اللوح الخامس

العمود الأول

  • (١) وقفا ساكنين، يتأملان الغابة،
  • (٢) أخذتهما الدهشة (لرؤية) ذرى أشجار الأرز،

  • (٣) وأذهلهما مدخل الغابة.

  • (٤) شاهدا آثار أقدام، حيث (تعود) خمبابا المسير.
  • (٥) كانت الطرق ممهدة، والدرب معبَّدًا،

  • (٦) وشاهدا جبل الأرز؛ مسكن الآلهة، ومقام إرنيني،١
  • (٧) تزدهر أمامه أشجار الأرز،

  • (٨) (وتمد) ظلالها المبهجة المنعشة،

  • (٩) وأدغال الشوك الكثيفة متشابكة الأغصان.

    [فجوة من حوالي خمسين سطرًا.]

العمود الثاني

  • (٧) راح البطلان ينتظران خمبابا،
  • (٨) لكنه لا يأتي …

    [فجوة من تسعة سطور.]

  • (١٨) فتح أنكيدو فمه وقال لجلجاميش:

  • (١٩) «هل سنعثر (بهذه الطريقة) على أثر خمبابا؟
  • (٢٠) لنترك أنفسنا للأحلام (لتهب) لكل منا رؤياه.
  • ***

  • (٢٤) وعسى أن تكون ثلاثة أحلام …»

    [فجوة من ستة وعشرين سطرًا ورد فيها الحلم الأول الذي رآه جلجاميش …]

  • فتح أنكيدو فمه وقال لجلجاميش:

  • ***

  • (٣) لقد سرني حلمك إلى أبعد حدٍّ.

    [السطور التالية من شذرة بابلية قديمة يرد فيها حلم جلجاميش الأول على هذه الصورة التي أصلحها كل من شوت وفون سودين …]

  • (١) «تسلق صخور الجبل، وانظر! …
  • (٢) لقد سلبت النوم (الذي يهبه) الآلهة،

  • (٣) ورأيت حلمًا يا صديقي،

    يا له من حلم سيئ … مضطرب!
  • (٤) (رأيتني) أمسك بثور (من ثيران) البرية،
  • (٥) خار (وضرب) الأرض (فأثار) … سحابة من الغبار.

  • ***

  • (٧) أطبق … طوق ذراعي،

  • ***

  • (٩) سقاني ماءً من قِرْبته.»

    [ردَّ أنكيدو على صديقه]:

  • (١٠) «أي صديقي، إن الإله الذي نتجه إليه (في سفرنا)،

  • (١١) ليس هو الثور الوحشي! فكل شيء فيه مثير وغريب!

  • (١٢) والثور الوحشي الذي رأيت، هو شمش الراعي،

  • (١٣) وسوف يأخذ بيدك في (وقت) الشدَّة،

  • (١٤) (أما الذي) سقاك الماء من قِرْبته،

  • (١٥) فهو إلهك لوجال بندا الذي يكرمك (ويرعاك).

  • (١٦) نريد أن نتحد وننجز عملًا

  • (١٧) لا يفسده الموت (ولا يبدده).»

    [هنا تواصل الشذرة التي عثر عليها في بوغاز كوى — موقع العاصمة الحيثية القديمة حاتوشاش، — رواية هذا الحلم على الصورة الآتية]:

  • (٥) أمسك كل منهما (بيد الآخر)، وذهبا لمضجعهما،٢
  • (٦) وأدركهما النوم الذي ينساب من الليل.
  • (٧) في منتصف الليل هرب منه٣ النوم،
  • (٨) (فأخذ يروي) الحلم الذي رآه على أنكيدو:

  • (٩) «أي صديقي، ألم تكن أنت الذي أيقظني؟

    لماذا استيقظت (من النوم)؟
  • (١٠) أنكيدو، يا صديقي، لقد رأيت حلمًا …

  • (١١) هل أنت الذي أيقظني؟ لماذا استيقظت (من النوم)؟
  • (١٢) لقد طاف بي حلم ثانٍ:

العمود الثالث

  • (٣٣) (رأيت أننا) نقف في هوة جبل عميقة،
  • (٣٤) ثم سقط الجبل (فجأة) …

  • (١٤) سحقني تحته،

    وأطبق على قدمي ولم يتركهما،
  • (٣٥) وكنا إزاءه مثل ذباب القصب الصغير.٤
  • (١٥) كان الضوء ساطعًا وهَّاجًا، وظهر لي رجل،
  • (١٦) هو أجمل رجل في البلاد، كان جماله رائعًا،
  • (١٧) جرَّني من تحت الجبل …

  • (١٨) وسقاني ماءً، فاطمأن قلبي،

  • (١٩) وأعطاني أرضًا تحت قدميَّ …»٥
  • (٣٦) ابن البرية … أنكيدو.
  • (٣٧) كلم صديقه، أنكيدو فسَّر الحلم (قائلًا):

  • (٣٨) «حلمك، يا صديقي، جميل، إنه حلم بديع …

  • (٤٠) والجبل الذي رأيت، يا صديقي، هو خمبابا،
  • (٤١) سوف نُمسك بخمبابا ونقتله،

  • (٤٢) ونرمي جثته في الفلاة!

  • (٤٣) غدًا يتم كل شيء٦
  • (٤٤) بعد عشرين ساعة مضاعفة تناولا بعض الزاد،

  • (٤٥) وبعد ثلاثين ساعة مضاعفة تأهبا للنوم،٧
  • (٤٦) فحفرا بئرًا أمام وجه شمش،٨
  • (٤٧) لكن جلجاميش صعد الجبل،
  • (٤٨) ونثر الدقيق الناعم عليه:

العمود الرابع

  • (١) «أيها الجبل، هبني حلمًا، كلمة من شمش
  • (٢) عندئذٍ وهبه إياه، وأنكيدو.٩
  • (٣) بدأ رذاذ المطر يتساقط، فثبت السقف (؟)
  • (٤) طرحه هناك، ومن حوله … (؟)

  • (٥) فصار كالقمح، الذي يطحن في الجبال … (؟)
  • (٦) وبينما جلجاميش جالس، وذقنه على ركبته،

  • (٧) هبط عليه النوم، الذي ينسكب على البشر.

  • (٨) انتبه (من نومه) أثناء (نوبة) الحراسة الوسطى،١٠
  • (٩) فأفاق وقال لصديقه:

  • (١٠) «ألم تنادني يا صديقي؟ فلماذا صحوت؟

  • (١١) ألم تهزني؟ فلماذا فزعت؟

  • (١٢) ألم يمر إله من هنا؟ فلماذا ترتجف أعضائي؟

  • (١٣) أي صديقي، لقد رأيت حلمًا ثالثًا،

  • (١٤) والحلم الذي رأيت كان مخيفًا:

  • (١٥) ضجَّت السماوات بالصراخ، أرعدت١١ الأرض.
  • (١٦) … تصلبت، زحف الظلام،

  • (١٧) سطع البرق، اشتعلت النار،

  • (١٨) … ازداد تكاثفها، تساقط مطر الموت،

  • (١٩) وفجأة خَبَت النار المتوهجة،

  • (٢٠) وكل ما تساقط تحوَّل إلى رماد.

  • (٢١) تعال نهبط (إلى السهل) لكي نتشاور في الأمر.»

  • (٢٢) لما سمع أنكيدو (قصة) حلمه الذي رواه له،

    قال لجلجاميش:

    [فجوة يحتمل أن تكون قد تضمنت ثناء أنكيدو على الحلم الأخير الذي رآه جلجاميش، وعزم الصديقين على قطع أشجار الأرز …]

من العمود الثاني

  • (٤–٦) أمسك البلطة بيده …
    وكانت معهما فأس،
  • (٧) أطبق أنكيدو عليها بيده،
  • (٨) وطفق يقطع أشجار الأرز.

  • (٩) فلما سمع خمبابا الضجيج،
  • (١٠) ثار غضبه: «مَنْ هذا الذي جاء،

  • (١١) ولطخ (بالعار؟)١٢  الأشجار، وهي ربيبة جبالي،
  • (١٢) وقطع أشجار الأرز؟»

  • (١٣) عندئذٍ كلَّمهما من السماء شمش السماوي:

  • (١٤) «تقدما! لا تخافا!»

    [فجوة من ثمانين سطرًا، ويبدو أن جلجاميش وأنكيدو قد توجَّها إلى الإله شمش طالبين المشورة والنصح في شأن معركتهما المقبلة مع خمبابا، والظاهر أن رد شمش لم يكن مشجعًا؛ إذ يواصل جلجاميش تضرعه وبكاءه حتى يستجيب له ويسارع لنجدته …]

العمود الرابع

  • (٦) وانهمرت الدموع (من عينيه) أنهارًا،
  • (٧) ثم قال جلجاميش لشمش السماوي:

  • ***

  • (١٠) «لقد أطعت شمش السماوي،
  • (١١) وسرت على الطريق الذي قُدِّرَ لي.»

  • (١٢) سمع شمش السماوي صلاة جلجاميش،

  • (١٣) وهبَّتْ على خمبابا رياح عاتية:١٣
  • (١٤) الريح الكبرى، ريح الشمال، ريح الزوبعة، والريح الرملية،
  • (١٥) ريح العاصفة، وريح الصقيع، ريح الأنواء وريح النار!

  • (١٦) هبَّت عليه ثمانية رياح،

  • (١٧) ضربت خمبابا في عينيه؛

  • (١٨) تعذر عليه التقدم،

  • (١٩) كما تعذَّر عليه التقهقر،

  • (٢٠) هنالك أُسْقِطَ في يد خمبابا (واستسلم).

  • (٢١) قال خمبابا لجلجاميش:

  • (٢٢) «أطلق سراحي يا جلجاميش،

  • (٢٣) ولتكن لي سيدًا، وأكون لك خادمًا!

  • (٢٤) سأقطع لك الأشجار، وهي أبناء جبالي،
  • (٢٦) وأبني لك بيوتًا منها.»
  • (٢٧) لكن أنكيدو قال لجلجاميش:

  • (٢٨) «لا تسمع الكلمة التي نطق بها خمبابا.

  • (٣٠) عليك أن لا تبقي على حياة خمبابا

    [فجوة يرجح أن يكون قد ورد فيها مقتل خمبابا وعودة البطلين إلى أوروك — وقد عثر العلماء على شذرة من لوح يرجع للعصر البابلي القديم ذكر فيها قتل خمبابا — الذي سمته الشذرة البابلية باسم حواوا … على الصورة التالية]:

العمود الخامس

  • (٩) … قال جلجاميش لأنكيدو:

  • (١٠) «… (عندما) نصل (إلى هناك)،

  • (١١) ستتلاشى أشعة الضوء الساطع١٤ في الفلاة (الموحشة)،
  • (١٢) ستتلاشى أشعة الضوء الساطع، ويظلم وهج الأشعة!»

  • (١٣) قال له أنكيدو، قال لجلجاميش:

  • (١٤) «يا صديقي، (ابدأ) بقنص الطائر! وإلى أين تفر أفراخه؟

  • (١٥) سوف نفتش بعد ذلك عن أشعة الضوء الساطع،

  • (١٦) التي ستهيم في العشب (كما تفعل) الأفراخ.

  • (١٧) سدِّدْ إليه الضربة بعد الضربة، ثم اضرب خادمه من بعده.»
  • (١٨) سمع جلجاميش كلمة رفيق (سفره)،

  • (١٩) أمسك الفأس في يده،

  • (٢٠) جرَّد السيف من حزامه،

  • (٢١) وضرب عنقه،

  • (٢٢) صديقه أنكيدو …

  • (٢٣) وسقط بعد الضربة الثالثة.

  • (٢٤) … المضطربة … سكنت سكون الموت،
  • (٢٥) بعد أن صرع الحارس خمبابا (وطرحه) على الأرض.

  • (٢٦) ظلت أشجار الأرز تنوح على مدى ساعتين مضاعفتين.
  • (٢٧) وكان أنكيدو قد ضرب معه …

  • ***

  • (٢٩) لقد صرع أنكيدو حارس الغابة،
  • (٣٠) الذي ارتعشت لكلمته ساريا١٥ ولبنان.
  • (٣١) استراحت … الجبال،
  • (٣٢) استراحت … في كل المرتفعات.
  • (٣٣) ضرب … لأشجار الأرز، واﻟ… المهشمة
  • (٣٤) بعد أن ضرب سبعًا منها،

  • (٣٥) شبكة القتال١٦ … والسيف (الذي يزن) ثمانية طالنتات١٧
  • (٣٦) تناوله … وتوغل في الغابة،

  • (٣٧) فتح مسكن «الآنوناكي» الخفي.

  • (٣٨) جلجاميش قطع الأشجار، أنكيدو …

  • (٣٩) قال له أنكيدو، قال لجلجاميش:

  • (٤٠) «… جلجاميش، اقطع أشجار الأرز.»

  • ***

    [ربما أمكن قراءة السطر الأخير من هذا اللوح على الصورة الآتية]:

العمود السادس

  • (٤٨) غرس (؟) جلجاميش رأس خمبابا المقطوع.

هوامش

(١) ذكر اسم الإلهة «إرنيني» في أغنية بابلية تسبِّح بحمد عشتار وتساوي بينهما، تقول بعض أبيات هذه الأغنية: «إن سلطانك قوي، يا أعظم آلهة الإيجيجي (وهم آلهة السماء السبعة)، عالية المقام أنت، وأنت الملكة … والأسد الغاضب … والثور الهائج … يا بنت سين (إله القمر) القوية، لا أحد يجرؤ على التصدي لك!» ويحتمل أن تكون إرنيني هي إلهة الزهرة (فينوس) واسمًا أو شكلًا آخر من أسماء عشتار وأشكالها …
(٢) حرفيًّا: ليخلدا إلى الراحة في المساء …
(٣) أي من جلجاميش …
(٤) ربما يشير هذا الجزء من الحلم — بنوع من الكشف أو الرؤيا الملهمة — إلى موت أنكيدو الذي سيرد في اللوح السابع …
(٥) هكذا حرفيًّا، وربما كان المعنى أن الرجل الذي تجلى له ثبت قدميه على الأرض، ويبدو أن القسم الثاني من الحلم يدل دلالة غير مباشرة على استدعاء جلجاميش لروح صديقه من العالم السفلي، ولقائهما الذي يسجله اللوح الثاني عشر من الملحمة …
(٦) إما أن أنكيدو يسيء فهم الحلم، وإما أنه يحاول أن يفسره لصديقه تفسيرًا يفرغه من نذره السيئة التي يبدو أنه أحسها بحدسه الفطري …
(٧) حرفيًّا: تأهبا لراحة المساء أو لقضاء الليل …
(٨) أي اتجها إلى حيث تغرب الشمس … ويبدو أن نثر الدقيق كان جزءًا من طقس التقرب للإله (في السطر الثامن والأربعين).
(٩) السطور الثلاثة التالية شديدة الغموض، ويستطيع القارئ أن يتجاوزها إلى الحلم الثالث الذي رآه جلجاميش …
(١٠) أي في منتصف الليل …
(١١) زلزلت. [المراجع]
(١٢) الفعل الأصلي يعني التدنيس والتشويه وتلطيخ السمعة، وربيبة جبالي؛ أي التي ربتها ونمتها جبالي.
(١٣) حرفيًّا: رياح عظيمة أو شديدة …
(١٤) ربما كانت أشعة الضوء الساطع نوعًا من التشخيص المجازي لخدم «وهج الأشعة» وأتباعه، وهو خمبابا في الشذرة البابلية الذي يُسمَّى كذلك بالطائر (السطر ١٤).
(١٥) ساريا هو الاسم القديم لجبل هيرمون في لبنان …
(١٦) من المعروف أن السومريين كانوا يستخدمون في حروبهم شباكًا كبيرة يطرحونها على أعدائهم ويشلون بذلك قدرتهم على الحركة … راجع ملحمة الخلق البابلية (إينوما اليش، أو عندما في الأعالي) لترى كيف ألقى مردوخ شبكته على تياميت ربة الفوضى والعماء والمياه المالحة.
(١٧) يعادل وزن الطالنت ستين رطلًا …

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤