المسألة السادسة والأربعون والمائة

ما علة كراهية النفس الحديث المُعاد؟

وما سبب ثقل إعادة الحديث على المستعاد؟ وليس فيه في الحال الثانية إلا ما فيه في الحالة الأولى؛ فإن كان فارقٌ بينهما فما هو؟

الجواب

قال أبو علي مسكويه، رحمه الله:

إن النفس تأخذ من الأخبار المستطرَفة والأحاديث الغريبة عندها شبيهًا بما يأخذه الجسم من أقواته، وما حصَّلته النفس من المعارف والعلوم، فإعادته عليها بمنزلة الغذاء من الجسم الذي اكتفى منه، فإذا أُعيد عليه غذاءٌ هو الأول ثَقُلَ عليه واستعفى منه، فكذلك حال النفس في المعارف، وينبغي أن تُؤخذ هذه الأمثلة التي أوردتُها عن الأجسام على ما ليس بالجسم أخذًا لطيفًا لا يحصل منه ظلٌّ في تلك الأمور الشريفة، فيفسد على الإنسان تخيُّله ويذهب وهمه منه مذهبًا غير لائق بالمعنى المقصود، وأرجو أن يكفي الناظر في المسائل ما حددته؛ فإني إنما أجبتُ من له قدمٌ في هذه العلوم وتَحَرُّمٌ بها، وينبغي لمن لم تكن له هذه الرتبة أن يرتاض أولًا بهذه العلوم ارتياضًا جيِّدًا ثم ينظر في هذه الأجوبة إن شاء الله.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤