الأهرام

لعل الأهرام صاحبة الحظ الأوفر مما قيل في الآثار من الشعر العربي. والقارئ لكتاب حسن المحاضرة لمؤلفه جلال الدين السيوطي، المتوفى سنة ٩١١ﻫ، وهو يجمع الآراء التي قيلت قبله يدرك مقدار ما كان من اختلاف في الرأي حول الوقت الذي بنيت فيه، وحول بانيها، والهدف الذي أنشئت من أجله.

ومن الطريف أن ننقل بعض هذه الآراء لنرى صداها في الشعر من ناحية، ولكي نرى الفرق الشاسع بين نظرة القدماء ونظرتنا اليوم إلى هذه الأهرام.

روى السيوطي أن جماعة من أهل التاريخ قالوا: إن الذي بنى الأهرام هو سوريد بن سلهوق بن شرياق؛ ملك مصر، وكان قبل الطوفان بثلاثمائة سنة، وسبب ذلك أنه رأى في منامه كأن الأرض انقلبت بأهلها، وكأنَّ الناس هاربون على وجوههم، وكأنَّ الكواكب تساقطت، ويصدم بعضها بعضًا بأصوات هائلة، فأغمَّه ذلك وكتمه، ثم رأى بعد ذلك كأن الكواكب الثابتة نزلت إلى الأرض في صورة طيور بيض، وكأنها تخطف الناس وتلقيهم بين جبلين عظيمين، وكأن الجبلين انطبقا عليهم، وكأن الكواكب النيرة مظلمة، فانتبه مذعورًا وجمَع رؤساء الكهنة من جميع أعمال مصر، فأخبروه بأمر الطوفان، فأمر عند ذلك ببناء الأهرام وملأها طلسمات وعجائب وأموالًا وخزائن وغير ذلك، وكتب فيها جميع ما قالته الحكماء، وجميع العلوم الغامضة، وأسماء العقاقير ومنافعها ومضارها، وعلم الطلسمات والحساب والهندسة والطب، وكل ذلك مفسر لمن يعرف كتابتهم ولغاتهم، وأحضر لها الصخور من ناحية أسوان، وجعل أبوابها تحت الأرض بأربعين ذراعًا.

فلما فرغ منها كساها ديباجًا ملونًا من فوق إلى أسفل، وجعل لها عيدًا حضره أهل مملكته كلها، ثم عمل في الهرم الغربي ثلاثين مخزنًا مملوءة بالأموال الجمة والآلات والتماثيل المصنوعة من الجواهر النفيسة، وآلات الحديد الفاخر والسلاح الذي لا يصدأ، والزجاج الذي ينطوي ولا ينكسر، والطلسمات الغريبة، وأصناف العقاقير المفردة والمؤلفة، والسموم القاتلة وغير ذلك، وعمل في الهرم الشرقي أصناف القباب الفلكية والكواكب، وما صنع من أجداده من التماثيل، وجعل في الهرم الملون أخبار الكهنة في توابيت من صوان أسود، مع كل كاهن مصحفه، وفيها عجائب صنعته وحكمته وسيرته وما عمل في وقته، وما كان وما يكون من أول الزمان إلى آخره، وجعل لكل هرم خازنًا يقتل كل مَن يقترب منه.١
كما رُوِيَ أيضًا أنها كانت قبورًا لملوك مصر؛ كان الملك منهم إذا مات وضع في حوض حجارة، ثم يُبنى من الهرم على قدر ما يريدون من ارتفاع الأساس، ثم يُحمل الحوض فيوضع وسط الهرم، ثم يقنطر عليه البنيان والأقباء، ثم يرفعون البناء على هذا المقدار.٢

وقد بدت هذه الحيرة في الشعر يومئذٍ، فقال بعضهم:

حَسَرَت عقولَ أولي النُّهى الأهرام
واستُصغِرت لعظيمها الأجرام
مُلسٌ، موثقة البناء، شواهقٌ
قصُرت لعالٍ دونهن سهام
لم أدرِ حين كبَا التفكُّر دونها
واستعجمت لعجيبها الأوهام
أقبور أملاك الأعاجم هن، أم
هذي طلاسم رمل أم أعلام؟٣

ولعل هذا الشعر من أول ما قيل في الأهرام؛ لأنه يتحدث عن ملاستها، والغالب أن يكون ذلك قبل أن يحاول المأمون فتح باب فيها عند زيارته لمصر.

والشعر ينبئ عن حيرة للعقول يومئذٍ في الأهرام، وما وقع في نفس الشاعر لها من الإكبار والإجلال. والبيت الأخير يدل على بعض ما كان يدور حول الأهرام من آراء.

ووجد الرأي الذي سبق أن عرضنا صداه في الشعر، فقد رُويَ أن أحمد بن طولون حفر على أبواب الأهرام، فوجدوا في الحفر قطعة مرجان مكتوبًا عليها سطورٌ باليوناني، فأحضر من يعرف ذلك القلم، فإذا هي أبيات شعر، فتُرجمت فكان فيها:

أنا باني الأهرام في مصر كلها
ومالكها قِدمًا بها والمقدَّمُ
تركتُ بها آثار عِلْمي وحكمتي
على الدهر لا تبلى، ولا تتثلَّمُ٤
وفيها كنوزٌ جمةٌ وعجائب
وللدهر لينٌ مرة، وتهجُّمُ
وفيها علومي كلها غير أنني
أرى قبل هذا أن أموتَ فتُعلمُ
ستُفتح أقفالي، وتبدو عجائبي
وفي ليلةٍ في آخر الدهر تنجُمُ٥
ثمانٍ وتسعٌ واثنتان وأربع
وسبعون من بعد المئين، فتسلمُ
ومن بعد هذا جزء تسعين برهة
وتُلقي البرابي صخرَها، وتهدَّم
تدبَّر فعالي في صخور قطعتها
ستبقى، وأفنَى قبلها، ثم تُعدَمُ٦

قيل: فجمع أحمد بن طولون الحكماء وأمرهم بحساب هذه المدة، فلم يقدروا على تحقيق ذلك، فيئس من فتحها.

وإذا صح هذا الخبر، فإن ناظم هذا الشعر أراد أن يضع ألغازًا لا يُستطاع حلها؛ ليظهر بمظهر العالم الخبير.

ولا يمكن أن يكون ذلك ترجمة لشعر كُتب على شيء في الأهرام؛ لأن الباني لها لا يمكن أن يكون قد أراد فتحها، ولكنه كان يرغب في أن تظل سرًّا مغلقًا إلى الأبد.

وإذا كان بعض مَن رأى الهرمين قال: ليس شيء إلا وأنا أرحمه من الدهر إلا الهرمان؛ فأنا أرحم الدهر منهما.٧ فإن المتنبي قد وقف أمامهما يستعظم أمرهما، ويستعظم بناءهما، ويجل الشعب الذي أنشأهما، حين يستفهم هذا الاستفهام المُنبئ عن الإعجاب إذ يقول:
أين الذي الهرَمان مِن بُنيانِه
مَن قومُهُ؟ ما يومُه؟ ما المصرَعُ؟
تتخلف الآثار عن سُكانها
حينًا، ويُدركُها الفناء فتتبَعُ٨

ولكنه في البيت الثاني يعلن أن هذه الآثار مهما تخلفت بعد أصحابها سيلحقها الفناء وتتبع من شادوها.

وقد قال المتنبي هذين البيتين بعد أن خرج من مصر في قصيدة يرثي بها أحد رجال مصر. ولم يُشر المتنبي إلى آثار مصر في غير هذين البيتين. أما عمارة اليمني فيملؤه الجلال عندما يرى الهرمين، فيرى الدهر عاجزًا عن أن تمتد إليهما يده، ويراهما مثال الإتقان، ولكنه يعلن عجزه عن الوصول إلى سرهما ويقول:

خليليَّ ما تحت السماء بنيَّة
تُماثِلُ في إتقانها هَرَميْ مِصْرِ
بناءٌ يخاف الدهر منه، وكلُّ ما
على ظاهر الدنيا يخاف من الدهر
تنزَّه طرفي في بديع بنائها
ولم يتنزَّه في المواد بها فكري٩

وتعبير الشاعر بخوف الدهر منها يصور مناعتها وقوة صلابتها.

أما أبو الصلت أمية بن عبد العزيز الأندلسي فيراهما أجمل شيء يمكن أن تراه العين في هذا الوجود؛ إذ يقول:

بعيشك، هل أبصرتَ أحسن منظرًا
على ما رأت عيناك من هرمَيْ مصرِ
أنافا بأعنانِ السماء وأشرفا
على الجو إشراف السِّماكِ أو النَّسرِ١٠
وقد وافيا نشزًا١١ من الأرض عاليًا
كأنهما نَهْدان قاما على صدر١٢

وأخذ صورة النهدين شاعر آخر، فجعل الأرض تكشف عنهما عندما أخذت تدعو الله أن يمنَّ على البلاد بالري بعد الظمأ، خوفًا على بنيها الساكنين في هذا الجزء، فاستجاب الله دعاءها وأغاثها بالنيل يروي ظمأها، ويشفي غليلها؛ وذلك إذ يقول:

انظر إلى الهرمين إذ برَزا
للعين في عُلْوٍ، وفي صُعُدِ
وكأنما الأرضُ العريضة إذ
ظَمِئَت لفرط الحر والرَّمدِ
حَسَرت عن الثديين بارزة
تدعو الإله لرقة الولد
فأجابها بالنيل يوسعها
رِيًّا، ويشفيها من الكَمَد١٣

واتخذ بعضهم شبه الهرمين بالنهدين دليلًا على أن مصر صدر الأرض، وعجب من أن يظلا ناهدين، برغم كثرة من ولدته من الأبناء، فقال:

تبين أن صدرَ الأرض مصر
ونَهداها من الهرَمَيْن شاهِد
فوا عجبًا، وقد وَلَدت كثيرًا
على هرَمٍ، وذاك النَّهدُ ناهد١٤

أما ابن الساعاتي فيرى الهرمين من العجائب التي لا تحتاج إلى إسهاب في بيان غرابتها، فقد مرَّ عليهما أزمان طويلة الأمد، ولم يزدها ذلك إلا جدة في الشباب، فما أعجبهما من بناء أزلي يريد أن يصل بارتفاعه إلى عنان السماء، وإنهما في ثباتهما بمكانهما يشبهان وقفًا مُتبلِّدًا حُزنًا على الزمن الذي مضى، وإذا كانت الأهرام غير واضحة السر أمام العين، فإن العقل وحده هو الذي يستطيع أن يصل إليه؛ وذلك إذ يقول:

ومن العجائب، والعجائب جمة
دقَّت عن الإكثار والإسهاب
هرَمان قد هرِمَ الزمانُ، وأدبرت
أيامه، وتزيدُ حُسنَ شبابِ
لله أيُّ بنيَّةٍ أزليَّةٍ
تبغي السماء بأطول الأسباب
وكأنما وقفتْ وقوف تبلُّدٍ
أسفًا على الأيام والأحقابِ
كتمت على الأسماع فصْلَ خطابها
وغدت تُشير به إلى الألبابِ١٥

ولكن الشاعر لم يذكر شيئًا عن هذا السر الذي تفضي به الأهرام إلى الألباب، وإذا كانت الأهرام تزيد على الأيام شبابًا وقوة فلم تقف متبلدة حزينة على الأحقاب التي انقضت.

وجاء شاعر آخر فألمَّ ببعض معاني ابن الساعاتي، وشبهها بالخيام المقامة من غير عمد ولا أطناب، فقال:

لله أيُّ غريبةٍ وعجيبةٍ
في صَنعَةِ الأهرام للألبابِ
أخفَت عن الأسماع قصة أهلها
وقصَت عن الألباب كل نقابِ
فكأنما هي كالخيام مُقامةٌ
من غير ما عُمُدٍ ولا أطنابِ١٦

وفي تشبيه الأهرام بالخيام ما يوحي بأن الشاعر رآها عن بُعد فكانت صغيرة، يذكِّر مرآها بمرأى الخيام.

ووقف ظافر الحداد أمام الهرمين وبينهما أبو الهول فرآهما كالهودجين لحبيبين مرتحلين، ووقف بينهما رقيب يحول بينهما وبين اللقاء، فذرفا دموعًا هي ماء النيل، وانتحبا لهذا الفراق بما نسمعه من صوت الريح العاصفة. أما المقطم فيشبه ركْبًا مسافرًا أدركه التعب فبرك على الأرض ليستريح؛ وذلك إذ يقول:

تأمَّل هيئة الهرمين وانظر
وبينهما أبو الهول العجيب
كعمَّاريَّتين١٧ على رحيل
بمحبوبين بينهما رقيبُ
وماء النيل بينهما دموعٌ
وصوت الريح عندهما نحيبُ
ودونهما المقطمُ وهو يحكي
ركابَ الركب أبركها اللغوبُ١٨

وتلمس الشهاب المنصوري للهرمين شبيهًا، فوجدهما مسافرين آبا إلى موطنهما فاستقرَّا، أو عاشقين وشى بحبهما أبو الهول، أو ضالَّين في الصحراء اهتديا بنجم السماء فأرشدهما، أو ظامئين استسقيا مطر السماء فهطل عليهما حتى روِيَا.

وأحس الشهاب بغيظ من الزمن منهما لعجزه عن أن ينال منهما منالًا، فقال:

إن جُزتَ بالهرَمَيْن قُلْ: كم فيهما
من عبرةٍ للعاقلِ المتأمِّلِ
شبَّهتُ كلًّا منهما بمسافر
عرف المحلَّ فبات دون المنزل
أو عاشقَين وشى بوصلهما أبو الـ
ـهَوْلِ الرقيبُ فخلَّفاه بمعزِلِ
أو حائرَين استهديا نجم السما
فهَدَاهما بضيائه المُتهلِّلِ
أو ظامئَين استسقيا صوبَ الحيا
فسقاهما عذبًا رَوِيَّ المنهَلِ
يفنى الزمانُ، وفي حشاه منهما
غيظ الحسود وضَجرَةُ المُستثقِلِ١٩

ولا أجد في كل ما جاء به الشهاب المنصوري من تشبيهات مصورًا للإحساس النفسي إزاء الأهرام؛ فليس هناك شيء يربطهما بالمسافر أو العاشق أو الحائر أو الظامئ، ولكنه قد وفِّق في تصوير غيظ الزمان منهما.

وظل الشعر إلى العصر الحديث يحمل دلائل الحيرة والعجز عن الوصول إلى معرفة السر في إقامة هذه الأهرام، كما يحمل أسمى مظاهر إجلالها واتخاذها عظة تصل إلى أعماق القلوب وإن لم تنطق الأهرام بلسان، كما نتبين ذلك في قول فخر الدين عبد الوهاب المصري:

أمبانيَ الأهرامِ، كم مِن واعِظٍ
صدَع القلوب، ولم يَفُه بلسانهِ
أذكرتِني قولًا تقادمَ عهده
«أين الذي الهرَمان من بنيانه»
هُنَّ الجبال الشامخات تكاد أن
تمتد فوق الأرض عن كيوانه٢٠
لو أن كسرى جالسٌ في سَفحها
لأجلَّ مجلسه على إيوانِهِ
ثبتت على حرِّ الزمان وبردِهِ
مُدَدًا، ولم تأسف على حدَثانهِ٢١
والشمسِ في إحراقها، والريحِ عنـ
ـدَ هُبوبها، والسَّيل في جريانِهِ
هل عابدٌ قد خصَّها بعبادةٍ
فمباني الأهرامِ من أوثانِهِ
أو قائل يقضي برُجعَى نفسه
من بعد فُرقَته إلى جثمانِهِ
فاختارها لكنوزه ولجسمه
قبرًا، ليأمَنَ من أذى طوفانِهِ
أو أنها للسائرات مراصِدٌ
يختارُ واحدُها أعز مكانِهِ
أو أنها وصفت شئون كواكب
أحكامَ فُرسِ الدهرِ أو يونانِهِ
أو أنهم نقشوا على حيطانها
عِلمًا يحار الفكر في تبيانِهِ
في قلب رائيها، ليعلم نقشها
فِكَرٌ يعض عليه طَرْفَ بَنانِهِ٢٢

والشاعر هنا يكاد يستوعب ما رواه عصره من آراء في سبب بناء هذه الأهرام. ومما يُلحظ أنه منذ القدم قد قرر بعض الآراء ما نؤمن به في العصر الحديث من أنها بُنيت لتكون قبورًا لبُناتها، الذين كانوا يؤمنون بعودة الروح إلى جسدهم. وفي تشبيه الأهرام بالجبال تصوير للإحساس النفسي بضخامتها. ولأول مرة في الشعر، يوازن الشاعر بينها وبين إيوان كسرى ويفضِّلها على الإيوان.

وشارك النثر الشعر في الإعجاب بالهرمين؛ إذ يقول القاضي الفاضل: «الهرمان فرقدا٢٣ الأرض، وكل شيء يُخشى عليه من الدهر إلا الهرمان؛ فإنه يُخشى على الدهر منهما.»٢٤ وذلك إحساس رأيناه في الشعر أيضًا كما في قول عمارة اليمني.
وأُعجب ضياء الدين بن الأثير بارتفاع الهرمين، فقال في حديثه عن مصر: «وبه من عجائب الآثار ما لا يضبطها العيان فضلًا عن الإخبار؛ من ذلك الهرمان اللذان هرِم الدهرُ وهما لا يهرمان، قد اختص كل منهما بعِظم البناء وسعة الفِناء، وبلغ من الارتفاع غاية لا يبلغها الطير على بعد تحليقه، ولا يدركها الطرف على مدى تحديقه، فإذا أضرمَ برأسه قبس ظنه المتأمل نجمًا، وإذا استدار عليه قوس السماء كان له سهمًا.»٢٥
ولم أجد في وصفهما شيئًا أبعد عن الصواب من تصوير أحد الكتَّاب لها بأنها بعض لعبٍ يتزيَّن بها.٢٦

ومن كل ذلك يتبين أن الشعر في القديم صوَّر حيرة الناس إزاء الأهرام، وأعلن إعجابه العميق ببنائها وبُناتها، ومضى يسجل إحساسه نحوها، وإن لم يستطع في أكثر الأحوال أن يرتفع إلى مستوى عالٍ ينبض بالقوة والحياة.

ومما يلحظ أن الذي حظي من الشعر في العصر القديم بأوفى نصيب إنما هما هرما الجيزة الكبيران. أما غيرهما من باقي الأهرام، بما في ذلك هرم الجيزة الأصغر، فلم يحظَ بنصيب من التقدير. ويرجع سبب ذلك إلى ما اختص به الهرمان الكبيران من ضخامة وإتقان بناء.

•••

ونالت الآثار المصرية، ومن بينها الأهرام، عناية كثير من الشعراء في العصر الحديث؛ نرى بشائر ذلك فيما قاله السيد علي الدرويش، المتوفى سنة ١٨٥٣م، في الهرمين الكبيرين:

انظر إلى الهرمين، واعلم أنني
فيما أراه منهما مبهوتُ
رسخا على صدر الزمان وقلبه
لم ينهضا حتى الزمانُ يموتُ٢٧

وهي نظرة تشبه نظرة القدماء في بقاء الهرمين راسخين دائمين، وإن كانت صياغة الشعر غير قوية ولا رائعة.

وربما كان البارودي أول شاعر في العصر الحديث أطال في الحديث عن الهرمين، ورأى فيه أثرًا حَصاهُ أغلى من الدر، وصخره لا يقوم بالتبر. ولنصغِ إليه لنتبين ما في شعره من إحساسات شعر بها، وقد أقام بالقرب من الأهرام شهرًا يتردد عليها مستغرق الفكر فيها، متأملًا ما نُقِش فوقها، ناظرًا عبث العابثين بما كان فيها، فيقول:

سَلِ الجيزة الفيحاء عن هَرَمَيْ مصرِ
لعلك تدري غيبَ ما لم تكن تدري
بناءان ردَّا صولة الدهر عنهما
ومن عجبٍ أن يغلبا صَولة الدهر
أقاما على رغم الخطوب ليشهدا
لبانيهما بين البرية بالفخر
فكم أمم في الدهر بادت وأعصر
خلت، وهما أعجوبةُ العينِ والفكرِ
تلوحُ لآثار العقول عليهما
أساطير لا تنفك تُتلى إلى الحَشْر
رموزٌ لو استطلعت مكنون سرِّها
لأبصرتَ مجموع الخلائق في سَطْرِ
فما من بناءٍ كان أو هو كائن
يدانيهما عند التأمُّل والخُبْرِ
يقصِّر حُسنًا عنهما صرح «بابلٍ»
ويعترف «الإيوانُ» بالعجزِ والبُهرِ
فلو أن هاروتَ انتحى مرصديهما
لألقى مقاليد الكهانة والسحر
كأنهما ثَديانِ فاضا بدِرَّة٢٨
من النِّيل تَروي غُلَّة الأرض إذ تجري

وأول ما يُلحظ في هذا الشعر إذا وُزن بمعظمه الشعر الماضي قوة البناء، وشدة الأسْر، وإحكام النظم.

أما معانيه فقد رأينا بعضها فيما مضى من الشعر، وبعضها مما انفرد البارودي بالشعور به.

ففي مطلع القصيدة يوحي الشاعر بعظمة الهرمين عندما دعا إلى السؤال عنهما، عسى أن يعلم السائل أمورًا جليلة لم يكن يدري عنها شيئًا قبل هذا السؤال، وإنما يُسأل عن الأمر الجليل.

وفي الأبيات التالية يبين عظمة هذين الهرمين فيصور الصراع بينهما وبين الزمن، ويصور معركة انتصر فيها الهرمان على صولة الزمن، ويتحدث عن إعجاب الناس بهما على مر العصور والأحقاب، ويحكم حكمًا قاطعًا بأنه ما كان ولن يكون في الدنيا بناء يضارعهما.

وأصول هذه المعاني مما ألم به الشعراء الأقدمون، كما سبق أن أوردتها. أما المعنى الذي انفرد البارودي به، فهو أن الهرمين شاهدان على أن صاحبهما جدير بأن يفتخر بهما لما يدلان عليه من عظمة وعقل جبار، تمضي عقول الخلق في أثره تريد أن تتبين ما وراء بنائهما من أسرار تحاول أن تصل إليها ما بقي هذا الوجود.

وربما كان من آثار الأفكار القديمة في شعر البارودي ما كان بعض الناس يظنونه من أن الذين بنوا الأهرام أودعوا في رموزها جميع ما كان لهم من علم وحكمة.

ونجد من آثار الشعر القديم عند البارودي تشبيه الهرمين بالثديين، وللعين أثر في هذا التشبيه. وأما أن يجعل البارودي النيل قد فاض عنهما، فخيال مصنوع لا يقوم على أساس نفسي؛ لأن الواقف عند الأهرام لا يشعر من قرب أو بُعد بمثل هذا الفيضان.

ويمضي الشاعر في وصف أبي الهول الرابض بين الهرمين، فيقول:

وبينهما «بلهيب»٢٩ في ظل رابض
أكب على الكفَّين منه إلى الصدر
يقلِّب نحو الشرقِ نظرة وامقٍ٣٠
كأن له شوقًا إلى مطلع الفجر

والجديد في إحساس البارودي أنه شعر في نظرة أبي الهول إلى الشرق أنه مشتاق إلى مطلع الفجر، فليت شعري أيريد البارودي بمطلع الفجر إشراق نور المجد على الوطن الحبيب؛ ليعود كما كان في الماضي مجيدًا عظيمًا. وذلك إحساس طبيعي أقرب إلى النفس من إحساسها بأبي الهول رقيبًا على حبيبين يركبان هودجين، كما رأينا في الشعر القديم.

ويتحدث البارودي بعدئذٍ عن سعادته بمحاورته للأهرام شهرًا، لعله قضاه في دراسته لها، وتأمل فيما توحي به من المعاني إذ يقول:

مصانعُ فيها للعُلومِ غوامضٌ
تدلُّ على أن ابن آدم ذو قَدْرِ
رسا أصلها، وامتد في الجو فرعها
فأصبح وكْرًا للسِّماكين والنسر٣١
فقُم نغترف خمْرَ النُّهى من دِنانِها
ونجني بأيدي الجدِّ ريحانة العمر
فثمَّ علومٌ لم تُفتق كِمامُها
وثَمَّ رُموز وحيُها غامضُ السر
أقمتُ بها شهرًا، فأدركتُ كل ما
تمنَّيته من نعمةِ الدهرِ في شَهرِ
نروحُ ونغدو كل يومٍ لنجتني
أزاهيرَ عِلمٍ لا تجفُّ مع الزَّهر
إذا ما فتحنا قُفْلَ رمزٍ بدت لنا
معاريضُ لم تفتح بزيجٍ ولا جَبر
فكم نُكَتٍ كالسِّحر في حركاته
تريك مدبَّ الروحِ في مهجة الذر
سكرنا بما أهدت لنا من لُبابها
فيا لكَ من سُكرٍ أتيح لا خمرِ!

ورسو أصلها وارتفاع بنائها ليكون مقرًّا للنجوم من المعاني التي جاء بها القدماء في الشعر، كما سبق أن أوردنا.

أما الجديد عند البارودي، فهو نظرته إلى الأهرام على أنها آيات تدل على عظمة الإنسان؛ إذ استطاع أن يأتي بهذه المعجزات.

ولست أدري — على وجه التحديد — لون الدراسة التي قام بها البارودي في الأهرام، وما النتائج التي ارتاح إلى الوصول إليها من هذه الدراسة التي يعلن أنه نال منها كل ما كان يتمناه، واستمتع بها كما يستمتع النشوان أسكرته الخمر، فهل كان يحاول قراءة ما على الأهرام من الكتابة الهيروغليفية، ويرى فيها روحًا تدب في الصخر فتحييه؟

وجديد كذلك في التجربة التي أحس بها البارودي شعوره بالحنق على هؤلاء الذين لم يراعوا حرمة هذه الكتابة، فحطموا بعض الصخور التي كانت مكتوبة لكي يصلوا إلى خزائنها وما فيها من ثروة وكنوز، وهو يصب جام غضبه على المعتدين على حرمة هذه الآثار ويقول:

وما ساءني إلا صنيعُ معاشرٍ
ألحُّوا عليها بالخيانة والغدرِ
أبادوا بها شمل العلوم، وشوَّهوا
محاسنَ كانت زينة البر والبحر
فكم سملُوا عينًا بها تُبصِر العُلى
وشلُّوا يدًا كانت بها رايةُ النصر
تمنوا لِقاط الدُّر جهلًا وما درَوْا
بأن حصاها لا يُقَوَّمُ بالدُّرِّ
وفلُّوا لجمع التِّبْرِ صُمَّ صخورها
وأيسر ما فلُّوهُ أغلى من التبر
ولكنهم خابوا فلم يصلوا إلى
مُناهم، ولا أبقَوا عليها من الخَتْرِ٣٢
فتبًّا لهم من معشرٍ نزعتَ بهم
إلى الغَيِّ أخلاقٌ نَبَتْنَ على غِمْر٣٣
ألا قبَّح الله الجهالة إنها
عدُوَّةُ ما شادته فينا يد الفِكر

وتلك أول صيحة في الشعر العربي تستنكر الاعتداء على الآثار، وتعتز بها، وترى قيمة حصبائها أغلى من الدر والذهب.

ويختم البارودي قصيدته مقلدًا الشعر القديم في إرسال التحية مع النسيم، والدعاء لها بأن يسقيها المطر فيقول:

فيا نسَماتِ الفجرِ، أدِّي تحيتي
إلى ذلك البُرج المطل على النهر
ويا لمعات البرقِ، إن جُزتِ بالحِمَى
فصوبي عليها بالنثار من القَطر٣٤
ويرى جمال الدين الأفغاني في الآثار المصرية، ومن بينها الأهرام، حافزًا على التشبه بالآباء والأجداد، ودافعًا إلى التمسك بالعزة والكرامة؛ إذ يقول: «انظروا أهرام مصر، وهياكل منفيس، وآثار طيبة، ومشاهد سيوة، وحصون دمياط، فهي شاهدة بمنعة آبائكم، وعزة أجدادكم. هبُّوا من غفلتكم، اصحوا من سكرتكم، عيشوا كباقي الأمم أحرارًا سعداء.»٣٥

وتلك نظرة جديدة إلى الآثار، أوحى بها ما كانت قد وصلت إليه الأمة المصرية حينئذٍ من تأخُّر وهوان، وما تدل عليه هذه الآثار من قوة وعلم وحضارة وصل إليها المصريون القدماء، فدفع ذلك إلى اتخاذ هذه الآثار وسيلة لحث الأبناء على اليقظة والعمل والشعور بالكرامة، حتى يكون الأبناء جديرين بأن ينتسبوا إلى مثل هؤلاء الآباء.

ويمثل النظرة الجديدة أوفى تمثيل قصيدة إسماعيل صبري التي أنشأها على لسان فرعون يحث المصريين على العمل المجيد، فيقول:

لا القومُ قومي، ولا الأعوانُ أعواني
إذا ونَى يومَ تحصيل العلا وانِ
ولستُ، إن لم تُؤَيِّدني فراعنة
منكم، بفرعونَ عالي العرشِ والشانِ
ولستُ جبارَ ذا الوادي إذا سلمت
جبالهُ تلك من غاراتِ أعواني

ففرعون في هذه الأبيات ينكر قومه، ولا يعترف بنسبتهم إليه إذا قصروا في طلب المجد، أو تهاونوا في السعي إلى العلا، ويقرر أنه لن يكون بذلك الأب الرفيع الشأن إذا لم يشبهه أبناؤه في علو الهمة، ولن يكون الملك المهيب القوي إذا لم يكن من أبنائه جيش قوي يُغير على الأعداء في قوة وجبروت.

وهو من أجل ذلك يطلب منهم أن يعملوا ويكدوا؛ لأن ماء النيل العذب لم يجرِ ليشربه كسلان، ولا يستحق بنُوه أن يرووا ظمأهم منه إذا لم يعملوا عملًا جليلًا، ولم يبنوا كما بنى آباؤهم من قبل، ولم يحاولوا تذليل المستحيل حتى يصير ممكنًا، واستمع إلى فرعون يحثُّ بنيه على العمل قائلًا:

لا تقرَبوا النيل إن لم تعملوا عملًا
فماؤه العذبُ لم يُخلق لكسلانِ
رِدُوا المجرة كدًّا دونَ مورِدِه
أو فاطلبوا غيره ريًّا لظمآنِ٣٦
وابنوا كما بنتِ الأجيالُ قبلكم
لا تترُكوا بعدكُم فخرًا لإنسانِ
أمرتكُمُ، فأطيعوا أمر ربكم
لا يَثْنِ مستمعًا عن طاعةٍ ثانِ٣٧
فالملكُ أمرٌ وطاعاتٌ تسابقه
جنبًا لجنبٍ إلى غاياتِ إحسانِ
لا تتركوا مستحيلًا في استحالته
حتى يُميطَ لكم عن وجهِ إمكانِ٣٨

ذلك ما قاله فرعون، وأمره واجب الطاعة تلبيه الجماهير التي تملأ الوادي بآثارها:

مقالةٌ هبطت من عرشِ قائلها
على مناكبِ أبطالٍ وشُجعانِ
مادَت لها الأرض من ذُعرٍ، ودان لها٣٩
ما في المقطم من صخرٍ وصَوَّانِ
لو غيرُ فرعون ألقاها على ملأ
في غيرِ مصرَ لعُدَّت حُلمَ يقظانِ
لكن فرعونَ إن نادى بها جبلًا
لبَّت حجارته في قبضة الباني
وآزرته٤٠ جماهيرٌ تسيل بها
بِطاحُ وادٍ بماضي القومِ ملآن

والشاعر يشير بذلك إلى أن أهل مصر كانوا كفرعون مغرمين ببناء المجد، فلا يكاد فرعون يدعوهم إلى تشييد مأثرة حتى يتسابقوا إليها فرحين مُجدِّين. وهو بذلك لا يقبل رأي أولئك الذين يزعمون أن تلك الآثار بناها المصريون بالظلم والسخرة والاستبداد.

ويمضي الشاعر متحدثًا عما شادوه من آثار حديث المعجب المفتون، فيقول:

يبنون ما تقف الأجيالُ حائرةً
أمامَهُ بين إعجابٍ وإذعانِ٤١
من كل ما لم يلد فكرٌ، ولا فتِحَت
على نظائره في الكون عينانِ
ويشبهون إذا طاروا إلى عمل
جنًّا تطيرُ بأمرٍ من سليمانِ
برًّا بذي الأمرِ، لا خوفًا ولا طمعًا
لكنهم خُلِقوا طُلابَ إتقانِ

والأبيات تحمل أقصى دلائل الإجلال لقدماء المصريين الذين يبنون ما تحار أمامه الأجيال، وما تقر بعظمته وجلاله، ويؤكد ما أشار إليه في الأبيات السابقة من غرام المصريين بالمجد، وإسراعهم إلى بنائه رغبة منهم في إتقان ما يعملون، وحبًّا لملكهم لا خوفًا منه ولا طمعًا فيما بيديه من المال.

ويخص الشاعر الأهرام من بين تلك الآثار، فيقول:

أهرامُهم تلك حيُّ الفنِّ مُتَّخِذًا
من الصخور بروجًا فوقَ كِيوانِ٤٢
قد مرَّ دهرٌ عليها وهي ساخرةٌ
بما يُضَعضِعُ من صرحٍ وإيوانِ٤٣
لم يأخذِ الليل منها والنهارُ سوى
ما يأخذ النمل من أركان ثَهْلانِ٤٤
كأنها والعَوَادي في جوانبها
صرعى، بناء شياطين لشيطانِ٤٥

وإذا كان الشعراء قبله قد تحدثوا عن بقاء الأهرام، فقد انفرد صبري بإحساسه بأنها تسخر بما يهدمه من القصور والأواوين، وربما كان يريد بذلك ما صرَّح به البارودي من صرح بابل وإيوان كسرى. وجميل جدًّا تصويره ما استطاع الليل والنهار أن يأخذاه منها بما يستطيع النمل أن يأخذه من جبل ضخم، وهو بلا ريب شيء تافه لا يؤبه له.

ويذكرنا قول إسماعيل صبري بأن الأهرام كأنما بناها شياطين لشيطان بقول البحتري في وصف إيوان كسرى مبديًا أقصى ما يمكن من الإعجاب به:

ليس يُدرَى أصنعُ إنسٍ لجن
سكنوه، أم صنع جن لإنس

لأن كلمة الشيطان، ولا سيما في عصرنا الحاضر، وكلمة الجن توحيان بالأعمال الخارقة للعادة.

ويصور الشاعر الجموع التي تفد لزيارتها، فيجدون كل موجود ضخمٍ صغيرًا بالنسبة إليها، حقيرًا إذا وُزن بها، ويعودون معترفين بفضل المصريين، مقرين بما لهم من فضل وإحسان، فيقول:

جاءت إليها وفودُ الأرضِ قاطبةً
تسعى اشتياقًا إلى ما خلَّد الفاني
فصغَّرت كل موجودٍ ضخامتُها
وغضَّ بُنيانها من كل بُنيانِ
وعاد منكرُ فضلِ القوم معترفًا
يُثني على القومِ في سرٍّ وإعلانِ٤٦

وقصيدة إسماعيل صبري تشترك مع قصيدة البارودي في تمجيد الأهرام والإشادة ببُناتها، وتنفرد عنها بالدعوة الملحة إلى التعب والجهاد لكي يصبح الأبناء جديرين بآبائهم الأمجاد.

ويتخذ السيد محمد توفيق البكري الهرمين شاهدين على عظمة المصريين شهادة لا يمكن إنكارها؛ إذ يقول:

مُلكٌ محيطُ الأرضِ يصـ
ـغُرُ عن مداه ويكبرُ
في كل صرْحٍ مَخبَرٌ
وبكلِّ سفحٍ منظَرُ
هرَمان فيه كشاهدَيـ
ـن شهادة لا تُنكر٤٧

ونظر الشعر إلى الأهرام والآثار المصرية بعامة نظرة جديدة بعد إسماعيل صبري؛ تلك هي نظرة الفخر بها؛ لأنها من صنع أيدي آبائنا وأجدادنا. وكانت هذه النظرة طبيعية لشعراء وجدوا في عصر يريدون أن يكون من رسالة شعرهم أن يقوي الروح المعنوية في نفوس أبناء وطنهم، وكان فارس مجال هذه الحلبة أحمد شوقي، الذي بز جميع الشعراء في تمجيد الآثار المصرية والفخر بها؛ فهو في قصيدته كبار الحوادث في وادي النيل يقول:

وبنينا فلم نُخَلِّ لِبانٍ
وعلَوْنا، فلم يجُزنا عَلاء
وملكنا، فالمالكون عبيد
والبرايا بأسرهم أُسَراء
قُل لبانٍ بنى فشادَ، فغالى:
لم يجُز مصرَ في الزمانِ بناء
ليس في الممكناتِ أن تُنقَلَ الأجـ
ـبالُ شُمًّا،٤٨ وأن تُنال السماء
أجفلَ٤٩ الجنُّ عن عزائم فرعو
ن، ودانَت لبأسها الآناء
شاد ما لم يَشِدْ زمانٌ ولا أنـ
ـشأ عصرٌ، ولا بنى بنَّاءُ
هيكلٌ تُنثَرُ الدياناتُ فيه
فهي والناس والقرون هباء
وقبورٌ تُحَطُّ فيها الليالي
ويوارَى الإصباحُ والإمساء
تُشفِقُ الشمسُ والكواكبُ منها
والجديدان٥٠ والبِلى والفناء
فاعذِرِ الحاسدين فيها إذا لا
موا؛ فصعبٌ على الحسودِ الثناء
زعموا أنها دعائمُ شيدت
بيد البغي ملؤها ظلماء
دُمِّرَ الناسُ والرعية في تشـ
ـييدها والخلائق الأُسَراء
أين كان القضاء والعدلُ والحكـ
ـمةُ والرأيُ والنُّهَى والذكاء
وبنو الشمسِ من أعزةِ مصر
والعلومُ التي بها يُستضاء
فادَّعوا ما ادَّعى أصاغرُ آثيـ
ـنا، ودعواهم خنًا٥١ وافتراء
ورأوا للذين سادوا وشادوا
سُبَّة أن تسخَّر الأعداء
إن يكن غيرَ ما أتَوْهُ فخارٌ
فأنا منك يا فَخارُ براء٥٢

ولم تظفر الآثار المصرية من قبلُ بمثل هذا الدفاع المدعم بالحجة، ورفع الفراعنة عن أن يكونوا قد شادوا هذا المجد بيد الظلم وتسخير الرعية، وتحس في هذه الأبيات بروح الاعتزاز بتلك الآثار، وبتاريخ الآباء الذين حكموا وسادوا.

وشوقي يرى الأهرام جبالًا نقلها الإنسان، وليس من الممكن نقل الجبال العالية، ولا بلوغ أعنان السماء، ويرى عزائم فرعون أشد بأسًا من الجن؛ فقد شاد ما لم يستطع أن يشيده أحد في هذا الوجود. أما الهياكل التي أنشأتها مصر، فإنها خالدة في حين تفنى الديانات والناس والقرون، وأما القبور فإن الليالي تتكدس فيها، ويخشاها الليل والنهار، والبلى والفناء.

ذلك مجد باذخ أثار حساد مصر، فأرادوا أن يقللوا من شأنه، فزعموا أنها بنيت بيد الظلم، ويستبعد شوقي ذلك الزعم بما كان في مصر من قضاء عادل، وما كان لبَنِيها من حكمة وذكاء، وما أشرق فيها من علم ناضج، وما في أبنائها من عزة. وليس معيبًا أن يقوم الأسرى بالعمل في إقامة هذه الآثار.

ويختم شوقي هذه الأبيات ببيت حماسي يتبرأ فيه من الفخر، إن كان الفخار غير ما أتى به هؤلاء الفراعنة.

وإذا كان شوقي قد نفى عن ملوك مصر القدماء تهمة التسخير، فقد نفاها قبله إسماعيل صبري، كما سبق أن رأينا.

غير أن شوقي قد سلم مرة بأن تلك الآثار قد شادها الظلم، ولكنه ظلم في سبيل إشادة المجد، وبناء آثار تنبئ عن عظمة الإنسان، حتى إن الظلم ليشرق وجهه فخرًا عندما تعد تلك الآثار من صنع يديه:

هي من بناءِ الظلم إلا أنه
يبيضُّ وجه الظلمِ منه ويُشرِقُ
لم يرهقِ الأممَ الملوكُ بمثلها
فخرًا لهم يبقى، وذكرًا يَعْبَقُ٥٣

وأُعجب شوقي كغيره من الشعراء بالأهرام، ويرى عليها من الجلال ما لم يره على السهول والجبال، ولها من الروعة القدسية ما للمعابد، ويحس بأن لها روحانية. وهذا إحساس انفرد بتصويره شوقي، كما أنه يرى أنها قد استقرت قواعدها فوق الثرى بما أوتيه المصريون من عقل راجح وذكاء، وأنها ارتفعت إلى عنان السماء بفضل ما أُوتوه من خلق رفيع هو بلا شك خلق الثبات والمثابرة والطموح؛ وذلك إذ يقول:

قُل للأعاجيبِ الثلاثِ مقالةً
من هاتفٍ بمكانهنَّ وشادِ
للهِ أنتِ! فما رأيت على الثرى
هذا الجلال، ولا على الأوتاد٥٤
لكِ كالمعابدِ روعةٌ قُدسية
وعليك روحانية العُبَّادِ٥٥
أُسِّستِ من أحلامهم بقواعد
ورُفِعتِ من أخلاقهم بعماد٥٦

وهذا الشعور بروحانية الأهرام وقدسيتها رأيناه يظهر مرة أخرى عندما وقف عند قبر نابليون، فناجاه بقوله:

قم إلى الأهرام واخشَعْ واطَّرِحْ
خيلة الصِّيدِ٥٧ وزهوَ الفاتحين
وتمهَّل، إنما تمشي إلى
حرم الدهر، ومحراب القرون
هو كالصخرة عند القبط، أو
كالحطيم الطهر عند المسلمين٥٨

ويرى الأهرام توحي إلى الأجيال بمعنى الثبات والجد والكفاح، وتلك المعاني هي التي استوحاها نابليون في معركته ضد المماليك؛ ولذلك قال شوقي وهو يحيي الطيارين الفرنسيين، معيدًا إلى أذهانهم تلك الذكرى، وكيف جرح نابليون عزة الأهرام، وجزته على ذلك بهزيمته في الحرب وأسْره وموته في المنفى، فلما عاد إلى وطنه ليدفن فيه كان جريحًا في عزته ومجده. لقد استوحى نابليون الأهرام عندما وقف على الهرم يشجع جنده: «أيها الجنود، إن أربعين قرنًا تنظر إليكم من قمة الأهرام.» ويسجل شوقي ذلك في قوله:

أين «نَسرٌ» قد تلقَّى قبلكم
عظة الأجيال من أعلى بناء
جرَح الأهرامَ في عزتها
فمشى للقبرِ مجروحَ الإباء
أخذت تاجًا بتاج ثأرها
وجزت من صلف بالكبرياء٥٩

ويناجي نابليون قائلًا:

وتسنَّم مِنبرًا من حجرٍ
لم يكن قبلك حظَّ الخاطبين
وأعدها كلماتٍ أربعًا
قد أحاطت بالقرون الأربعين
ألهبت خيلًا، وحضت فيلقًا
وأحالَت عسلًا صابَ المنون٦٠

وإذا كان نابليون قد تلقى عظة الأهرام، ووعى الدرس الذي أوحت به إليه، فإنه يثور ثورة عنيفة على المصريين الذين لم يَعُوا هذا الدرس ولم يُصغوا إليه. وتحس بهذه الثورة في قوله:

عظةٌ قومي بها أولى، وإن
بعد العهد، فهل يعتبرون؟
هذه الأهرامُ تاريخُهُمو
كيف من تاريخهم لا يستحون؟

ولم تغِبْ صورة الأهرام عن مخيلته وهو في مغتربه بالأندلس، فنسمعه يقول في قصديته السينية:

وكأن الأهرام ميزانُ فرعو
نَ بيومٍ على الجبابر نَحْسِ
أو قناطيرُه تأنَّق فيها
ألفُ جابٍ، وألفُ صاحبِ مَكْسِ٦١
روعة في الضحى، ملاعبُ جِنٍّ
حينَ يغشى الدُّجى حماها ويُغسي٦٢

وتخيل الأهرام موازين يشير إلى ضخامة ما يوزن بها من فدية الأعداء، وتخيلها قناطير يشير إلى ضخامة الثروة التي كانت لفراعنة مصر. وهو في منفاه يتخيل روعتها في الضحا، وما يكسوها من الرهبة إذا جن الليل، حتى كأنها ملعب للجن. وفي التعبير بروعة في الضحا تصويرٌ لما يحمله لهذه الأهرام من الإعجاب.

ويقول في القصيدة النونية الأندلسية أيضًا:

ولم يضع حجرًا بانٍ على حجر
في الأرضِ إلا على آثار بانينا
كأن أهرام مصر حائط نهضت
به يد الدهر لا بنيانُ فانينا
إيوانُه الفخمُ مِن عُليا مقاصِرِه
يُفْني الملوكَ، ولا يُبقي الأواوينا٦٣
كأنها ورمالًا حولها التطمت
سفينة غرقَت إلا أساطينا٦٤
كأنها تحت لألاء الضُّحا ذَهَب
كنوزُ «فرعون» غطَّيْن الموازينا٦٥

فهو عندما يتخيل الأهرام وبناءها يهتف من أعماق قلبه بأن ما قام في الأرض من حضارة في البناء إنما وضع أسسه المصريون، بل إن ثبات الأهرام وخلودها مما يوحي بأن الباني لها إنما هو الطبيعة نفسها، وكأنما نشأت بفعلها لا بيد فانية.

ولكنني لا أرى في تشبيهها بأساطين سفينة غرقت تشبيهًا يُبرز جلالها، ويوحي إلى النفس بعظمتها وروعتها، وليس لهذا التشبيه أثر حظ من الجمال تحس به النفس، وإنما هو وقوف عند حد التصوير البصري.

وفي البيت الأخير عود إلى خواطر الميزان وكنوز فرعون، مما ألم به في القصيدة السينية.

ولم يكتفِ شوقي بما أنشأه شعرًا في الأهرام، بل كتب في ذلك قطعة نثرية يقول فيها: «ما أنت يا أهرام؟ أشواهق أجرام؟٦٦ وأوضاح معالم،٦٧ أم أشباح مظالم؟ وجلائل أبنية وآثار، أم دلائل أنانية واستئثار،٦٨ وتمثالٌ منصب من الجبرية،٦٩ أم مثال ضاح٧٠ من العبقرية؟
يا قليل البصر عن موضع العبر، قليل البصر٧١ بمواقع الآيات الكبرى، قفْ ناجِ الأحجار الدوارس، وتعلم؛ فإن الآثار مدارس. هذه الحجارة حجور لعب عليها الأُوَل، وهذه الصِّفاح صفائح٧٢ ممالك ودول، وذلك الركام٧٣ من الرمال، غبار أحداج٧٤ وأحمال، من كل ركب ألم ثم مال.
في هذا الحرم درج عيسى صبيًّا، ومن هذا الهرم خرج موسى نبيًّا، وفي هذه الهالة طلع يوسف كالقمر وضيًّا،٧٥ ووقعت بين يديه الكواكب جثيًّا.٧٦ وها هنا جلال الخلق وثبوته، ونفاذ العقل وجبروته، ومطالع الفن وبيوته، وها هنا تتعلم أن حسن الثناء مرهون بإحسان البناء.»
وفي هذه القطعة ألمَّ شوقي بعناصر أربعة:
  • العنصر الأول: يتساءل فيه شوقي عن بناء الأهرام، وهل هي آثار جليلة أم دلائل على الظلم والأنانية، وشواهد على إجرام مُنشئيها، وبموازنة ذلك بما سبق أن أوردناه لشوقي، يتبين هنا تردده، في حين أنه كان هناك قاطعًا مرة بأنه لا أثر للظلم في بنائها، ومرة بأنها ظلم يبيضُّ منه وجه الظلم. وأرى أن جعل الأهرام أشياء يستدل بها على الطريق أمرٌ تافهٌ لا يتناسب مع عظمة الأهرام.
  • والعنصر الثاني: اتخاذ الأهرام عظة وعبرة لما مر عليها من دول، وما شاهدته من تعاقب الممالك في هذا الوادي. وجعل شوقي الرمال التي حولها غبار هذا الركب المسافر من الأجيال المُعاقبة.
  • أما العنصر الثالث: فهم الأنبياء الذين رأتهم الأهرام يدرجون في حرمها ويُبعثون كموسى وعيسى ويوسف.

ويختم شوقي قطعته مبديًا إعجابه بتلك الأهرام لما تدل عليه من خلق جليل أساسه المثابرة والثبوت، ومن جبروت عقل استطاع أن ينشئ هذه المعجزات، ومن فن رفيع كان هو مشرق الفن في هذا الوجود.

•••

أما خليل مطران فلم يرَ في الأهرام ما رآه غيره فيها من الجلال، وما أحس به من أنها مصدر مجد وفخار، ولكنه رآها مصدر عارٍ لبُناتها؛ فإن الملوك الذين أشادوها استعبدوا أمتهم في بنائها، فاعتاد بنوها المعبودية، فسهل على العدو استعبادهم، وفي ذلك يقول مطران:

شاد فأعلى، وبنى فوطَّدا
لا للعُلى، ولا له، بل للعِدَى
مستعبدٌ أمتَّهَ في يومِه
مستعبِدٌ بَنيه للعادي غدَا

ويتخيل خليل تلك الأيام التي كان العمل يجري في بنائها، فيصور له الخيال عمالًا كعدد الرمال لا يستطيع العد إحصاءهم، قد اصفرت وجوههم من تعب العمل، ونديت جباههم بالعرق، وذبلت أجسامهم من الضنى، فصاروا كالكلأ اليابس عليه قطرات الندى. لقد أحنى الجهد الثقيل أجسامهم يمشون في شقاء لا يُسمع لهم صوت، مخلدين إلى الاستكانة والخضوع، يجتمعون فيخيل إليك أنهم البحر في اضطرابه، ويمضي كل فريق إلى عمله؛ كالجداول تنبثق من بحر، يصعدون وينحدرون.

وهنا يتساءل مطران عن هذا الجيش اللجب من المخلوقات الفانية قد اجتمعت في هذا الفضاء لتبني قبرًا خالدًا لإنسان سيفنى.

ويبلغ خليل مطران الذروة في تصوير هذا الشعور إذ يقول:

إني أرى عدَّ الرمالِ ها هنا
خلائقًا تكثرُ أن تُعدَّدا
صُفْرَ الوُجوهِ ناديًا جباهُهُم
كالكلأ٧٧ اليابسِ يعلوه الندَى
محنيةً ظهورُهُم، خُرْسَ الخُطى
كالنَّملِ دبَّ مستكينًا مخلِدَا٧٨
مجتمعين أبحرًا، منفرعيـ
ـن أنهُرًا، منحدِرين صعَّدا
أكلُّ هذي الأنفسُ الهلكَى غدًا
تبني لفانٍ جدَثًا٧٩ مخلَّدا
فخليل لم يلحظ في الأهرام جلالها، ولا جبروت عقل من أنشأها، ولا ما فيها من روعة الفن وعظمة البناء، وإنما لحظ جانب ما صحب بناءها من عسف وظلم، وكان ذلك وحده كافيًا لانصرافه عنها، وتنديده بمن بناها. وهو من أجل ذلك يسأل هؤلاء الموتى: هل أفادتهم هذه الأهرام شيئًا؟ لقد عُرفت القبور التي تحصنوا فيها، وأصبح سوقة الناس يدوسون هام الملوك، وأجسادهم في المتاحف معروضة يراها كل من يريد أن يرى. أما العدو فطاغٍ مستبد يحكم البلاد كما يشاء.٨٠ ونحن اليوم نحاسبهم على ما فعلوا، فلم يغنهم ما رفعوه من شاهق البناء، وكان يغنيهم عن ذلك السير بالهدى وجميل الذكر، كما قال:
يأيُّها الموتى، ألم يُسْمِعكُمُ
صوتُ المنادي صادعًا مردَّدا٨١
قوموا انظُروا السُّوقةَ فيما حولكم
تدوس هاماتِ الملوكِ هُمَّدا٨٢
قوموا انظروا العدوَّ في دياركم
يحكمُ فيها مستبدًّا أيِّدا٨٣
قوموا انظروا أجسادكم معروضةً
في مشهدٍ لمن يرومُ المشهَدا
بعثٌ به يسألكُمُ حسابَ ما
قدَّمتُمُ مَن راحَ منا واغتدى
لم يُغنِكُم منه البناء عاليًا
والأرضُ نَهبًا، والملوكُ أعبُدا٨٤
وكان يُغنيكم جميل الذكر لو
خفَّضتُمُ اللحدَ، وشِدتُم بالهُدى
أخطأ من توهم القبرَ له
حِرزًا يقيه بالرَّدى من الرَّدى٨٥

ولكن النظرة العادلة تدل على أن مطرانًا كان في تلك النظرة ظالمًا غير منصف؛ فإنه على فرض أن هذه الأهرام أنشئت بالظلم، فإنه ليس من العدل أن تُمحى لهؤلاء الملوك كل حسنة من أجل هذه السيئة. على أنه من المستبعد أن يكون الظلم هو الذي بناها مع ما عُرف عن مصر في القديم من قضاء عادل، وما شهد به حكماؤها من العقل والذكاء، وما كان لملوكها من اعتزاز ببني وطنهم.

ومن الظلم، كما فعل مطران، أن تُنسى هذه الحضارة التي أشرقت في هذا الوجود، وكان لها من الآثار ما لا يمكن أن ينساه التاريخ.

ولم يشارك خليلًا في هذا الإحساس أحد من الشعراء، بل كان الاتجاه العام عندهم هو الفخر بتلك الأهرام وبُناتها، حتى هؤلاء الذين ينحدرون من أصل عربي؛ كالشيخ محمد عبد المطلب، الذي يرى في ولادته بمصر سببًا كافيًا للاعتزاز بتاريخها وبُناة أهرامها، فيقول:

رويدك، إنَّا في العُلا يومَ ننتمي
كلانا أبوه النيل، أو أمه مصرُ
لنا آية الأهرامِ يتلو قديمها
حديثُ الليالي، فهي في فمِها ذكر
ملأنا بها لوْحَ الوجود مناقبًا
إذا ما خلا عصرٌ تلاها به عصر
وللعلمِ من آثارنا في جبالنا
على الدهرِ آياتٌ بها ينطق الصَّخر
إذا جهلوا «مينا» و«خوفو» و«خفرعا»
فليس «برمسيسٍ» على مُلكِه نُكْرُ
لنا كل ما في الأرض من مدنيَّةٍ
بها تعمر الأمصارُ والبلدُ القَفْرُ
لنا في الورى حقُّ المعلِّم لو رعوا
لنا ذِمَّةً، والدهر شيمته الغدر٨٦

وهكذا إذا استثنينا مطرانًا رأينا الإعجاب بالأهرام وبُناتها متوارثًا على مر العصور، ورآها الشعراء المحدثون حافزًا لهمم المصريين، ودافعًا لَهُمْ إلى المجد والعُلا، ومبعثًا للفخر بها؛ لأنها أثر جليل من آثار الآباء والأجداد.

ولا تزال هذه النظرة باقية عند شعرائنا الأحياء فيما أنشئوه من شعر حول الأهرام، وما يحفظه تلاميذنا في مدارسهم من المحفوظات.

١  حسن المحاضرة ١: ٣٣.
٢  مروج الذهب ١: ٢١٧.
٣  حسن المحاضرة ١: ٣٣، والأعلام: الجبال.
٤  الثلمة: الخلل.
٥  تنجم: تظهر.
٦  حسن المحاضرة ١: ٣٥.
٧  حسن المحاضرة ١: ٣١.
٨  ديوان المتنبي، ص٣٧٠.
٩  حسن المحاضرة ١: ٣٩.
١٠  السماك والنسر نجمان.
١١  النشز: المرتفع من الأرض.
١٢  مسالك الأبصار ١: ٢٣٧.
١٣  حسن المحاضرة ١: ٣٩.
١٤  المرجع السابق نفسه.
١٥  المرجع السابق نفسه.
١٦  المرجع السابق نفسه، والأطناب: حبال الخباء.
١٧  عماريتين: مثنى عمارية؛ وهي الهودج.
١٨  حسن المحاضرة ١: ٣٩، واللغوب: التعب.
١٩  حسن المحاضرة ١: ٤٠.
٢٠  كيوانه: كوكب زحل.
٢١  حدثان الدهر: نوائبه.
٢٢  تاريخ الأدب العربي على عهد المماليك والعثمانيين، للأستاذ السباعي بيومي، ص١٢٧.
٢٣  الفرقدان: نجمان قريبان من القطب.
٢٤  حسن المحاضرة ١: ٣٨.
٢٥  حسن المحاضرة ١: ٤٠.
٢٦  المرجع السابق نفسه.
٢٧  في الأدب الحديث ١: ٤٣.
٢٨  الدرة: اللبن.
٢٩  بلهيب: أبو الهول.
٣٠  الوامق: المحب.
٣١  السِّماكان والنسر: نجوم.
٣٢  الختر: الغدر.
٣٣  الغِمر: الحقد.
٣٤  ديوان البارودي (شرح المنصوري) ١: ١٤٩.
٣٥  في الأدب الحديث ١: ٢١١.
٣٦  المجرة: عدة نجوم متقاربة في السماء تبدو كأنها بقعة بيضاء، والكد: الاجتهاد.
٣٧  ثناه: صرفه.
٣٨  يميط: يكشف.
٣٩  دان لها: خضع.
٤٠  آزرته: عاونته.
٤١  إذعان: إقرار.
٤٢  كيوان: كوكب زحل.
٤٣  الصرح: البناء العالي، والإيوان: المكان المتسع من البيت يحيط به ثلاثة حيطان.
٤٤  ثهلان: جبل عظيم في نجد.
٤٥  العوادي: أحداث الزمان.
٤٦  ديوان إسماعيل صبري، ص١٧٢ وما يليها.
٤٧  صهاريج اللؤلؤ، ص٩٩-١٠٠.
٤٨  الأجبال: جمع جبل، والشم: جمع أشم؛ وهو المرتفع.
٤٩  أجفل: نفر وفرَّ خائفًا.
٥٠  الجديدان: الليل والنهار.
٥١  الخَنا: الفحش في الكلام.
٥٢  الشوقيات ١: ٢.
٥٣  الشوقيات ٢: ٨٠، وعبق المكان بالطيب: انتشرت رائحة الطيب فيه.
٥٤  الصفا: جمع صفاة، وهي الحجر الصلد الضخم، والأوتاد: الجبال.
٥٥  العباد جمع عابد.
٥٦  الشوقيات ١: ١٢٩.
٥٧  الخيلة: الكبر، والصِّيد: المُلوك.
٥٨  الشوقيات ١: ٣١٧، والحطيم: حجر الكعبة.
٥٩  الشوقيات ٢: ٢، ويريد بالنسر: نابليون، والصلف: تمدُّح المرء بما ليس فيه.
٦٠  الشوقيات ١: ٣١٧، والفيلق: الجيش العظيم، والصاب: شجر مر.
٦١  الجابي: الذي يجمع الخراج، والمكس: ما يؤخذ من بائعي السلع في الأسواق.
٦٢  الشوقيات ٢: ٥٦، يغسي: يُظلِم.
٦٣  الأواوين: جمع إيوان.
٦٤  أساطين: جمع أسطوانة؛ وهي سارية السفينة هنا.
٦٥  الشوقيات ٢: ١٣١.
٦٦  الشواهق: العالية، والأجرام: الأجسام.
٦٧  الأوضاح: الحلي، والمعالم: ما يُستدل بها على الطريق من آثار.
٦٨  استأثر بالشيء: خص به نفسه.
٦٩  جبره على الشيء: ألزمه بفعله.
٧٠  ضاح: ظاهر.
٧١  البصر هنا العلم.
٧٢  الصفائح: الحجارة العريضة الرقيقة، والصفائح: جمع صفيحة؛ وهي الحجر العريض يسقف به القبر، والمراد هنا القبر كله.
٧٣  الركام: المتراكم.
٧٤  أحداج: جمع حدج، وهو الحمل.
٧٥  الوضي: النظيف الحسن.
٧٦  جثيًّا: ساجدة.
٧٧  الكلأ: العشب.
٧٨  المستكين: الخاضع الذليل، والمخلد إلى المكان: المقيم فيه.
٧٩  الجدث: القبر.
٨٠  كان ذلك عندما أنشأ مطران قصيدته.
٨١  صدع بالحق: تكلم به جهارًا.
٨٢  همد القوم: ماتوا، والهامات: الرءوس.
٨٣  الأيِّد: القوي.
٨٤  أعبد: عبيد.
٨٥  الردى: الموت.
٨٦  في الأدب الحديث ٢: ٣١٩.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤