ابن عبد الرحمن بن عوف وابنة عمه

قال هشام الكلبي: كان بالمدينة رجل من ولد عبد لرحمن بن عوف وكان شاعرًا، وكانت عنده ابنة عم له كان لها عاشقًا وبها مستهترًا، فضاق ضيقة شديدة وأراد المسير إلى هشام إلى الرصافة، فمنعه من ذلك ما كان يجد بها وكره فراقها. فقالت له يومًا وقد بلغ منها الضيق: يا بن عمي، ألا تأتي الخليفة لعل الله — تعالى — أن يقسم لك منه رزقًا فتكشف به عن بعض ما نحن فيه، فلما سمع ذلك منها نشط للخروج فتجهز ومضى حتى إذا كان من الرصافة على أميال خطر ذكرها بقلبه وتمثلت له، فلبث ساعة مغمى عليه ثم أفاق فقال للجمَّال: قف بنا، فوقف، فأنشد يقول:

بينما نحن في بلاكث فالقا
ع سراعًا والعيس تهوي هُويّا
خطرت خطرة على القلب من ذكـ
ـراك وهنًا فما أطلقت مُضِيّا
قلت لبيك إذ دعاني لك الشو
ق وللحادين رُدّا المطيّا
فكررنا صدور عيس عتاق
مضمرات طوين بالسير طيّا
ذاك مما لقينا من دلج السير
وقول الحداة بالليل هيّا

ثم قال للجمال: ارجع بنا، فقال: سبحان الله! قد بلغت طيتك، هذه أبيات الرصافة، فقال: والله لا تخطو خطوة إلا راجعة، فرجع، حتى إذا كان من المدينة على قدر ميل لقيه بعض بني عمه فأخبره أن امرأته قد تُوفيت، فشهق شهقة وسقط عن ظهر الجمل ميتًا.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤