خاتمة

  • (١)

    تحدَّدت خصائص تطور الفكر الاجتماعي العربي في هذا العصر الذي افتتحتْه ثورة أكتوبر الاشتراكية العظمى في روسيا، بخصائص التطور الاقتصادي الاجتماعي للبلاد العربية، والعلاقة بين ما هو قومي وما هو أُممي في تاريخها، وهو الفكر الذي تكوَّن في ظروف الأزمة العامة للرأسمالية.

  • (٢)

    شكَّلَت بعض التغيُّرات الأساسية التي ظهرت بتأثير السوق العالَمي دافعًا نحو حدوث تحولات في البناء الاجتماعي في البلاد العربية، فظهرت الفئات والطبقات الاجتماعية المُميزة للمجتمع البورجوازي. وقد اكتسبت الفئات الوسطى الجديدة أهمية بالغة بالرغم من قلَّة عددها، وأصبحت تُشكِّل أكثر القوى الاجتماعية دينامية.

  • (٣)

    حدثت تغيُّرات جوهرية في أشكال النشاط الاجتماعي والسياسي، فإذا كانت نهايات القرن الماضي قد وضعت الشخصيات الاجتماعية النشطة التي أخذت على عاتقها مهمة التعبير عن إرادة الشعب في المُقدِّمة، فإن مطلع القرن العشرين قد شهد ظهور العديد من المنظمات والأحزاب، وما إن انتهَت الحرب العالمية الثانية حتى اكتسبت الحركات الاجتماعية طابعًا أكثر جماهيرية.

  • (٤)

    اتَّسم النصف الأول من القرن العشرين، ككل، بحدوث استمرار في تراكم التغيرات الداخلية التي جاءت كمُحصلةٍ للتطورات التاريخية التي حدثت في الفترة السابقة؛ فالعمليات التي لُوحظت بداياتها في الربع الأخير من القرن الماضي وصلت إلى قمتها في القرن العشرين.

  • (٥)

    ظلَّت عملية صياغة أيديولوجيا لحركة التحرُّر القومي، والصراع بين القديم والجديد، هما الاتجاهان الرئيسيان للفكر الاجتماعي، ويدخل في هذا الإطار النضال من أجل الديمقراطية وتنمية الفكر الاجتماعي والفلسفي الديني والتربوي، إلى آخره، برُوح الأيديولوجيا البورجوازية.

  • (٦)

    أصبحت القومية بطابعها الإقليمي، والجامعة العربية، هما الشكل السائد للفكر الاجتماعي، وأدَّت خصائص الحياة المادية إلى ظهور الاختلافات النوعية بينَهما.

  • (٧)

    يقوم التاريخ الخاص بالشعوب المُستعمَرة والتابعة، جزئيًّا، على واقع أن هذه الشعوب «تَستوضِح علاقتها» دائمًا مع الغرب المُسيطِر عليها، وتقارن ماضيها وحاضرها مع ماضيه وحاضره.

  • (٨)

    تجري هذه العملية في الوقت الذي تكتسب فيه القيم المادية والثقافية العالمية قوة كبيرة. وقد تعاظَمَت في القرن العشرين على وجه الخصوص، أهمية التفاعل بين الشعوب في مجال الأبنية الفوقية.

  • (٩)

    اتَّسمت علاقة العرب بالغرب في فترة ما بين الحربين العالميتين بطابع الازدواجية؛ فمن ناحيةٍ نما السعي نحو استخدام مُنجَزات الحضارة الغربية بهدف النمو التقدمي، ومن الناحية الأخرى ترسَّب الشعور العام بعدم الثقة، بل والعداء للمُجتمع الغربي البورجوازي.

  • (١٠)

    وكما حدث في الماضي فقد لعبت الأديان والتقاليد دورًا كبيرًا في حياة العرب. على أن هذه السيطرة المطلقة لهما بلغت نهايتها. فإذا كانت آراؤهم في الماضي ذات صبغة دينية بحتة، فقد أصبحت الآن «قانونية وفلسفية»، بل وأيضًا، كما يرى الكثيرون، «عملية تكنولوجية».

  • (١١)

    ظلَّ الإسلام من الناحية السياسية والاجتماعية رمزًا للأصالة. أما من الناحية الفلسفية الأخلاقية؛ فقد كان الإسلام مرادفًا للقيم الرُّوحية والأخلاقية العليا، وأخذت الأصوات تَرتفع مُدافعةً عن الإسلام ضد محاوَلات كشفه من جانب العلم، وظلت القيم الأخلاقية الإسلامية بعيدة عن تأثيرات نمط الحياة الغربي، وعلى الرغم من أنَّ المدافعين عن الإسلام كثيرًا ما انتقدوا العقلانية والبراجماتية الغربية؛ فإنهم كانوا في الوقت نفسه يستخدمون المناهج التي وضعها الفكر الغربي.

  • (١٢)

    عكَس تطوُّر الفكر الاجتماعي في الفترة موضوع البحث اتجاهًا نحو تحقيق السيادة القومية، ونحو تدعيم الاستقلال السياسي وتوسيع قاعدة الديمقراطية. وفي خلال هذا ظهرت عملية إدراك الشعوب العربية للواقع القومي.

  • (١٣)

    تناول المُفكِّرون التقدميون، ككل، المشكلات الاجتماعية للعالم العربي من منظورٍ بورجوازي، وعملوا على حلِّ قضايا الفوارق الاجتماعية، كقاعدة، بروح الإحسان البورجوازي، إلا أنَّ المفاهيم الإصلاحية بشأن إعادة بناء المجتمع على أسس اشتراكية سرعان ما جذبَت اهتمامهم.

  • (١٤)

    أصبحت الظاهرة الجديدة في الفِكر الاجتماعي العربي، هي ظاهرة انتشار فكرة الاشتراكية العِلمية، التي حمل لواءها الجماعات والأحزاب الشيوعية.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤