مثنيات شعرية

أشرُّ فعل البرايا فعل منتحر
وأفحش القول منهم قول مفتخر
إن التمدُّح من عُجْبٍ ومن أشرٍ
والمرءُ في العجب ممقوت وفي الأشر١

•••

يا راجيَ الأمر لم يطلب له سببًا
كيف الرماية عن قوس بلا وتر؟!
ليس التسبب من عجز ولا خوَرٍ
وإنما العجز تفويضٌ إلى القدرِ

•••

دع الأناسيَّ وانسبني لغيرهمِ
إن شئتَ للشاءِ أو إن شئت للبقر
فإن للبشر الراقي بخلقته
مَن قد أنِفت به أني من البشرِ

•••

أَلْبِسْ حياتَك أحوال المحيط وكن
كالماء يَلبس ما للظَّرف من جُدرِ
وإن أبيت فلا تجزع وأنت بها
عارٍ من الإنس أو كاسٍ من الضجر

•••

إن رمتَ عزًّا على فقر تكابده
فاستغْنِ عن مال أهل البذخ والبطر
فإنَّما النفس ما لم تَنْأَ عن طمعٍ
فريسة بين ناب الذل والظفر

•••

إذا نظرتَ إلى الجزئي تصلحه
فارقبه من مَرقب الكليِّ في النَّظر
فإنَّ نفعك شخصًا واحدًا رُبَمَا
يكون منه عموم الناس في الضرر

•••

قد يقبح الشيءُ وضعًا وهو من حسن
كالنعش يُدْهِشُ مَرأًى وهو من شجر
فالقبح كالحسن في حكم النُّهى عَرَضٌ
وليس يثبت إلا عند معتبر٢

•••

لا تعجبنَّ لذي عقل يروح به
لَينتج الشرُّ خيرًا غير منتظَر!
فإنما لمعات الخير كامنة
بين الشرور كمون النار في الحجر

•••

سبحان مَنْ أوجد الأشياء واحدةً
وإنما كثرة الأشياء بالصُّور
هَبْ منشأ القوم يبقى مبهمًا أبدًا
فهل ترى فيه عقلًا غيرَ منبهِر؟

•••

الحب والبغض لا تأمن خِداعهما
فكم هما أخذا قومًا على غرَر!
فالبغض يبدي كُدورًا في الصفاءِ كما
أن المحبة تبدي الصفو في الكدر

•••

وأشنع الكذب عندي ما يمازجه
شيءٌ من الصدق تمويهًا على الفكر
فإن إبطال هذا في النُّهى عَسِرٌ
وليس إبطال محْض الكذب بالعَسِر

•••

قالوا: عشقتَ معيبَ الحسن! قلت لهم:
كفُّوا الملامَ فما قلبي بمنزجِر
ما العشق إلا العمى عن عيبِ مَن عشِقتْ
هذي القلوب ولا أعني عَمى البصر

•••

قالوا: ابنُ مَنْ أنت يا هذا؟ فقلت لهم:
أبي امرؤٌ جَدُّه الأعلى أبو البشر
قالوا: فهل نال مجدًا؟ قلت: وا عجبي!
أتسألوني بمجدٍ ليس من ثمري؟!

•••

لا دَرَّ درُّ قصيدٍ راح ينظمه
مَنْ ليس يعرف معنى الدَّر والدُّرَر٣
يبكي الشعور لشعر ظل ينقده
مَنْ لا يفرق بين الشِّعر والشَّعَر

•••

قالت «نَوار» وقد أنشدتها سَحرًا:
مِمَّنْ تعلمت نفْثَ السحر في السحَر؟
فقلت: من سحر عينيك الذي سحرت
به المشاعر من سمعٍ ومن بصرِ
١  الأشر: البطر.
٢  النهى: العقل.
٣  الدر بفتح الدال: هو اللبن.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤