الفصل الثالث والعشرون

أخاف أن تكون الصورة المنظومة لهذه القصيدة غير ممثلة للأصل، فإليك صورته النثرية:

بسمة هازئة تلوح على عينيك عندما آتي لأودعك. وكثيرًا ما ودعتك (ثم عدت مسلمًا)؛ فأنت إذن تزعمين أنني راجع على الأثر. والحق يقال: أنا أيضًا على مثل زعمك هذا.

فإن أيام الربيع تمضي وتعود (والعود أحمد)، والبدر يستأذن (ويرحل) ثم يزور (غِبًّا)؛ وكذلك الأزهار (تذوي فتسقط) ولا تلبث أن (تُعيدَ الأغصان سيرتها الأولى) عامًا بعد عام؛ وهو من الاحتمال بمكان إنني أودعك (اليوم، لألقاك غدًا).

ولكن حبذا المغالطة. فأبقي عليها قليلًا؛ وحبذا الوهم، فلا تصرفيه على مثل هذه السرعة.

وعندما أقول لك «الوداع إلى الأبد» فصدِّقي ولتغش عينيك سحابة من الدموع لتزيدهما سوادًا. ثم فابسمي (ولتبرق أسرتك) سرورًا، ما شئت، متى عُدتُ إليك (بالسلامة).

ما للحبيبةِ إن أتيتُ مودِّعا
بضواحك اللحظاتِ تخفي الأدمعا
أتُرى ترى أم لا ترانيَ راحلًا
أم عندها أنِّي أغيب لأطلعا

•••

فصل الربيع يعود بعد صدوده
والحقل يشحب ثم يزهو مُمرعا
والبدر إن هجر الكواكب زارها
غِبًّا ولو بسحابة متلفِّعا
ولعلَّني مِثل الأزاهرِ إن دنا
إِبَّانها بانتْ — أبينُ لأرجعا

•••

لكن ذَريها في الفؤاد تعلَّةً
تُسلي إذا حبلُ الرَّجاءِ تقطَّعا

•••

وإذا مضيتُ مودِّعًا فتفجَّعي
لأرى غيومًا في جفونك همَّعا
ومتى رجعتُ مسلِّمًا فتهلَّلي
لأرى بروقًا في لحاظِكِ لمعَّا

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤