الشتاء

قد كانت الأغصان مخضرةً
وكانت الطير بها تسجَعُ
فصارت الأوراق مصفرةً
تسقِطها الرَّادَة والزعزع١
ثم غدت جرداءَ مزورَّةً
والغيمُ أمستْ عينه تدمع٢
من أجل هذا المشهدِ المحزنِ
والليلُ قد طال على مَن شتا
وصار ليلًا باردًا مُظلما
لعلَّ هذا الرعدَ مُذْ صوَّتا
هرَّب منه تِلكمُ الأنجما
عَلامَ قد غيَّم ليلُ الشتا
فارتاعت الأنجمُ مذ غَيَّما
واحتجبت فيه عن الأعينِ
والريحُ من برد الشتا صرصرُ
والجوُّ يبدو عابسًا مُطرقا
قد حار فيه التَّرِبُ المعسرُ
إذ لم يجد فيه له مِرفقا٣
يَا أيُّها الناس ألا فاذكروا
من كان منكم في الشتا مُملقا
وأحسِنوا فالفوزُ للمحسنِ
إن الشتا أرحم للمعدم
منكم وإن أوجعه بَردُه
لأنَّه بالعارض المسجم
ينبتُ زرعًا يُرتجى حصدُه٤
حتى تفوز الناسُ بالأنعم
مما لهم أنبته جَوده
ويشبع المعدم والمغتني
١  الرادة: الريح اللينة الهبوب. والزعزع: الريح الشديدة.
٢  مزورة: معوجة.
٣  الترب: الفقير المعدم.
٤  العارض: السحاب يعترض في السماء. والمسجم: الهاطل الممطر.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤