مُقدمة

تدور مسألة المرأة في جميع العصور على جوانب ثلاثة، تنطوي فيها جميع المسائل الفرعية التي تعرض لها في حياتها الخاصة أو حياتها الاجتماعية. وهذه الجوانب الثلاثة الكبرى هي:
  • أولًا: صفتها الطبيعية، وتشمل الكلام على قدرتها وكفايتها لخدمة نوعها وقومها.
  • وثانيًا: حقوقها وواجباتها في الأسرة والمجتمع.
  • وثالثًا: المعاملات التي تفرضها لها الآداب والأخلاق، ومعظمها في شئون العرف والسلوك.

وقد بحثنا هذه المسائل جميعًا في رسائل مختلفة، ولكننا نتناولها في هذه الرسالة لبيان موضعها من أحكام القرآن الكريم، وخلاصة ذلك البيان في هذه المقدمة الوجيزة أن آيات الكتاب قد فصَّلت القول في هذه الجوانب جميعًا، وكانت في كل جانب منها فصل الخطاب الذي لا معقب عليه، إلا من قبيل الشرح والاستدلال بالشواهد المتكررة التي تتجدد في كل زمن على حسب أحواله ومدارك أبنائه.

فالصفة التي وُصفت بها المرأة في القرآن الكريم هي الصفة التي خُلقت عليها، أو هي صفتها على طبيعتها التي تحيا بها مع نفسها، ومع ذويها.

•••

والحقوق والواجبات التي قررها كتاب الإسلام للمرأة قد أصلحت أخطاء العصور الغابرة في كل أمة من أمم الحضارات القديمة، وأكسبت المرأة منزلة لم تكسبها قطُّ من حضارة سابقة، ولم تأتِ بعد ظهور الإسلام حضارة تغني عنها، بل جاءت آداب الحضارات المستحدثة على نقصٍ ملموسٍ في أحكامها ووصاياها؛ لأنها أخرجت من حسابها حالات لا تُهمل ولا يُذكر لمشكلاتها حل أفضل من حلها في القرآن الكريم؛ إذ انتقل بها البحث من الإهمال إلى الدراسة والتدبير.

•••

أما المعاملة التي حمدها القرآن وندب لها المؤمنين والمؤمنات، فهي المعاملة «الإنسانية» التي تقوم على العدل والإحسان؛ لأنها تقوم على تقدير غير تقدير القوة والضعف، أو تقدير الاستطاعة والإكراه.

وفي الصفحات التالية تفصيل لهذا الإيجاز، مداره على جلاء وجوه المطابقة التامة بين أحكام الكتاب الكريم، وأحكام الواقع والمنطق والمصالح الإنسانية.

عباس محمود العقاد

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤