عزة بثينة وجميل

وقع بين بثينة وجميل هجر في غيرة كان غار عليها من فتى كان يتحدث إليها من بني عمها، فكان جميل يتحدث إلى غيرها فيشق ذلك على بثينة وعلى جميل، وجعل كل واحد منهما يكره أن يُبدي لصاحبه شأنه، فدخل جميل يومًا وقد غلب عليه الأمر إلى البيت الذي كان يجتمع فيه مع بثينة، فلما رأته جاءت إلى البيت ولم تبرز له، فجزع لذلك وجعل كل واحد منهما يطالع صاحبه وقد بلغ الأمر من جميل كل مبلغ، فأنشأ يقول:

لقد خفت أن يغتالني الموت عنوةً
وفي النفس حاجات إليك كما هيا
وإني لتثنيني الحفيظة كلما
لقيتك يومًا أن أبثك ما بيا
ألم تعلمي يا عذبة الريق أنني
أظل إذا لم أسق ريقك صاديًا

فرقت له بثينة وقالت لجارية لها كانت معها: ما أحسن الصدق بأهله، ثم اصطلحا، فقالت له: أنشدني قولك:

تظل وراء الستر ترنو بلحظها
إذا مرَّ من أترابها من يروقها

فأنشدها إياه، فبكت وقالت: كلا يا جميل، ومن تراه يروقني غيرك.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤