزه المجتمع الحالي، إذا ما قارناه بالأزمنة القديمة، يتلخص في أننا خرجنا من الأوضاع القديمة إلى العقد، ومن حالة موروثة في الحياة العملية إلى حالة يتعاقد الناس عليها اختياريًّا.»
١٧  يقول مصطفى صادق الرافعي: «قيل لحَيَّة سامة: أكان يسرك لو خُلِقْت امرأة؟ قالت: فأنا امرأة غير أني سمِّي في الغابة وسمُّها في لسانها» راجع «أدب الرافعي» للدكتور نعمات فؤاد.
١٨  دي بور، فلاسفة المسلمين، ترجمة محمد أبو ريدة.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤