الفصل الرابع

عصر دراكون

نظام دراكون
هذا مع الإيجاز النظام الأول، ولكنه لم يمضِ زمن طويل حتى وضع دراكون قوانينه حين كان١ أرستوكموس في منصب الأركون، وهذا موجزها:
لم يكن يستمتع بالحقوق السياسية إلا القادرون على أن يشتروا أسلحتهم، وهؤلاء كانوا ينتخبون التسعة الذين يشغلون مناصب الأركون والحفظة الذين يقومون على حفظ خزائن الدولة، وكان يُشترط لانتخابهم أن تكون لهم ثروة تعدل عشرة أمناء٢ خالية من كل دين، وكانوا ينتخبون من دونهم من الرؤساء على أن يكونوا قادرين على أن يشتروا أسلحتهم، أما الاستراتيجوي٣ والهيباركوي٤ فكان يجب أن يملك كل واحد منهم ثروة لا تنقص عن مائة منا خالية أيضًا من الدين، وأن يعلن أن له ولدًا مشروعًا قد نشأ من زواج مشروع لا تقل سنه عن عشر سنين.

كل هؤلاء الرؤساء كانوا خاضعين قبل أن يؤدوا حسابهم لمراقبة البروتانوي ولمراقبة الاستراتيجوي والهيباركوي الذين قاموا بأعمالهم في السنة الماضية، وكان الذين يراقبون الحساب من نفس الطبقة التي كان يُنتخب منها الاستراتيجوي والهيباركوي.

أما مجلس الشورى فكان يتألف من واحد وأربعمائة عضو يُنتخبون بالاقتراع بين الذين يتمتعون بالحقوق السياسية، وكان لا بد قبل أن يتقدم واحد للانتخاب في مجلس الشورى أو في غيره من الأعمال أن يكون قد جاوز سن الثلاثين، ولم يكن سبيل إلى أن يُنتخب أحد لهذه الأعمال مرتين إلا بعد أن يتقدم جميع من هم أهل للانتخاب، وأن تظهر نتيجة الاقتراع، ففي هذه الحال يُستأنف الاقتراع بين جميع الأسماء.

فإن تخلف عضو من أعضاء مجلس الشورى عن جلسات هذا المجلس أو عن جلسات جماعة الشعب قُضي عليه بغرامة قدرها ثلاثة دراهم٥ إن كان من الذين يملكون خمسمائة مديمنوس،٦ ودرهمان إن كان من طبقة الفرسان، ودرهم إن كان من طبقة٧ الزوجيتاي.

وكان مجلس الأريوس باجوس حارس القوانين يسهر على أن يقوم كل عامل بعمله غير مخالف للقوانين ولا مناقض لها، وكان لكل عضو من أعضاء الدولة أصابه جور من بعض عمالها أن يتهمه أمام مجلس الأريوس باجوس على أن يبين القانون الذي خالفه هذا العامل والمظلمة التي أصابته، ولكن الفقراء كما قدمنا كانوا خاضعين للقهر البدني إذا عجزوا عن أداء الدين، وكانت الأرض في يد طبقة قليلة من الناس.

١  أي سنة ٦٢٤ق.م.
٢  جمع منا، ذكر القاموس أنه كيل أو ميزان، وقد استعملناه هنا لترجمة لفظ يماثله في اليونانية إلا أن ميمه ساكنة وألفه تتغير للإعراب، وهو باليونانية وزن يعدل ٤٤٠ جرامًا، ونقد يعدل في الفضة مائة درهم، وفي الذهب عشرة أمثال هذا المقدار.
٣  جمع استراتيجوس ومعناه قائد الجيش، والفرق بينه وبين البوليماركوس سيظهر في أثناء الكتاب، ومعنى استراتيجوس منظم الصفوف أو مدبر الأعمال الفنية في الحرب، أما البوليماركوس فمعناه اللغوي رئيس الحرب، وسترى أن البوليماركوس قد سُلب قيادة الجيوش ووكل بالغرباء، ومُنحت هذه القيادة للاستراتيجوي الذين كانوا في أول الأمر أربعة، ثم أصبحوا عشرة حين تغيَّر عدد القبائل كما سترى.
٤  جمع هيباركوس رئيس الخيل يراد به قائد الفرسان.
٥  استعملنا لفظة درهم لترجمة لفظ الدراكما اليوناني لما بينهما من التقارب لفظًا ومعنى، وقد كان الدراكما اليوناني يزن أربعة جرامات وخمسين ومائتي ملليجرام من الفضة، وكانت قيمته تُقارب قيمة الفرنك الفرنسي.
٦  مقدار يعدل اثنين وخمسين لترًا.
٧  هم الذين كانوا يملكون المحراث وما يجره من الثيرة وأرضًا يزرعونها، وكانوا أفقر الطبقات المالكة، تثمر لهم أرضهم نحو مائتي مديمنوس في السنة.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤