البعث

حوريس :
انهض، يا «أوزيريس»!
أنا ولدك «حوريس
جئت أُعيد إليك الحياة!
جئت أجمع أعظمك،
وأربط عضلاتك،
وأصل أعضاءك!
أنا «حوريس» الذي تكون أباه.
«حوريس» يعطيك عيونًا لترى.
وآذانًا لتسمع، وأقدامًا لتسير،
وسواعد لتعمل!
ها هي ذي أعضاؤك صحيحة،
وجسدك ينمو،
ودماؤك تدبُّ في عروقك!
إن لك دائمًا قلبك الحقيقي،
قلبك الماضي!
الميت :
إني حي، إني حي!
«كتاب الموتى»

«وحوريس» ليس إلا «الشباب» يُعيد الحياة إلى ماضيه الميت. نعم، هو «الشباب»، الذي يكون أباه الوطن … وقد أعطاه بالفعل عيونًا يرى بها غابره العظيم في حريته، وحاضره الذليل في قيود الغرباء، وآذانًا يسمع بها ضحكات السخرية من أفواه الجبناء الذين جاءوا يستغلون رقاده ويستلبون خيراته، كما أعطاه أقدامًا يسير بها كي يثبت لهم أنه حي، وسواعد يعمل بها على تشييد الصرح المهدود! … إن أعضاء الوطن صحيحةٌ لم ينقُص منها عضو، وها هو ذا جسده يتحرك وينمو، والدم يجري في شرايينه، والشباب على رأسه يصيح:

«إن لك دائمًا قلبك الحقيقي … قلبك الماضي!» ويُخيل إليَّ أني أسمع الوطن من كل جانبٍ يُلبِّي النداء يُجيب الشباب الأبناء: «إني حي، إني حي!»؛ إني دائمًا أؤمن بأن مصر لا يمكن أن تموت؛ لأن مصر منذ الأزل ظلَّت تعمل وتكدُّ آلاف السنين لهدفٍ واحد، مكافحة الموت … ولقد فازت مصر ببُغيتها، كلما ظنَّ الموت أنه انتصر، قام «حوريس» من أبنائها يصيح: «انهض، انهض أيها الوطن! … إن لك قلبك، قلبك الحقيقي دائمًا، قلبك الماضي…»، وإذا الموت يتراجع أمام صوت مدوٍّ من أعماق الوطن:

«إني حي … إني حي!».

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤