خاتمة

بعد أسابيعَ قليلةٍ فوجئتُ في الثانية من صباح ذات يومٍ بطَرْقٍ خفيفٍ متلصصٍ على بابي. من أول طرقةٍ أدركت أن ساعة السجن حانت، ودخل الضابط مؤدَّبًا أبيضَ الشعر يكاد يذوب رقة. فتَّش البيت واستغرق في تفتيشه ستَّ ساعات، وفي الصباح اقتادني إلى القسم ومنه إلى السجن.

وفي السجن بدأت حياة جديدة.

وفي السجن وافاني شوقي بعد أسابيعَ من الهرب، وعلمت أن سانتي غادرت البلاد، وأن لورا اعتُقِلَت هي الأخرى وأنها بجوارنا في سجن الحريم. وكم هَفَتْ نفسي لأراها، إنها البقية الباقية من سانتي وأيام سانتي.

أمَّا البارودي فقد ظلَّ أعمَى يقود.

وحين أُفْرِجَ عني بعد عامين.

كانت سانتي قد أصبحت صورة وكلمات، وكانت أيامي المشحونة معها قد بردت وتقلصت واستكانت في زاويةٍ من نفسي، ربما لتعود إلى الوجود بشكلٍ آخَر.

ولو أن أحدًا قد لوَّح لي أن سانتي ممكن أن تتحوَّل ذات يومٍ إلى ذكرى، مجرَّد ذكرى، لخنقته احتجاجًا وغضبًا.

ولكن أحدًا لم يقلها، حتى أنا لم أقلها لنفسي، إنما بلا قولٍ أو ضجيجٍ تكفَّل الزمنُ بكلِّ شيء، وفي صمتٍ وبلا مؤثِّرات.

الزمن القاتل.

نهاية الأشياء …

القاهرة في صيف ١٩٥٥
(انتهت)

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤