مقدمة الطبعة الفرنسية

شهرزاد!

تحت هذا الاسم المثير للأحلام، لا تبحث عن زخرف ألف ليلة وليلة الذي أفرطنا في العلم به، ولا عن بذخ الشرق الذي تواطأنا على المراد منه.

كل ما تراه هنا من المناظر:

طريق مُقفِر، ودار تحت جنح الليل، وانعكاس مضجع ملكي يضطرب في بركة من المرمر، ثم رمال الصحراء … وبين الزهادة المختارة في هذه المناظر، والوجازة المقصودة في هذه السطور، تجري مأساة النفس البشرية في كل زمان وفي كل مكان.

في هذه الفصول تبدو شهرزاد في جوهرها الخالص، عاطلةً من لألاء عقودها، ونضار براقعها … وماذا يهمُّ اسمها وملامحها؟ ليكن لها وجه المرأة، أو وجه الحظ، أو وجه العلم، أو وجه المجد، فلن تكون شيئًا آخر غير القمة البرَّاقة التي تتجه إليها، وتتهالك عليها مطامع الإنسان، والواحة التي تلهب ظمأه دائمًا ولا تطفئه أبدًا، والموضع الذي لا ظل للرحمة فيه، حيث يتلاقى أمله الرغيب ووهمه المتبدد، وكلاهما وفيٌّ للآخر ذلك الوفاء الفاجع المحزن!

قال شهريار الملك: «لقد استمتعت بكل شيء، وزهدت في كل شيء.»

لم تستطِع دماء العذارى والجواري، ولا أعاجيب ألف ليلة وليلة قضاها في الطرب والحب بين ذراعَي شهرزاد، أن تصرف عن قلبه وساوس الهم وهواجس القلق. لقد استنزف موارد المتاع واللذة، ولكن ظمأ جديدًا يلوِّع الآن نفسه ويرمض فكره: «شبعت من الأجساد! شبعت من الأجساد، لا أريد أن أشعر، أريد أن أعرف.»

ومنذ هذه اللحظة تصعد المأساة، وتتعقد المشكلة حتى تبلغ الدرجة التي يصبح فيها شهريار وشهرزاد وجهًا لوجه يمثلان ذلك التصادم العارم بين قلق الإنسان وسر الأشياء.

سألها شهريار: «من أنت؟ هل تحسبينني أُطيق طويلًا هذا الحجاب المُسدَل بيني وبينك؟»

فغمغمت شهرزاد بهذه الكلمات الخفية المشرقة: «وهل تحسبك، أيها الطفل، لو زال هذا الحجاب، تطيق عشرتي لحظة؟»

ذلك لأن الحق الذي لا شبهة فيه أن منشأ العظمة في القلق الإنساني هو أنه عضال لا طب له، وربما كان من أسباب عظمته أيضًا أنه ضروري للإنسان، باعتباره باعثًا على بحثه المتصل، وعلة لتلك الغريزة، التي تدفع كل جيل على الرغم من هزائمه ومغارمه أن يؤدي الشعار إلى الجيل الذي يعقبه، ليدخل به ساحة الأمل.

كان لا بد من شاعر يجرؤ على وضع إحدى المأساتين العظيمتين للإنسانية في هذا الإطار الضيق. وكان مما لا بد منه أن يكون هذا الشاعر شرقيًّا دقيق الحس خصب القريحة، كتوفيق الحكيم، ليروض الصعب في مثل هذا العمل بهذا الوشي الفني البارع habiles arabesques الذي لا يزال يدهش ذهننا الديكارتي بعض الدهش، قبل أن يفتنه كل الفتون.
جورج ليكونت
عضو الأكاديمية الفرنسية

«لقد أحسن «ليكونت» القول … على أن هذا الأثر خليق أن يمثل على المسرح الفرنسي بذوق وفهم … حتى يبقى للشعر جماله وعمقه.»

لونييه بو
مؤسس مسرح الأوفر بباريس

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤