الفصل الثاني والثلاثون

جواد باشا

fig64
شكل ٣٢-١: جواد باشا (وُلد سنة ١٢٦٧ﻫ وتُوفِّي سنة ١٣١٨ﻫ).

هو نجل المرحوم مصطفى عاصم بك من أعضاء دار الشورى العسكرية المعروف بقبا أغاجلي، وأصله من بلدة قرا حصار، وُلد صاحب الترجمة في دمشق الشام سنة ١٢٦٥ (رومية) الموافق ١٢٦٧ للهجرة، فسماه والده «أحمد جواد» ليدل جمله على سنة ولادته، وتلقى مبادئ العلم في مدارس بورصه وأتمه في الآستانة، ونال الشهادة العسكرية الرسمية، وأتقن اللغتين التركية والفرنساوية مع مبادئ اللسان العربي.

فخرج من المدرسة وفيه ميل شديد إلى خدمة العلم، فألف كتابين: أحدهما «المعلومات الكافية في الممالك العثمانية»، والآخر «تاريخ عسكري عثماني»، ثم أنشأ مجلة سماها «بادكار» أي «تذكار» أصدر منها ٢٤ عددًا فقط، وترجم رسالة في علم الهيئة إلى اللغة التركية سماها «سما» وأخرى في تطبيق الصناعة على الكيمياء وأخرى في المباحث الرياضية الدقيقة، وشرع في تأليف تاريخ مطول للدولة العثمانية، لكنه مات قبل إتمامه.

فترى مما تقدم أن الفقيد فُطر على حب العلم، فجعل الاشتغال فيه باكورة أعماله، ولكن الأحوال قضت عليه بعد ذلك بالتحول إلى السياسة والإدارة، فانتظم في خدمة الحضرة الشاهانية وارتقى فيها حتى صار من القرناء برتبة بكباشي سنة ١٢٨٩ﻫ، ثم عُيِّن أستاذًا للرياضيات في المكتب الهندسي الملكي، ثم مأمورًا في الفيلق الخامس في دمشق الشام مسقط رأسه، ويذكرون من مآثره في تلك الخدمة أنه بنى ثكنة عسكرية في جبل الدروز، فكوفئ بزيادة راتبه، وما زال في ذلك الفيلق حتى انتشبت الحرب في السِّرب فنُقِل إلى جند الطونة رئيسًا لأركان حرب عزيز باشا، وهناك ارتقى إلى رتبة قائمقام سنة ١٢٩٣ﻫ، ثم صار رئيسًا لأركان حرب نجيب باشا، ثم ارتقى إلى رتبة أميرالاي، وتنقل في عدة قومندانيات تولى رئاسة أركان حربها في تلك الأثناء، وشهد مواقع ستان كوي وفانساوي، وعُيِّن بعد عقد الصلح مندوبًا ثانيًا لتحديد تخوم السِّرب بمكافأة شهرية مقدارها ٢٥٠٠ غرش فوق راتبه الأصلي ثم صار مندوبًا أول، ولما انتهت مهمة الحدود أنعم عليه ملك السِّرب بنيشان طاقوا من الدرجة الثالثة.

fig65
شكل ٣٢-٢: مختار باشا الغازي.

ولما توجه المشير مختار باشا الغازي لتحديد تخوم اليونان صحبه جواد باشا، ثم تعيَّن على تخوم الروس من جهة الأناضول، وانتهى أخيرًا إلى تخوم بايزيد، وأحسنت عليه الدولة العليَّة إذ ذاك بالنِّيشان العثماني الثالث، وأهداه القيصر نيشان القديسة حنة من الدرجة الثانية.

وما زال يرتقي من منصب إلى آخر في الآستانة وفي الجبل الأسود وتتوالى عليه الأنعام والنياشين والرتب حتى صار سنة ١٣٠٦ﻫ فريقًا، وكان عضوًا في لجنة التفتيش العسكري فانتقل إلى رئاسة أركان حرب جزيرة كريد، ثم صار وكيلًا لها، ثم تعيَّن واليًا على كريد وأحسن إليه بالميدالية الذهبية، وفي سنة ١٣٠٨ﻫ ارتقى إلى رتبة المشيرية، وصار راتبه ٣٢٥٠٠ وفي السنة التالية وجه إليه مسند الصدارة العظمى، وأنعم عليه بالنيشان المرصع العثماني ولقب بياور أكرم، ثم أهدي إليه النيشان المجيدي المرصع وتقلد ميدالية اللياقة الذهبية فنيشان الافتخار المرصع فمدالية الصنائع النفيسة فنيشان الامتياز المرصع.

وتوالت عليه الوسامات من الدول الأجنبية غير ما تقدم، فنال من ملك السِّرب نيشان طاقوا من الدرجة الأولى، ومن حضرة البابا نيشان بي نوف الأول، ومن إمبراطور ألمانيا نيشان النسر الأحمر المرصع، ومن جمهورية فرنسا نيشان اللجيون دونور الأول، ومن شاه إيران نيشان شير خورشيد المرصع، ومن ملكة إسبانيا نيشان الصليب الأول، فضلًا عن ميداليات الجمعيات العلمية وغيرها.

وفي أواخر سنة ١٣١٢ فُصِل من الصدارة العظمى، وتقلب في مناصب مختلفة في كريد وانتدب سنة ١٣١٤ لاستقبال إمبراطور ألمانيا أثناء زيارته فلسطين، وتعيَّن على أثر ذلك مشيرًا للفيلق الهمايوني الخامس بدمشق، وما زال في هذا المنصب حتى اعتلَّ مزاجه فانتقل إلى الآستانة قضى فيها بضعة أيام ثم وافاه الأجل المحتوم.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤