تاريخ الموسِيقى

لا يخفى أن بين الفنون المنتشرة في العالم فنونًا خمسة تُعرف بالفنون الجميلة؛ لأنها أجمل الفنون، ولا تتأتى إجادتها إلا لذوي المواهب المختصة بها، وهذه الفنون الخمسة هي: الموسيقى، والرسم، والنقش، وهندسة البناء، والشعر.

ويظهر من مراجعة أقدم التواريخ أن الموسيقى أقدمها كلها، فقد ورد في التوراة (سفر التكوين، الفصل الرابع، العدد الحادي والعشرين) أن «بوبل بن لامك بن متوشائيل بن محويائيل بن عيراد بن أخنوخ بن قايين بن آدم، أبو كل عازف بالكمارة والمزمار.»

وفي التوراة نصوصٌ كثيرة تؤيد شيوع الآلات الموسيقية قديمًا بين اليهود ومن عاصروهم … وترى على جدران الهياكل وغيرها من الآثار المصرية القديمة رسوم كثيرٍ من الآلات الموسيقية التي كانت شائعة بين المصريين قبل الميلاد بأجيال، كما يُرى مثل ذلك أيضًا على الآثار الآشورية وغيرها.

والآلات الموسيقية كثيرة تُعدُّ بالمئات، وتختلف شكلًا وحجمًا باختلاف الزمان والمكان، ولو أردنا تعدادها ووصفها لضاق دون ذلك المقام، ولكنا نقول: إنها ترجع إلى ثلاثة أشكال أولية، أو هي ثلاثة أنواع:
  • (١)

    ذوات الأوتار، ومنها العود والقانون والكمنجا والرباب وغيرها.

  • (٢)

    الآلات الصفيرية: وهي التي يضربون بها نفخًا بالفم، أو ما يقوم مقامه، ومنها المزمار والنفير والفلوت والناي وما جرى مجراها.

  • (٣)

    الآلات الصدمية: وهي التي يستخدمونها ضربًا أو خشخشة، مثل: الطبل والدف والصنوج وما شاكلها.

ومن أنواع الآلات الموسيقية التي صنعها قدماء المصريين، ووجدت في معابدهم وهياكلهم:
  • (١)

    القرن: وهو أبسط أنواع الآلات الصفيرية؛ لأنه موجود في الطبيعة خلقة كما هو.

  • (٢)

    النفير: وهو مصنوع على مثال «القرن».

  • (٣)

    المزمار: وهو نوعان: المفرد والمزدوج.

  • (٤)

    الطبل: وهو من الآلات الصدمية.

  • (٥)

    «آلة من ذوات الأوتار» تشبه آلةً موسيقيةً حديثة كثيرة الاستعمال عند الإفرنج.

  • (٦)

    «آلة كثيرة الشبه بالعود» ويتبين من كيفية حملها أن الضرب بها مثل الضرب بالعود تمامًا.

وتحت كل من هذه الأقسام أنواعٌ كثيرة ليس هنا محل الكلام عليها، وإنما نقول إن الآلات الموسيقية قديمة جدًّا لا يمكن الوصول إلى مخترعها إلا من قبيل ما تقدم، ولم تخرج الآلات الموسيقية الحديثة كالعود والقانون عن كونها متخلِّقة عن تلك، فالعود مثلًا كثير الشبه بالآلة الفرعونية السالفة الذكر، والقانون يغلب على الظن أنه مُتخلِّق عن الشكل الخامس، وهو من صنع المصريين القدماء أيضًا، وكلاهما من ذوات الأوتار، فقس عليهما الآلات الأخرى المتخلقة عن الآلات الصفيرية والصدمية ومنها «الفلوت والدفُّ وغيرهما».

أما زمن تخلُّقها أو تنوُّعها فغير معروف؛ لتباعد عهدها.

(١) علم الألحان عند العرب

أما العرب فإن علم الألحان قديم عندهم، أو هو مرافق لنظم الشعر؛ لأنهم يقولون: «إن العرب إنما جعلت الشعر موزونًا لمدِّ الصوت فيه والدندنة، ولولا ذلك لكان الشعر المنظوم كالخبر المنثور، وأما الآلات الموسيقية فربما كان عندهم البسيط منها كالمزمار والطبل والنفير، وأما العود والقانون فقد أخذهما العرب عن الفرس أو الروم في صدر الإسلام، وهاموا بهما وبالغناء كثيرًا حتى كان ما نسمعه عن الرشيد ومجالس الغناء عنده.»

وقد نظم شعراء العرب في صدر الإسلام أبياتًا كثيرة في مدح العود وغيره، وقام في صدر الإسلام علماء اشتغلوا في فن الموسيقى وألَّفوا فيه كتبًا، أشهرهم أبو نصر محمد خان الفارابي التركي، الفيلسوف المشهور صاحب التصانيف في المنطق والموسيقى وغيرهما (تُوفي سنة ٣٣٩ﻫ) وكان كثير البراعة في الموسيقى وضرب الآلات.

ومما يُحكى أنه حضر في مجلس سيف الدولة في دمشق، فأراد سيف الدولة إكرامه، فأمر بإحضار القيان، وكل ماهر في صناعة ضرب الألحان، فلم يحرِّك أحد منهم آلة إلَّا عابه الفارابي، وقال له: أخطأت. فقال له سيف الدولة: هل تُحسِن في هذه الصنعة شيئًا؟ فقال: نعم. ثم أخرج من «وسطه» خريطة، ففتحها وأخرج منها عيدانًا وركبها، ثم لعب بها فضحك منها كل من كان في المجلس، ثمَّ فكَّها وغيَّر تركيبها، وضرب بها ضربًا فبكى كل من كان في المجلس، ثمَّ فكَّها وغيَّر تركيبها، وضرب بها ضربًا آخر فنام كل من في المجلس حتى البواب، فتركهم نيامًا وخرج …

ويقال أيضًا إن «القانون» إنما هو من صنع «الفارابي المشار إليه»، وهو أول من ركَّبه على الأسلوب الذي هو عليه.

(٢) الموسيقى وأصول الألحان

في «محاضرة الأوائل ومسامرة الأواخر» ص١٨٩، الفصل الثاني والثلاثون، في الأوائل المتعلِّقة بالغناء والحداء وما يتعلَّق بهما، قال المؤلف: أول من وضع علم الموسيقى وأصول الألحان فيثاغورث الهرمس، أدرك بالقوة الذهنية حركات الأفلاك، فاستمع الأصوات، ورتَّب الألحان الثمانية، بحسب الأدوار الفلكية وأصواتها.

وفي «تاريخ الحكماء»: إن أول من وضع العود للغناء «لامك بن قابيل بن آدم، عليه السلام» وبكى به على والده، ويقال إن صانعه «بطليموس الحكيم» صاحب الموسيقى أو كتاب اللحون الثمانية.

وفي «بهجة التواريخ»: أول من غنَّى من العرب قينتان يُقال لهما «الجرادتان»، ومن غنائهما حين حبس الله عنهما المطر:

ألا يا قيلُ وَيْحك قمْ فهينمْ
لعل اللهَ يُصبحُنا غماما

ذكره صاحب «المستطرف»، وأول من غنى في الإسلام الغناء الرقيق «طويس»، وكان أصله من اليمن وهو الذي علَّم الغناء «ابن سريج»، وقيل: أول من تغنى «جرادة بن جدعان» وقيل غيره، أخذ من أهل الفرس أيام الزبير، وكانوا يبنون المسجد الحرام، ويتغنَّون بالفارسية فقلبه بالعربية ابن سريج.

(٣) أول من غنى على العود

أما أول من غنى من العرب على العود، فقد ذكر الإمام العالم الفاضل جمال الدين محمد بن محمد بن نباتة المصري في ص١٢٧ من كتابه «مسرح العيون في شرح رسالة ابن زيدون»، أن النضر بن الحارث بن كلدة هو أول من غنَّى من العرب على العود بألحان الفرس، وذلك حين وفد على «كسرى» بالحيرة؛ فتعلم ضرب العود والغناء، ثم قَدِم مكة فعلَّم أهلها.

وفيه أن أول من غنى في الإسلام بألحان الفرس «سعيد بن مسجح»، وقيل «طويس». وذلك أن عبد الله بن الزبير لما وَهى بناء الكعبة رفعها وجدَّد بناءها، وكان فيها صناع من الفرس يغنون بألحانهم، فوقع عليها ابن مسجح — الغناء العربي — ثم دخل إلى الشام فأخذ الألحان عن الروم، ثم دخل إلى فارس فأخذ الغناء وضرب العود، واتبعه من بعده، وبُدئ هذا العلم ببطليموس، وخُتم بإسحاق بن إبراهيم الموصلي.

وفي «نهاية الأرب للنويري» ج٥ ص٢٢: ذكر أخبار عبد الله بن العباس الربيعي: هو العباس عبد الله بن العباس بن الفضل بن الربيع، والربيع على ما يدَّعيه أهله ابن يونس بن أبي فروة، وآل أبي فروة يدفعون ذلك ويزعمون أنه لقيط وُجد منبوذًا كَفَله يونس، فلما خدم المنصور ادعى عليه، قال أبو الفرج الأصفهاني: وكان شاعرًا مطبوعًا ومغنيًا محسنًا جيد الصنعة نادرها، وهو أول من غنى «بالكنكلة» في الإسلام.

(٤) أول من أفسد الغناء

وكانت العرب تُسمِّي القينة: الكرنية، والعود: الكرَّان، والمزهر أيضًا هو: البربط، وكان أول ما غُني به في الإسلام:

قد برَاني الشَّوْقُ حتَّى
كدتُ مِن شوقي أذوبُ

وفي «غذاء الألباب» للسفاريني ج١ ص١٤٧: أول من غنَّى في العرب قينتان لعاد يقال لهما الجرادتان، هكذا في أوائل «علي دده» و«المستطرف» وغيرهما. والصواب أن الجرادتين كانتا بمكة، وأنَّ وفد عاد لما ذهبوا لمكة لأجل أن يستسقوا في الحرم كانت الجرادتان تُغنِّيانهم، وكان سيِّدهما قد أمرهما أن تغنياهم بهذا الشعر:

ألا يا قيل وَيحَكَ قُمْ فَهينمْ
لَعلَّ اللهَ يُصبِحنا غَماما
فيسقي أرضَ عادٍ إنَّ عادًا
قَدَ امْسوا ما يُبينُون الكلاما
وأول من أفسد الغناء القديم: إبراهيم بن المهدي. ذكر هذا أبو الفرج الأصبهاني في كتابه «الأغاني» ص٣٥ عند الكلام على «صنعة أولاد الخلفاء الذكور منهم والإناث»، قال:

فأولهم وأتقنهم صنعة، وأشهرهم ذكرًا في الغناء إبراهيم بن المهدي، فإنه كان يبتذل نفسه ولا يستتر منه ولا يحاشي أحدًا، وكان أول أمره لا يفعل ذلك إلا من وراء ستر، وعلى حال تصوُّنٍ عنه وترفُّع، إلا أن يدعوه إليه «الرشيد» في خلوة، «والأمين» بعده، فلما أمَّنه المأمون تهتَّك بالغناء، وأكثر شرب النبيذ بحضرته والخروج من عنده ثملًا، ومع المغنين، خوفًا منه وإظهارًا له أنه قد خلع ربقة الخلافة من عنقه، وهتك ستره فيها حتى صار لا يصلح لها.

وكان من أعلم الناس بالنغم والوتر والإيقاعات، وأطبعهم في الغناء وأحسنهم صوتًا، وهو من المعدودين في طيب الصوت في الدولة العباسية مع ابن جامع، وعمرو بن أبي الكنات، ومخارق، وهؤلاء من الطبقة الأولى وإن كان بعضهم يتقدم.

وكان إبراهيم مع علمه وطبعه مقصرًا عن أداء الغناء القديم وعن أن ينحوه في صنعته، فكان يحذف نغم الأغاني الكثيرة العمل حذفًا شديدًا ويُخفِّفها على قدر ما يصلح له ويفي بأدائه؛ فإذا عيب ذلك عليه قال: «أنا ملك وابن ملك أغني كما أشتهي، وعلى ما ألتذُّ.» فهو أول من أفسد الغناء القديم، وجعل للناس طريقًا إلى الجسارة على تغييره، فالناس إلى الآن في ذلك صنفان: صنف على مذهب إسحاق وأصحابه ممن يُنكِرون تغيير الغناء القديم ويُعظِمون الإقدام عليه، ويعيبون مَنْ فعله؛ فهم يغنون الغناء القديم على جهته أو قريبًا منها، وصنف أخذوا بمذهب إبراهيم بن المهدي أو اقتدوا به.

(٥) من الفارسية إلى العربية

ولا ريب أن الغناء قديم في الفرس والروم، ولم يكن للعرب قبل ذلك إلا الحداء والنشيد، وكانوا يسمونه الركبانية.

وأول من نقل الغناء العجمي إلى العربي من أهل مكة سعيد بن مسجح، ومن أهل المدينة سائب خاثر، وأول من صنع الهزج طويس، كذلك قال النويري في «نهاية الأرب» ج٤ ص٢٥٦.

وفي أوائل محاضرات السيوطي: وأول من غنى الغناء العربي «طويس» وكان يكنى أبا عبد الرحيم، كان اسمه طاوس فلما تخنث صغروه، وضرب به المثل في المدينة المشرفة بالشآمة، فيقال: أشأم من طويس، وهو أول من اتخذ «الرمل»، كان يقول عن نفسه: «أنا طاوس الجحيم، أنا أشأم من يمشي على ظهر الحطيم.» يعني على ظهر الأرض، وله مناقب متعلقة بالشآمة.

وفيها أيضًا: وأول صوت غُني به في الإسلام كان يغني به طويس هو:

قد بَرَاني الشوق حتى
كدتُ من وجدي أذوب

وفيها أيضًا: أول مَنْ تغنَّى على وجه الأرض إبليس، ثم زمر بعد الغناء، ثم حدا، ثم ناح.

وفيها: أول من اتخذ المغاني وتغنى له من الملوك «نمروذ»، وأول من اتخذ المغاني والندامى في مجالس الخمر «يزيد المرواني» من ملوك الجبابرة، وَأوَّل من تغنى من الأنصار على الطنبور في الإسلام رجل بالكوفة يُقال له «أحمد بن أمامة الكوفي»، وأول من دوَّن الغناء والرمل للمخنثين طويس المذكور، وقيل رجل يقال له «يونس الكاتب»، وأول من وضع الآلة المعروفة للغناء المسماة بالقانون ورتَّبها أبو نصر الفارابي أستاذ ابن سينا.

وفي «بهجة التاريخ»: أول من ضرب بالعود على الغناء العربي ابن سريج، أخذه من العجم الذين أقدمهم ابن الزبير لبناء المسجد الحرام.

وفي أوائل محاضرات السيوطي: أول من ضرب بالدف كلثوم أخت موسى عليه السلام لما جاوز البحر، كذا ذكره السيوطي رحمه الله نقلًا عن جابر رضي الله عنه.

وكان الغناء في خرسان حتى العصر العباسي بالفارسية، وفي «نهاية الأرب» (ج٥ ص١١٦–١٢١) كثير مما قيل في الغناء، وما وصفت به القيان، ومنه أن بعض المحدثين سمع غناءً بخراسان — بالفارسية — فلم يدرِ ما هو، غير أنه شوَّقه لشجاه وحسنه.

(٦) الضرب بالدف والحداء

وأول من ضرب بالدف عند ظهور الإسلام بالمدينة المنورة فتيات من بني النجار، استقبلن رسول الله عند هجرته إليها من مكة وهن يضربن بالدفِّ ويُنشدن مرتجزات:

نحن جَوارٍ مِنْ بني النَّجَّارِ
يا حبَّذا محمدٌ مِن جَارِ

كما ذكره السيوطي وغيره.

وأول غناء تغنَّت به النساء والصبيان في المدينة عند قدوم رسول الله هو:

طلع البَدْر عليْنا
من ثنيَّات الودَاعِ
وجبَ الشكرُ علينا
ما دعا لِلَّه داعِ
أيها المبعوثُ فينا
جئْتَ بالأمرِ المُطاعِ
جئتَ شَرَّفْتَ المدينَة
مَرْحبًا يا خَيْر داع

وفي أوائل محاضرات السيوطي: وأول من جعل للمغنين مراتب وطبقات هارون الرشيد.

وأول من تغنى من العرب الحجازية خزيمة بن سعد، ويلقب بالمصطلق؛ لحسن صوته في غنائه.

وأول من أحدث الحداء غلام من مضر، روي عن ابن عباس رضي الله عنهما: كان رسول الله في مضر، فسمع صوت حادٍ يحدو، فقال رسول الله : ميلوا بنا إليه، فقال: ممن القوم؟ قالوا: من مضر، فقال رسول الله : أتدرون متى كان الحداء؟ قالوا: لا، بأبينا وأمنا أنت يا رسول الله، فقال :

إن أباكم مضر خرج في مال له، فوجد غلامه قد تفرقت عليه إبله فضربه على يده بالعصا، فعدا الغلام في الوادي وهو يصيح: «وا يداه! وا يداه!» فسمعت الإبل صوته فعطفت عليه واجتمعت، فقال مضر: لو اشتُقَّ من هذا الكلام مثل هذا لكان كلامًا تجتمع عليه الإبل، فاشتُقَّ الحداء من ذلك.

وكان «سلام الحادي» في الدولة العباسية يُضرب المثل بحدائه، فقال يومًا للمنصور: يا أمير المؤمنين، مُر الجمَّالين بأن يُظْمئوا الإبل ثم يُورِدوها الماء، فإني آخذ في الحداء فترفع رءوسها وتترك الشرب، ففعلوا ما قال، فأجْرى ما التزم، وارتجز:

ألا يا بانة الحادي
بشاطئ نهر بَغْدادِ
شجاني فيكِ صَياحٌ
طَرُوب فوْق ميَّادِ
يذكِّرني تَرَنُّمُه
ترنُّمَ ربَّة الوادي
إذا سَوت مثالِثهَا
فلا نذكرْ أخا الهادي
وإن جادتْ بنغمتها
فمَن «أنجشةُ» الحادي؟

و«أنجشة الحادي» هذا هو أول من اشتُهر بالحداء في الإسلام ويُضرب به المثل فيه، وكانت الإبل تتهلل بحسن صوته، ورُوي أنه كان يحدو في زمن رسول الله ، ولقي قومًا فيهم حادٍ يحدو فقال: ممن القوم؟ قالوا: من مضر. فقال رسول الله : وأنا من مضر، قال: أيُّ العرب حدا أولًا؟ قالوا: إن رجلًا منا — وسموه له — عزب عن إبله في الربيع، فبعث غلامًا له مع الإبل فأبطأ، فضربه بعصا على يده، فانطلق الغلام يقول: وايداه! أو قال: هبيبًا هبيبًا، فتحركت الإبل لذلك، فسارت وانبسطت، ففتح الحداء.

وقال أهل الطب: إن الصوت الحسن يسري في الجسم والعروق فيصفو الدم، وتنمو له النفس، وترتاح الروح، وتهتزُّ الجوارح، وتخف الحركات بالسماع، ويُعلَّل به المريض، ويشغله عن التفكُّر؛ فمن ثم أخذت العرب الغناء كما مرَّ، وكانت ملوك الفرس تُلهِّي المحزون بالسماع، فتستريح جوارحه وتستهدي فيه كوامن النفس عند الاندفاع.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤