ترجمة حضرة صاحب العزة المفضال حنا بك عياد

كلمة للمؤرخ

أدرك صاحب الترجمة ألا قيمة للمرء في الحياة الدنيا إلا بالسعي وراء ما يخلد للإنسان بالفخر والإعجاب في سجل التاريخ، فسعى هذا المسعى المحمود وشمر عن همة عالية وكفاءة نادرة وخطا خطوات واسعة في سبيل البر وعمل الخير، فحاز رضى الخالق والمخلوق، واستوجب شكر المروءة والإنسانية على ما قدمت يداه من عمل خالد وذكرى حسنة تدوم له بالفخر ما دامت السماوات والأرض، وإنا وإن أثنينا على ما قام به هذا الشهم المفضال من جلائل الخدم نحو الإنسانية ونحو بلاده، وأثنينا في هذا السفر التاريخي ما نعرفه عنه، فلا يتوهم القارئ أن هذه الأعمال هي مجمل آثاره البيضاء الغراء، وإن هي إلا قطرة من بحر فضله وغزير جوده.
figure
حضرة صاحب العزة المفضال حنا بك عياد مدير إدارة عموم الأموال المقررة بوزارة المالية سابقًا.

مولده ونشأته

ولد صاحب العزة المفضال حنا بك عياد في بندر رشيد في ٢١ أكتوبر، سنة ١٨٦١ من أبوين كريمين شريفين اشتهرا بالتقوى والصلاح، وربياه على الفضيلة والتمسك بأهداب الاستقامة، وأدخله والده المدارس الأهلية بالإسكندرية، فاغترف من بحور علومها، وكان موضع إعجاب أساتذته نظرًا لجده واجتهاده، وانكبابه على تلقي العلوم بشغف عظيم.

وما كاد ينتهي من دور العلوم حتى لحق بعموم الجمارك بالثغر الإسكندري في أول فبراير سنة ١٨٧٦، وظل بها لغاية ١٩ نوفمبر سنة ١٨٧٧، ثم نقل إلى قلم الموازين بوزارة المالية ومكث به لغاية ٩ نوفمبر سنة ١٨٧٩، فكان في وظيفته هذه ميزانًا صادقًا في حسن الاستقامة والنشاط في العمل، ثم نقل بقلم التحريرات بوزارة المالية أيضًا، ومكث بها حتى ٣ سبتمبر سنة ١٨٩٢ ثم نقل لقلم السكرتارية الإفرنجية بالوزارة نفسها، وظل عاملًا مجدًّا بها حتى ٢ أبريل سنة ١٨٩٤، ونقل منها إلى إدارة عموم الأموال المقررة بوظيفة رئيس قلم المستخدمين بها، ثم تدرج لوظائف أخرى، وأخيرًا تعين مديرًا، ومكث في وظيفته هذه لغاية ٢١ أكتوبر سنة ١٩٢١ ثم أحيل على المعاش.

هذا مجمل حياة الرجل الإدارية وإلى هذا الحد وصلت خدماته الحكومية، ولكن من تأمل للخدمات الجليلة التي قدمها للحكومة والمساعدات الطيبة التي أداها لبني وطنه، والتي أبي علينا إثباتها هنا خدمة للتاريخ تواضعًا منه لاستطاع القارئ أن يحكم عن حق وصدق بأنه فذ قد أنجبته الطبيعة لخير الإنسان ولمحض عمل الخير، فهو بلا جدال نصير الإنسانية وغرس المروءة.

أعماله الخيرية

أوجدت الطبيعة كل صفات العطف والمروءة والحلم بين جنبي هذا الفذ، فتحركت أوتارها ضاربة على نغمة الأخذ بيد الفقير ومساعدة المحتاج مع بذل المستطاع لإرضاء إخوته في الإنسانية، فطالما رأيناه يواسي ويكفكف دموع الحزانى والفقراء، ويمدهم بالمساعدات المالية من حين لآخر، فينطلقون وألسنتهم لاهجة بالدعاء بطول حياته.

وقد عين في ٣٠ نوفمبر سنة ١٩٠٩ عضوًا في المجلس العام للجمعية الخيرية القبطية الأرثوذكية، ثم مراقبًا لحساباتها ثم عين نائبًا لها، وهكذا ظل يخدم الأعمال الخيرية بكل ما أوتي من قوة وحنكة، وميل غريزي ولد معه حتى الآن.

الرتب التي حازها

أنعم عليه بالرتبة الثالثة سنة ١٩١٠ من الخديوي عباس حلمي باشا السابق، والثانية سنة ١٩١٢ منه أيضًا وبالبكوية من الدرجة الأولى سنة ١٩٢١ الموافقة ٧ رجب سنة ١٣٤٠ من جلالة الملك فؤاد الأول.

صفاته وأخلاقه

نعود فنكرر بعض صفات المترجم له، الذي جبل على كرم الأخلاق والتواضع، وشب على العطف بالبؤساء ومساعدة الذين أخنى عليهم الدهر بكلكله، فاستحق كل شكر وثناء من الخالق والمخلوق، وبات كل فرد من هؤلاء التعساء قانعًا بهذه التعطفات المرضية.

فبمثل هذا العالم العامل الذي كرس البقية الباقية من حياته السعيدة في تخفيف آلام الفقراء والفقيرات فليتنافس المتنافسون.

متعه الله بالصحة وشمله بالسعادة والهناء.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤