الفصل الرابع

«بينيل» اسم صار علامة

وفقًا لتصور غريب للتاريخ، ولكنه تصور كلاسيكي، «ظهر الرجل المعجزة …» إذا أعدنا صياغة الجملة التي وردت على لسان لامارتين ولكن مع قلب معناها، ربما نجرؤ على القول: «إن ظهور كائن واحد، أعطى لكل شيء نبض الحياة!» هذا الرجل الذي ترك بصمة في تاريخ الطب النفسي والذي أرسلته العناية الإلهية يُدعَى بينيل، الطبيب فيليب بينيل. قبله، كان تاريخ الجنون محاطًا بهالة من الغموض. وبعده، أو بالأحرى اعتبارًا من مجيئه، بدأ تاريخ الطب النفسي. «لقد اهتم بينيل على وجه الخصوص بدراسة الأمراض العقلية، وكان له الفضل في إلغاء أساليب العلاج الوحشية التي كان يتم تطبيقها على المرضى عقليًّا» (قاموس روبير لأسماء الأعلام).

مثل هذا التصور سيجعلنا بالتأكيد ننظر إلى الدراسة السابقة بأكملها على أنها «قصة طريفة»، فضلًا عن أن مؤرخي الطب النفسي التقليديين يتحاشون غالبًا التحدث عنها. أما عن ذلك الجدال الدلالي الزائف المتعلق بالفصل بين تاريخ الجنون وتاريخ الطب النفسي، فإن هذا سيكون من شأنه إغفال حقيقة أن مسيرة علاج المجنون، التي رأينا أنها قديمة قدم الجنون نفسه، أرست دعائم الطب النفسي. يبقى أن نبحث في الكلمة نفسها. ظهرت لفظة «طبيب نفسي» في اللغة الفرنسية في عام ١٨٠٢ (وهي كلمة معاصرة على نحو ذي مغزًى لبينيل)، بينما لم ترد لفظتا «الطب النفسي» و«طب عقلي» في القواميس إلا في عام ١٨٤٢، وهو تاريخ يتعلق بطريقة أو بأخرى بالتنظيم المؤسسي.

سنذكر في هذا الصدد مقولة جلاديس سواين، صاحبة الأعمال التي أوضحت بشكل كبير هذا الفصل من الكتاب (والتي نحيي ذكراها الآن): «ما يجب أن يُطلَق عليه «ميلاد الطب النفسي» في القرن التاسع عشر بدا لأول وهلة كحدث غير متوقع غَيَّر في مسار الأحداث التالية. وبالطبع، لا نعني بهذا الحدث إنتاج أو بزوغ جذري لشيء جديد تمامًا، فالأمر ليس مماثلًا لإنشاء خطاب ملهم طبيًّا حول الجنون من العدم؛ فهذا الخطاب كان موجودًا قبله بكثير.»1

رجل أفعال

لقد رأينا الطبيب فيليب بينيل يصل بتواضع إلى دار بيلوم في عام ١٧٨٦. كان يبلغ من العمر آنذاك ٤١ عامًا. وكان متحمسًا في البداية للمُثُل الثورية، ولكنه سرعان ما انضم إلى معسكر المعتدلين في عهد الإرهاب. وقد عُين، بفضل توريه، في سبتمبر ١٧٩٣ في بيستر؛ حيث مكث حتى أبريل ١٧٩٥. في «القطاع السابع»؛ أي في المنطقة التي تضم الحجرات المخصصة للمجانين المصابين بالهياج، كان يلاحظ، أكثر من كونه يوجه، نشاطَ كبيرِ المشرفين لديه، جان باتيست بوسان. ولقد أصبح هذا الأخير فيما بعد المنفذ الحقيقي لعملية تحرير المرضى عقليًّا الشهيرة من قيودهم، التي نادى بها فاعلو الخير منذ عقد من الزمن. سنعود إلى هذا الحدث البارز الذي وضع ركائز الطب النفسي وصنع مجد بينيل في الوقت ذاته.

جنى بينيل ثمار تأييده لأحداث ثرميدور (التي مثلت انتفاضة في الثورة الفرنسية ضد تجاوزات عهد الإرهاب)؛ فقد عُيِّن في وظيفة أستاذ مساعد في الفيزياء الطبية وعلْم الصحة بالمدرسة الجديدة للصحة في باريس، وأستاذ في الباثولوجيا الباطنية، ثم رئيس أطباء بمشفى سالبيتريير، حيث واصل مسيرته المهنية حتى وفاته. ثم توالت نجاحاته؛ فقد كان من أوائل مَن تقلدوا وسام الشرف، وعُين بعد ذلك في معهد فرنسا في عام ١٨٠٣. تعرَّض لوصمة عار سياسية نسبية، في عام ١٨٢٢، كما تعرض لبعض المشاكل الأسرية وهما عاملان ألقيا بظلالهما الداكنة على السنوات الأخيرة من حياته، التي انتهت في عام ١٨٢٦.

وهكذا وضع بينيل مُؤَلَّفاته النظرية خلال فترة عمله في مشفى سالبيتريير، وكان أول أعماله «البحث الطبي-الفلسفي» الذي صدرت منه طبعتان. ولكن دعونا نتابع المسار الطبيعي للأحداث الذي يقودنا إلى «القيود التي تمت إزالتها». منذ قدومه إلى سالبيتريير، طالب بينيل «لاقتناعه بالمزايا الثمينة للنظام الداخلي الذي وضعه المواطن بوسان، وأشرف على تطبيقه بحزم ودقة، بشأن التعامل مع المختلين عقليًّا في بيستر»؛ بنقل هذا الأخير إلى سالبيتريير إلا أنه حصل بصعوبة بالغة على موافقة بتنفيذ قرار النقل. يشرح بينيل سبب طلبه هذا قائلًا إنه منذ تعيينه في سالبيتريير، «لم يستطع مباشرة علاج الجنون بسبب الفوضى التي كان يشهدها هذا القطاع من المؤسسة.» ومن ثم كان لا بد له أن ينتظر حتى التاسع عشر من مايو ١٨٠٢ لينضم إليه أخيرًا بوسان؛ مما يعد دليلًا في جميع الأحوال على أن بوسان (الذي عمل بمشفى سالبيتريير حتى وافته المنية في عام ١٨١١) كان هو الجندي الحقيقي في الميدان، ولم يُخفِ بينيل ذلك. كان دور بوسان، «بصفته مشرفًا على المجانين في بيستر»، رسميًّا منذ بداية الثورة. فقد أرسل خطابات عديدة إلى لجنة مسئولي الإدارة المدنية، والشرطة والمحاكم، ليسأل عما إذا كان بإمكانه — دون أن يتسبب ذلك في تعرضه لأي عواقب — السماح للمرضى بالتنزه في الأفنية «عندما لا يكونون في حالة هياج شديد».

ولقد كتب بوسان، بينما كان لا يزال في بيستر، وبالتأكيد بناءً على طلب من بينيل، «ملاحظات» عظيمة الفائدة.2 لندعْ جانبًا الإحصائيات — التي تركز ضمن أمور أخرى على نسبة الوفيات المرتفعة — والملاحظات الكلاسيكية حول أهمية العمل والنظام الغذائي والإلهاء، للوصول إلى القضية المركزية المتعلقة بالمراقبة، واستخدام القوة والقهر، والتقييد. يشرح بوسان كيف واجه صعوبة بالغة في منع «الخدام» من ضرب المجانين. ولكنه لم يسمح للمرضى، ولا للموظفين ولا لإدارة بيستر بالتأثير عليه، أو إثنائه عما اعتزم القيام به من اتباع نهج نموذجي قائم على العمل الخيري الإنساني «الشاق». فقد كان مؤمنًا بأن المراقبة النشطة تُغني عن عنف القيود. «لقد نجحتُ في إلغاء القيود (التي كانت تستخدم للسيطرة على المصابين بالهياج) والاستعاضة عنها بأقمصة التقييد التي تسمح للمريض بالتنزه وبالاستمتاع بأكبر قدر ممكن من الحرية، من دون أن يشكل خطرًا على مَن حوله […] لقد أثبتت لي التجربة، وما زالت تبرهن لي يوميًّا، أنه لإحراز أي تقدم في شفاء هؤلاء المساكين، لا بد من التعامل معهم قدر الإمكان باللين، والسيطرة عليهم بالرفق، وعدم إساءة معاملتهم، وكسب ثقتهم، ومكافحة سبب إصابتهم بالمرض، وتوجيه نظرهم نحو مستقبل أفضل وأكثر إشراقًا وسعادة. خلاصة القول: طالما كافحتُ هذا المرض بشكل أساسي بالعلاجات المعنوية، وإذا كان الحظ قد حالفني في تحقيق نجاح، فإن الفضل في ذلك يرجع إلى هذه الأساليب العلاجية المعنوية.»

نعود إلى الحدث المتعلق «بالقيود التي أُزيلت». لقد أُلغِيت القيود رسميًّا في بيستر بعد رحيل بينيل، ويشير هو نفسه إلى هذا الحدث على أنه حادث سخيف، وهو كذلك بالفعل. فقد كان يتم دائمًا نزع قيود المجانين المصابين بالهياج ووضعها لهم من جديد. علاوة على ذلك، ظل التقييد بالقوة بسترة المجانين محل جدل كبير. ولكن المشكلة ليست في هذه المسألة. فما لا يرغب فاعلو الخير في سماعه قبل وبعد الثورة، هو صوت الأغلال الشنيع. لم يكن هذا الاشمئزاز المُعلن ليكتفي تاريخيًّا بذلك التصرف الذي أقدم عليه بوسان — وهي بادرة بعيدة الاحتمال حتى بمفهومها المبالغ فيه — والذي يرمز بالأحرى إلى نهاية ممارسة سبق أن أُدينت بالفعل. وبدا بينيل، باعتباره كبير الأطباء بسالبيتريير وصاحب البحث البارز، أكثرَ ملاءمة لمثل هذه البادرة «الإعلامية». ولقد نشر سيبيون بينيل — الابن — الأسطورة، في عام ١٨٢٣، باستحضاره لذكريات مزعومة منسوبة إلى والده؛ حيث نرى بينيل يخلص المرضى عقليًّا واحدًا تلو الآخر من قيودهم: «أيها القائد — يخاطب بينيل أحد المجانين — إذا نزعتُ عنك قيودك الحديدية، وأعطيتُك حرية التنزه في الفناء، أتعدني بأن تكون عاقلًا وبألا تؤذي أحدًا؟ أعدك، ولكنك بالتأكيد تمزح؛ فالجميع، بمن فيهم أنت، يخشونني.» وهكذا يحرر بينيل بشجاعة أول مجنون مصاب بهياج لديه، وقد كان رجلًا عسكريًّا خطيرًا، وعلاوة على ذلك، إنجليزيًّا. أما عن المريض عقليًّا الأكثر مهابة، فهو ذلك المدعو شوفنجيه، الذي ظل مُكبَّلًا بالأغلال لمدة عشر سنوات، «لم يحدث قط أن شهد أي عقل بشري مثل هذا الانقلاب المفاجئ، بمثل هذا القدر من الاكتمال. لدرجة أن الحراس أنفسهم تملَّكتهم دهشة بالغة وانحنَوا احترامًا أمام هذا المشهد الذي قدمه لهم شوفنجيه. فبمجرد أن تحرر من قيوده، صار لطيفًا وخدومًا، ومتنبهًا، ومتابعًا بعينيه لجميع حركات بينيل لتنفيذ أوامره بمنتهى البراعة والسرعة.»

في عام ١٨٤٩، صور شارل مولر في إحدى لوحاته، التي اشتهرت باسم «جنون هايدي» العظيم، بينيل وهو يقوم بنزع قيود المرضى عقليًّا في بيستر. في لوحة أخرى رسمها طوني روبرت فلوري، في عام ١٨٧٨، يظهر بينيل وهو يقوم بتكرار هذه الحركة المَهيبة نفسها مع المريضات العاقلات في سالبيتريير. هناك عمل فني آخر يتميز بهذا الطابع الأكاديمي نفسه، وهو ذلك التمثال المصنوع من البرونز لبينيل، والذي نجده قائمًا أمام المدخل الحالي لمشفى لابيتييه-سالبيتريير. عند قدمَي هذا التمثال، وسط القيود المحطمة، تنظر فتاة شابة عارية الذراعين نحو بينيل بوجه يبدو عليه الشعور بالامتنان البالغ. ونقرأ على قاعدة التمثال العبارة التالية: «إلى الطبيب فيليب بينيل، المُحسِن إلى المرضى عقليًّا.»

وقد أسهم إسكيرول، من جانبه، في بناء تلك الأسطورة بالحديث عن بينيل — وفي هذا مفارقة — على النحو التالي: «ثمانون مصابًا بالهوس، كانوا عادة يُقيدون بالسلاسل، نُزِعت عنهم القيود وخضعوا لمعالجة أكثر هدوءًا ونفعًا، وكثيرون منهم نالوا الشفاء. لقد أعطت أفكار هذا العصر أهمية كبيرة لعملية تحرير المجانين المكبلين في بيستر.»3 «وهنا يتجلى الدهاء الأعظم، كما كتبت جلاديس سواين، الذي من خلاله وضع البناء الأسطوري نفسه بمنأًى عن التناقض؛ إذ يقدم نفسه ليس باعتباره حقيقة ثابتة ومؤكدة، وإنما باعتباره دعامة متواضعة، بل أداة عَرَضية، لحقيقة لا تدركها الأسطورة نفسها ولا تصرح بها على وجه التدقيق. إنه يحقر من شأنه ليستقطب بشكل أفضل […] وهكذا تتكرر دون كَلَلٍ أو مَلَلٍ التفسيرات المتعلقة بمشهد الخلاص هذا الذي من المفترض أنه يكشف بشكل ما عن سر دخول الجنون في مجال الطب.»4

رجل صاحب قلم

يُعد بينيل رجلًا صاحب قلم، أكثر من كونه رجلًا صاحب أفعال يرفض علمُ التأريخ نسبتها إليه، فهو في المقام الأول عالِم نظري. لقد كان بينيل يملك ثقافة كلاسيكية واسعة، فكان يعرف أبقراط، وأريتايوس، وسيلسوس، وكاليوس أوريليانوس، وجالينوس. وقد قرأ بعناية كتاب «مناقشات توسكولوم» لشيشرون، وتبنى منه النظرية الرواقية القائلة بأن الجنون مصدرُه الأهواء. ولقد ذاع صيته بعد صدور كتابه «التصنيف الفلسفي للأمراض العقلية» في عام ١٧٩٨. ونشر في العام التاسع للثورة (١٨٠٠-١٨٠١) «البحث الطبي الفلسفي عن الاستلاب العقلي، أو الهوس»، يبدأ هذا الكتاب بمقدمة طويلة تعطي لمحة عامة لا هوادة فيها عن تاريخ الاستلاب العقلي، حتى ولو أثنى بينيل على أنصار النزعة الخيرية الإنسانية، وأشاد بالدور الرائد الذي اضطلع به الإنجليز، على الرغم من أنه شدد على أن علاجهم المعنوي يجب أن يُفهَم وفقًا لمعناه الأكثر عمومية. لا يزعم بينيل أنه أول مَن طور تفكيرًا نظريًّا في إطار فلسفي. فلا ننسَ أن داكين قد حاول، من قلب مأوَى شامبيري، اعتماد مقاربة مماثلة منذ عام ١٧٩١ في مُؤَلَّفه «فلسفة الجنون». لم يتحدث بينيل قط عن داكين، بينما أهدى إليه هذا الأخير الطبعة الثانية من كتابه، التي صدرت في عام ١٨٠٤. كان هذا الصمت سببًا وجيهًا في انتقاد بينيل، لدرجة أنه أثار جدلًا في منتصف القرن التاسع عشر حول أسبقية داكين. كما لم يأتِ إسكيرول أيضًا على ذكر داكين. فما قام به بينيل وإسكيرول في المدينة غطَّى على ما قام به داكين في الريف.

سُلِّط الضوء في «البحث» على الهوس، الذي يمثل الجنون الأكثر شيوعًا ولكن الأكثر قابلية للشفاء في الوقت ذاته. لا يؤمن بينيل بالأصل العضوي المباشر لأمراض الدماغ؛ مما تسبب في إثارة عداء راعِيه وصديقه كابانيس (١٧٥٧–١٨٠٨)، الذي كان مقتنعًا من جانبه بضرورة ربط دراسة الظواهر النفسية بعلم وظائف الأعضاء وليس بالأحاسيس («العلاقات التي تربط بين الجانبين المادي والمعنوي للإنسان»، ١٨٠٢). يرى كابانيس أن بينيل عويص المعاني وغامض، وأنه لا يؤمن كثيرًا بالفسيولوجيا: «هذا العقل الممتاز لا يجهل أنَّ كل ما له صلة بالجانب المعنوي يوقظ أفكارًا مبهمة وخاطئة.» بالنسبة إلى كابانيس، يرجع سبب الإصابة بالجنون في أغلب الأحيان إلى تهيؤ الجسم للمرض: الروابط بين ضروب الجنون والتهاب الأحشاء عند الخَثْلَة، والآفات التي تصيب لب الدماغ أو الأجزاء المجاورة … أما عن أنواع الجنون الفكرية البحتة، فربما تكون عدم دقة التحليل هي التي أكسبتها طابعًا نظريًّا.5

وهكذا وُضِعت أسس الجدال الكبير حول الأصل التشريحي-الباثولوجي للاستلاب العقلي. وفي هذا الصدد، يشير بينيل بالأحرى، وبصورة غامضة، إلى تلف الدماغ الناجم بفعل التواد عن اضطرابات الأحشاء الموجودة أسفل البطن (وهي الفكرة التي كانت رائجة إبان القرن الثامن عشر)، التي تسبب بدورها الانفعالات والأهواء. الطبعة الثانية من «البحث الطبي الفلسفي» (١٨٠٩)، التي فقدت الجزء الثاني من عنوان الكتاب الأصلي (أو الهوس)، تميل إلى وضع تصنيف الأمراض العقلية على منحدر سلوكي؛ حيث نجد على نحو ظاهر توصيف الأمراض الذي ورد بالموسوعة: السوداوية، أو الهذيان الجزئي الموجه نحو غرض واحد، والهوس الذي يلي غالبًا السوداوية ويأتي في صورة هذيان عامٍّ وأحيانًا «هوس هياجي دون هذيان»، والخَرَف الذي يُعد ضعفًا ذهنيًّا عامًّا، والعَتَه الذي يمثل «فقدانًا كاملًا لملكات الفهم والإدراك». بالإضافة إلى ذلك، في المقدمة المستفيضة التي كتبها بينيل في عام ١٨٠٨ تمهيدًا ﻟ «الموسوعة المنهجية» (المجلد الثامن)، والتي خصصها ﻟ «الهوس، والذهان العقلي والاستلاب العقلي، أو أنواع الخلل التي تصيب الوظائف الفكرية»؛ أضفى طابعًا رسميًّا على استخدام مصطلح «الاستلاب العقلي»، باعتباره «مصطلحًا موفقًا يعبر عن شتى أنواع الاختلال الذي يصيب الفهم والإدراك.»

كل هذا لا يبدو ثوريًّا بما يكفي لتأسيس الطب النفسي؛ فلا بد من النظر في موضع آخر.6 وفقًا لبينيل، ينبغي أن يكون المرء طبيبًا، وألا يعطي الأفضلية للعلاج على حساب الملاحظة. كما يجب أن يكون ممارسًا، ولكن ليس كثيرًا أيضًا، وأن يولي كذلك أهمية كبيرة لرصد المرض العقلي. بالمقابل، لا بد من أن يكون المرء فيلسوفًا حقًّا (يستخدم بينيل في بعض الأحيان تعبير «الطب الفلسفي»، وها نحن نعود من جديد إلى داكين، الخالد المنسي). فالفلسفة يجب أن تكون صاحبة الكلمة الأخيرة في مجال الجنون؛ لأن منشأها الأهواء. ويُذكَر أن بينيل لا يتبع الرواقيين الذين يطمحون إلى اجتثاث تلك الأهواء. ويقترح من جانبه أنْ «تُوازن» بعضها البعض. كما أنه ينفصل عن القدماء، حين يريدون إحداث انقسام صارم بين النفس التي يختص بها الفيلسوف والجسم الذي يختص به الطبيب.
وهكذا يتخطى بينيل الحاجز الذي يصعب فيما وراءه — سواء من الناحية الفلسفية أو الطبية — النظرُ إلى المجنون على أنه شخص آخر تمامًا، كما لو أنه منغلق على ذاته. استبدل بينيل بالخطاب الخارجي ذي النزعة الإنسانية، معرفةَ إنسانيةِ المجنون: «إنه كائن لا ينعزل عن الآخرين بقدر ما يحصِّن نفسه ضد ما يأتيه من الخارج. إن الأمر لا يتعلق بالانطواء على النفس، ولا باغتراب المريض عقليًّا عن ذاته، وإنما بحضور مفجع يتجسد في الخلل الذي يعاني منه والقلق المتواصل من الآخر. وهنا تتجلى إمكانية خلق صلة علاجية مع هذا الشخص الذي يعرف باستلابه ويدافع عن نفسه ضده. ومن هنا نشأت فكرة اتباع طريقة معالجة ترتكز بشكل تام على عنصر العلاقة بالكلام.»7 وهكذا بإمكاننا أن نقيس من جديد إلى أي مدًى نحن على طرفي نقيض من أطروحة ميشيل فوكو.

وضع هذا الانقسام النظري أُسُس الطب النفسي. بيد أن هيجل (١٧٧٠–١٨٣١) لم ينخدع بذلك، وهو الذي كتب قائلًا: «ولذا يتبنى العلاج النفسي الحقيقي بحزم وجهة النظر القائلة بأن الجنون ليس فقدانًا مجردًا للعقل، سواء على صعيد الذكاء أو على صعيد الإرادة والمسئولية، وإنما هو خلل بسيط، تناقضٌ بسيط ضمن حدود العقل الذي يظل حاضرًا تمامًا، كما أن المرض الجسدي لا يعني فقدانًا مجردًا؛ أي كاملًا، للصحة (فقدان مماثل هنا سيعني الموت)، ولكنه تعارض ضمن حدود هذه الصحة. هذا العلاج الإنساني؛ أي الرحيم والمعقول — يستحق أن نعترف بفضل بينيل العظيم لما قدمه من خدمات في هذا الصدد — يفترض مسبقًا أن المريض كائن عاقل، ويشكل هذا الاعتقاد نقطة ارتكاز أساسية للمضي قدمًا، كما يعتمد — من وجهة نظر النشاط الجسدي — على الحيوية، التي تتضمن داخلها الصحة» («موسوعة العلوم الفلسفية»، فلسفة العقل، ١٨١٧).

بينما يرى هيجل أن الجنون عبارة عن تناقض داخل العقل، يرى كانط (١٧٢٤–١٨٠٤) أنه الغياب المجرد للعقل، الذي يعزل المريض عقليًّا عن سائر البشر ضمن إطارِ جنون كامل («أنثروبولوجيا»، ١٧٩٨). «لقد أعاد هيجل الجنون إلى داخل العقل، بعد أن كان كانط قد وضعه خارجه. إن «الوعي الرشيد» و«عالمه الموضوعي» حاضران في الجنون: إن نقطة البداية التي انطلق منها هيجل هي بالضبط النقطة نفسها التي انبثق منها نهج بينيل أو إسكيرول.»8
ومن الجدير بالملاحظة أنه، في تلك السنوات، أحرز كلٌّ من شياروجي في إيطاليا، وكريشتون في إنجلترا (وهو المؤلف الوحيد الذي أثنى عليه بينيل)،9 وراي في ألمانيا؛ تقدمًا مماثلًا إلى حد كبير. وهذا لا ينفي حقيقة أن بينيل، كما شهد بذلك هيجل، هو «اسمٌ صار علامة» (جي لانتري لورا). ويمكننا الرد على ذلك بأن بينيل لم يقل قط أمرًا مماثلًا. ولكن هذا لا يهم! «فما ظن بينيل أنه قد وضعه في كتابه، ظن عصره أيضًا أنه قد عثر عليه» (جلاديس سواين).

بينيل والعلاج المعنوي

منذ عام ١٧٩٩، شرح بينيل ما المقصود ﺑ «العلاج المعنوي للمرضى عقليًّا»،10 وأعاد في بحثه نصًّا ما سبق أن ذكره. إن تعبير «العلاج المعنوي» سبق طرحه بكل ما يتفرع عنه من بنود (وسائل معالجة معنوية، وأدوية معنوية)، ولكن الأمر في الواقع كان أشبه قليلًا بفندق إسباني صغير لا يجد المرء فيه إلا ما أحضره معه. فما الذي أحضره بينيل من جانبه؟ «أظن أنني ضاعفت الأمثلة بما يكفي لأثبت أن العلاج المعنوي للهوس هو أحد الأجزاء المهمة للغاية، والأقل تقدمًا حتى الآن في مجال طب الملاحظة.» يتعلق هذا العلاج المعنوي بالبيئة، وبالمريض نفسه: ويعتمد على تقنية التعامل برفق وبعطف مع المريض لتشجيعه على البوح بأسراره والكشف عما في قلبه. إن المرضى عقليًّا «المعروفين منذ وصولهم بسرعة انفعالهم وشدة خطورتهم […] ربما يكتسبون فجأةً طبيعة مغايرة؛ لأننا نتحدث معهم بهدوء، ونتعاطف مع آلامهم ونمنحهم الأمل المُعزي في أن يكون لهم مصير أكثر سعادة.»

«من هذا المنطلق، قد يبدو العلاج النفسي الناشئ مرتكزًا على النفاق والزيف إذا لم يتضمن المبدأ الذي يقوم عليه الطب النفسي، والمتمثل في إعطاء المريض الفرصة، عن طريق الإصغاء إليه والتعاطف معه؛ لاستعادة كرامته كإنسان معترف به من جديد وتقديره لذاته […] أما عن «الأمل في مصير أكثر سعادة»، فيُعد المحرك لهذه العلاقة العلاجية ولكنه شَرَك لها في الوقت نفسه. في الواقع، هذا الأمل هو ما يمنح الإنسان الإيمان بالشفاء، ويتيح هذا التحول الذي يتبنى المريض من خلاله نظام معتقدات المعالج […] ولكنه يمثل أيضًا فخًّا يمكن أن ينزلق فيه هذا الأخير في لعبة من الإغراءات النرجسية التي قد تؤدي به إلى الانزواء» (جاك بوستيل).

ولكن هنا أيضًا، ربما نبالغ في الحديث عن دور بينيل في مجال «العلاج النفسي». فهو، بدايةً، ليس الأول ولا الوحيد، الذي اعترف بتأثير الروح والنفسية في علاج الأمراض، ولا سيما الجنون بأشكاله المختلفة. بالإضافة إلى أنه لم يأتِ بجديد فيما يتعلق بضرورة التعامل بهدوء، ورفق، وتفاهم، والاهتمام بما نطلق عليه اليوم «الإصغاء». وبما أن بينيل — ذلك العالِم النظري — هو من أعاد فرضًا إلى المختل عقليًّا وضْعَه وكرامته كشخص، فقد أصبح الحوار مع هذا الأخير، وليس «الاستماع إليه» فحسب، ممكنًا. وأصبح عقل الطبيب قادرًا على الدخول في علاقة مع عقل المريض عقليًّا، المختل والمتناقض (بالمعنى الهيجلي)، و«الحاضر بشكل ما». للقيام بذلك، تَمَرَّن بينيل — كما يروي في الطبعة الأولى من «بحثه» — على إخضاع المريض لعلاج نفسي خالص، بالبحث عن السبب السيكولوجي (الإعلال النفسي) للهذيان بعد «رؤية الأمور من منظور المريض عقليًّا». وهكذا كان العلاج المعنوي في ذلك الوقت في أوج ازدهاره؛ لأن الأمر لم يكن يتعلق فقط بنصح المريض وإقناعه منطقيًّا، وإنما أيضًا بالتفكير بعقلانية معه، من داخل هذيانه.

نذكر على سبيل المثال حالة ذلك الخَيَّاط المصاب بالسوداوية، الذي استحوذ عليه منذ الثورة هاجسُ الخوف من أن يُعدَم بالمقصلة. كان هذا الخَيَّاط قد قاوم كل أساليب العلاج وأصابته حالة من الوهن والإِعياء الشديد. وكان يقضي وقته راقدًا على أرضية زنزانته، منتظرًا باستمرار جلَّاديه. وهنا فكر بينيل، على حد تعبيره، في «حيلة» تمثلت في عرض مسرحية كوميدية على هذا المريض بالسوداوية، أجريت خلالها محاكمة ثورية زائفة؛ حيث عملت هيئة المحكمة على استجوابه مطولًا لتبرئته على نحو أفضل، مع إلزامه بالمكوث لمدة ستة أشهر أخرى في بيستر «ليمارس بها مهنته من أجل خدمة المرضى عقليًّا». ترك هذا العرض أثرًا عميقًا في نفس المريض ولكنه لم يشفِه، لا على الفور، ولا فيما بعد (خاصة بعد أن قيل له إن الأمر كله كان مزحة). حتى لو أخذنا في الاعتبار الكشفَ غير الحكيم للحيلة، لَبَدَا منذ تلك التجربة الأولى أن الخدعة، التي ذكرها من قبل بعض السابقين (نتذكر أمبرواز باريه والخدعة المماثلة التي لجأ إليها باستخدام الضفادع)، لا تؤدي إلا إلى طريق مسدود، ذلك أن تبنِّي منطق الهذيان وإقراره في الوقت نفسه لا يؤديان إلا إلى ترسيخ الجنون لدى المريض. وقد اعترف بينيل بهذه الحقيقة في ختام الطبعة الأولى من «بحثه» قائلًا: «لقد نظرت منذ ذلك الحين إلى حالته باعتبارها غيرَ قابلة للشفاء.» ولكنه في الطبعة الثانية، أخفى فشله حرفيًّا، بل وحوَّله إلى شبه نجاح (استعاد المريض عقليًّا، بعد «صحوة إدراكية»، عمله وقد وجد فيه «متعة جديدة»). في هذا الإغفال المتَعَمَّد، الذي يلاحظه ويعلق عليه جاك بوستيل، هناك «اعتراف لا واعٍ بحدود العلاج المعنوي: حيث أصبحت العناصر المتمثلة في الانشغال النشط، والعمل الإجباري، ونُظُم المعيشة و«اللائحة الداخلية المُنظِّمة» لمؤسسة الرعاية؛ تشكل جوهر هذه «الوسائل المعنوية» التي نادى بها طبيب مشفى سالبيتريير. ولم يعد هناك وجود لعلاج يخاطب «ما تبقَّى من عقل» المريض المصاب بالجنون.»11
لم يتبقَّ من علاج بينيل المعنوي إلا السلطة؛ وهي النقطة التي يركز عليها بينيل، في كتاباته، أكثر من تركيزه على الحوار مع المختل عقليًّا و«البقية الباقية من عقله»، فيشدد على سلطة الطبيب الذي سرعان ما سيُطلَق عليه، على نحو ذي مغزًى، طبيبُ الأمراض العقلية. يجب أن يقوم هذا الأخير، فيما يخص المهووسين، ﺑ «كسر إرادتهم في الوقت المناسب وترويضهم […] عن طريق وسيلة تبث الرعب في قلوبهم لإقناعهم بأنهم لا يملكون حريةَ اتباع رغبتهم الجامحة؛ ومن ثم، لا سبيل أمامهم إلا الخضوع.»12 كتب بينيل هذا الكلام في عام ١٧٩٤، بينما كان لا يزال في بيستر ولكنه، فيما بعد، لم يقل ما يخالف ذلك: «يرتكز هذا العلاج، إذا جاز التعبير، على فن إخضاع وترويض المريض عقليًّا، وذلك بجعله تابعًا بشكل أساسي لرجل مؤهل، بصفاته الجسدية والأخلاقية، وبتطبيقه المتواصل لمبادئ النزعة الإنسانية الخيرية في أنقى صورها، للسيطرة عليه بشكل لا يُقاوَم ولتغيير سلسلة الأفكار التي تستحوذ عليه.»

ها هو مريض عقليًّا «منهار»، بسبب الإطاحة بالمذهب الكاثوليكي في فرنسا إبَّان الثورة، وخائر القوى منذ ثلاثة أشهر. إنه يرفض تناول أي طعام حتى ولو كان القليل من ذلك «المرق اللذيذ» الذي يقدمونه إليه؛ مما حدا بالطبيب، الذي يطلق عليه بينيل «المدير» قاصدًا من وراء ذلك مغزًى معينًا، إلى التحدث إليه «بصوت مدوٍّ» (ذُكِر هذا التعبير أكثر من مرة في كتابات بينيل)، ثم قام بتجميع كل الأشخاص القائمين بالخدمة وهدد بأنه سيستخدم معه الوسائل الأكثر تطرفًا. أربكت هذه النبرة الحازمة المجنون وأرعبته، فعزم إذن على تناول القليل من الطعام. وبدأ يستعيد شيئًا فشيئًا قواه وينتظم في نومه. وصار في طريقه نحو الشفاء. وهكذا تغلبت على إرادته (السيئة) إرادةُ «المدير» (الطيبة).

ولكن إلى أي مدًى ينبغي المضيُّ في «زعزعة مخيلة المريض عقليًّا من خلال زرع الشعور بالخوف الشديد داخله»؟ يجيب بينيل قائلًا إنه لا بد من «ترهيب المريض عقليًّا، ولكن مع عدم السماح مطلقًا باللجوء إلى العنف.» ويشدد بينيل كثيرًا على هذا التحفظ قائلًا إنه يجب التعامل «بحزم جريء وصارم خالٍ من أي إهانة أو تعدٍّ.» وأوضح بينيل أنه ضد الحمامات المفاجئة، على أن تُستخدم فقط «في الحالات القصوى والأكثر خطورة.» ومع ذلك، أتاحت لنا الطبعة الثانية من «البحث» قياس المسافة التي تفصل بين النظرية والتطبيق بشكل أفضل. فقد شكلت الحمامات في مشفى سالبيتريير «الركيزةَ الأساسية في علاج المصابين بالهوس والسَّوْدَاوية»؛ حيث كان يتم، «خلال جزء كبير من النهار»، استخدام اثني عشر مغطسًا مغطًّى بغطاء من قماش الكتان المتين لا يظهر منه إلا الرأس؛ مما يسمح بالحفاظ على الحشمة والسيطرة على المريض في الوقت عينه. ويمكن الدمج أحيانًا بين حمامات المياه الساخنة أو الباردة والرشاش، الذي قد يصبح سيلًا من الماء المثلج. هذا هو «دُشُّ القمع»: «حيث كانت تُغمر رأس المريض عقليًّا فجأة بالماء البارد لإجباره على الالتزام بالنظام […] كانت هذه الحمامات، التي تُعد إحدى وسائل القمع، تكفي غالبًا لإخضاع إحدى المريضات عقليًّا للقانون العام للعمل اليدوي، وللتغلب على رفض إحداهن العنيد لتناول الطعام، ولترويض المريضات عقليًّا اللائي تستحوذ عليهن حالة مزاجية مضطربة وواعية. وهكذا كنا نستغل فرصة وجود المريضة بالمغطس لأخذ حمام، ونذكرها بخطأ ارتكبته أو بواجب مهم أخلَّت به، ثم نقوم بواسطة الصنبور بترك تيار الماء البارد يتدفق فجأة على رأسها؛ مما يكون من شأنه غالبًا إرباك المريضة عقليًّا أو إبعاد فكرة مسيطرة عن ذهنها، بفعل التأثير القوي وغير المتوقع. وإذا أصرت المريضة على التشبث بهذه الفكرة المستحوذة على عقلها، نقوم بتكرار الدش، ولكن يجب أن نتجنب بعناية استخدام لهجة قاسية أو ألفاظ صادمة قد تدعو إلى التمرد والثورة، بل على العكس من ذلك، نجعلها تسمع أن هذا لصالحها وأننا مضطرون — ببالغ الأسف — إلى اللجوء إلى هذه الإجراءات العنيفة، ونمزج كلامنا أحيانًا بالدعابة، مع الحرص على عدم المبالغة فيها. فإذا تراجعت المريضة عن عنادها، يتم حينئذٍ إيقاف هذا القمع على الفور، وتتبعه لهجة رقيقة تنمُّ عن عطف ومحبة.» جاء هذا الكلام على لسان بينيل الذي أضاف قائلًا: إن هذه الوسيلة كانت «شائعة للغاية في المصحة.»

هذا هو التناقض الفكري الكامن في مفهوم العلاج المعنوي لدى بينيل الذي يُتوِّجُه عصره باعتباره أبًا للطب النفسي. وهو ليس في حقيقة الأمر تناقضًا بقدر ما هو تَحَوُّل ينطوي على مفارقة؛ فالأمر لا يتعلق بالعلاج المعنوي المجرد، العلاج المعنوي الفلسفي كما يُعَرِّفه هيجل، وإنما العلاج المعنوي المتوافق مع الواقع اليومي القاسي داخل المارستان والذي يظل، حتى وإن أراد التجديد، مارستانًا. وهو ما شرحه بينيل نفسه، بأسلوب لا يخلو من التواضع، منذ صدور الطبعة الأولى من «بحثه»: «إن ارتياد مصحات المجانين هو السبيل الوحيد لإعطائنا فكرة عن صعوبات الخدمة: مشاعر تقزز ونفور تنشأ باستمرار يجب إخفاؤها، مخاطر يتم التعرض لها، صراخ متواصل وألفاظ مقذعة تتردد على المسامع، وغالبًا أعمال عنف مرفوضة نسعى إلى السيطرة عليها.»

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤