الفصل السادس عشر

الحرص، وهو الجشع والطمع

قال أفلاطون: من أخذ نفسه بالطمع الكاذب، كذَّبته الطبيعة الصادقة.

وقال بيليوس: إذا تملقتك الدنيا خانتك.

وقال فدروس: من يشتهِ مال غيره يفقد ماله.

وقال تنيسن: الطمع كماء البحر، زد منه شربًا تزد عطشًا. إليك عن الطمع والحرص والعجب والحسد، وانزع جذور الغيظ والخوف، واقطع من بيتك لسان النميمة، وسد الأذن التي تسمع الغيبة؛ لأنها كلها شر على الناس. من أراد الانفراد في أمر، كان ذلك وبالًا عليه.

وقال مصلح الدين سعدي: إياك وأن تسقط في شرك الحرص، أو تشرب كأس الطمع؛ لئلا تُجن وتسكر. لا تسرف على حياتك بإحراز الغنى، فإن وعاء الفخار ليس بقيمة الدرة. من وقع في فخاخ الطمع، كانت علة حياته طعامًا للرياح. لو كان لك مال قارون وكنوز الدنيا بأجمعها، فمصيرك الحزن والقبر. لماذا تتقلب في الجوى طمعًا بالغنى، فإنه يرحل عنك سريعًا؟

قد شاب رأسي ورأس الدهر لم يَشِبِ
إن الحريص على الدنيا لفي تعبِ

وقال قاسم أمين: عين الطماع حينما تبصر شيئًا تشتهيه، لها نظرة تحيط به وتحويه برمته وتحوزه، وتفعل في نفسك ما يفعله الاختطاف الحقيقي، هذه النظرة رأيتها كثيرًا عند المعتاد لعب القمار. كل مودة عقدها الطمع حلَّها اليأس.

هَبِ الدنيا تعاد إليك عفوًا
أليس مصير ذلك للزوال؟

وقال محمود الشاعر: المال شر لا بد منه، فمن شاء فليقنع، ومن شاء فليطمع.

وقال لابرويز: العبد له سيد واحد، والرجل الطماع يحب أن يكون عبدًا لكل فرد يساعد على سد مطامعه.

وقال كونتليان: الطمع في نفسه رذيلة، إلا أنه كثيرًا ما يكون أبًا لفضائل كثيرة.

وقالت الترك: القليل من الطمع يسبب كثيرًا من الضرر. من يأكل وهو شبع يحفر قبره بأسنانه. متى دخل قلب الإنسان التعبد للمال، خرج منه الدين والإيمان وحرية الضمير.

وقالت الإنكليز: ما يناله الإنسان بالحرام فعاقبته وخيمة. شرك الشيطان للشاب الجمال، وللبخيل المال، وللعالِم الضلال.

وقالت العرب: عزَّ من قنع، وذلَّ من طمع.

دع الحرص على الدنيا
وفي العيش فلا تطمع
وما تجمع من مال
فلا تدري لمن تجمع
فإن الرزق مقسوم
وسوء الظن لا ينفع
فقير كل ذي حرصٍ
غنيٌّ كل من يقنع

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤