ترجمة نيافة الشيخ الوقور الأب الكلي الطوبى والجزيل الاحترام الأنبا يؤنس

مطران كرسي البحيرة والمنوفية ووكيل الكرازة المرقسية للأقباط الأرثوذكس

مولده ونشأته

ولد نيافته ببلدة تسمى دير تاسا بمركز البداري بمديرية أسيوط، وتربى تربية حسنة، ومن ثم ترهب بدير السيدة بالبرموس في سنة ١٥٩٢، ولم يمض كبير زمن حتى رقي قمصًا ثم تعين رئيسًا لدير السيدة برموس وذلك في سنة ١٥٩٣ ومكث بالرياسة مدة عشر سنوات أتى فيها من الأعمال ما خلد له ذكرًا جميلًا واسمًا جليلًا في قلوب عموم الرهبان، ولا سيما أعيان طوخ النصارى مركز كرسي رئاسة الدير المذكور، فشيد بها قصرًا شاهقًا وجدد كنيسة عزبة الرياسة بطوخ، وجدد كنيسة باسم العذراء بالدير المذكور بوادي النطرون، ورقى فن الزراعة وذلك بأن أحضر وابورًا للري، وبذلك ازدادت إيرادات الدير زيادة محسوسة، وأخذ بناصر الفقراء والمساكين حتى لهجت ألسنة العموم بالثناء عليه، وعلى خصاله ومبراته، وقد سيم في الصوم الكبير لسنة ١٦٠٣ لكرسي البحيرة والمنوفية ووكيل الكرازة المرقسية.

وفي سنة ١٦١٠ تقلد كرسي المنوفية وقام من ثم بأعمال جليلة دلت على ما اتصف به من الشهامة والأفكار الثاقبة، وساس رعيته بأحسن نظام وأعظم تدبير وقد أتى من المآثر ما حقق مقدرته وعلو مداركه، فقد جدد كنيسة العطف والضهرية وعزبة أبو حمده والطرانة وأنشأ كنيسة دمتيوه، وجدد مدرسة دمنهور بمديرية البحيرة، كما أنه جدد كنيسة حصة برما وأنشأ فيها مدرستين للبنين والبنات، وأنشأ كنيسة بمم منوفية، وكنائس بمنية الواط وزاوية الناعورة وعزبة الملايجة ومنوف وسمادون وسرس الليان، وجدد كنيسة سبك وكنيسة بي العرب، وأنشأ مدرسة بالبتانون وأخرى بميلج، وكنيسة ومدرسة بناحية ميت خاقان وهذه بعض مآثره بمديرية المنوفية، وقد تبرع من ماله الخاص لكل مشروع حاثًّا على المثابرة على الأعمال الخيرية بكل اجتهاد.
figure
نيافة الأنبا يؤنس مطران كرسي البحيرة والمنوفية «ووكيل الكرازة المرقسية بالإسكندرية».

ولقد تبرع لمدرسة بولاق الصناعية بمبلغ ٥٠٠ جنيه ولدير أبي سيفين بمصر بمبلغ ١٥٠ جنيه، ولم يحرم باقي الجمعيات الخيرية الأخرى بإسكندرية كجمعية الثبات والاتحاد عند بناء معهدها العلمي وغيرها من تبرعاته ومنحاته المالية.

وقد أنشأ بمدينة الإسكندرية مدرسة أكليريكية لتعليم رهبان دير السيدة برموس وأنبا بشوي والسيدة العذراء بالسريان، وقد خرج منها عدد عديد من الرهبان منهم نيافة مطران كرسي قنا، ونيافة مطران كرسي المنيا ونيافة مطران الفيوم، والرهبان الموجودون فيها الآن حاصلون على أحسن العلوم العصرية.

وجدد المدرسة القبطية بالإسكندرية للبنين والبنات وبحسن رعايته، ومزيد عنايته تقدمتا تقدمًا محسوسًا، فأحضر لهما المعلمين والمعلمات وعين لمدرسة البنين ناظرًا مقتدرًا وشيد منازل كبيرة للأوقاف، يتحصل منها إيراد كبير وأقرب ما يذكر لقدسه بالشكر الجزل تأسيس مدارس الأحد بالإسكندرية التي سدت فراغًا عظيمًا، وأوجدت روحًا جديدة في شبان وشابات بنات الطائفة، فضلًا عن عزمه على بناء كنيسة أخرى بالإسكندرية، وتبرعه إليها من ماله الخاص بمبلغ خمسماية جنيه.

هذا وقد قاسم نيافته غبطة البابا المعظم في كل شأن من شؤونه، وشاركه في كل حوادثه مشاركة فعلية خصوصًا حوادث الخلاف، التي وقعت عام ١٨٩٢ بشأن المجلس الملي وسلطة الأكليروس وما تبع ذلك من إبعاد غبطة البطريرك إلى دير البرموس، وإبعاد صاحب الترجمة إلى دير أنبا بولا وهو محترم الجانب محبوب لدى غبطته كثيرًا.

ونيافة صاحب الترجمة حائز على المجيدي الثاني من سمو عباس حلمي الثاني الخديوي السابق، والعثماني الثاني من سموه أيضًا، وذلك أثناء وجوده عضوًا في مجلس شورى القوانين، وكذا نجمتي الحبش من الطبقة الثانية والأولى.

صفاته وأخلاقه

الصلاح ديدنه والتقوى معدنه وطبعه، والفضل منبعه، نقي القلب، طاهر السيرة والسريرة، وقد حاز احترام الكبير والصغير لعظيم فضله وغزارة علمه وطهره.

أبقاه المولى وحفظ حياته السعيدة لخير الطائفة القبطية الأرثوذكسية وأكثر من أمثاله الصالحين.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤