البحث عن «جلجل»

اجتمع «المغامرون الخمسة» كالمُعتاد، وأخذوا يستمعون إلى «لوزة» التي حكت لهم عن زيارة «جلجل» في الصباح، وما حدث للشاويش عندما قرأ الشعر الذي كتبه «تختخ» في مفكرة «جلجل».

وطلبت «لوزة» من «تختخ» أن يعترف للشاويش أنه هو الذي كتب الشعر فقال «تختخ»: نعم سأعترف يومًا، ولكن على «جلجل» أن يتحمَّل غضب عمه، عقابًا له لأنه يخبر عمه بكل شيء عنا.

أما الشاويش فقد ظل ينتظر «جلجل» ساعة الغداء، فلما لم يَعُد اضطرَّ للغداء وحده ثم نام، واستيقظ في السادسة مساءً، ولم يكن «جلجل» قد عاد بعد، فأحسَّ الشاويش بالقلق، وأقسم أن يعاقب «جلجل» على هذا التأخير عقابًا شديدًا.

تذكر الشاويش أنه يجب أن يذهب للتحقيق في إحدى الشكاوى، فخرج بعد أن هبط الظلام بقليل، وأخذ يسير، وقد أحنى رأسه يفكر، وقربَ مسكن «عاطف» أشعل بطاريته لأن المكان مظلم نوعًا، وعلى ضوء البطارية شاهد زرًّا يلمع، ولما كان جمع الأزرار من هواياته، فقد انحنى وأخذه، وكم كانت دهشته أن وجد به قطعة قماش تذكَّر على الفور أنه رآها ضمن الأدلة التي كانت مع «جلال» ابن أخيه. استمرَّ الشاويش يُسلِّط بطاريته على الأرض فرأى عقب السيجارة النادرة، ثم قطعة القلم الرصاص، فأدرك أن «جلجل» كان في هذا المكان، وإن كان لم يَعثُر على كل الأدلة، ولكن الشكوك ملأت رأس الشاويش، فظن أن المغامرين الخمسة يضحكُون عليه مرةً أخرى، ويضعون الأدلة في طريقه لتدبير مقلب جديد، فقرَّر أن يمرَّ على منزل «عاطف» القريب ويشكوه إلى والديه.

اتجه الشاويش إلى منزل «عاطف»، ولكنه علم من الشغالة أن الوالدين قد خرجا، وإن كان «المغامرون الخمسة» في البيت.

ودخل الشاويش إلى الغرفة حيث اجتمع الأصدقاء، وألقى بالأدلة التي عثر عليها أمامهم قائلًا: هذه حيلةٌ أخرى من حيلكم، تضعون هذه الأشياء في طريقي … إن هذا لعب أطفال، وأنا لست طفلًا!

أمسك «تختخ» بالأدلة يُقلِّبها في يده ثم سأل الشاويش: ولكن أين «جلجل» يا حضرة الشاويش؟ إننا لم نره طول اليوم.

قال الشاويش بغضب: إنني أيضًا لم أره، وأنا متأكدٌ أنكم أخفيتُموه في مكانٍ ما لتُثيروا قلقي وحيرتي.

تختخ: صدقنا يا حضرة الشاويش أننا لم نره فعلًا طول النهار، لقد حضر وقابل «لوزة» ثم انصرف ليعود إلى البيت، ولم نرَه مرةً أخرى.

أحس الشاويش أن «تختخ» يقول الصدق، وشعر بالحيرة، وسأله «تختخ» مرةً أخرى: كل ما نرجُوه أن تساعدنا في البحث عن «جلجل»، فأين عثرتَ على هذه الأدلة؟

الشاويش: في شارع «الأزهار» بجوار منزل «عاطف»، إنني في منتهى القلق، وسوف أسرع بالاتصال تليفونيًّا بأم «جلال»، فقد يكون قد هرَبَ لأنني قسوت عليه.

قال «تختخ»: ابقوا جميعًا هنا، سأخرج وحدي مع «زنجر» لأبحث عن بقية الأدلة في شارع «الأزهار».

وخرج «تختخ»، وأضاء بطاريته، وظل يسير باحثًا عن بقية الأدلة حتى عثر عليها، فوقف يسأل نفسه بعمق: ترى أين ذهب «جلجل» هل هرب؟

لم يَعُد «جلجل» طول الليل، وظل الشاويش ساهرًا حتى الصباح يفكر، وقد امتلأ رأسه بالأفكار السوداء، هل هرب «جلجل»؟ هل اختفى بطريقةٍ غامضة؟ … كيف؟

وفجأةً دقَّ جرس التليفون، وكان «تختخ» يسأل: هل عاد «جلجل»؟

فرد الشاويش: لا … لم يعد، هل هناك شيءٌ جديد؟

تختخ: لا أدري، ولكن لا بد أن شيئًا خطيرًا قد حدث له.

قال الشاويش بحزنٍ: لا أدري ماذا أفعل يا أستاذ «تختخ»، إنني أحب «جلجل» جدًّا، وأنا آسف لأنني قسوتُ عليه.

تختخ: لقد أخفيتَ عنه حبك، وربما هرب.

الشاويش: هل ترى أن أخبر المفتش «سامي»، وهل تعتقد أن غياب «جلجل» له صلة بحوادث السرقة الأخيرة؟

تختخ: لا تُخبر المفتش الآن، انتظر ليلةً أخرى، إن عندي فكرة سأحاول تنفيذها، فإذا لم أنجح أخبرنا المفتش.

قال الشاويش بتواضُع: وهو كذلك يا أستاذ «تختخ»، وسأنتظر حتى تتصل بي.

تختخ: اتفقنا، وسأتصل بك إذا عثرت على أي شيء.

التقى «تختخ» بالأصدقاء بعد قليلٍ فقال لهم: لقد عثرت على بقية الأدلة، وشاهدت آثار عجلات سيارة متجهة إلى مكان المنزل المُختفي، وأعتقد أن «جلجل» هناك.

قالت «لوزة» فجأةً: أعتقد أن «عشماوي» اختطف «جلجل» على أنه أنت يا «تختخ»؛ لأنك زرت الجراج وأنت متنكِّر في شكل «جلجل»، وربما اعتقد «عشماوي» أنك تعرف شيئًا خطيرًا عنه، فاختطفك — أقصد «جلجل» — لهذا السبب.

ونظر «تختخ» إلى «لوزة»، وفكَّر بسرعةٍ وعمق، وفجأة خبط المائدة بيده وصاح: فعلًا يا «لوزة» هذا هو الحل الصحيح، إنك أذكى واحدة في المغامرين الخمسة.

سُرَّت «لوزة» لهذا المديح، وأخذت تنظر إلى بقية الأصدقاء في فخرٍ، وقال «تختخ»: لقد فهمت الآن سرَّ الأدلة الملقاة على الطريق، لقد أراد «جلجل» أن يدلنا على طريقه.

نوسة: إنها فكرةٌ ممتازة من «جلجل».

تختخ: فعلًا، وأخبريني يا «لوزة»، متى مرَّ عليك «جلجل»؟

لوزة: حوالي العاشرة والنصف صباحًا.

تختخ: سأخرج حالًا لأقوم ببعض الأبحاث، ولا بد أن أعثر على «جلجل».

عاطف: ولكن المسألة خطيرة يا «تختخ»، لماذا لا تخبر المفتش «سامي» وهو يقوم بالعمل؟

تختخ: ربما كنتُ مُخطئًا في ذلك، ولكنِّي أريد أن أعمل محاولة أخيرة، قبل أن ألجأ إلى المفتش «سامي»، وسوف أخرج هذا المساء في الثامنة والنصف لأنَّ والديَّ ذاهبان إلى السينما.

محب: في الثامنة والنصف؟

تختخ: نعم، وعلينا الآن أن نُعدَّ سلمًا من الحبال، لأستطيع تسلق السور.

أسرع المغامرون بتجهيز السلم، ووضعت «لوزة» قطعة شيكولاتة في جيب «تختخ» ليأكلها إذا جاع، أما «محب» و«عاطف» فقد تبادَلا النظرات، وكأنهما يتفقان على شيءٍ سيُنفذانه معًا.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤