انتحار الرجل الثاني!

في غضون دقائق … كان «أحمد» قد استطاع التفاهم مع جهاز كمبيوتر السيارة … وأجهزته لاستقبال اتصال «بيتر».

في الوقت الذي انطلقَت فيه موسيقى تليفونه المحمول تنبهه إلى أن هناك مَن يطلبه … وقد كان المقر الصغير بالهرم، وقد عرف منهم ما عكر صفوه، وجعله يُغمغم بصوت مسموع، قائلًا: إهمال … إهمال.

وبعد أن انتهى الاتصال، سألَته «إلهام» في قلق، قائلةً: ماذا حدث يا «أحمد»؟

أحمد: الرجل الثاني الذي قبضنا عليه في البحر الأحمر.

عثمان: هل تمكَّن من الهرب؟

أحمد: لا … بل قتَل نفسه.

إلهام: ياه … نعم، خبر مزعج … ولكن ما أدراك أنه نتيجة إهمال؟

عثمان: من المستحيل منعه من قتل نفسه.

أحمد: لقد طلبت منهم، بعد أن حذَّرني «بيتر» ألَّا يتركوا معه ما يستعين به على الانتحار.

عثمان: وهل حدث غير ذلك؟

أحمد: لا أعرف.

ابتسمَت «إلهام»، وهي تقول: لا تُطلق حكمك، قبل أن تتبيَّن.

ثم قامت بالاتصال بالمقر، لتسألهم عن الوسيلة التي انتحر بها ذلك الرجل. فعرفت أنه شنق نفسه بملابسه، فأخبرت زميلَيها بما عرفَت، وعلَّقَت قائلة: لا يمكن أن نصدق أن في منظمتنا إهمالًا.

أحمد: لقد أخطأتُ … وأعتذر … ولكن هذا الرجل كان هامًّا جدًّا لنا.

عثمان: لا زالت «سايبرسبيس» في أثرنا … وسيقع قريبًا أحدُ رجالها في يدنا … انتبه يا «أحمد»! فنظر أمامه وهو يسأل: ماذا حدث؟

عثمان: انظر إلى عداد السرعة.

إلهام: غير معقول! ستمائة كيلومتر/ساعة؟!

أحمد: ألم تكن سرعتها القصوى خمسمائة كيلومتر؟!

وظن أن هناك عطلًا بعداد السرعة، فقام بالاتصال بالإدارة الهندسية بالمقر ليسألَهم عن ذلك … فعرف منهم ما أذهله.

فالسيارة مزودة بمحرك نفاث، يعمل عندما تصل السيارة إلى سرعتها القصوى الأساسية … وعرف أن السرعة القصوى لهذا المحرك النفاث تصل إلى ألف كيلومتر.

وعندما أخبر «عثمان» بذلك، علَّق قائلًا: هذا يعني أنها أصبحت سيارةً خطيرة.

إلهام: نعم، فهذه السرعة مقبولة في الجو … حيث لا توجد عوائق.

أحمد: لا تنسَ أنها ترتفع في الهواء عند سرعة خمسمائة كيلومتر.

عثمان: إنها لا تطير يا «أحمد»، إنها تقفز، وهذا أيضًا خطر.

أحمد: لا … ليس خطرًا، فأنا أستمتع بذلك جدًّا.

إلهام: إذن، أنزلنا هنا واستمتع أنت وحدك.

عثمان: لا، أنا لن أنزل في هذه الصحراء.

إلهام: صحراء ماذا … إننا على مشارف الإسكندرية. الكمبيوتر يطلبك يا «أحمد».

نظر «أحمد» إلى تابلوه السيارة، فرأى أزرارًا مضيئة … وعندما ضغطها … ظهرَت على شاشة الكمبيوتر تحيةٌ من «بيتر» من المملكة المتحدة … ردَّ عليه «أحمد» قائلًا: مرحبًا «بيتر».

بيتر: لم أجدك على الموقع الذي أخبرتني به!

أحمد: أنا لست في نفس المكان الآن، والرقم الذي تطلبني عليه رقمٌ سريٌّ للغاية … ولولا أنك «بيتر» ما أعطوك هذا الرقم.

بيتر: أشكركم كثيرًا على ثقتكم الغالية … وعندي لكم أخبار تهمُّكم.

أحمد: هات ما عندك.

وأثناء كتابة «بيتر» لما لديه من أخبار، أبطأ «أحمد» من سرعة السيارة، وتبادل مكانه مع «عثمان»، وتفرَّغ تمامًا لتلقِّي رسالة «بيتر»، التي قال فيها: حدث خطأ منك غير مقصود؛ فقد تركتَ موقعك على الشبكة مفتوحًا بعد أن أنهيتُ اتصالي بك.

أحمد: لقد تركتني على الشاشة فجأة، دون أن أعرف السبب … وكنت أنتظر إعادة اتصالك، لكنك لم تفعل وغلبني النوم، فنمت.

بيتر: لقد أخبرتك أنهم يتعقبون اتصالاتي … وقد شعرت بهم يتجسسون على اتصالنا فخرجتُ من على الموقع، ولكنك تركتَه مفتوحًا، حتى اتصل السيد رقم «صفر»، وأخبرك بميعاد قدوم العالمَين الروسيَّين.

اندهش «أحمد» لما سمعه، وسأله قائلًا: وكيف عرفت بكل ذلك؟

بيتر: لقد حضرت آخر اجتماعاتهم.

أحمد: وهل هناك قرارات اتخذوها؟

بيتر: نعم … اختطاف العالمَين.

أحمد: أين … هل هناك في «هايدلبرج» … أم هنا في «القاهرة»؟

بيتر: لا أعرف … ولكن يمكنك الاتصال برقم «صفر»، ومعرفة هل حدث شيء هناك أم لا؟

أحمد: إذن، سأتركك الآن يا «بيتر» … وأرجو أن تتبع لقاءاتهم على الشبكة … وتُخبرني بكل جديد!

بيتر: سأفعل ذلك دون أن تقول.

أحمد: شكرًا «بيتر»، شكرًا!

بيتر: إلى اللقاء يا «أحمد».

عثمان: «أحمد» … لقد غادرنا الإسكندرية.

وكان «أحمد» يطلب رقم «صفر» في ألمانيا … وهو يرد عليه قائلًا: وأين نحن الآن؟

عثمان: في الكيلو عشرة طريق «القاهرة» الصحراوي، هل أتوقف؟

أحمد: لماذا؟

عثمان: انتظارًا لأوامر جديدة.

أحمد: بل انطلق بسرعة لنصل إلى القاهرة قبل ميعادنا.

عثمان: مفهوم يا «أحمد».

تكرَّرت محاولات الاتصال برقم «صفر»، لكنه لا يُجيب … فأين هو … وأين تليفونه المحمول؟

والموضوع خطير … فاختطاف السيد «ليبيد» والسيد «جرينكوف» قد يتم في «ألمانيا»، ولم يتبقَّ غير وقت قصير على ركوبهم الطائرة … فقالت له «إلهام» عندما علمَت بالأمر … قد تكون المواجهة تتم الآن، وهذا ما يشغل الزعيم؟

أحمد: لا أستطيع أن أخمن.

وانتبه فجأةً على موسيقى تليفونه المحمول … وكم كانت سعادته حين عرف أنه الزعيم … وقد أخبره أنه تلقَّى اتصاله وأنه يسمعه جيدًا، فقال له «أحمد»: ولكني لم أكن أسمعك!

رقم «صفر»: قد يكون ذلك بسبب عطل ما، هل هناك شيء جديد؟!

أحمد: نعم … فإن «سايبرسبيس» ينوون اختطاف العالمَين.

رقم «صفر»: «ليبيد» و«جرينكوف»؟

أحمد: نعم.

رقم «صفر»: ولكنهم في الطائرة الآن!

أحمد: قد يتم ذلك في القاهرة.

رقم «صفر»: إذن، خذوا حذرَكم واستعدوا لذلك جيدًا … إلا إذا!

أحمد: إلا إذا ماذا يا فندم؟

رقم «صفر»: إلا إذا كانوا سيختطفون الطائرة!

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤