الإحسان

أنشدت في حفلة افتتاح مدرسة الأيتام التي أسستها الجمعية الخيرية الإسلامية في بغداد، وأنفق في بنائها حضرة المحسن الكبير مناحيم صالح دانيل من أشراف الملة الموسوية وأغنيائها في بغداد، وذلك سنة ١٩٢٨.

لو كنتُ أعبد فانيًا في ذي الدُّنا
لعبدتُ من دون الإله المحْسِنا
وجعلت قلبي مسجدًا لتعبدي
سِرًّا وفُهت له بشكريَ مُعلنا
كي لا أكون مُرائيًا بعبادتي
ولكي أكون بشكره متفننا
في مُجتنى غَرس الخليقة لم أجد
غرسًا سوى الإحسان حلو المجتنى
هو في الخليقة ذو عجائب سِرُّها
أعيا اللبيب وأعجز المتفطِّنا
بيناه يغدو للنفوس مُقيَّدًا
بالحب يطلق بالثناءِ الألسنا
يستعبد الأحرار وهو صنيعهم
ويرد بغض المبغضين تحننا
كم بلَّ نائرة فأطفأ نارها
من بين مُشترك الصوارم والقنا
ما لاح كوكبه بمَوْهنِ غُمَّة
إلا أعاد ضُحى سناهُ المَوهِنا١
ما إن تظلَّلَ موطنٌ بظلالهِ
إلا أعزَّ الله ذاك الموطِنا
نفحاته تمحو معايب أهله
من حيث تُعمي عن رؤاها الأعينا
لم أدرِ والآثار منه كثيرة
في الغرب لِم نزَرتْ وقلَّت عندنا
أفنحن نجهله وقد علم الورى
في الشرق نشأته ربيبًا بيننا
أوَما أمرنا في عظات كتابنا
بالعدل والإحسان أن نتديَّنا

•••

ويسرُّني أني أشاهد موطني
قد نال من بركاته بعض المُنى
وإذا استريب بما أقول فشاهدي
هذا البناء ومَن حماه ومن بنى
قد شِيدَ للأيتام مأوًى واهيًا
يُهتمُّ بالأيتام فيه ويُعتنى
ليكون فيه شفاؤهم من جهلهم
ومن الظما ومن الطوى ومن الضنى
جاد ابن «دانيل» الكريم لذا البنا
بالمال مشتريًا به كل الثنا
فاستوجب الحمد الذي كلماته
مستغرقات بالثناء الأزمنا
فَلْنُكْنهِ بأبي اليتامى بعد ذا
إذ لا يخاطب مثله بسوى الكُنى
رجلٌ علمنا اليوم من إحسانه
أن ليس للإحسان دين في الدُّنا
لا يَحسنُ الإحسان إلا هكذا
قد صار طبعًا في النفوس وديدنا
والمال إن جادت به يدُ محسنٍ
حَسَن وإلا فهو بئس المقتنى
سَعد امرؤ بذل الفواضل للوَرى
عَفوًا وعوَّد نفسه أن يُحسِنا
والجهدُ مني ها هنا هو أنني
أدعو إلى الإحسان من حَضَروا هنا
١  الموهن: الساعة بعد منتصف الليل.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤